أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - إزدواجيتنا..














المزيد.....

إزدواجيتنا..


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2969 - 2010 / 4 / 8 - 00:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وديع العبيدي
إزدواجيتنا..
"أحاول أن أعرفك، فلا أجد سوى سديم!."
في ثلاثية الكاتب الليبي أحمد ابراهيم الفقيه الروائية تصف ساندرا البطل بالقول:
" أنك دائما تريد أن تكون ما هو ليس أنت. تريد أن تكون فاسقا وأخلاقيا. متدينا ومتحررا من الدين. تريد أن تعيش في العصور الوسطى والعصر الحديث. تنتمي إلى الشرق وتنتمي إلى الغرب. تضع قدما في الواقع وقدما في الاسطورة. وتكون النتيجة أنك لست فاسقا ولا أخلاقيا. لست متدينا ولست متحررا من الدين. لا تعيش في القرون الوسطى ولا في العصر الحديث. لا في الواقع ولا في الاسطورة. لا تنتمي إلى الشرق ولا إلى الغرب."/ ص124
هذا التشخيص الذي تتقدم به فتاة أجنبية (اسكتلندية) غائب عن الوعي العربي، المتحرز –أيما تحرز- للآخر، وموقفه منا. هذه الازدواجية هي نفس الازدواجية المرسومة في ثلاثية نجيب محفوظ ولكن بدون تشخيص. لأن التشخيص يحتاج إلى خلافية، والخلافية تحتاج إلى مرآة، تعكس الصورة وتشخص تناقضها الداخلي، أو تركيبها المتناقض. هذه الخلافية توفرت في عدد كبير من الأعمال الأدبية والروائية التي وظفت بيئة الغرب مسرحا، والمقارنة الثقافية منهجا، دون أن تتعدى الوصفية الروائية إلى التحليلية التشخيصية في ثلاثية الفقيه. ويرد هنا أبرز عمل عرف في حينه للطيب صالح (موسم الهجرة إلى الشمال) ، حيث تنعكس درجة من التناص الفكري والفني بين العملين، لكن الطيب صالح يبقى راويا ساردا ويبقى أحمد ابراهيم الفقيه محللا نفسيا اجتماعيا حاذقا. وبينما يسكت الطيب عن المقارنة والمفاضلة أو التلويم، لا يسكت الفقيه مقدما فكرة جريئة " دعني أصارحك بأنني لا أعرف ساندرا الحقيقية، وكثيرا ما أقوم بأفعال أفاجأ بها، وكأنها صادرة عن إنسان أجهل كل شيء عنه."/ 108. فالبطل لا يعترف فقط بعقدة بداوته، وانما يردّ الكرة في مرمى الآخر. وتقترب صورة (الندّية) الثقافية عند خليل الامام من صورة مصطفى سعيد لولا أن الثاني الذي نشأ في رعاية عائلة انجليزية أوصلته للدراسة في لندن، صار يحس بنفسه أكثر رقيا من أهل لندن والانجليز، بغض النظر عن الظروف النفسية المرضية الدافعة لذلك.
الرأي العام الثقافي العربي، - بحسب المنتج الأدبي-، يعترف بوجود فاصلة بين (شرق- غرب) بعيدا عن الشعارية والتشدق.
الفرد العربي عاجز عن التحرر من تراثه الثقافي وما يشكله من تركة ثقيلة ومعيقة للاندماج في العصرنة، وبنفس الوقت، هو عاجز عن منع نفسه عن ثمرات الحضارة الغربية ومغرياتها التي تحفز في مخياله الجواني صورة نعيم الجنة ومغرياتها. وقد ارتضى لنفسه حالة التمزق النفسي والفكري حتى تماهى فيها فما عاد يجد فيها تناقضا أو خلافا، وذلك تحت مسوغ (الازدواجية).
والازدواجية في أبسط توصيف لها هو أن أسمح لنفسي ما لا أسمح به لغيري.
يقول نجيب محفوظ في واحدة من روايته، أن الزاني مرتكب الفعل لا يرى ما يفعله على أنه "زنا"، ولا يجد في من معه مومس أو عاهرة. ان مسوغه في هذا هو ما يحصل عليه من دفء حميمي يمتلئ به نقص عاطفي دفين في داخله، تمتد جذوره إلى طفولته المشوهة أو زواج عاطب. " كنت تمارس وعيك الحقيقي المدفون تحت هذه القشرة التي صنعتها العادة. كنت تمارس وعيا أكثر صدقا من وعيك الذي تتكلم به الآن. فتوقف عن لعبة الخداع التي تلعبها مع نفسك."/120 – الفقيه. ثم ينتقل تفكيك الشخصية من بعد سيكولوجي إلى بعد اجتماعي، هو مصدر تشويش الذات ممثلا في صراع الارادات، إرادة الجماعة الساحقة لإرادة الفرد، متخذا صيغة حوار متبادل..
" – هناك دائما الصورة التي نريد أن يعرفها الناس عنا، وهناك الأصل الذي نحتفظ به لأنفسنا. انك تبالغ أحيانا في وضع الطلاء على الصورة. هذا كل ما مأخذي عليك.
- ولماذا لا تقولين أن هناك الصورة التي يحب الناس رؤيتنا بها. والحكم من خلالها علينا، كما تفعلين الآن. وهناك الأصل الذي يتوهون عنه. هناك الانسان الذي رسموه لنا في أذهانهم منذ أول انطباع. وهناك الانسان الحقيقي الذي يرفضون التعرف عليه." / 108- الرواية.
في هذه المعادلة الاجتماعية غير المتوازنة أو المتعادلة الطرفين، تبدو (حرية الفرد) عنصر غائبا أو مختزلا في المعادلة/ المجتمع. هذا الغياب أو الاختزال تخذ صفة تاريخية عريقة، وفي إطار التجاهل أو التجهيل المقصود، شكل جزء من تاريخ أو تراث مجيد، صار معه أي ذكر لهذه المفردة أو وقوف عليها أو دعوة لها رجسا من عمل الشيطان.
(( تعريف الحرية باعتبارها تمرد/ خروج/ فجور- على سلطة الأب/ الجماعة، والحرية في تصويرها طابع الفوضى ، ومثال الفوضى هو الغرب الكافر الداعر. ))
هكذا يدافع مجتمع متخلف عن تخلفه، وتحمي عقلية ناقصة مشوهه نقصها من الافتضاح. وتستمر في أنتاج سيولات بشرية، لا تجد اشباعا في الأرض ولا في السماء، ولا تعرف لنفسها ذاتا أو كيانا جديرا بالاعتداد أمام الآخر، فتسقط على العتبة، أو تفضل الانتحار المجاني للتحقق من بديل سماوي.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
• أحمد ابراهيم الفقيه – الثلاثية الروائية (سأهبك مدينة أخرى، هذه تخوم مملكتي، نفق تضيئه امرأة واحدة)- القاهرة- ط2- 1997.
• الطيب صالح – موسم الهجرة إلى الشمال- رواية.
• نجيب محفوظ -



