أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - الوطن -جنّة- أم -جنينة- في قصة باسم الأنصار (نحيا ويموت الوطن)!















المزيد.....

الوطن -جنّة- أم -جنينة- في قصة باسم الأنصار (نحيا ويموت الوطن)!


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2664 - 2009 / 6 / 1 - 04:25
المحور: الادب والفن
    



ثلاثة عشر قصة قصيرة لا تخفي ارتباطها الفسلجي بمجازر وقعت مؤخراً ولم يكتب لها الركون الى نهاية مقنعة. ان نقطة الاشكالية في تناول المجريات العربية عموماً والعراقية منها على التخصيص، عدم امكانية اخضاعها لأيما منطق أو ربطها بأيما مبرر، كما يحدث في بلاد الله والجنّ من الأولين واللاحقين. لقد انتجت القرون الأوربية الماضية الواضحة المعالم والمجريات والمبررات عند دراستها اليوم وتنقبها في المعاجم والآداب، مدارس فنية وفكرية تفاوتت في مستويات العبث والمغالطة والفوضى والتمرد، الذي يعني في كل معانيه رفض المثقف/ الانسان لتاريخ المهاترات القائم على صراعات المصالح الغبية. العكس هو ما يحدث خلف المتوسط. ولادات قيصرية مصطنعة وأمجاد دونكيشوتية مزوّرة او مزيّفة وكذب ونفاق يسع السماء والأرض وما بينهما لا يربط بينها رابط أو ضرورة ولا تسفر مرة عما ينبغي لها من نتائج. تاريخ قائم على التاريخ، بمعنى التسطير والوصف وليس الواقع والبرهان. تحول فيه الوحشية الى صور رومانسية شعرية، ليست الأسفار التوراتية شيئاً منها ولا تواريخ العرب المضيئة بنقاط من دم، ويحول فيها القاتل والجلاد والدكتاتور الى إمام عادل وحاكم مصلح وقائد ضرورة. المجرم فيه هم الضحايا المشعوذون العصاة، والمسكين هو الجزار الذي يعتدي عليه الأهلون بعدم تنفيذ أحكامه العرفية ومدّ أعناقهم بما يكفي لساطور المجزرة. والمجرم بعد ذلك تلك الشعوب الهمجية التي ترفض الاستعمار الذي هداه الله وأوكل اليه زراعة الأرضين بالجثث والبرسيم لتنتج المزيد من آبار النفط البيولوجي احتياطيا استراتيجيا لمستقبل الروبوت البشري القادم على أجنحة العولمة. مطلوب من الكاتب العربي عقلنة واقعه وترتيبه بما يناسب نظريات الغربيين وثوابت الاعلام العربي والخطاب الحضاري القومي. إعادة كتابة ورسم التاريخ العربي الحديث في نصوص أدبية ولوحات فنية تعلق على جدران المتاحف الرملية لتتمجد بها الأجيال/ الحاكمة.
باسم الأنصار لا يميل للمراوغة ولا يضيع وقتاً في مخاتلة القارئ المثقف أو السطحي ولذلك يقول له قبل أن يضع يده بيده للتجول في حديقة الكتاب، يقول له.. نحيا.. ويموت الوطن! على غير ما أطنب الخطاب الاعلامي العربي في علفه الجماهير .. نموت.. نموت ويحيا الوطن....!
فالكاتب والانسان العراقي خاض رحلة جلجامشية ممتعة وطريفة ليس في البحث عن الخلود وانما البحث عن الوطن. البعض سوف يتساءل أو يتشاءل – في ضوء الخطأ المطبعي- وهل الوطن ضائع.. هل يضيع الوطن؟.. وهو سؤال برئ في ضوء التربية الاعلامية العربية المجيدة. المهم ان جلجامش العراقي عاد من الرحلة كما جدّه الأعلى خائباً.. وخيبته ليس لها حدود أو عنوان. ولكي لا يصدم الكاتب الشاب قراءه بأفكار مشعوذة وفوضوية حسب التوصيف الرسمي لما يخرج عن أخلاقها ! فهو اختصر الموضوع بكلمة الموت الذي هو نهاية محتومة لا مفر منها [وكل ما عليها فانٍ] والوطن طبعاً هو مما عليها وليس تحتها مهما كانت دلالة هذه الهاء. فالوطن كان موجوداً حتى دقائق معدودة، أو حتى بداية الأحداث الأخيرة ولكنه مات. نعم مات موتاً طبيعياً أو بسكتة قلبية أو رمانة يدوية أو صاروخ أو جرعة سمّ في فنجان القهوة الصباحي أو ربما انتحر. نعم. لم لا. الوطن أيضاً له مشاعر ودم ولحم، يحب ويكره ويرفض ويتمرد، وفي هذه الحال، ينتحر. ينتحر والانتحار وسيلة العاجز. وذلك حسب المقولة: من رأى منكراً فليغيره بيده، ومن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فـ... ! يعني الانتحار. ولكون الانتحار فيه عنف، فقد تعفف عنه المؤرخ العربي وختمها هكذا.. بالقلب. وفيه معنيان.
