نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 24 - 19:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وصلني تعليق شيق ورائع موقع باسم وائل من مصر ولكنه باللغة الإنكليزية، غير أنها إنكليزية جيدة جداً مع هفوات لا تذكر، ما يدلل على ثقافة جيدة عند الرجل. لكن التعليق لم ينشر وهو مخالف لشروط النشر حسب معايير موقعنا الرائد الذي تقتضي النشر باللغة العربية، ولا أدري لماذا لا تقوم هيئة التحرير بنشر تلك التعليقات وخاصة تلك التي تكون على سوية عالية من العقلانية والوعي والفهم مثل تعليق السيد وائل، رغم أنني لم أسلم من سهامه "اللطيفة" التي أتقبلها بكل أريحية وانشراح وروح رياضية تجاه ما نراه من المقذوفات البدوية الضارية والجارحة. وأقول للسيد وائل بأنني معك في كل كلمة قلتها وأن هذه الدول والشعوب لم تجن من الاستعمار البدوي العربي سوى المهانة والخذلان والهزيمة عبر التاريخ وأن الهمجية البدوية وبنيتها العقلية الضحلة والنفسية الشاذة والمريضة، ومعالجاتها الدموية الهيستيرية الموتورة، والبعيدة عن سمة الاحتكام للعقل والتسامح والتروي، لشتى القضايا التي اعترضت مسيرتها التاريخية، كانت السبب المباشر وراء اندلاع حروب ومواجهات بالجملة ما زالت تداعياتها الكارثية تتفاعل حتى اليوم، وكانت وراء بقاء هذه الشعوب والأٌقطار وراء بقية دول العالم بكل شيء حيث انشغلت تاريخيا بفوبيا الفرج والنكاح والاسترضاع وتفخيذ الصغيرات وحجب العورات....التي ما زالت تستحوذ على تفكير هذه الشعوب وتستعمر العقل وتسيطر عليه وتحركه، وهي شغله الشاغل والأثير، والشعوب تراقب الفضاء والكون والمجرات وتتطلع نحو الآفاق، فيما شعوبنا تراقب السفليات ولا ترفع أفقها وبصرها أعلى من السـّرّة ، ولا تعرف ما يجري فوقها. نعم مصر لم تكن عربية على الإطلاق، قبل أن تغزوها جحافل البدو الأعاريب الغزاة تحت الرايات المقدسة وتحرق أعظم مكتبة في العالم في حينه وهي مكتبة الإسكندرية، وهذا ما حصل فيا معظم الدولة التي يسمونها عربية، والتي تعاني أطول الاحتلالات الباقية في التاريخ، احتلال يدوم لمدة 1400 عام يدمر الحرث والضرع ويأتي على الأخضر واليابس وكل شيء ويحيل هذه الشعوب والأوطان إلى أنقاض وزرائب فكرية وأشباه كائنات حية تصارع البقاء وتنقرض تحت ضربات ونفايات فتاوى الفقهاء.
وأمامي هاهنا مقال رائع وهام جداً، بحيث أعدت قراءته أكثر من مرة، وهو لا يخرج بالمطلق عما أطلقناه من مشروع متواضع لإعادة قراءة ورؤية ما يسمى التاريخ العربي وفق منظور عقلاني ودراسة علمية ومنطقية بعيدة عن ازدواجية المعايير والعورائية التي ترى احتلالهم وزحفهم وتدميرهم للحضارات على أنه فتح وانتصار وعمل مقدس، وما يفعله الآخرون بنفس الشيء، هو احتلال وإثم وعدوان ورجس من عمل الشيطان والكفر، إنها القراءة المطلوبة التي تعيد للعقل وعيه المفقود وصوابيته الضائعة والمشتتة وسط محاذير التجديف والتكفير والتعرض للرموز والمقدسات، وضرروة معرفة أين ذهبت "الهنود الحمر"، التي كانت تستقر في هذه البلدان، وماذا حل بها، وأين هو تاريخها، وحضارتها وثقافتها، ولماذا هناك تعتيم على تلك الحضارات والثقافات والشعوب ومحاولة إظهار الجانب البدوي الدموي من التاريخ فقط، والتركيز عليه، واعتبار كل ما أتى فيه في حكم المقدس والمبجل، المقال الرائع بعنوان" من أجل دولة أمازيغية الهوية بالمغرب"، للأستاذ محمد بودهان، وفيه رؤية وطرح جريء لا يختلف كثيراً عما نذهب إليه.
