أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - قفل قلبي(رواية)8















المزيد.....

قفل قلبي(رواية)8


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2869 - 2009 / 12 / 26 - 17:26
المحور: الادب والفن
    


الورقة العاشرة

يا صاحبي..بي ضيق،أرجو أن لا ينمو ويحرمك من هذه الاعترافات،كلّما أكتب أجد أنني أذهب بعيداً عمّا تريد،رغم يقيني أن حياتي سلسلة متصلة وأنها سلسلة نادرة من حيث تبدأ تنتهي بسلام شامل وتنال فرحتك،كل شيء في مرتب ومهندم كي أكون غذاء متكاملاً..
حين أعود لأكمل سيرة حياتي،أنقاد لهاجسٍ مباغت،وليس بالضرورة أن أرجع إلى ما دوّنت،سأقول ما يحضرني وعليك غربلة ما يأتيك وترتيب أوراق حياتي كما تشتهي..!!
***
ـ هيا يا ليمونه تعالي وانظري ما يفرحك..
ـ يا لك من عاشقِ محروم..
ـ أريد أن أسعدك وأريدك أن تبكينني..
ـ أنت مرهق يا رجل..
ـ زيلي تعبي يا ليمونه..
ـ دائماً تتركني للعذاب..
ـ ما العمل يا ليموني،العمل يتوسع وأنا مقطوع من الشجرة..
ـ وهل العمل أهم من ليمونتك..
ـ لا تقولي مثل هذا الكلام،أنتِ روحي ودنياي،هيا تعالي وانظري،سيسعدكِ ويعوض لكِ ما فقدتيه فقط تعالي،كل شيء سيمضي بسلام متعادل..!!
***
ـ بكى بين ذراعي وتركته يفعل ما يحلو له،كاد أن يمزق نهدي،راح بجنون طفولي يحرث حلمتيهما بلسانٍ شره،كان يعصر جسدي بكفي مجرم أو لنقل محروم،يريد أن ينتقم لحياته دفعة واحدة،تركته أن يمارس الذل ويقبّل أسفل قدمي،رغم ما كنت أحمل من آلامك،ونشوى غرامك الخرافي..!!
ـ مسكين هذا الرجل،يبحث عن الذهب في الرماد..!!
ـ أتدري ما الذي جلبه لي..
ـ لا أمتلك صبراً كي أفكر..
ـ شيء مرعب،أنبوب مطاطي،راح يربطه أسفل بطنه وأراد أن يأخذني كما تأخذني أنت..
ـ وهل تمكن من ذلك..
ـ دفعته بادئ ذي بدء،توسل أن يفعل من أجلي،تذكرت ما يجب القيام به كي أنقذك على أقل تقدير من الورطة،سمحت له أن يلج..
ـ أنت تخيفينني..
ـ كان يجب أن افعل،لقد شعر بسعادة حين تأوهت أسفله وأوهمته بنزول شاهد عذريتي،فرح كثيراً،قام إلى حقيبته واخرج علبة ذهب ووضعها بين يدي قبل أن يلثمهما بلسان متوسل..
ـ ربما سيسبب لك آلام..
ـ للحقيقة أقول،لولا إذعانه لتوسلاتي لربما قتلني..!!
***
عدت أجرجر هموم العالم غير المتعلم،وأنا أنوس من خلل الظلمة،مرهقاً كنت حد اليأس،دخلت المنزل وقبل أن ألج إلى غرفتي نادتني(الأم):
ـ بكرت العودة..
ـ تراقبينني..
ـ مصادفة..
ـ وأنا أيضاً خرجت عن طريق الصدفة..
ـ أنت لم تتناول عشاؤك..
ـ قلت حين ارجع أتناوله..
ـ سأحميه لك..
ـ دعيه..
دخلت غرفتي ووجدت الطعام على الطاولة،قررت أن أتناول شيئاً كي أبعد ظنونها،ووجدت نفسي هناك حيث تركت(هي)يلعب بها هذا الكائن موفور المال ومعدوم الرجولة،لقد أغرقته في فرحة مباغتة وأتت إلي كي تخرجني من تحت السرير،نزلنا من السلّم وكان هو داخل الحمام،سمعته يدندن تحت وشيش الماء،وكان الليل في ثلثه الثاني..!!