"ثم يقومون بمغادرته وهم محملين بأكياس من الذعر مع أن مكوثهم في رحمه لا يستغرق سوى ثوان عدة.. فيبدو أن كل من يلج ذلك المكان يستحيل الى أرنب أجرد.." /دلالة رقم واحد
"أيها النازحون صوب عشبة الحياة.. ليس ثمة خلاص أبدي.." / دلالة رقم-2
"الحياة، كلمة إن لم تعرفوا المعنى الكامن في خلجاتها، فأنكم الى الفناء سائرون بلا ريب.." مفتاح دلالي الى رقم – 2
الفناء إذن {هو} الخلاص الأبدي
"لذل سأبوح لكم بسرّ قد قضّ مضاجعي لليال عدة.."
كان بإمكاني أن أنفخ هذا السرّ في مسامع أسرتي، أو أسمم رأس صديقي المتبقي من عنقود الاصدقاء المنفرط..
بعد أن دلفت جنائن الوطن المدفونة تحت العالم.."
"في لحظة من الزمن وجدتني معطلاً عن صياغة أي شيء مهم.."
"باتت تمضغني أضراس اللا جدوى وهممت بالفرار.."
"وبعد مرور شهرين من الضيافة المبالغ في ولائمها الساخنة، تأكدوا من صدق أكاذيبي.."
"والآن لي رغبة شديدة في التطهر من ذنوبي تجاه أسرتي وخالتي.. لذلك أتوسل اليكم بأن ترسموا في دربي المنطفئ بعضاً من فوانيسكم المنيرة، تحت الجملة الآتية التي سأكتبها بخط متين وواضح.. نحيا ويموت الوطن.."
الكاتب لا يني يصور لنا الوطن، يقدمه في مختلف الاحتمالات. لاحظ، مختلف الاحتمالات. هذا يؤكد كونه غير موجود خارج الو(طن)رقة. ولا مكسب منه غير أكياس الذعر. فيلم أكشن. كابوس. جحيم دانتي. رغم ان الاقامة فيه لم تستغرق ثوان. هنا يتحول الوطن الى بوابة للمنفى. باش كاتب منافي. هل ثمة مهمة أخرى أكثر جدارة يقوم بها الوطن؟ بعد مهرجانات الدم طبعاً!. ليس من اليسير هنا التوغل كثيراً في التلافيف. أما ما يزيد اللغز تعقيداً، فهو التصريح المعافي الكامن في بلاغة اللغة العربية.. إن لم تعرفوا المعنى الكامن في خلجاتها، المقصود طبعاً هو ليس الحياة. المقصود هنا هو الوطن ثانية. على افتراض ان لا حياة خارج الوطن. الوطن هنا هو انبوبة الغاز التي يحملها الغواص أو قبطان الفضاء على ظهره. الوطن هو الكرة الأرضية والخلود هو السديم. والوطن كذلك جنائن.. والجنائن..، من المفردات القلبية التي يزدوج فيها المعنى ولا يرسو على حال. نحن نعتبر الجنائن صفة جمع من جنينة، والجنينة هي حديقة الورود وهي حديقة الخلود أي المقبرة التي يودع فيها الموتى؛ ونقول أن الجنينة تصغير محبب من جنة. الجنة هذه أيضاً كلمة قلبية، وفيها معنيان وربما أكثر. الجنة التي يردها المتقون أو الملكوت حسب توصيف المسيح. والجنة – بكسر الجيم- مصدر الجن كما ورد في الفقرة الأخيرة من سورة التعويذة (من الجنّة والناس). وقد أورد الشاعر العراقي عبد الرزاق الربيعي تصريفاً جديداً للمفردة عندما اعتبره (جنائـ)ز معلقة. ولكنه لم يغادر مصطلح الوطن الذي يبقى مصدر الاشكالية هنا، ويضع له الكاتب معادلاً جميلاً، يصح فيه القلب مثل غيره أيضاً، عندما يصفه بالسرّ. الذي ناء به ولا يريد أن ينفخه في مسامع اسرته أو يسمم به رأس صديقه.
أما الآصرة الدلالية التي يعلقها المؤلف أمام عيوننا فهو نوع من شهادة البراءة. ويدعو القارئ الى اغتفار ذنوبه بعد تأكد صدق الأكاذيب. هذه النقطة التي يصل اليها باسم الأنصار هي نفسها التي يبتدئ بها (مورو) عبد الهادي سعدون انتحالاته العائلية ضمن خريطة اجتماعية لا يدخلها الا من كانت له حكاية جديرة، ويبحث لذلك عن قصة تجبرهم على الاستماع اليه وقبوله عضوا في نادي العولمة. "فهل من آذان صاغية لي الآن؟" ص57 يقول الانصار.
هذه المجموعة السردية أو الرواية تحتمل قدراً عالياً من التشظي والتفكيك والفوضوية تمكن بالنتيجة أن تضع الكاتب أمام أهلية إعادة تصوير وصياغة الواقع المزري في حلة/ نص سوريالي غارق في التشرنق وغني بالتكهنات الدلالية غير الخطلة. نحيا.. ويموت الوطن تجربة حياتية مفعمة ومحاولة جادة جديدة للتفاهم مع واقع قهري مستنكر أضرب منذ زمان عن الاستماع لضحاياه. أنها شهادة أخرى يقدمها جيل الإضحيات عن سرطان متسربل لا يكشف عن ملامحه الخانقة.

