أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محسن ظافرغريب - في ذكرى Auschwitz















المزيد.....


في ذكرى Auschwitz


محسن ظافرغريب

الحوار المتمدن-العدد: 2850 - 2009 / 12 / 6 - 00:17
المحور: سيرة ذاتية
    


بوحي التعليق الثاني على هذا الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=193215
السير الذاتية Biography Movies تحولت لأفلام:"أسد الصحراء Lion of the Desert" للمخرج العربي السوري الراحل "مصطفى العقاد"، عُرض أول مرة عام 1981م، وقام فيه الممثل الأميركي Anthony Quinn بتجسيد شخصية المجاهد الليبي عمر المختار الذي تصدى للاحتلال الإيطالي لليبيا على مدى عقدين من زمن الإحتلال.
فيلم "لورانس العرب Lawrence of Arabia " للمخرج البريطاني David Lean عرض عام 1962م، من أشهر أفلام السير الذاتية التي سلطت الأضواء على شخصية حقيقية الوجود مجهولة التفاصيل بحكم عملها الاستخباري والعسكري الدقيق (الضابط البريطاني Lawrence) للممثل الايرلندي Peter OToole الذي قام بدور Lawrence، والممثل العربي المصري "عمر الشريف" الذي لعب دور مساعد Lawrence، (الشريف علي).
فيلم "الإسكندر Alexander" للمخرج الأميركي Oliver Stone مكتظاً بالنجوم مثل Colin Farrell، و Angelina Jolie، و Val Kilmer وAnthony Hopkins، و Rosario Dawson، تكلفة الفيلم قدرت بـ150 مليون دولار أميركي.
المخرج الإنجليزي Richard Aenborough في فيلمه "غاندي Gandhi" الذي عُرض أول مرة عام 1982م، وقام بأداء الدور الرئيس فيه الممثل الإنجليزي Ben Kingsley.
لم يكن اسم "Howard Hughes"، معروفاً، لكن الكثيرين في شتى أنحاء العالم يعرفون النجم الأميركي Leonardo DiCaprio، من أفلامه الشهيرة Titanic Romeo and Juliet. وقد اختار المخرج الأميركي - الإيطالي الأصل - Martin Scorsese أن يستغل نجومية وقوة أداء الملياردير صانع الطائرات الأميركي مثير الجدل، فيلم بعنوان "الطيار The Aviator"، عام 2004م. الممثل أهلّه للفوز بجائزة غولدن غلوب وترشحه لأوسكار عام 2004م، الممثل لأداء الدور، وكاتب السيناريو John Logan، وهو من أهم كُتّاب النصوص.

وفي ذكرى معسكر Auschwitz في جنوب غربي بولندا التي كانت بداية مغامرات هتلر النازي الغازي، كانت ذكرى(الحل الأخير) في مثل هذه الأيام، 27 ك2 1945م، لتحرير 7 آلاف يهودي، كما جاء على الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=120596
http://www.thepianistmovie.com/

أنتج فيلم "عازف البيانو The Pianist" في 24 أيار 2002م. فاز بالسعفة الذهبية، في مهرجان كان السينمي، وفاز أيضا بأوسكار أفضل مخرج وجائزة الأوسكار لأفضل ممثل Adrien Brody، تم تصوير الفيلم في بولندا باللغة الإنجليزية. مدته 150 دقيقة.

Roman Polański ممثل ومنتج ومخرج بولندي يهودي مولود في فرنسا. هربت عائلته من غيتو "كراكوف" إثر احتلال القوات النازية لبولندا حيث تم اعتقال أمه في معسكر Auschwitz سيء الصيت ثم لقيت حتفها هناك. أما والده فقد نجا بأعجوبة. فيما سُلِّم حينما كان طفلاً صغيرًا لعائلة فلاحية بولندية خبأته في مخزن للحبوب في حضيرة أبقار في مزرعة بولندية، خشية أن تعتقله القوات النازية أثناء عمليات الدهم التي كانت تشنها بين أوانٍ وآخر، وظل مختبئًا هناك حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.