***
جلست(الأم)قربي،حاولت أن لا أبدو مرهقاً..
ـ أين كنت..
ـ تعرفين أنني أحب المشي في الليل..
ـ مشيك يطول أحياناً..
ـ هذه الكتب أكلت مخي،كلما أكون في البيت أشعر بكوابيس تخنقني..
ـ أنت تهرب مني..
ـ ليس هناك ما يستدعي الهرب..
ـ تركت مدرستك والحرب تأخذ الشباب وليس لي سواك..
ـ أمامي سنة قبل أن يتم استدعائي للتجنيد..
ـ وماذا نعمل لحظتها..
ـ لا تخافي سأهرب مثل زملائي..
ـ أنت تهذي يا ولد..
ـ رفاقي يسرحون ويمرحون في القرى والرياف،سأكون معهم على عناد الحكومة..!!
***
عدت قبل الغروب،حين دخلت البيت،كانت واقفة وفي عينيها سؤال وقلق فوقطبيعي..
ـ ماذا بك..
ـ ذهبت إلى أهلها..
ـ دعيها تزورهم..
ـ قالت أنها لن تأتي ثانية..
ـ وما الضير في ذلك..
ـ ثمة مصيبة يا ولد..
ـ كلما نتحاور تقولين مصيبة..
ـ بنت عمك حكت لي كيف صارت حامل..!!
***

الورقة الحادية عشر

تمكنت(الأم)أن تكتم كل شيء،ظلّ السر المتعلق ببنت(العم)قيد الكتمان،ويوم ذهبت إلى البيت وجدت أنني على حافة هوّة وجنون،البيت صار مستنقعاً للشكوك،صرت أكثر عزلة ونفوراً ولا رغبة لي في طعامٍ أو منام،كانت(هي)تحاول أن تخفف من سأمي وتمدني بما أحتاجه من مال وتجلب لي ما عندها من فواكه يجلبها المسكين من أسفاره الحكومية،في سهري خصوصاً في الليالي التي لا تدق فيها الساعة،استلقي في فراشي واقضي الليل في تأمل فارغ أو في كتابة هذياناتي الشعرية،لقد كان عزائي الوحيد لأكون كما أرادت(هي)مني،الثبات بوجه كل محاولة غايتها حرماني منها بالذات ،شيء بالكاد أتملص منه،عينا(الأم)وسؤال واضح يبرق كلما كانت تتأملني وأنا منشغل أو نائم، بالطبع أعرف ما هو،شك ظلّت(الأم)تبحث عن شاطئ يقينه..مرة قالت :
ـ ليس الذنب ذنبك..
ـ لكنني الفاعل..
ـ ليس ثمة حل آخر..
ـ رقبتي لا تحتمل..
ـ حلنا الوحيد..
ـ تحملينني أخطاء الآخرين..
ـ الهروب من الحقيقة سيرميك في قلبها البركاني..!!
***
كانت(الأم)ترمي بحفنة مما يسكنها،وكنت أحاول أن أفك اللغز،تلقي الخطيئة تارة عليّ وطوراً على بنت(عمي)وتعرج ما بين الحين والحين وتتذمر كونها هي صاحبة هذا السبب،بطبيعة الحال والدي شريكها،تحاول أن تقنعني وتجعلني بعلاً لها،كي تنجو من النهاية المؤلمة هكذا فسرت تصرفاتها،أرادت أن تذهب وتأتي بها ونعلن فرحنا،كنت في وضع لا يريح،قبل أن تفعل فعلتها،أعني يوم أججت النيران على نفسها،كنت أراها تهرع إلى الحمام وهي تكم فمها براحة يدها وتمسك أسفل صدرها بالأخرى،خلتها تعاني من نزلة برد..ذات يوم تجرأت ودونت منها..
ـ أنت عليلة يا ابنة عمي..
ـ وهل يهمك ذلك..
ـ ليس هذا وقت تجادل..
ـ لا ليس بي ما يخيفك..
ـ أنت مريضة،لا تتحامقي..
ـ لم أطلب منك المساعدة..!!