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصفان..!
- ولكن ما هو الواقع؟!..
- السعيد في العزلة (شقي)..
- المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!.. (6)
- (الانسان والمكان -5-)
- الألم ونظرية التوازنات الذاتية
- أنا أتألم.. أنا إذن موجود!..
- هل الحيوانات تتألم ؟؟!!..
- حول نسبية المكان.. (سعدي يوسف نموذجا..) (4)
- مدن في حياتي .. الوجيهية (4)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (3)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (2)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (1)
- فليحة حسن.. وقصيدة (أنا لست مريم يا أبي!)..المقارَبة والاختل ...
- هذه الجريمة اليومية
- فراغات النسيج الاجتماعي في العراق
- المرأة كونترا المرأة
- رسالة من بعيد
- صادق الطريحي في (أوراقٌ وطنية)*
- -ولد للبيع-* الطفولة وبقايا الاقطاع


المزيد.....




- -كابوس لوجستي-..أمريكي يزور جميع بلدان العالم للتأقلم مع الو ...
- 7 نجمات ارتدين الفستان الأسود الضيّق بقصّات مختلفة
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية 4 مسؤولي استخبارات بإيران بينهم ...
- ولا تزال السماء تمطر غارات وصواريخ في معركة كسر العظم بين إي ...
- دمار واسع وارتفاع في حصيلة القتلى.. استمرار التصعيد العسكري ...
- ألمانيا تستضيف محادثات دولية حول المناخ قبل قمة البرازيل
- الوحدة الشعبية: الرفيق الدكتور عصام الخواجا حر كما عهدناه
- إيران: على أمريكا أن تعلن موقفا واضحا من العدوان الإسرائيلي ...
- وأطلق الكوريون الشماليون النار على الطائرات الأمريكية!
- انفجار بمصنع ألعاب نارية في هونان جنوب وسط الصين (فيديو + صو ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - إزدواجيتنا..