كشف Polański عن الفظائع التي ارتكبتها وحدات النخبة النازية "S.S" ضد اليهود البولنديين، على وجه التحديد، وضد الشعب البولندي بصورة عامة بعد الاجتياح المروِّع للعاصمة البولندية وارسو. وقد اعتمد Polański على رؤيته الاخراجية الفذة التي جسّدت مجازر النازية وجرائمها بلغة بصرية قلّ نظيرها تراوحت بين التصوير الواقعي والرمزي لأبرز الأحداث الجسام التي مرّت على يهود بولندا بشكل عام، وعلى الموسيقار Władysław Szpilman بشكل خاص بوصفه أنموذجًا للإنسان المثقف، والعازف الموسيقي مرهف الحس. ورغم سلسلة المخاطر التي واجهها هذا الموسيقار، بيد أنه نجح في نهاية المطاف في إنقاذ نفسه، من براثن النازية التي كانت تهدف إبتلاع بولندا، واليهود البولنديين. قصة الفيلم لها علاقة وطيدة بالمخرج Polański. ممول الفيلم. قول "أرنست همنغواي" الشهير بأن:"الانسان لم يُخلَق للهزيمة. ممكن أن يتحطّم الانسان، ولا يمكن هزيمته"!.
أدان Polański كل الأعمال التي إرتبكتها القوات النازية في بولندا، وظل يميّز بين الجندي الألماني العادي وبين عناصر الـ "S.S" أو الـ"شوتز شتافل" الإجرامية التي أدانها إدانة واضحة لأنها كانت تنتهك كل القيم الأرضية والسماوية. النقيب الألماني عامل Szpilman معاملة إنسانية!.

أخرجَ Polański نحو"30" فيلمًا من بينها "أوليفر تويست"، وقد قبضت عليه السلطات السويسرية على خلفية اعترافه لمحكمة أميركية بأنه اعتدى جنسيًا على فتاة قاصر. وأُخلي سبيله بكفالة قدرها "4.5$" دولار أميركي، ويخضع للاقامة الجبرية ولنظام المراقبة الإليكترونية!.

الفيلم حصد عديد الجوائز العالمية للمخرج والمصور وكاتب السيناريو والممثل الرئيس والتقنيين البارعين. إذ نال الفيلم ثلاثة أوسكارات لأفضل مخرج، وأفضل ممثل، وأفضل كاتب سيناريو. كما نال المخرج جائزة السعفة الذهبية.
Adrien Brody
بدور
Władysław Szpilman
قائد الجيش الألماني وليم هوسينفيلد
Thomas Kretschmann بدور Kapitein Wilm Hosenfeld
Frank Finlay أب Szpilman
Maureen Lipman أم Szpilman
Emilia Fox = Dorota
Ed Stoppard = Henryk Szpilman

فضلا عن جائزتي "بافتا" و 6 جوائز "سيزار" ذهبت بعضها لأفضل موسيقى، وأفضل صوت، وأفضل معالجة سينمية. توّج الفيلم بجائزة"غويا" لأفضل فيلم أوروبي.

الفيلم سيرة الذاتية لعازف البيانو البولندي Szpilman الذي يعمل لصالح الرادو البولندي، في الأحداث التي تلت غزو النازي وارسو حيث يقيم وأسرته الموسرة في المجتمع اليهودي في بولندا. ظل يصر على الحياة لينجو بجلده من المصير المفجع لآلاف اليهود البولنديين وغيرهم من ضحايا الحرب النازية المجنونة والقمع والتعذيب والتهجير القسري والموت في المعسكرات النازية.

الفيلم فكك نظرية المحرقة النازية لأبناء جلدةPolański - Szpilman، باعتبارهما نجيا من أحد معسكرات الاعتقال، شاهدا عيان في سياق سيرة "الهولوكوست" أيضا إذ لم يتهم كل الجيش الألماني، إنما يفرِّق بين "النازي" والمواطن الألماني "الإعتيادي" حتى وإن كان ضابطًا في الجيش النظامي.