عرفت أنها تحاول خداعي،نعم يا صاحبي..هذا التغير قد حصل في إستراتيجيتها،ولم تعد كما كانت، تلك الفتاة المتفتحة والباحثة عن السعادة عندي،ويجب أن تعرف أيضاً أنني لم أغضبها بشيء أو تصرف،انقلبت فجأة وصارت تحرس الغموض المتنامي فيها،هذا السر لم يمض طويلاً وكان يجب أن أعرفه قبل أن تفه به(الأم)وأظنني على حق فيما أقول،ربما أرادت أن تحقق غايتها الكونية وحين عجزت غيّرت هي أيضاً من طريقتها العقائدية،وهذا ما حصل بعد طويل عذاب هذراني،ومديد سأم تمثيلي..!!
ـ أخبرتني بما جرى..
ـ ماذا قالت..
ـ قالت كل شيء بوضوح..
ـ أرجو أن لا أكون المعني..
ـ بل أنت هو..
ـ لا أشك الآن أنت تريدينني أن أموت..
ـ لا تهرب يا ولد،قف لحظة وأفهم الموضوع أولاً..
ـ كلما أجالسك تباغتينني بهذا الموضوع بشكل أو بآخر..
ـ يا ولد أسمعني،أنت بريء رغم أنك كنت الفاعل..
ـ (حزورة)..
ـ حكت لي كيف حصل ما حصل..
ـ كلام معاد..
ـ يا ولد ليلة سهرت مع والدك في المشفى،سادرت المسكينة في غيّها ووجدتك في حالة يرثى لها،أخذتك إلى الحمام وقامت بكل شيء..
ـ ماذا تعنين يا(أم)..
ـ هذا ما قالته لي قبل أن تغادر،كانت تشعر بالذنب والإثم،أرادت أن تحرق نفسها لأنها لم تعد تحتمل أن ترى نفسها بيننا..!!
***
قد تجد التفسير الملائم لهذه المفاجأة،بالطبع ستتوقع أنني فرحت بعض الشيء،هذا ما لا أخفيه عنك رغم أنني أبديت غير ذلك أمام(الأم)على أقل تقدير تخلصت من ثقل هم ظل يشغلني،ترى من المسؤول..؟؟أن كنت ـ كما صرحت في اعترافها المتأخر ـ متهالكاً بلا شعور ولا روح مثل قشة في مهب ريح عاصفة،كيف انتشلتني ومن حقنها بهذه الحماقة الشهوانية،كي تحطم سدود العفة والطهارة،لابد من مغذىٍ يمد اليقين ويوفر الفرص الخادمة والمناخ الرومانسي،بالطبع تعرف من اعني،كنت كما باحت لي أتأرجح مثل لوح تتناهبه أمواج هائجة،فتحت الباب وهي لا تصدق إن لم تكن هناك خطة محبوكة بعقلانية لا تخطأ،أخذتني من حيث لا أحس أو أدري وأدخلتني إلى الحمام وألقت ما علي من أسمال وراحت تغسلني غسل أم لطفلها أو غسل ميت سيوارى الثرى،بدأت تتفاعل شيئاً فشيئاً حتى وجدت نفسها أسيرة نشوة ـ هكذا صرحت للأم ـ لم تعد تحتمل رؤية كائن مشاغب،في لحظة مبارزة،قبلت التحدي ورفعت سيفين لنقل ساقين من رغبة وصرنا نتقاتل حتى الموت،يا لهذا العالم الغامض المغري،عالم ليس بوسع العالم أن يمضي بدونه،المهم حققت حلمها التمهيدي ولا أعرف أكانت حلمها أم حلم من يقف وراء هذا الحلم الشنيع،نعم من حقي أن أغضب وأثور وألعن كل شيء،ترى من المسؤول عن هذه الأوراق التي هي إدانة واضحة بين يديك،مضت من زرعت الإثم في ربوعي،مضت وبقيت في دوّامة من زوابع تحوم من حولي لابتلاعي،آه..يا لتلك اللحظة القاسية والتي أنهت فيها(الأم)ما قالتها بنت(العم) لقد بكت وبكيت معها،احتضنتني واحتضنتها وراحت تزيح دموعي بلسانها،لم أحتمل أكثر مما احتملت،لأن ساعة القلب في تلك اللحظة رنّت،رنين لم أشهده من قبل،قمت وإلى الليل ألقيت بمرساتي،وأظنها صاحت:
ـ لا تتركني يا ولد..!!
