أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - هل يمكن غزو أوربا دينيا ؟















المزيد.....

هل يمكن غزو أوربا دينيا ؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2853 - 2009 / 12 / 9 - 13:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(شخصياً أتمنى، ومن كل قلبي، أن تتم أسلمة أوروبا، اليوم قبل الغد، فقط كي أرى إلى أين سيفر رموز الأسلمة، والطرب الدعوي التهريجي، وينفذون برقابهم وجلودهم، كما فروا سابقاً من الإمارات الدينية الشرق أوسطية، وذلك بعد أن تتحول أوروبا إلى إمارة دينية، التي تقع ممارسة الاضطهاد الديني، والسياسي في صلب آلياتها وبنيتها الطبيعية، وتنتهك الحقوق الأساسية للناس، كما يجري اليوم في الإمارات الدينية الدينية المسماة دولاً عربية، فالقانون الذي لا يختلف عليه اثنان يقول بأن الاستبداد الديني، والدولة الدينية، هي الخطوة الأولى نحو الاستبداد السياسي).

ويشكل مفهوم الغزو الذي يقوم على العنف وله إرث طويل وحافل في تاريخ المنطقة ، ويعتبر، إلى حد كبير، ذا بعد قدسي، في الأدبيات الدينية، محور عمل وآلية تعمل على إحقاق أممية إسلامية لا تخفي الكثير من الجماعات الدينوسياسية تبنيها في خطابها، غير أن هذا الغزو لن يكون يسيراً، وقد لا ينجح، فها هو يصطدم بالكثير من العقبات والمعوقات، ولعل أهمها صعوبة فرض نفسه من غير استعمال آليات العنف التي ساعدته تاريخياً في فرض رؤيته الأسطورية، وكانت، إلى حد كبير، العامل الأول في انتشارها. وفي عمق الخطاب الديني هناك بشرى بفتح روما، يؤمن به كثيرون، بوجدانية وتسليم مطلق. ولكن المشكلة ليست هنا، فواشنطن أصبحت أهم من روما، بالمعايير الإستراتيجية والعسكرية والاقتصادية، ولا ندري لماذا لم يتحدث الخطاب الديني عن غزو واشنطن، أو بكين والتغلب على حلف الأطلسي، ولماذا لم يتنبأ بوجودها، وبتأثيرها الطاغي عسكرياً واقتصادياً على العالم، وهي اليوم، أهم بكثير من أوروبا، بمختلف المنظورات الإستراتيجية، والمعيارية، فأوروبا أصبحت قارة عجوز، وتابعة كلياً لواشنطن، أي أن "فتحها"، إن تم بمشيئة الله تبارك وتعالى، فلن يفيد بشيء على صعيد التفوق النوعي المأمول. فهل هناك ثمة حلقة مفقودة، ما، في بنية هذا الخطاب الأسطوري؟

وبغض النظر عن قضية حظر المآذن السويسرية، وتداعياتها الإعلامية الهائلة، التي أصبحت ككرة ثلج تتدحرج حتى وصلت إلى قصر أحد خلفاء المسلمين الكبار، وأثمتهم، اليوم، الذي هدد وتوعد سويسرا، بالرد بالمثل، وحظر الكنائس في الإمارات الدينية ، التي يسمونها دولاً عربية، (وكأن الحريات الدينية في هذه الإمارات أمراً فائضاً عن الحاجة، ومثلاً يحتذى)، وبغض النظر أيضاً عن قضية الحجاب والنقاب وكل التمظهرات المحض شكلانية الدينية في الغرب، فإن القضية، بالمطلق، أبعد بكثير مما يلوح ويتبدى منها، وهي تعكس تياراً جارفاً، ذا بعد بنيوي مترسب في قيعان المجتمعات الأوروبية، وبدأت ملامحه تظهر للعلن وتطفو على سطحها، بعد أن طفح كيلها، ربما، وبعد أن وصل "بلل التطرف الديني"، وممارسات وتصريحات دعاة العنف والصدام، إلى "ذقون"، تلك المجتمعات التي وضعت الدين، واستخداماته السياسية على الرفوف، وعانت الأمرين منه، في حقبها القرووسطية المديدة والمظلمة.