Szpilman عازف منفرد ماهر لممارسته السمرة ليل نهار، ومحترف في إذاعة "وارسو" يعزف أشهر مقطوعة حالمة للموسيقار "فردريك شوبان" في مستهل قصف القوات الألمانية للعاصمة البولندية وارسو، ومستهل الفيلم في آن، لكن بطل الفيلم ليس بطلا في الواقع بل يستقوي على القوة الغاشمة بالموسيقى.
في مستهل مشهد الافتتاح تقني يسجل معزوفة Szpilman وصديقته عازفة الجلو اللذين يساعدان Szpilman رغم خطر عاقبة إيواء أي مواطن يهودي في ظل الاحتلال النازي الذي يرصد اليهود ويتربص بهم الدوائر.
إثر تهتك سطح مبنى دار الإذاعة، يغادر إلى دارته، دون أن بعتني بالدم النازف من رأسه فيمر سرعا على صديقته دوروتا "أميليا فوكس.
لدى وصوله الدار يكتشف مدى قلق أسرته. الأسرة متحولقة حول المذياع الذي يذيع بشكل متقطِّع أخبار الغزو النازي لبولندا، الخبر المفرح أذاعته إذاعة "BBC" ومفاده أن بريطانيا العظمى وفرنسا أعلنتا الحرب على ألمانيا النازية وأن الحرب ستكون قصير جدًا خلافًا لتوقع الشعب البولندي المُبتلى وسوف تضع الحرب أوزارها.
تفاصيل لدى كل طرف من أفراد الأسرة. قرأت ريجينا خبر منشور في إحدى الصحف ينص على تهجير اليهود من العاصمة "وارسو"، إلى معسكر
"تربلينيكا" ارتبك الجميع، لكن Szpilman قال فورا بأنه "لايذهب إلى أي مكان" ثم عززت أخته هيلينا "جاسيكا كيت مييّر" موقفه حين قالت:"حسنًا. وأنا أيضًا لستُ ذاهبةً إلى أي مكان" ليقول:"إذا كان عليَّ أن أموت فأنا أفضِّل أن أموت في بيتي. أنا باقٍ في مكاني". الأم "مورين ليبمان" لا تحتمل تفرّقهم إطلاقا. تنشب بين الأخوة الأربعة خلافات بسيطة وهم يتهيؤون للرحيل، على المكان الذي يجب أن يخبّئوا فيه النقود الفائضة عن الحد الذي قررته القوات النازية لكل أسرة. الأخ الأكبر هنريك "إيد ستوبارد" يسخر من ربطة عنق شبيلمان. والأخت هيلينا تسخر من أختها ريجينا المحامية التي تريد أن تفرض الهدوء والنظام في وضع متوتر .
وصول القوات السرية الوقائية "S.S" إلى "وارسو" فرض قوانين جديدة على اليهود البولنديين بينها وضع علامات قماشية على الأذرع اليمنى عليها نجمة داوود. صدرت قوانين أخرى مُجحفة تمنع تجوالهم في المتنزهات وجلوسهم على المصاطب وسيرهم على الأرصفة ليتعرضوا للاذلال والازدراء من لدن القوات السرية. الأب "فرانك فنلي" يمشي على الرصيف مثل عامة الناس فيصفعه أحد الضباط النازيين لأنه لم يرفع قبعته وينحني له، فطلب منه النزول من الرصيف والمشي على الشارع الذي تسير عليه العربات!
يمشي Szpilman في أحد الشوارع شبه الخالية فيلفت نظره مشهد الطفل الذي يحاول الهرب من تحت جدار الغيتو ويبدو أن هناك نازيًا يضربه على مؤخرته بقسوة مفرطة فيتقدم اليه Szpilman ويسحبه من ذراعية من فتحة الجدار.
يدخل أحد مجرمي الحرب النازيين يوسف بلوش، شقة سكنية تقابل شقة أسرة شبيلمان فيأمرَ جميع أفراد الأسرة بالوقوف ويظل أحد المُعاقين، شيخ طاعن في السن، جالسًا على كرسيه المُدولَب، يطلب من أفراد قوته السرية أن يلقوا الرجل المُعاق من شرفة الطابق الثالث ليموت فورا. الأسرة تنزل إلى الشارع فأمروهم بالابتعاد عن المكان وحين أداروا ظهورهم أطلقوا عليهم وابلاً من الرصاص لتدهسهم عجلات المركبة العسكرية ولم يفارق بعضهم الحياة بعد فكان أنينهم يمزق نياط القلوب للتعاطف مع ضحايا أبرياء الذين يُقتلون.