رنين يا عالم يغتصب الحواس ويلهب الحماس،أدخلوا إلى مقابركم يا ناس كي تمر العوا(طـ..صـ)ف إلى جنتها رغم أنف الحراس،جوارحي تهتف والليل يأتيني بالضوء الساحر الآتي من تلك النافذة الساهرة من بين نوافذ العالم غير المتعلم النائم..!!
***
ـ تعلمت الدرس جيداً..
ـ وهل يخطأ تلميذك..
ـ لا..لا..أنا لن أعلّم غيرك يا شاطر..
ـ وأنا لن أدخل غير مدرستك يا ست..
وصار العالم رهن أكفنا،نعجنه كما تشتهي عوا(طـ..صـ)فنا..!!
***
ـ خبريني كيف يتصرف..
ـ مسكين..
ـ أما زال يلهو ويلعب..
ـ بأنبوبه المطاطي يسمق إلى سعادته الزائفة..
ـ أتدرين أن الأغنياء محرومون من لذة اللذات..
ـ لهم المال ولنا العوا(طـ..صـ)ف..!!
تجاذبنا أطراف حديث ذي شجون،حكت لي في تلك الليلة عن أسفاره المتواصلة من أجل أن ينال علاجاً لعلته أو بالأحرى أراد أن يحتفظ بها رهينة لبناء أمجاده الوهمية،تصور يا صديقي أنه باح برغبة تسكنه،هكذا قالت لي(هي)أنه مستعد أن يضع رأسه تحت المقصلة مقابل فعلة واحدة معها،يا لتعاسة الأغنياء وشقاءاتهم..!!
***
هذه الطريقة أرجو أن لا تفسرها إستراتيجية جديدة في إيصال القضيّة إليك،أريد أن ألملم شظايا سنوات طويلة لتكن سهلة التناول،أجد أنها طريقة ممتعة تمنحني فرصة انتقالات متلونة وسريعة إلى كل حادث يومض في بالي،من بين تلك الوقائع بالطبع لن أنسى يوم أتتني(هي)كان الوقت نهاراً،لن أذكر الساعة،فقط سأقول لك منتصف النهار الأول،انت تعرف ما أعني بالنهار الأوّل،لم يحصل أن تناوشنا العواطف في وضح النهار إلاّ في ذلك اليوم وهو يوم لا ينسى طبعاً،كونه مفتتح لعالم واسع،عالم الخراب الذي قادني طائعاً إلى الهاوية،جاءت مرتبكة،رأيتها واقفة وهي تتلفت يميناً وشمالاً،أدخلتها المنزل وفي غرفتي جلسنا لساعة أو يزيد..!!
ـ ما الذي أتى بك..
ـ أنت..
ـ أخشى أن نقع في مصيدة(الأم)هذه المرة..
ـ لن أهاب هذا الجانب..
ـ ولم هذا الارتباك إذاً..
ـ أريدك أن تهرب معي..
ـ أين نهرب والدنيا ملغومة بالحرب..
ـ بت لا أطيق هذا النوع من الحب،أريدك دائماً قربي..
ـ ولكن أين نهرب،هل أنت جادة أم تمزحين..
صمتت لحظة قبل أن تبكي وترمي برأسها فوق كتفي،هدأ العالم وهدأت(هي)بماء كائني..!!
***
آه..تذكرت،لم تكن تلك المرة الوحيدة،سأقدم التماساً وأرجو أن تعذرني،الذاكرة متعبة ووراءي رحلة بعيدة المدى،مرة ثانية تمكنت أن تأتي ولا أعرف كيف عرفت أن(الأم) كانت في تلك اللحظتين خارج المنزل..
ـ سمعت أنها ماتت..
ـ يقول الدكتور أنها انتحرت..
ـ وهل تتوقع ذلك..
ـ كل شيء ممكن في عصرنا هذا..
ـ قلت أنها احترقت جرّاء تسرب الغاز..
ـ ليس هناك سر..الفتاة ماتت ولسنا نواجه تحقيقاً كي نعد الأسئلة للدفاع..
ـ قلبي لا يطمئن،لا أعرف لم..!!
ـ قولي لي،هل لمسكِ غيري..
ـ أنت تهرب مني..