*نحيا ويموت الوطن/ قصّ: باسم الأنصار/ ص84-2003



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معرفة الحقيقة العارية والاستفادة من دروس الماضي
- داليا رياض.. - رغم أني جملة كتبتها السماء-
- ستة عقود في محراب الحرف- حوار مع الفنان كريم الخطاط
- - أريد الطحين لأخبز معه أحزاننا-
- مقدمة عامة في تجربة مظفر النواب الشعرية
- حسن الخرساني و سقوط مردوخ
- مفيد عزيز البلداوي وقصيدة الحلزون
- سعد جاسم وقصيدة الحداد لا يليق بكريم جثير
- دراسة في مجموعة ” نون ” لأديب كمال الدين
- حمّالة الحطب.. عن المرأة والغزو!..
- (عَنترَهْ..)
- (فراغ..)
- (إلى صلاح نيازي..!)
- جدلية الزمان والمكان في رسالتين إلى حسن مطلك - قراءة تحليلية
- (شيخوخة..)
- الدكتور يوسف عزالدين في حوار شامل
- (حزن..)
- الانسان.. ذلك الكائن الأثيري
- (مساء..)
- عن المكان الوجودي..


المزيد.....




- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - الوطن -جنّة- أم -جنينة- في قصة باسم الأنصار (نحيا ويموت الوطن)!