مَشاهد قتل وحشي مكروه مكرور آلاف المرات، موت جماعي في غرف غاز و بسبل بربرية .
القوات النازية تبني الحواجز في العاصمة وتعززها بالأسلاك الشائكة كي تحجز اليهود البولنديين في غيتوات عزل. وسائل تحّط من كرامتهم الانسانية. القوات السرية التي تعداها مليون فرد قبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها ضد اليهود البولنديين، كانوا يأمرونهم بالرقص أمام نقاط التفتيش ويحولونهم لأضحوكة وسخرية يتسلون بها. والعملاء الخونة، يغوون بعض اليهود للتطوّع لتقديم خدماتهم للقوات النازية. يرفض هنريك العرض، الأسرة كلها لا تحبِّذ الخوض في فكرة خيانة الذات والاصطفاف بجانب العدوٍ . هنريك يُساق للسجن الذي لن يخرج منه إلا بعد تدخِّل أخيه لدى بعض الأصدقاء الذين يعرفهم في سلك الشرطة.
مشهد صراع رجل جائع "أميليو فرنانديز" مع امرأة عجوز" صوفيا تشيرفينيسكا" تحمل وعاء شوربة، نتيجة شد وجذب تسكب الشوربة على إسفلت الشارع فيتمدد الرجل الجائع ويلعقها بنهمٍ كبير لتنهال عليه العجوز بضرب يائس ثم تمضي في سبيلها إلى البيت.
في منتصف آذار 1942م بدأت عمليات دهم منازل اليهود البولنديين بغية الترحيل القسري . و حدثت فظائع وأعمال وحشية إذ كانوا يسحبون بعض الناس بشكلٍ عشوائي من الطوابير المتهيئة للرحيل ويطلقون الرصاص على رؤوسهم. وربما يتذكر المشاهدون الرجل الأخير الذي أُطلق عليه النار لكن المسدس كان فارغًا، وكنا نتوقع أن المصادفة هي التي أنقذته من موت محقق، لكن الضابط وضع في مسدسه مخزنًا جديدًا وأطلق رصاصة واحدة نفذت في رأسه الأصلع.
كان اليهود البولنديون يدركون جيدًا أنهم يواجهون مصيرًا مُفجعًا في معسكرات الاعتقال ومع ذلك فكانوا يحملون في حقائبهم بعض الأشياء الثمينة التي يعتزون بها طالما أن القوانين النازية كانت تسمح لكل فرد أن يحمل معه 15كغ من حاجيات أساس. يحلمون بالنجاة رغم الموت الذي يطوّقهم. بعد 5 شهور من ذات العام ثمة أمٍ تبحث عن قطرة ماء لرضيعها العطشان. هيلينا وهنريك يلتحقان بأسرتهما في مشهد انساني، قطعة شكولاته بلغ ثمنها 20 زلوتيًا، في ذلك الوقت. يشتري الأب قطعة الشكولاته ويقسمها بالتساوي على أفراد أسرته.
الجيش النازي الذي يحتقر انسان بقية القوميات والأديان يحشر اليهود في في عرباتٍ ضيقةً لا تحتمل هذا العدد الكبير من الناس في قطار مُخصص لنقل الماشية. ضرب رجلٍ كبير السن بعقب البندقية غير مرة حتى فارق الحياة. وحين غادر القطار عديد الجثث مُلقاة فوق الرصيف الترابي الذي بدا ميدان معركة بعد قتال. سحب Szpilman شرطي صديق قديم للأسرة يُدعى اسحق هيللر "روي سمايلز"، متعاون مع القوات النازية. ورغم صراخ Szpilman صف العسكر الطويل حالَ بينه وبين ذويه، فعاد إلى المدينة الموحشة التي تكتظ أزقتها بجثث الضحايا المبثوثين وأكداس مخلفات مدينة مقوّضة. يتجوّل شبيلمان في أزقة المدينة يحدِّق بجثث