أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - الإسلاميون و البكاء على الحريات الدينية















المزيد.....

الإسلاميون و البكاء على الحريات الدينية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2848 - 2009 / 12 / 4 - 12:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



مفهوم الحرية غائب بشكل عام عن الفكر الديني، فمن اختار فكراً ونمطاً دينياً فهذا يعني أنه أقفل الباب على الأفكار الأخرى، أي أنه احتجز نفسه ضمن إطار فكري خاص به لا يبارحه. والحرية فضاء مفتوح والفكر الديني إطار مغلق على تصورات محددة غير قابلة للنقاش والجدل، ولا تقبل التعديل والتأويل. هذا نظرياً، وعملياً، ارتبط الفكر الدنين عموماً بمحاولات لمنع اختراق تلك الأطر والتعدي عليها ومناقشتها، وارتبط ذلك إلى حد كبير باستعمال العنف، وأساليب الزجر الأخرى للحفاظ على تلك الأطر من الاختراق.

وقد أثار الاستفتاء السويسري موجة عارمة من التصريحات والمواقف التي تظهر حنقاً، واستشاط كثيرون غضباً على ما فعله الناخب السويسري، رغم أنه يمارس حقاً ديمقراطياً لطالما طالب به الكثيرون. وبكل بساطة، ووفقاً للمعايير الديمقراطية المعروفة، فإن المسامين في سويسرا يشكلون، ما نسبته 4-5% من تعداد السكان، ومن هنا فليس باستطاعتهم كسب أية جولة انتخابية تتعارض مع المصلحة العامة في تلك البلد وتوجهاته ورؤيته. وإذا كانت الإمارات الإسلامية، التي يسمونها دولاً عربية، تسهل العمل والنشاط للجماعات، إياها، وتدعه بغية البقاء على التفوق النوعي لإسرائيل، والاستئثار بالثروات والسلطات، عبر إحراج هذه المجموعات البشرية من دائرة الفعل والتأثير والإبداع بعد تخديرها بالفكر الديني ووعدها بالجنان، وضمان عدم مشاغبتها، فإن هذه المبادئ والسياسة التدميرية والشيطانية، لا "تشتغل" في أوروبا، وفي قلب مجتمعات اختارت أن تفصل بين الدين والدولة، وهذا هو حقها المشروع، وقد حققت من خلاله معجزات بشرية خارقة.

لا علاقة لما فعلته سويسرا بالحريات الدينية، والأمر يتعلق، هنا، بشكل جمالي، وتخطيط عمراني ربما في هذا البلد، فالاستفتاء ليس على الإيمان وحرية الاعتقاد، واحترام المعتقد، أو حظر لدين بعينه، وشعائر لذاتها، ولم يقل السويسريون للمسلمين لا تصلوا ولا تصوموا، وإنما الاستفتاء كان على شكل عمراني ورمز سياسي وديني قد لا يروق للسويسريين، وبنفس الوقت، ليس له علاقة بجوهر الدين والإيمان، فالمآذن ليست سنة، وهي بالمحصلة شكل عمراني وجمالي، ولم تكن في عهد الرسول، وفي المرحلة النبوية، كما يقول الكاتب الإسلامي المحسوب على التيار الإخواني المصري، فهمي هويدي في مقال له في صحيفة الشرق القطرية، تاريخ 2/12/2009، تحت عنوان "ضربة للحريات الدينية"، يقول الكاتب: "كان الصحابي بلال بن رباح يعتلي أي سور أو بناية، لكي يرفع الآذان، ولم تعرف المآذن إلا في العصر الأموي، على ما يذكر الدكتور مصطفى البدوي في كتابه «لطائف الإشارات في أسرار المآذن والمنارات»، فحدثنا أنه في خلافة معاوية (سنة 45 هجرية) تم تجديد مسجد البصرة وجعل له منارة من الحجارة. انتهى الاقتباس).

ومع كل الاحترام والتقدير للأستاذ الهويدي، هل يمكن التساؤل: متى كان هناك احترام للحريات الدينية في منظومة الإمارات الدينية المسماة دولاً عربية؟ وقد يكون من المفيد تذكير الأستاذ الهويدي بالعهدة العمرية، التي حبذا لو استشهد بها في معرض حديثه عن الحريات الدينية، لكان مقنعاً أكثر، وسنقتبس منها ها هنا هذه المقتطفات، التي تجعل كلامه عن الحريات الدينية موضع استفهام وشك، كونها مطبقة في المنظومة البدوية التي يكتب فيها عن الضربة الموجهة للحريات الدينية، من العهدة يمكن الاقتباس: (....لا يحدثوا ( أي المسيحيين)، في مدينتهم ولا ما حولها ديرا أو كنيسة أو قلية ، ولا صومعة راهب و لا يجددوا ما خرب منها......ولا يظهروا صليبا و لا شيئا من كتبهم في طرق المسلمين و لا يجاوروا المسلمين بموتاهم و لا يضربوا ناقوسا إلا ضربا خفيفا و لا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم .......). فهل يتكرم علينا الأستاذ هويدي، ويشرح عن المرسوم الجمهوري المعمول به في مصر (المستمد حرفياً من العهدة العمرية حيث تقول : و لا يجددوا ما خرب منها )، والذي يفرض حظراً حتى على ترميم أية كنيسة قبطية إلا بقرار ومرسوم جمهوري آخر. أليست هذه قمة التسامح، وقمة الحرية الدينية؟ وماذا عن البهائيين المصريين الذين يـُنكر عليهم انتماؤهم الديني ويعاملون بعنصرية وتمييز في نفس الدولة التي يأسف فيها السيد الهويدي على افتقاد الحريات الدينية، ويحظر كتابة معتقدهم في أوراقهم الثبوتية.