نعم يا صديقي لؤي، ربما لن تكونوا عرباً، وعلى كل فالانتماء إحساس، ويبقى السؤال أين ذهب الفراعنة الأصليون، والفينيقيون والأمازيغ .....إلخ الذين أسميهم أنا "هنود الحمر الشرق الأوسط"، ولماذا لا ندرس ثقافتهم وتراثهم كما يدرسوننا ويحشون رؤوسنا بقصص البدو الغثة والرثة والمقيتة؟
نعم إنه الاحتلال البدوي القابع على صدور البشر، منذ ألف وأربعمائة عام، ودمر البيئة الثقافية والعقلية وأحالها إلى أنقاض وخرائب ويباب. وحين تتحرر هذه الشعوب من ربقة ذاك الاستعمار فلا بد أنها ستشهد حياة أخرى مختلفة كلياً عما تكابده الآن. والدليل على ذلك لنقارن وضع دولة في الجنوب الغربي الأوروبي التي احتلها الغزاة البدو وأقاموا فوقها إمارات الطوائف والغلمان والجواري والخصيان، ونقصد بها إسبانيا التي يسميها الخطاب الدعوي البترولي البدوي، بالأندلس، كيف تحررت من الاستعمار البدوي، ورفضت شعوبها ذاك النمط من التفكير والسلوك، واستطاعت أن تغسل تبعات الاستعمار البدوي، وتنهض من جديد، وكيف أصبحت اليوم غولاً ونمراً سياحياً واقتصادياً في قلب أوروبا، ويبلغ ناتجها القومي أضعاف الناتج القومي للمنظومة البدوية، بما فيها ريع النفط الذي يتباهى به شيوخ البدو، وصرفوه على القتل والحروب وتكفير الناس، والسؤال ماذا لو لم تتحرر إسبانيا من ذاك الاستعمار والاحتلال البدوي الغاشم، هل كانت كما هي عليه اليوم، أم أنها في أحسن الأحوال مثل اليمن، وبنغلادش، والصومال، والعراق، وفلسطين، والسودان والجزائر ومصر المنكوبة اليوم بالدعاة والإخوان...إلخ، تتناهشها الإشكاليات الأبدية والحروب الدموية والصراعات الطاحنة التي لا تنتهي؟
نعترف تماماً بصعوبة إن لم يكن باستحالة نسف وتفكيك 1400 عام من الاستعمار والاحتلال، وتبقى آليات التفكيك هي العقدة، التي قد تستلزم 1400 عاماً آخر لدحر وتقويض والتحرر من ذاك الاستعمار والاحتلال والتخلص من آثار ذاك العدوان والتسلط والبلطجة التاريخية على العقل والإنسان..
وثمة كثير من ألأصوات الخافتة والخجولة التي بدأت تظهر هنا وهناك وبدأت شعاعات النور تتسلل، رويداً رويداً، إلى تلافيف الأدمغة التي غطاها صدأ الفكر البدوي، وما رسالة الأستاذ وائل، ومقالة الأستاذ بودهان إلا إحدى تجلياتها وانعكاساتها تلك التي بدأت تنظر بموضوعية وحيادية إلى ذاك التاريخ المبهم والقسروي والإشكالي، وبعيداً عن العواطفية النوستالجية الأسطورية المقدسة التي طغت على الرؤى إليه، كما وتأتيني عشرات الرسائل التي تمضي في ذات الاتجاه والمنظور، إنها كرة الثلج التي بدأت تكبر وتنمو وتتدحرج والتي لا بد ستكون بداية التحرر من نفق الأسطوري المقدسة المظلم المغلق إلى واحات العقل الأوسع والأرحب، وتأخذ في طريقها كل ذاك العسف والظلم والتجهيل الممنهج والبطش المؤدلج..
والأنكى من ذلك أن هؤلاء البدو يحاولون اليوم العودة لتكريس ذاك الاستعمار عبر استخدام البوابات الدينية البترودولارية باعتبارهم ورثة السلف الصالح، وحماة حمى المقدس وموئل الأنبياء...إلخ وهذا يؤهلهم للسيطرة واستعباد الناس واسترقاقهم مرة أخرى، ولذا فلديهم المشروعية والشرعية والحجة للعودة لاستعمار هذه البلدان والشعوب وفرض وصايتهم عليها، محمولون هذه المرة على الأذرع الضاربة للبترودولار. ومن هنا لن تنعم هذه الشعوب والمنظومات البشرية المتآكلة والمتهالكة بأي خير ورفاه، ما لم تتخلص من أطول استعمار واحتلال عبر التاريخ، وعلى الإطلاق. إنه استعمار العقل والفكر بثقافة البدو الأعراب.
وأترككم مع رسالة الأستاذ وائل وبنصها الإنكليزي غير المنشور مع مقالنا المعنون: "دروس القومية العربية".
عزيزي نضال:
أقرأ مقالكم بعناية لأنني أحبذ الطريقة التي تتناولون فيها الموضوع. كما وأقدر رأيكم أيضاً. وصدقني بأنني واحد من قرائك، ولكني لا أحب الطريقة التي تتكلم بها عن مصر. ،نحن مصريون ولسنا عرباً، ولن نكون عرباً أبداً، أو جزءً من هذا المستنقع الدموي. (سماها البحيرة). فأنا وحوالي 60 بالمائة من المصريين فخورون بأننا فراعنة، ولا شيء آخر. بعض العرب يطلقون علينا اسم الشقيقة الكبرى (أو الشقيق)، إنهم حالمون، فنحن لسنا كذلك ولن نكون كذلك أبداً. لقد قلنا ذلك مراراً في غزة، بأننا لا ننتمي إليكم، ولا نرغب بذلك، ويوماً ما، سنحصل على استقلالنا، صدقني يا رفيقي.
أتمنى لك وقتاً طيباً
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.