إن تلك الحملة السويسرية، ومهما أخذت من أشكال، تعتبر، (وهي ستخفت عاجلاً أم آجلاً، كما خف وخبا وهج وزعيق الهزات الدينية الأخرى، وارتداداتها التي عاشها العالم، وفي فترات متباعدة خلال العقود القليلة المنصرمةً آيات شيطانية، الرسوم الدانماركية، تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر، 11 سبتمبر، حظر الحجاب والنقاب...إلخ)، في المحصلة، مؤشراً متنامياً على تصاعد شعور شعبي عام ضد وجود المسلمين في الغرب، والذي تسميه الجماعات الإسلامية مشروع أسلمة أوروبا. وهنا تظهر مغالطات فظيعة وناتئة في خطاب هذه الجماعات، ولا يمكن هضمها وتجاوزها بسهوله، فهي تدعي من جهة أن هناك عملية أسلمة قوية جارية لأوروبا، التي قال البعض أنها ستصبح مسلمة خلال الخمسين سنة قادة، ومن جهة أخرى، فهي تدعي، بنفس الوقت بوجود إسلاموفوبيا، أي هناك خوف وتخويف من انتشار الإسلام والحظر والتضييق عليه، فكيف يستقيم هذا مع ذاك؟ وكيف تأتى أن تجتمع الأسلمة، مع الخوف من الإسلام والحجر والتضييق عليه؟ مع اليقين بعدم وجود أي تضييق على ممارسة الطقوس والشعائر الدينية أو وجود حظر على سفر المسلمين إلى أوروبا والتنقب والعيش فيها واكتساب جنسيتها. فإذا كانت الأسلمة تتم على قدم وساق، والأوروبيون يدخلون في دين الله أفواجاً، فلم كل هذه الضجة، والصراخ، والانزعاج وتهويل القضية إلى هذا الحد الكبير؟

أمام شعار "أسلمة" أوروبا، أو أظلمتها، ولا فرق، ومن وجهة نظر معرفية وثقافية، فنحن أمام محاولة جادة ومقصودة، لإلغاء ثقافة الآخر، ناهيك عن مصاحبة ذلك بتسفيه لمعتقداته وازدرائها، وفرض ثقافة وتفكير ونمط سلوك، محدد دون غيره، وباستعلاء يدعي الكمال والعصمة والتميز والتفوق، وتقديمه بوصفه الأفضل والأصلح والأشمل، وبكل ما في ذلك من استفزاز وتنفير يحفز هو الآخر مواقف متطرفة لدى الآخر، وبرغم عدم يقينية، أو التحقق من صحة تلك المزاعم عملياً، بدليل ما تعانيه الشعوب التي كابدت من آثار تلك الثقافة جهلاً وفقراً واستبداداً وشللاً عقلياً وحضارياً مستعصياً، لن يكون من السهل معه، إقناع الآخر، ومحو الثقافة الأوروبية وإحلال ثقافات بديلة عوضاً عنها، بذلك التفاؤل المشحون بمحض رغبويات وتمنيات أسطورية ورومانسية طوباوية إلى حد كبير، فالرغبة واليقين والإيمان الديني والتصور الأسطوري شيء، والواقع شيء آخر مختلف تماماً. لأنه سيكون هناك، حتماً، تصد ومقاومة، لهذه الخطوة، حتى ولو كانت تلك المقاومة بطرق سلمية، وما هذا الاستفتاء السويسري، في بلد يعتبر الأول أوروبياً، ورمزاً للرقي، والرفاه والسلم الأهلي والتعايش المجتمعي التاريخي، (فسويسرا، مثلاً، هي الوحيدة من دول العالم، تقريباً، التي لم تخض أي حرب، ولم تشترك بأي حلف منذ أكثر من مائتي عام)، ما هو إلا دليل وتجل ملموس على مقاومة متنامية لمشروع محو وطمس ثقافات وعادات شعوب، وإحلال ثقافات وأنماط سلوكية صدامية مع العالم والعصرنة والحداثة ولا تعترف بأية خصوصيات، ولا يمكن لها أن تتعايش معها.

والأخطر من هذا وذاك، ألا تبقى تلك المقاومة والرفض في أطرها السلمية، والاستفتائية والبروتوكولية الخجولة والمترددة حتى الآن، وإمكانية تحولها، أو نحوها باتجاه العنف، وانفلاتها من عقالات القانون (جريمة قتل المصرية المحجبة مروة الشربيني كتجل رمزي بسيط لذاك الاتجاه الخطير) وعندها، قد يكون السيف قد سبق العذل، وقد لا ينفع عندها أي ندم.

فهل وعى دعاة الأسلمة، أو الأظلمة، إن صح التعبير، ومؤيدوهم خطورة خطواتهم، وخطابهم التضليلي والتحريضي والصدامي التبشيري، على الجميع، ودونما استثناء؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين الكبير
- احذروا الاقتصادي الإسلامي
- يا ليتني كنت شاليطا
- الإسلاميون و البكاء على الحريات الدينية
- دبي وجدّة: تهاوي الأساطير النفطية
- أظلمة أوربا : ردود على الردود
- مآذن سويسرا: أظلمة لا أسلمة أوروبا
- الفقاعات النفطية: و هشاشة المنظومة الخليجية
- السيد وزير العدل السوري/المحترم:
- فصل الدين عن البداوة
- الغزو البدوي : أطول استعمار و احتلال بالتاريخ
- دروس القومية العربية
- سوريا : ملامح طالبانية
- الله يجيرنا من الأعظم
- الدولة العربية القبلية
- كاتيوشا حوثية؟ أكثر من مجرد عصابة
- إلى الأستاذ سعد الدين الحريري/ المحترم:
- الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل
- المحرقة الحوثية والحروب المنسية
- إلى سعادة الأخ وزير الداخلية القطري/ المحترم:


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - هل يمكن غزو أوربا دينيا ؟