القتلى، ويبحث عن ملاذٍ آمن. فيناديه صوت ينطلق من مخبأ في باطن الأرض فينحشر معه على أمل الخروج بعد انفراج الأزمة. ينضم شبيلمان لوحدة إعمار وارسو، لكنه لم يتفادَ العقوبات القاسية التي قد ينزلها به أي جنديٍ نازي إذا ما اقترف خطأً بيسطًا. ذات مرة أسقطَ Szpilman بضعة طابوقات من مكان مرتفع فأمرَهُ أحد جنود القوة السرّية بالنزول وألهبَ جسده بالسوط حتى أُغميَ عليه ولم يفِق من اغماءته حتى رشقوه بدلو من الماء.
بدأ Szpilman يقتنع بفكرة مقاومة المحتل التي زرعها في ذهنه أحد أصدقائه العاملين في وحدة الاعمار، خصوصًا وأن معظم اليهود يعرفون بالخطط النازية المرسومة لابادتهم جميعًا ينخرط في المقاومة السرية عدد غير قليل من اليهود الذين يبدؤون بتهريب الأسلحة والدخيرة الحية للغيتو. بدأ شبيلمان بتهريب المسدسات والعتاد في أكياس البطاطا وأوشك أن يقع في الفخ حينما جاء أحد الجنود النازيين وطلب من Szpilman لاصقًا طبيًا لإصبعه المجروح .
الضرب المبرح والقتل دفعا Szpilman للهروب من الغيتو مفضلاً الانتقال من مخبأ الى آخر كي ينجو بجلده من الموت المحقق على أيدي النازيين.
تبدأ رحلة Szpilman في الاختباء بمساعدة عدد من أصدقائه القدامى بضمنهم صديقته عازفة الجلو التي تعرّفه على زوجها الذي ينقله الى مخبأ مؤقت ينام فيه ليلة واحدة خلف مكتبة خشبية متحركة ثم ينتقل الى شقة ثانية ويتعرف الى صديقه التقني الذي كان يعمل معه في إذاعة وارسو لكنه لم يتذكره في الحال نتيجة الضغوط النفسية التي كان يعانيها خلال مراحل الاختباء. وتحسبًا لأي طارئ فقد أعطاه صديقه عنوانًا احتياطيًا قد يلجأ اليه في أي ظرف اضطراري.
يراقب Szpilman من داخل شقته الفظائع التي يرتكبها الجيش النازي بحق اليهود البولنديين وكأنَّ المخرج أراد له أن يكون شاهدًا على هذا العصر المزري الذي تتسيّد فيه النازية وتقوم بالتصفيات، وعمليات القتل الجماعي، ودهم المنازل، وحرق الجثث المكدسة في الأزقة الداخلية. فلا غرابة إذًا حينما نرى مواطنًا محترقاً يلقي بنفسه من الطابق الثاني لشقة سكنية اندلعت فيها النار.
وقبل أن ينتهي هذا المشهد المروّع نرى عملية قتل جماعية، إذ يصفّون بعض المقاومين أمام جدار البناية ويطلقون عليهم النار بكثافة شديدة.
ينطوي الفيلم على إدانة واضحة لبعض البولنديين الذين آزروا النازيين وكانوا يبلّغون عن أي مواطن يهودي تقع عليه أعينهم. فبينما كان Szpilman يبحث عن بقايا طعام يسد به رمقه وقعت أطباق الطعام وأحدثت صوتًا مدويًا وصل الى أذني الجارة المتعاطفة مع النازيين فطلبت منه الخروج والكشف عن هويته الشخصية لكنه تخلص منها بأعجوبة بعد أن ملأت البناية ضجيجًا بأنها اكتشفت يهوديًا مختبئًا الى جوار شقتها.