ـ مجرد غيرة،أريد أن أعرف،إن كان هناك من مس هذا المنجم غيري..!!
في ذلك اليوم بالضبط،كانت بنت عمي تموت وكانت(الأم)تهرب إليها..!!
***
ـ ماذا تظن يا عاقل،هل بوسعك أن تأتمن في يومنا هذا جوهرة بين يدي أحد،جسد الإنسان مركبة تتناهبها رياح الأيام،فئات ضعيفة العقل،مفرغون من الإرادة رغم هيئاتهم الأسطورية،مستعدون دوماً لقتل البراءة وسحق الورود،صدقني أنهم يفعلون ذلك كل يوم دون أن تنتفض فيهم مشعر رحمة، لا..لا..لا تصدق أن هناك فتاة تلج مملكة الذئاب وتنجو من مخالبهم،لم أتجاوز العاشرة من عمري يوم ألقي بي في يم الحياة،يم الكواسج والحيتان البشرية الشرهة،يا ترى يا نور قلبي ويا منقذي من هذه النيران،لم يقع من بلغ من العمر مبلغاً في جحيم الشهوة،ليس ذلك فحسب،تراهم يمتلكون من النساء ما يقتلن بشهواتهن وجمالهن،تجد الرجل حين ينفرد بطفلة صغيرة يغدو مراهقاً فريسة شهوة عارمة،دائماً يفشل في تحقيق الإغواء قبل أن يلتجأ إلى العنف والاغتصاب،أوّل عائلة تقدمت لي كي أكون عندهم مدللة كما زعم رجل ميسور وهو يقود سيارة فارهة،كل صباح يأخذني بسيارته ويرجعني في المساء،ليس مهمتي سوى البقاء مع زوجته وتلبية ما تحتاجها،هكذا قال لأمّي يوم جاء،كان يحملني ويقبلني ويأتيني بأنواع من الحلويات،بالطبع يحدث كل هذا أمام زوجته،كانت تبتسم وتتأوه وهي تراني أضحك وافرح،ذات صباح كنت في غرفة نومهم،أرسلني كي أجلب له علبة سجائره،وكانت المرة الأولى التي أدخل فيها تلك الغرفة في الطابق العلوي،رأيته يتبعني،وليس هناك ما يخوفني،كنت لا أعرف مثل هذه الأشياء وكان مثل أب يعاملني،تناولت العلبة واستدرت،احتضنني ورفعني وكنت للحق أقول فرحة،لا أعرف لم هذا الفرح ينضجني ويمدني برغبات عارمات وحباً بلا حدود،ربما لأنني فقدت أبي مبكراً،كنّا عائلة كبيرة،أنا خامسة ست أخوات،وتاسعة العائلة بعد رحيل أبي طبعاً،أمي وأخواني الثلاث وأربع أخوات يكبرنني والعاشرة كانت تصغرني بسنتين،قتل والدي في الحرب يوم أخذوه ضمن قواطع الجيش الشعبي،كان المعيل لنا،مات وبقينا فرائس بين مخالب ظروف تبتلع الفقراء أولاً،آه..لو تدري لكم أنا نادمة،ليس بطبيعة الحال ما أعمله معك،لا..لا..لا تظن ذلك،أنت تعيد لي ما فقدته بل تمدني بالحياة وترد لي ما أستحقه،ليس من الغرابة أن تأتي فتاة إلى الحياة وتجد نفسها خلقت لمتعة الآخرين،أنت ترى كم من أنثى لا حظ لهن أو(بخت)كما يقولون،أنت قسمتي هكذا أرى،وإلاّ لم أنت الآن معي..؟؟عذراً أنني متلهفة الآن قليلاً،فالذي حصل ليس بالسهل،لقد وقف(الأفندي)..وأخذني بين أحضانه كما يفعل وأنا أضحك،تمدد في الفراش و القاني إلى جنبه وراح كما أنت تعمل،ابتدأ يمرر أنامله ويداعب كما يحلو لك أن تفعل معي،صدقني لم أعرف لحظتها لم كان يفعل ذلك،كنت أضحك وأنا ألهو معه،نهض وأخذني معه إلى الحمّام وأرادني كما كنت أفعل أن أسكب الماء على رأسه..في ذلك اليوم لم تكن زوجته في البيت،طلب أن ألقي ملابسي،كما انت تفعل معي،قال:ستتبلل..!! امتثلت لما أراد،وقفت ذاهلة أمام ثعبان يتلوى بين ساقيه،مثلما حصل لي حين وقفت اول مرة أمامك بالضبط،أراد أن أغسل ثعبانه وهو متمدد،ما العمل كنت بريئة لا أعرف شيئاً من هذه الأمور،وكما كان يريد غسلت ثعبانه قبل أن يهمد ورأيته يتلوى ويئن،تصورت أنه عليل وأشفقت عليه رغم صغري،أنامني على صدره وراح يحرث وجهي بلسانه وكان يسمعني كلمة (أحبك)..هذه الحالة استمرت لعدة مرات،قبل أن يطلب مني أن أضع ثعبانه في ثغري كما تريد مني أن أفعل ذلك،وفعلت،سامحني يا روحي،فعلت ما أراد..!!
