مئوية مولد IONESCO

محسن ظافرغريب

الحوار المتمدن-العدد: 2842 - 2009 / 11 / 28 - 19:44
المحور: سيرة ذاتية
    

تحتفل مكتبة فرنسا الوطنية بمئوية مولد أهم كاتب مسرحي حديث في فرنسا "EUGENE IONESCO"، ذاع صيته عالمياً بأعماله "العبثية" مثل "المغنية الصلعاء" و"الدرس" و"وحيد القرن". عام 1951م، كان يعبر عن "نفوره من المسرح"، ككاتب طليعي في حياته، أمسى اليوم كلاسيكياً.

قبل قرن من الزمن ولد الكاتب المسرحي الفرنسي "EUGENE IONESCO"، في 25 تشرين الثاني 1909م في بلدة "سلاطينا" الرومانية لأب يعمل موظفاً إدراياً كان يريد أن يمتهن ابنه مهنةً جادة. بيد أن الابن أغضب الأب بميوله الأدبية ولأجل انجذابه للمسرح ضحى IONESCO بدراسته، ثم تفرغ للكتابة.. وسرعان ما تجيء القطيعة مع الأب بعد طلاق الوالدين. تعهدت الأم تربية EUGENE، فينتقلان إلى "بوخارست" حيث يدرس اللغة الفرنسية والفلسفة والأدب. وفي منتصف عقد أربعينات القرن الماضي ينتقل IONESCO إلى باريس.

يقول IONESCO:" كنت مع أمي في أحد مسارح الدمى المتحركة. لا بد أني كنت آنذاك في الرابعة. كل الناس حولي كانوا يضجون بالضحك، إلا أنا كنت واجماً. ظنت أمي أني أشعر بالملل، وسألتني ما إذا كنت أرغب في الانصراف، غير أني لم أكن أشعر بالملل إطلاقاً. كنت مسحوراً ومجذوباً لهذا العالم.!"

في منتصف القرن الماضي كتب باكورة مسرحياته بعنوان "المغنية الصلعاء" باللغة الرومانية أولاً قبل أن يعيد كتابتها بالفرنسية. يقول "EUGENE IONESCO":"شيء واحد لا أفهمه: لماذا يكتبون في الصحيفة دائماً عمر المتوفين، ولا يكتبون أبداً عمر المولدين؟" – بهذا السؤال استهل مسرحه "المغنية الصلعاء" ذات الفصل الواحد من أكثر المسرحيات التي تُمثل على خشبة المسارح في فرنسا. يفضل تسمية
"المسرح الساخر". من "مسرح العبث". تمرد على قواعد اللغة، مع "امادوف" والايرلندي "صمويل بيكيت"، عالمه خلو من المعنى فيه الناس تحيا بلا أمل.

تقول ابنته "ماري فرانس": «الرومانيون لديهم عقدة الثقافات الصغيرة ويريدون ان يكون (والدها IONESCO) لهم. وأنا أعارض ذلك!، لكني لا أعارض أن تقام عروض لمسرحياته في رومانيا». اعتبرته ابنته كاتب"كلاسيكي بالمعنى التاريخي للكلمة" IONESCO بين الكتاب المدرجين في المناهج التعليمية المقررة.

وبعد باكورته نشر مسرحيات مثل "الدرس"، قبل أن ينشر نهاية خمسينات القرن الماضي مسرحية "وحيد القرن"، التي حققت له النجاح العالمي.

في "وحيد القرن" يصور IONESCO حيوانا خرافيا يرمز به للتحول الذي يكتسح مجتمعا برمته، في تيار واحد؛ ما يجعل من أفراده كائنات خرافوحشية سلبية. وتنشأ حالة (البطل الضد) الذي يرفض أن يصبح جزءً من قطيع في المجتمع.

يروي IONESCO في مسرحيته حكاية مدينة يستيقظ أهلها على حيوانات ضخمة تجتاحها. في كل لحظة يقطع الشارع حيوان هائج، يكتسح بقرنه كل من يقف في طريقه. ثم شرعت هذه الحيوانات تضيق الحصار على الناس، فملأت الشوارع والحدائق العامة ومحطات المترو قبل أن تدق أبواب المنازل. تساءل الناس عن مصدر هذه الحيوانات، ثم فوجئوا بأن كلاً منهم يتحول في لحظة من اللحظات إلى حيوان "وحيد القرن". وازدادت حيرة بطل المسرحية، وازداد خوفه على نفسه وهو يرى أهله وأصدقاءه ينقلبون إلى "رينوسيروس" (وحيد القرن)، حتى خطيبته بدأت بدورها تتحول، وتتغير إذ صار لها جسم ثور، ونبت لها ذيل في المؤخرة، ثم أخذ يبرز لها في وسط جبينها تماماً قرن. ويقرر البطل أن يبقى هو وحده على ما هو عليه، متأملاً في تلك الحيوانات الخرافية العجيبة.

صور IONESCO في مسرحيته حكم الاستبداد لحشد الرعاع ورائه، وعندما عرضت مسرحيته لأول مرة في مدينة "دسلدورف" الألمانية قبل نصف قرن من الزمن عام 1959م رأى الألمان فيها تصوير عن الحكم النازي في ألمانيا.

يقول IONESCO: "إني أرى أنه من العبث أن يعيش المرء في هذا العالم. رغم ذلك، أنا لا أعتبر الحياة عبثية. التاريخ ليس عبثياً. العبث لا يسكن في الوجود، غير أن الوجود نفسه شيء لا يمكن تصوره أو تخيله. ولكن: لماذا؟"

بعد عقد ونصف العقد من الزمن على وفاته، ما انفك المسرح الصغير في الحي اللاتيني في باريس يقدم أعماله منذ نصف قرن من الزمن بلا انقطاع، مسرح"لا هوشيت" في باريس، يعرض "المغنية الصلعاء"، و"الدرس" تقريباً كل ليلة منذ عام 1957م، ما زال IONESCO حتى اليوم من بين الكتاب العشر الأوائل الأكثر رواجاً على المسارح الفرنسية حسب رابطة الكتاب والمؤلفين المسرحيين، حظيت أعمال IONESCO برواج عالمي بفضل ترجمتها لعشرات اللغات، وتعد عائداتها الأعلى بين كتاب الهزل الأشهر في فرنسا، نال نحو 80 عملا له على قبول العرض في كل أنحاء العالم عام 2009م والشهور التالية.

#محسن_ظافرغريب (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل