أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - العلمانوفوبيا














المزيد.....

العلمانوفوبيا


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 18 - 11:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الحلف التاريخي بين الديني والسياسي في المنطقة، متداخل إلى حد كبير، ومتشابك، بحيث يصعب في كثير من الأحيان فصل الديني عن السياسي، والسياسي عن الديني، والزعيم السياسي عموماُ، في هذه المنظومة، هو زعيم ديني، بنفس الوقت، والعكس صحيح، ( وألقاب مثل خادم الحرمين، أمير المؤمنين، خليفة المسلمين، ولي الأمر، الإمام، الولي الفقيه....هي شائعة على نحو كبير)، وفي أحيان كثيرة لا يـُعلم من هو رهن الآخر، هل الديني هو رهن السياسي أم السياسي هو رهن الديني؟ غير أن الحقيقة الثابتة، أن سقوط أحدهما، سيؤدي ولاشك لسقوط واندحار الآخر، ومن هنا يأتي هذا التعاضد القوي بينهما جراء إدراك هذه الحقيقة، ولذلك أيضاً فأن الأحزاب والجماعات الدينوسياسية، والسياسو-دينية (كالأحزاب القومية)، هي الأقوى على السطح ولها القول الفصل. ويتبدى هذا الحلف، على نحو دائم، بأشكال وتمظهرات مختلفة، تؤكد في كل مرة خضوع السياسي للديني، أو السياسي للديني تحقيقاً لمصلحة أحد الطرفين، وحسب كل ظرف، تلك المصلحة التي هي واحدة في النهاية، وهي إدامة الظلام والتردي والاستبداد. ولعل في منع الكاتب والمفكر المصري نصر حامد أبو زيد، من دخول الكويت ، بعد إصدار تأشيرة رسمية، وذلك لإلقاء محاضرتين الأولى حول الإصلاح الدستوري، والثانية عن المرأة. يومي 16 و 17 من الشهر الجاري. لقد أفلح التيار السلفي المهيمن بقوة على الحياة السياسية في الكويت من إجبار السلطات على منع أبو زيد من الدخول، رغم إصدار التأشيرة المسبق، ما يعد تراجعاً حكومياً أمام الضغط الظلامي، وانصياعاً له، ورغبة في تأكيد الحلف التاريخي، واستمرار "التعاون والتنسيق" المشترك بين الجهتين السياسية والدينية.

وما حدث، أيضاً، لكاتب هذه السطور في أكثر من مطار مما يسمى بالعربي، ووجوده على قوائم المنع "السوداء" في عموم المنظومة البدوية، ما هو إلا وسام فخر وشرف، له، ولكل يبرؤه تاريخياً من الانخراط، و"التسهيل" للفكر الغيبي والأسطوري، ويعطيه صك براءة تاريخية من المذبحة الفكرية الجارية على قدم وساق، في عموم الإقليم، والتي تستهدف العقل والإنسان.

وطبعاً هذا الإجراء ليس وحيداً أو يتيماً، ولا يشكل سابقة في تعاطي معظم دول هذه المنظومة الأبوية القرووسطية، مع أصحاب التيار العلماني والتنويري، بل هو ممارسة منهجية تستهدف رموز التنوير لمنع قبسات التنوير والعلمنة من اختراق الحصون الأبوية الظلامية الشاهقة والتغلغل فيها. لكن، وبغض النظر عن هذا الإجراء ومفاعيله، وتداعياته، فإنه يظهر، وعلى عكس الخطاب الصحوي، خوفاً، ورعباً حقيقيين من التيار التنويري ورموزه وكل من يلوذ به. فالفكر الأسطوري، والغيبي، القائم على التسليم وإبطال مفعول العقل، والمسلمات التي لا تـُناقش، هو من الهشاشة والضعف والسطحية بحيث لا يصمد أمام منطق وقوة الفكر التنويري، وينهزم أمامه في أول مواجهة، أو بالأحرى لا يقوى على مواجهته، فالكويت حكومة وتياراً ظلامياً ارتعدت من مجرد محاضرة، وشخص مثل أبي زيد، ومن دون أن يطلق رصاصة واحدة، وكل أسلحته هي مجرد أفكار، قادر على استنفار بلد بأمنه وعساكره وضباطه وشيوخه. وهذا المنع، والإجراء الكويتي "الصغير"، بكل شيء، هو، ولا شك، وسام فخر واعتزاز لأبي زيد، وهزيمة، أخرى، وليس نصراً، بأي حال، لأصحاب تيار التعتيم والظلام.

ولا نجد مبرراً لهذا الهلع الزائد والرعب الكبير من "مجرد" شخصية كأبي زيد، رغم وجود جيوش جرارة من الفقهاء والشيوخ والوعاظ على الجاني الآخر، إلا إذا كان هذا الجانب ر ينطوي على ضعف بنيوي وفكري واضح وخائف على نفسه. وإذا كان الفكر الديني على تلك الدرجة من القوة والثقة بالنفس، كما يروج له، فلماذا يخاف على نفسه من مجرد محاضرة، ومحاضر بحيث يستنفر التيار بقضه وقضيضه لإجراء المنع؟

غير أن السؤال الأهم والأقوى، وفي ظل هذه الثورة المعلوماتية الهائلة التي يشهدها العالم، وسقوط وانهيار الحواجز، هل ستستطيع حكومة الكويت، وحكومات المنظومات البدوية القروسطية، من منع أفكار أبي زيد وغيره من الدخول والنفاذ إلى عمق هذه المجتمعات؟ وإذا منع أبو زيد بشخصه ألم تسبقه سمعته وفكره، ودخلت قلوب وعقول كثير من الكويتيين، والدليل ردة الفعل العنيفة؟ وإلى متى سيستمر الاعتقاد بإمكانية نجاعة ونجاح مثل هذه الإجراءات، ألم تهزم معاقل الظلام على مر التاريخ أمام قبسات الحرية والأنوار؟ وهل منع دخول الأشخاص سعني منع دخول الأفكار؟

في الحقيقة إن جميع ردود الأفعال العنيفة تلك، التي يتخذها أصحاب التيار الظلامي، فيما يعتقدونه تهديداً لوجودهم وفكرهم، لا يعكس في الواقع إلا نوعاً من العلمانوفوبيا، أو الرعب من العلمانية، التي تعني فيما تعنييه، تحييد الفكر الديني، وإبعاده عن المجال السياسي، وإبقائه في محاريب الصوامع والتعبد، والقطع من حقب الخلط، وفك عرى تلاحمه مع السياسي، الذي هو الأقوى في المنظومة الدينية الشرق أوسطية.

العلمانوفوبيا، أو الخوف من العلمانية، هو أمر واقع في هذه المنظومة، ليس خوفاً على الدين، كلا وحاشى، ولكنه خوف من نهاية حقب تبادل المصالح والمنافع بين الديني، والسياسي، واستغلال أحدهما، لخدمة الآخر. وما يحدث في الكويت، وفي غيرها من ردود أفعال عنيفة وهيستيرية حيال كل ما يتعلق بفسخ التحالف العضوي بين الديني والسياسي، ما هو سوى علمانوفوبيا ليس إلا.






#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خليك ع النت
- كيف سيرد الخليجيون على طهران؟
- مكافأة البرادعي
- نحو اتحاد شرق أوسطي
- هل حققت سوريا التوازن الاستراتيجي؟
- لماذا منعت جريدة الأخبار من دخول سوريا
- عنصرية في الخليج الفارسي
- ما أضيق العيش لولا الحوار المتمدن؟
- هل يمكن غزو أوربا دينيا ؟
- الدين الكبير
- احذروا الاقتصادي الإسلامي
- يا ليتني كنت شاليطا
- الإسلاميون و البكاء على الحريات الدينية
- دبي وجدّة: تهاوي الأساطير النفطية
- أظلمة أوربا : ردود على الردود
- مآذن سويسرا: أظلمة لا أسلمة أوروبا
- الفقاعات النفطية: و هشاشة المنظومة الخليجية
- السيد وزير العدل السوري/المحترم:
- فصل الدين عن البداوة
- الغزو البدوي : أطول استعمار و احتلال بالتاريخ


المزيد.....




- من دعا من؟ خلاف يسبق لقاء البابا ورئيس إسرائيل في الفاتيكان ...
- مصر.. ساويرس ورده على -دليل إلغاء الإخوان للديمقراطية- يشعل ...
- قاليباف: على الحكومات الإسلامية اتخاذ خطوات عملية لوقف آلة ا ...
- من الحركيين إلى التقليديين: إعادة إنتاج الأفيون باسم الإسلام ...
- الكنيست يصوت على تعديل مصطلح -الضفة الغربية- إلى -يهودا والس ...
- حرب غزة وتداعياتها.. هل أثرت على الأقلية اليهودية في تونس؟
- الاضطرابات تجتاح أكبر دولة إسلامية في العالم.. فما الذي يجب ...
- الموصل تستعيد رموزها التاريخية: افتتاح الجامع النوري والحدبا ...
- استنكار واسع في بلجيكا بعد إدراج طبيب كلمة -يهودية- ضمن قائم ...
- السوداني يفتتح رمز مدينة الموصل الجامع النوري ومنارته الحدبا ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - العلمانوفوبيا