ـ آه..لا تزيديني عذاباً..
ـ ما العمل كنت صغيرة وكسروا رقبتي بالخدمة..
ـ أريد أن أعرف النهاية..
ـ لقد مرت السنوات الست مروراً سريعاً قبل أن تأتي أمك وتجعلني مهرة تحت هذا المسكين،أنظر أي حظ عندي،من مخالب رجل شهواني ليس برجلي إلى مخالب رجل لا روح فيه لكنه رجلي..
ـ تلك هي لعبتنا،ما نتمناه ليس سهل المنال..
ـ ألم يتعد حدوده..
ـ هذا ما كنت أخشاه بمرور الأيام،كان فقط يحب اللعب واللهو ويرغب المداعبة وكان أحياناً يضع ثعبانه المرعب بين ساقي..!!
ـ وزوجته..
ـ هي جميلة وتحبه،مشكلتها كانت لا تنجب..!!
***
كلام ما زلت أتذكره ليلة سردت لي(هي)وقائع بالطبع لا تسر،كانت صغيرة وليس بوسعها أن تصمد أمام أشياء أكبر منها،مسكينة ضحية ظروف قاهرة،قالت كل شيء،وبكت بحرقة وبكيت معها،رأيت الحزن يهبط مثل شلال من عينيها،ليس هي السبب بطبيعة الحال،كثيرات من النساء قمن بإرسال بناتهن إلى دور الضباط والذين اغتنوا فجأة وصاروا يملكون البساتين والسيارات الفارهة وصارت(مودة)جديدة تنتشر عند نساءهن،رحن يجلبن فتيات للخدمة ومراعاة أطفالهن،كانت(هي)واحدة من ضحايا امرأة أرادت أن تكون مثلما لأقرانها بنت خدومة في بيت ضابط..!!
***
ـ أرجو أن لا تنتقمي مني..
ـ منك..
ـ الأم..أدخلتك إلى فخ آخر..
ـ لكنه فخ جميل..
ـ ولم الحزن في هذه اللحظة..
ـ علينا أن نتذكر ماضينا أحياناً،على أقل تقدير،نزيح بعض أحزان الحاضر..
ـ أتدرين ما الذي أحلم به الآن..
ـ أرجو أن يكون حلمك حولي..
ـ أتمنى الآن أنت معي في البيت زوجة..
ـ أرجو أن لا يكون حلماً هذياناً..!!
***















#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قفل قلبي(رواية)6
- قفل قلبي(رواية)7
- قفل قلبي(رواية)5
- قفل قلبي(رواية)4
- قفل قلبي (رواية)3
- (قفل قلبي)رواية 2
- (قفل قلبي)رواية1
- الحزن الوسيم(رواية)9 القسم الأخير
- الحزن الوسيم(رواية)8
- الحزن الوسيم(رواية)7
- الحزن الوسيم(رواية)6
- الحزن الوسيم(رواية)5
- الحزن الوسيم(رواية)4
- الحزن الوسيم..(رواية)3
- الحزن الوسيم..(رواية)2
- الحزن الوسيم..(رواية)1
- مزرعة الرؤوس(قصة قصيرة)
- خمس حكايات
- لعبة الموت..البرلماني الغيور(حكايتان)
- الشرفة الواشية..قبلة أزلية(حكايتان)


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - قفل قلبي(رواية)8