وسنضع أنفسنا في موقع، ووضع المسلمين في سويسرا، كأقلية، ها هنا، وليسوا كأكثرية، وسنتضامن معهم، بكل جوارحنا، كما مع كل مضطهد آخر، وغير قادر على ممارسة حرياته الشخصية والفكرية والدينية، ونتمنى أن تتوفر لهم كل السبل الممكنة لممارسة شعائرهم الدينية بحرية مطلقة، وإطلاق مآذنهم في عنان السماء. ولكن بنفس الوقت، هل أدركت الجماعات والأجهزة التي تقف وراء الصراع في الغرب، وتؤججه، وتثير الزوابع معنى أن يكون المرء مضطهداً، ومكفراً، ومنبوذا، وغير قادر على ممارسة حريته، وشعائره؟ وهل أدرك الدعاة ما يعني حرمان الناس من التعبير عن معتقداتهم؟ وهل أدركوا الأثر الأليم الذي تتركه مثل هذه الممارسات على حياة واستقرار العباد وصحتهم العقلية والنفسية، أم أن ما يحق لهم لا يحق لغيرهم؟

ما فعله بعض السويسريين، وبكل أسف، هو نفس ما تفعله الأنظمة الدينية والإمارات الدينية قاطبة، التي يسمونها دولاً عربية، (وإن اختلفت شدة الفعل وأثره ونوعيته)، مع الأقليات الدينية وحتى المسلمة منها تحديداً، ومع كل مختلف معهم بالرأي، وكل من لا يؤمن ولا يفكر بما يفكرون؟ ألا تفعل السلطات البدوية في المنظومة الفارسية، وهي التي تؤجج هذه الفتن والزوايع، نفس الأمر مع كل الوافدين والعمال والمهاجرين المقيمين لديها، وتنكر عليهم أبسط حقوقهم، في ممارسة حرية الاعتقاد واللا اعتقاد، والإيمان والإلحاد، وتحظر أي نشاط فكري، أو دعوي أو ديني، باستثناء الخطاب والدعوة إياه، ومن هنا فهي، ورموزها ووعاظها وأشياخها، آخر من يحق لهم الاعتراض على نتائج الاستفتاء السويسري، ليهبوا الحريات الدينية في بلادهم، ومن ثم يلوموا الآخرين على ما يقترفوه، واقترفوه هم قبلاً؟ وهل أدرك المتأسلمون معنى أن تنكر عليهم حقوقهم ويعاملون بعنصرية وتمييز مثل ما يفعلون فها هم يشربون من نفس الكأس التي يسقون بها الآخرين. ولماذا لا تثور ثائرة البعض حين يتم انتهاك الخصوصيات الثقافية، والفكرية، والدينية والفئوية، وعلى نحو ممنهج، في عموم المنظومة الدينية الشرق أوسطية؟

وماذا لو جرى استفتاء على رفع الصلبان في السعودية مثلاً ( هذا إن حصلت المعجزة وجرى استفتاء)، وهناك نسبة مسيحية كبيرة من الوافدين والمهاجرين، وهي أكبر بكثير من نسبة المسلمين في سويسرا، هل سترفع الصلبان، وتبنى الكنائس هناك؟

لا أعتقد أنه يحق لأي متدين البكاء على ما يسمى بحرية دينية، لأنه بكل بساطة لا يؤمن بها، ويعتبر أن ما يؤمن به هو الأصح والأصلح والألزم، وهو الناجي وغير الخاطئ. ومن هنا لا يحق لأي متدين المطالبة بحرية دينية لأنها ستعصف به أولاً. جاء في الإنجيل: "كما تدين تدان، وبالكيل الذي تكيل تكال"، وما فعله بعض السويسريون، هو تماماً ما يفعلونه هم مع غيرهم، وإذا كان هناك مجال لإدانة سويسرا على هذا الفعل، فإن هذه الإدانة نفسها قد تنسحب أيضاًَ على نفس ما يفعلونه، وبشكل غير مباشر، إي أن كل من يدين سويسرا هو يدين ذاته من حيث لا تشعر، وهذه، وأيم الحق، مثل تلك.

فهل تم فهم وإدراك معنى وحقيقة الدرس السويسري القاسي، ومعنى الاضطهاد والتمييز بالمعاملة والحرمان من أبسط الحقوق الذي يطبق على قدم وساق في المنظومة الدينية، المسماة دولاً عربية، ضد المختلف بالرأي، والاعتقاد؟ هل تعلموا أم تراهم لن يتعلموا؟ الله وحده الأعلم.




#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دبي وجدّة: تهاوي الأساطير النفطية
- أظلمة أوربا : ردود على الردود
- مآذن سويسرا: أظلمة لا أسلمة أوروبا
- الفقاعات النفطية: و هشاشة المنظومة الخليجية
- السيد وزير العدل السوري/المحترم:
- فصل الدين عن البداوة
- الغزو البدوي : أطول استعمار و احتلال بالتاريخ
- دروس القومية العربية
- سوريا : ملامح طالبانية
- الله يجيرنا من الأعظم
- الدولة العربية القبلية
- كاتيوشا حوثية؟ أكثر من مجرد عصابة
- إلى الأستاذ سعد الدين الحريري/ المحترم:
- الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل
- المحرقة الحوثية والحروب المنسية
- إلى سعادة الأخ وزير الداخلية القطري/ المحترم:
- رسالة من إخونجي
- إلى الرفيق الأمين العام لحزب الكلكة
- أكثرُ مِن مجرّد هِلال شيعي
- خفايا نضال مالك حسن الأصولية


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - الإسلاميون و البكاء على الحريات الدينية