وسط جوٍ شتوي قارس البرودة يفر Szpilman باحثًا عن مخبأ جديد وهو يواصل مشروعه الذي يقتصر على التحمّل والصبر ومحاولة البقاء على قيد الحياة في ظروف صعبة وقاسية ومتقشفة. وقد صادف أن يكون مخبأه الجديد قرب مستشفى ومركز شرطة ألمانيين. المكان لا ضوضاء فيه، وربما يخيّم الهدوء على الحي كله. وفي منزله الجديد بيانو كبير الحجم. الثلج يتساقط والجو يزداد برودة الى الدرجة التي لا ينفع معها التلفع بالأغطية الثقيلة. وصديقه التقني يجلب له بين أوانٍ وآخر زجاجات الفودكا، لكنه بات يحتاج للنقود لاقتناء المشروبات الروحية التي تبعث الدفء في ثنايا جسده. ينزع Szpilman ساعته اليدوية ويعطيها لصديقه التقني كي يبيعها ويشتري بنقودها كحولاً له مفعول السحر في هذا الظرف المؤسي. القوات الروسية تتقدم وتقصف برلين وهامبورغ وغيرها من المدن الألمانية. تتضاءل مؤونته ثانية ولم يبقَ أمامه سوى حبّة بطاطا ذابلة. تزوره صديقته وزوجها فتكتشف أنه مريض باليرقان ومصاب بسوء التغذية فتعمل له كمّادة باردة تضعها على جبينه ثم يطلبان له طبيب "أطفال" يثقون به فيفحصه ويحاول أن يجلب له بعض الأدوية المناسبة.
تتحسَّن صحة Szpilman، وما إن يلتقط أنفاسه حتى نكتشف أن المقاومة أخذت تصعِّد من هجماتها وأصابت عددًا من الجنود النازيين غير أن الممرضات سارعن الى اخلائهم بسيارات الاسعاف في الحال. وحينما امتدت النيران الى مركز البوليس فقد النازيون صوابهم وأخذوا يطلقون النار على المدنيين الأبرياء الذين مروا من هناك وأردوهم قتلى. وربما يظل منظر المرأة الراكضة التي أُصيبت بطلقٍ ناري في ظهرها وانكبّت على وجهها، عالقًا في أذهان المشاهدين. وحينما تأتي دبابة وتوجِّه فوهتها صوب بعض الشقق السكنية وتبث الدمار في أرجائها يقرر شبيلمان الهرب من هذا المخبأ لكي ينجو بجلده ويواصل حياته بإصرار عجيب.
تندلع الاشتبكات في الأزقة والشوارع. وأثناء عبوره أحد الشوارع الفرعية يشاهد من مسافة غير بعيدة رهطًا من النازيين فينبطح أرضا قرب إحدى الجثث، وحينما يبتعد الرهط ينهض مواصلاً هربه من مكان الخطر. وبينما يبحث عن أي شيء يؤكل كان الجنود النازيون يجمعون جثث الضحايا ويحرقونها في الأزقة ويتناولون الطعام. يقضي Szpilman وقتًا غير مريح في بناية مهدمة، لكنه كما عوّدنا دائمًا يلتجأ الى العزف في الظروف الصعبة التي تلّم به، غير أنه الآن يعزف بأنامله الرهيفة على بيانو وهمي.
يستفيق على صوت قاذفات اللهب التي يصوِّبها الجنود النازيون الى أعماق المنازل ويشعلون فيها النار. ومع ذلك فقد نجا بأعجوبة من ألسنة النيران المحرقة متفاديًا إياها مثل جندي مُدرَّب. يهرب من خلف البناية الضخمة المحترقة الى حي خلفي مهدّم يشي باليأس المطلق والخراب التام الذي يذكِّرنا بالأرض اليباب تمامًا. يتسلق أكثر من جدار ويهبط غير مرة فتُصاب قدمه بآلام شديدة تحُّد من سرعة حركته.
يلج في أحد القصور المهجورة من ثغرةٍ مفتوحة في أسفل الجدار، وكالعادة، يفتش أرجاءه باحثًا عن بقايا طعام. وما أن يقع بصره على علبة مخللات بولندية ويحاول أن يفتحها فتسقط وتتدحرج على الأرض حتى يكتشفه نقيب في الجيش الألماني النظامي ويسأله:
"- من أنت؟
- . . . . .
ثم يسأله ثانية:
- ماذا تفعل هنا؟
فيرد بهلع شديد:
- كنت أحاول أن أفتح العلبة".
وحينما يمضي النقيب في أسئلته الاستيضاحية يقول Szpilman أنه عازف بيانو. وبالمصادفة كان هناك بيانو ضخم جدًا فيطلب منه النقيب أن يعزف له بعض الموسيقى. وكأي عازف محترف يبدأ Szpilman بعزف معزوفة "شوبان" الشهيرة التي تخلب لب النقيب فيتعاطف معه ويعامله معاملة إنسانية راقية.
