أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - يا ليتني كنت شاليطا














المزيد.....

يا ليتني كنت شاليطا


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2849 - 2009 / 12 / 5 - 11:20
المحور: كتابات ساخرة
    



حين رأيت صور "النجم العربي الكبير" جلعاد شاليط، في وسائل الإعلام، وهو بتلك الحالة من الوسامة والتمتع بالصحة والانشراح، لم يـُخيـّل لي البتة أنه أسير، وقلت ربما هو نجم تلفزيوني يقوم بإجراء دعاية لمعجون أسنان نظراً للبياض الناصع والفاقع لأسنانه التي بهرتني، أو أنه بصدد الترويج للصحيفة التي كانت يقرأ منها، وهو يوزع ابتساماته الدبلوماسية الهادئة، ذات الشمال وذات اليمين، على سجانيه "السلايفة"، الذين تحولوا بقدرة قادر إلى سجانين فئة خمس نجوم، وتساءلت، في سري، هل كل سجناء حماس من أبناء غزة، والفتحاويين لديها يعاملون بالرفق والحسنى مثل شاليط؟ واعتقدت، لوهلة، أنه يقضي عطلة في الهاواي وهو بصدد إرسال هذا الشريط التطميني لخطيبتهتي تنتظره بفارغ الصبر ، أو أنه، في أسوأ الأحوال، يقضي رحلة استجمام Recreation و Refreshment في احد منتجعات شرم الشيخ (سقيفة بني ساعدة الحالية)، أوسيناء التي تعج بـ"أبناء العمومة" الإسرائيليين المطبعين ولى مدار العام، فقط، ولم يخطر ببالي، ويا خيبتاه، أنه جلعاد بن ناعوم شاليط، ما غيره، و"بيني وبينكم"، تمنيت أن تأسرني حماس فوراً، أو أي فصيل سلفي آخر، كي أنعم بنفس الاهتمام وحياة الرفاعية، بدل عيشة الضنك والتعتير والقهر والقلة والشنططة والصعلكة، التي أعانيها منذ أن رأت عيناي النور في دنيا العربان، والحمد لله، دائماً، على نعمة الإسلام.

وعلى "المـَِيـْلة" الأخرى، كما يقول أحبتنا اللبنانيون، كانت الماكينات الدبلوماسية والأمنية المصرية مستنفرة بقضها وقضيها، وبرموزها المخلدين الكبار مبارك، عمر سليمان، وأبو الغيط، تؤازرها، سراً وعلناً جهود، ومساع، "خيرية"، وتطوعية عربية، وخليجية (عرضت بعضها كالعادة فلوس لإنقاذه من براثن حماس)، ومغاربية، ومقاومون سلايفة، ما غيرهم، (ويا عيني عليهم كم هم ودعاء وطيبون ومحبون للخير!!!)، وكلها تقدم مساعيها "الإنسانية" التي هبطت عليها فجأة وكله كرمى لعيون، ومن أجل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف من قبل حماس جلعاد شاليط، والمحتجز لديها ، إثر هجوم نفذه مسلحون فلسطينيون على نقطة عسكرية إسرائيلية في غزة في الخامس والعشرين من حزيران يونيو، 2006. فلا شغل شاغل للأعاريب ودبلوماسيتهم سوى إرضاء شاليط، وآل شاليط، وأصحاب شاليط، رضي الله عنهم، وأرضاهم أجمعين، والحفاظ على صحته، وتفقده، والسؤال الدائم عن صحته، ومعايدته في يوم الغفران والفصح والطوب ، وأيام السبت، ويوم الكفارة واسمه في العبرانية "يوم ها – كبور"، (يعني يقولون لشاليط في هذا اليوم المبارك كل كبور وأنت بخير، وأنت هزيزي القارئ إذا قدر الله تبارك وتعالي لك الاجتماع به فقل له ولا تخف: "كبورك بخير يا شوشو")، وتتبع أحواله، والتأكيد على أنه ما زال، بخير وصحة طيبة، ولم يمسسه بشر بسوء، وكل الحمد والشكر لله. فهل باتت مهمة هذه الأنظمة هي مجرد الحفاظ على إسرائيل وأمنها وشعبها وجنودها والاطمئنان عليهم؟

ولا أدري لماذا لا تبدي لوبيات الضغط والدبلوماسية العربية تلك، نفس الحمية ، والنخوة، والاندفاع تجاه آلاف الأسرى العرب المساكين المنسيين منذ عشرات السنين في غياهب السجون الإسرائيلية وزنازينها المظلمة الذين لا يطمئن أحد عليهم، أو تجاه شعوبهم المسكينة والواقعة تحت أسر أنظمتهم الاستبدادية منذ فجر التاريخ، دون أن يفكروا بإطلاق سراحها أو يهتموا بها، ولا يعيرها الثلاثي المرح مبارك-سليمان- أبو الغيط أي اهتمام

الساسة العرب، وكل الحمد والشكر لله، رحماء على الإسرائيليين، أشداء على شعوبهم، وها هم يبرهنون على ذلك من خلال هذا الاهتمام الكبير بالجندي شاليط. وحين يتابعهم المواطن العربي، ويتابع غيرتهم، وملحمة شاليط، المستمرة منذ قرابة الأربع سنوات، يتحسر على وضعه وأسره المؤبد دون أن "يسمّي" عليه، أو يذكره أحد، ويلعن أقداره وحظوظه التعسة، ويتساءل في خلده لم لم تخلقني يا رباه مثل شاليط الذي أصبح نجماً تلفزيونياً عربياً بامتياز، وأشهر من رشدي أباظة، وعادل إمام، ومحمود ياسين، ويقول هذا المواطن العربي المعثر في سره، بعد أن يدرك تماماً لعنة كونه عربياً: "يا ليتني مت قبل هذا، و يا ليتني كنت شاليطا، يا رباه".




#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلاميون و البكاء على الحريات الدينية
- دبي وجدّة: تهاوي الأساطير النفطية
- أظلمة أوربا : ردود على الردود
- مآذن سويسرا: أظلمة لا أسلمة أوروبا
- الفقاعات النفطية: و هشاشة المنظومة الخليجية
- السيد وزير العدل السوري/المحترم:
- فصل الدين عن البداوة
- الغزو البدوي : أطول استعمار و احتلال بالتاريخ
- دروس القومية العربية
- سوريا : ملامح طالبانية
- الله يجيرنا من الأعظم
- الدولة العربية القبلية
- كاتيوشا حوثية؟ أكثر من مجرد عصابة
- إلى الأستاذ سعد الدين الحريري/ المحترم:
- الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل
- المحرقة الحوثية والحروب المنسية
- إلى سعادة الأخ وزير الداخلية القطري/ المحترم:
- رسالة من إخونجي
- إلى الرفيق الأمين العام لحزب الكلكة
- أكثرُ مِن مجرّد هِلال شيعي


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - يا ليتني كنت شاليطا