أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - هل حققت سوريا التوازن الاستراتيجي؟















المزيد.....

هل حققت سوريا التوازن الاستراتيجي؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2856 - 2009 / 12 / 12 - 12:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يأخذ كثيرون على سوريا، ومن باب حشرها في زوايا محرجة، أنها تحقق شعار التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل لوقف تمددها، والذي رفعه ذات يوم الرئيس الراحل حافظ الأسد، وذلك بعد انهيار المنظومة الدفاعية والأمنية القومية العربية، بغية تحقيق نوع من التوازن الذي اختل لصالح إسرائيل بعد "الهروب الجماعي"، للعرب مما يسمى بالقضية القومية، ونفضهم اليد منها، ونحوهم باتجاه عقد صفقات انفرادية، مع ما كان يسمى بالعدو الإسرائيلي في يوم من أيام الصراع، ككامب ديفيد، أوسلو، وادي عربية، ناهيكم عن الاتفاقيات والتعاون السري والعلني بين المنظومة المسماة بدول الخليج الفارسي مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها، وهكذا بقيت سورية وحيدة في مجابهة إسرائيلي. و"الحس" الاستراتيجي السوري العالي، والمميز للسياسة السورية، هو وحده الذي قاد باتجاه التفكير نحو إيجاد صيغ عملية وبديلة لفقدان العامل العربي وخروجه تماماً، وتحييده، مما يسمى بالمعادلة القومية، التي فقدت كافة عناصرها تقريباً. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن ها هنا، ومن منظور التوازن الاستراتيجي الذي يتهكم عليه البعض، هل أصبحت إسرائيل أكثر قوة بعد "الهروب العربي"، الجماعي من ساحة المواجهة؟ وهل أصبحت سورية أكثر قوة أو ضعفاً جراء ذلك؟ كما يرطنون بأصوات صاخبة بأنها لم تطلق ولا طلقة واحدة على إسرائيل من الجولان، وكأن إطلاق النار على إسرائيل لا يجوز شرعاً إلا من الجولان، الذي يقطنه مواطنون سوريو الهوية بالدرجة الأولى، فهل من المعقول أن تصب سوريا حممها على مواطنيها الأعزاء على قلب كل سوري من الجولان، وكأنما، أيضاً، أن كل الحمم والنيران التي تهاطلت على إسرائيل تهاطل الأمطار لا جاءت من العفاريت والجان؟ ومن الذي كان، أصلاً، وراء هزيمة إسرائيل وكسر شوكة جيشها، ومرغ جبهته في الوحل في غير مكان، ولاسيما بعد الهروب الجماعي العربي من المواجهة وساحات القتال؟ هل هم المصريون؟ أم أحبتنا الخلايجة؟ أم المغاربة؟ أم غيرهم، وغيرهم، من العربان؟ لا أعتقد أننا بحاجة لخريج من هارفاد في العلوم السياسية للإجابة على هذا السؤال والبديهيات؟

غير أن الإجابة على هذه الأسئلة ستقودنا ولا شك إلى الحديث عن الواقع الجيوبوليتكي والسياسي والعسكري في المنطقة، الذي يبدو فيها، وبما لا يدع مجالاً للشك، غلبة العامل السوري، وطغيانه على ما عداه، ومن ثم تأثيره الذي لا ينكر، وتداخلاته التي لا يمكن نكرانها، عن الكثير من ملفات الإقليم الحساسة.

فسوريا اليوم تقارع إسرائيل وجها لوجه، وعلى غير جبهة، وتقف منها موقف الند، وتفرض شروطها، وتفاوض من موقع القوة، وترفض التفاوض حين لا يروق لها أي موقف، وتقدم تصورات تصب في عمق المصلحة الوطنية، وهذا في صلب مفهوم، وآليات التوازن الاستراتيجي. كما أنها وقف وعارضت بقوة الشرق أوسطية وأسقطتها، عبر اللجوء إلى خيار المقاومات الوطنية، وحجمت كثيراً من الاندفاعات والتمدد الإسرائيلي وأوقفت إسرائيل عند حدها عبر تبنيها للمقاومات الوطنية في المنطقة، ويمكن القول، أن أية مواجهة، أو حماقة عسكرية لن تكون مجرد نزهة للجيش الذي لا يقهر. إذ باتت إسرائيل تفكر ألف مرة، قبل الإقدام على أية خطوة من شأنها المساس بالمصلحة الوطنية السورية العليا. وإسرائيل اليوم التي باتت تعلم حجم وقوة وتأثير الفعل السوري وامتلاكه لكثير من أوراق المنطقة وإدارته لملفاتها بمهارة عالية، وأن هذا كله ما كان ليتحقق لولا العمل الحثيث على إحقاق شعار التوازن الاستراتيجي الذي رفعته سوريا، والذي يبدو اليوم ظاهراً، وما مواسم الحج الدبلوماسي، و"الخبطات" الدبلوماسية السورية الأخرى المتعددة، هنا وهناك، إلا من تجلياته.