تدور محادثة قصيرة بين النقيب هوزنفيلد "توماس كريتشمان" وبين Szpilman الذي يطمئن تمامًا في خاتمة المطاف حيث يقول له النقيب:
" - هل أنت مختبئ هنا؟
فيأتيه الرد المقتضب:
- نعم.
-هل أنت يهودي؟
فيجيب:
-نعم".
ثم يدلّه على مكان اختبائه في العلّية. يسأله إن كان لديه طعام فيريه علبة المخللات التي حاول أن يفتحها. تأخذ علاقة Szpilman بالنقيب الألماني طابعًا انسانيًا عميقًا يتجاوز حدود التعاطف الانساني العابر. فعلى الرغم من المسؤوليات الكبيرة المُناطة بالنقيب الذي يتعرض جيشه لهجمات متواصلة من قبل القطعات الروسية المتقدمة التي أوشكت أن تدخل العاصمة البولندية وارشو، إلا أنه يضع هذا العازف الموسيقى في نصب اهتاماته ويجلب له الطعام بين أوانٍ وآخر. وحينما تنسحب القطعات الألمانية من وارسو يعطيه كمية كبيرة من الطعام. وأكثر من ذلك ينزع معطفه العسكري ثم يسأله عن إسمه لكي يستمع له لاحقًا إذا ما سارت الأمور على ما يرام فيرد عليه "Szpilman". يحفظ النقيب هذا الاسم في ذاكرته. يرتدي Szpilman المعطف العسكري من دون أن ينزع عنه رتبته العسكرية وحينما تتقدم طلائع الجيش البولندي لتفرض سيطرتها على وارسو يرى بعض الجنود Szpilman فيظنونه ضابطًا ألمانيًا، لكنه يصرخ بأعلى بانه بولندي ولكنه ارتدى هذا المعطف بسبب البرد القارس فيتركونه وشأنه.
يقع النقيب الألماني هوزنفيلد في الأسر وحينما يمر عازف الكمان بجانب معسكر الأسر المسيّج بالأسلاك الشائكة يلتمس منه النقيب أن يخبر شبيلمان بأنه وقع في الأسر علّ هذا الأخير يساعده ويبذل جهدًا لاخلاء سبيله. وبالفعل يعود Szpilman وعازف الكمان الى معسكر الأسر نفسه لكن بعد فوات الأوان، إذ تمّ نقل الأسرى الى مكان آخر ولم يستطع أن يرّد جميل النقيب الذي تعاطف معه وعامله معاملة إنسانية رائقة تليق به كإنسان متحضر.
المشهد الأخير: يعزف Szpilman ضمن الفرقة السمفونية معزوفة "شوبان" في حفل ضخم باذخ. ثم نرى على الشاشة معلومة توثيقية تقول بأن "Szpilman" قد واصل حياته اليومية في وارسو حتى وفاته في 6 تموز 2000م وعمره 88 عاما. النقيب الألماني هوزنفيلد توفي في معسكر أسرى الحرب السوفييتي عام1952م.



#محسن_ظافرغريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق في مؤتمرللمناخ
- أعياد سيد الروح
- الظالم سيفي
- الأدب المكسيكي و Pacheco
- قناة اللافتة وبيان البنيان
- فضائحية العريبي وغمز من قناة العربي
- Oeroeg
- Alphonse de Lamartine
- مئوية مولد IONESCO
- وزارة الهجرة وماذا عن
- المشاعة الإفتراضية والفضائية
- من حرث الثورة والحملة الفرنسيتين
- فشل المالكي يثير جدوى الحرب أساساً‏
- إعلام وأعلام المهجر ضد المالكي
- الإتحاد الأوربي جار صديق
- ثمانون حولاً Enzensberger
- العيد في شمالنا العراقي
- عيد الأضحى في ميدي
- مدن شمالا وحزن جنوبا
- بريء وبراءة؛ مهاجر ومهاجرة


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محسن ظافرغريب - في ذكرى Auschwitz