كما أن السياسة الإقليمية السورية وتحالفاتها الموزونة، والباهرة، ولاسيما الأخيرة منها، في تحييد، وكسب الجانب التركي، المؤثر جداً، على الساحة الإقليمية وجذبه من محور "محاباة إسرائيل" على الأقل، والذي ميز السياسة الخارجية التركي تاريخياً ، وموضعته في محور المصالح المناهضة والمقاومة لإسرائيل، قد أضعفت كثيراً، وإلى حد كبير من قوة إسرائيل ونفوذها وقدرتها على فرض إملاءاتها، وسياستها، ووجهات نظرها حيال مشاكل الإقليم، وليس من السهولة، بمكان، تمرير أو فرض وجهة النظر الإسرائيلية، وهذا يعني، أوتوماتيكياً، تقوية ودعم الموقف السوري وكسبه، إلى حد كبير، معركة التوازن الاستراتيجي.

تبدو سوريا اليوم، وحيدة تماماً، في الموقف المقابل تماماً لكل ما هو إسرائيلي في المنطقة، وتقوض، وقوضت الكثير من المشاريع الإسرائيلية والأمريكية، وتبدو في وضع هجومي ودبلوماسي واثق من أدائه العالي، على عكس السياسات الإسرائيلية التي باتت في موضع الدفاع والمتهم، والمشوب بالشكوك، ولاسيما من أقرب الحلفاء، وما المواقف الأمريكية المضطربة والمتباينة من السياسات الإسرائيلية إلا تأكيد على ذلك. كما كان للمواقف السورية، عبر رفضها للسياسات الإسرائيلية وعدم انصياعها لها ودعم المقاومات، أثراً في استشعار ضرورة اعتراف دولي بالحقوق العربية، الذي تبدى من خلال الاستعداد الأوروبي غير المسبوق للاعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية الموعودة، ويشكل هذا واحدة من الخوارق السياسية في تاريخ المنطقة، اعتبره كثيرون تكفيراً، واعتذاراً عن سياسات أوروبية سابقة. كما أن مسألة إعادة الجولان باتت مسألة وقت مشروطة بموافقات سورية حذرة وعالية تراعي أولاً وأخيراً المصلحة الوطنية السورية، وما الإعلان والتسريبات الإسرائيلية الأحدث عن إجراء استفتاء مستقبلي بشان عودة الجولان للسيادة السورية إلا تمهيداً لهذه العودة، وإيذانا بالشروع بترتيباتها، ورسالة "نفسية" لبعض الإسرائيليين وصقورهم المتشددين بتقبل هذا الأمر القادم، ولا محال، وكل ذلك ما كان ليتأتى البتة، جراء ضعف سوري يحاول بعض الإيحاء أو الإيهام به.

وسنطرح السؤال بصيغة أخرى، موضوعية ومن دون الانسياق وراء تهويمات البعض، هل يبدو "الميزان الاستراتيجي"، مائلاً، كلياً، لصالح إسرائيل أو أمريكا في المنطقة؟ هل يجرؤ أحد على زعم ذلك؟ ألا تكفي "بيضة" القبان السورية لترجيح ميلان هذه الكفة بهذا، أو ذاك الاتجاه؟

ملاحظة أخيرة، نسوق هذا الكلام من باب الواقعية والبراغماتية المطلوبة حين التعاطي مع أي شأن سياسي، وليس التهويم والتهويل والتضليل ونشر التلفيق والادعاءات فالغوبلزية انتهت من زمان، واستباقاً لأية تأويلات معروفة المرامي ومفهومة الخطاب، والرغبويات والتمنيات والأحلام لا "تمشي"، بكل بساطة، في عالم السياسة الذي لا يعترف إلا بالأقوياء، والبراغماتية والعملية والوقائع وحجم القوى على أرض الواقع.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا منعت جريدة الأخبار من دخول سوريا
- عنصرية في الخليج الفارسي
- ما أضيق العيش لولا الحوار المتمدن؟
- هل يمكن غزو أوربا دينيا ؟
- الدين الكبير
- احذروا الاقتصادي الإسلامي
- يا ليتني كنت شاليطا
- الإسلاميون و البكاء على الحريات الدينية
- دبي وجدّة: تهاوي الأساطير النفطية
- أظلمة أوربا : ردود على الردود
- مآذن سويسرا: أظلمة لا أسلمة أوروبا
- الفقاعات النفطية: و هشاشة المنظومة الخليجية
- السيد وزير العدل السوري/المحترم:
- فصل الدين عن البداوة
- الغزو البدوي : أطول استعمار و احتلال بالتاريخ
- دروس القومية العربية
- سوريا : ملامح طالبانية
- الله يجيرنا من الأعظم
- الدولة العربية القبلية
- كاتيوشا حوثية؟ أكثر من مجرد عصابة


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - هل حققت سوريا التوازن الاستراتيجي؟