أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهر العامري - رحيل تينيت !















المزيد.....

رحيل تينيت !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 857 - 2004 / 6 / 7 - 04:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبيل أيام انشغل الاعلام العالمي باذاعاته ، ومحطات تلفزيوناته ، وصحافته برحيل جورج تينيت ، رئيس دائرة وكالة المخابرات الامريكية ، اليوناني المحتد، والذي امضى سنوات ليس بالقليلة على رأس هذه الدائرة التي طالما ارعب اسمها : CIA قلوب سامعيه ، فقد كانت هي عين أمريكا في الخارج ، تجوب البحار ، وتحلق في الجو ، وتحط في هذا البلد ، وتسافر في ذاك ، تدخل بيوت رؤساء الدول ، وتعرف اوكار قادة الاحزاب السرية ، لم تترك شأنا في عالمنا الفسيح إلا وقد وجدتها حاضرة ، ماثلة فيه 0
لقد بنت هذه الوكالة لنفسها في نفوس ابناء المعمورة صورة مخيفة ، مهيبة ، وذلك بما قامت به من قتل رئيس تلك الدولة ، وتدبير انقلاب عسكري دموي في الاخرى ، ودعم حركة تمرد هنا ، واشعال حرب هناك ، وصار عملاؤها ملوكا ورؤساء ، تجارا واطباء ينتشرون في كل مكان ، فهم عيون واذان ممتدة للبيت الابيض ، تطارد اعداء النظام الراسمالي الامريكي ، ومن يحاول مسه من قريب اوبعيد ، او حتى لوكان هذا المن عميلا ، سابقا ، ضريرا مثل الشيخ عمر عبد الرحمن المصري ، بطل الجهاد الامريكي في افغانستان ، والذي أودع لثمانين سنة في سجن امريكي تحت الارض في ولاية ميامي الامريكية ، قريبا من نزلاء جزيرة غوانتينامو ، حيث يرقد جند طالبان الميامين !
لقد عملت وكالة التجسس الامريكية هذه على صنع شهرة ، ورهبة لها في اصقاع كثيرة من العالم ، وصار يعرفها سكان الاحراش في مجاهل الكونغو الديمقراطية من افريقيا حين قتلت الزعيم الوطني باتريس لومومبا ، كما عرفها مواطنو غابات وادغال بوليفيا حين قتلت القائد الشيوعي ، الذي لازال شباب العالم يحمل صورته على الظهور والصدور ، ذلك هو تشي جيفارا ، كما عرفها اطفال العالم كله من خلال افلام جيمس بوند ، ذلك العميل الامريكي الذي لا تاخذه سنة نوم ، ولا تنزل به راحة ، ولا يقر له قرار ، إلا ان ينقض على فريسته كالصقر الظافر، فيذيقه الموت الزؤام ، ويعلمه أن الجبار الامريكي لا يمكن قهره ، ليعود هو بعدها الى احضان حسناء ، يافعة ، مجندة في صفوف جند سليمان ، والذين يَرون ولا يُرون ، ليقضي ليلة حمراء معها ، بعد أن هدّه تعب المطاردة والقتال0
هذه هي صورة وكالة المخابرات الامريكية التي رحل رئيسها قبيل ايام ، بعد أن قيل انه قدم استقالته من عمله فيها ، وفي وقت وقفت اسباب كثيرة ومتباينة وراء تلك الاستقالة ، حتى لكأن الشاعر المتنبي ينهض من جديد قائلا : تعددت الاسباب والموت واحد 0
لقد مات جورج تينيت في عمله الوظيفي الجليل ! لكن اسباب الموت هذا كانت مثل قنابل دخانية ، كلما حاول المتتبع للاحداث السياسية ان يتلمس سببا وجيها له القوا امامه سببا اخر هو عبارة عن قنبلة دخانية اخرى ، هدفها الاول والاخير هو اصابة هذا المتتبع بعمى مؤقت الى أن يجلو التاريخ الحقيقة ، فقد ذكر هو أنه استقال لاسباب شخصية ، هذا ما نقله عنه الرئيس الامريكي بعد اللقاء الذي ضمهما ، والذي قدم فيه هو استقالته للرئيس ، فما كان من السيد جورج بوش الا ان يعلن اسفه على قرار جورج تينيت في الاستقالة تلك ، ورغم أن تينيت كان قد حظى بقبول ادارتين امريكيتين مختلفتين هما ادارة الرئيس الديمقراطي ، بيل كلنتون المنصرف ، وادارة الرئيس الجمهوري ، جورج بوش الحالي الذي تمسك به ، رغم عدم قدرة الوكالة تلك من منع وقوع احداث الحادي عشر من شهر ايلول ( سبتمبر ) ، والتي اعتبرت من بين الاسباب التي ذكرت لموت تينيت، وبعد مرور اكثر من سنة على تلك الاحداث التي نهارت بها ابراج ناطحات السحاب في نيويورك 0
وعلى اساس من هذا التقادم لتلك الاحداث يشك المتتبع أن تكون هي الآن سببا لرحيل تينيت من منصبه ، بعد هذا جاءت قنبلة دخانية أخرى ، وهي أن تينيت ودائرته تبنت تقارير غير مؤكدة عن قدرات العراق التسليحية في مجال اسلحة الدمار الشامل زمن صدام الساقط ، وعدم مقدرتها على بث جواسيس بين صفوف حكومتة ، يكونون العيون المباشرة التي يمكن للادارة الامريكية ان تطل بها على نشاطات صدام وحكومته ، كما انها فشلت كذلك بالقيام في انقلاب يطيح بنظام صدام من داخله ، بدلا من التضحيات الكثيرة ، والكلفة الباهضة التي تحملتها الادارة الامريكية ، وذلك حين شنت الحرب لاقصاء صدام من حكم العراق ، بعد ان تمرد كعميل على تلك الادارة ، كما ألقيت قنابل دخانية اخرى ، كان من بينها أن تينيت ما هو إلا كبش فداء لما لاقته الادارة الامريكية من صعوبات في تعاملها مع الحالة العراقية قبل الحرب وبعدها ، ومنها ايضا ان الدائرة تلك يجب ان تُجدد ، وأن يُعاد النظر باساليب عملها ، خاصة وانها تنتقل في تعاملها من ارهاب دولة ! بعد زوال دولة السوفيت الى التعامل مع ارهاب افراد ومنظمات فرخت الى حد بعيد من رحم الدائرة نفسها ، كابن لادن ورهطه، ومنها بعد ذلك أن تينيت عاجل في تقديم تلك الاستقالة ، خوفا من مسائلة كانت ستجرى معه في الكونغرس ، وعلى إثر تحقيق قامت به لجنة من اعضائه لتقيم عمله ، وعمل طواقم تلك الوكالة ، وقد قيل أن تقريرا قد صدر عن تلك اللجنة خرج عن التقيم المهني الى التوبيخ الحاد 0
واخيرا جاءت تهمة الجلبي التي صارت تهمة على تينيت ودائرته ، وليس على الجلبي نفسه ، اذ كيف يسمح عميل من بين صفوف عملاء تلك الدائرة لنفسه ان يبوح ، وهو في حالة سكرة ، بسر فكها للشفرة السرية المتداولة بين جهاز المخابرات الايرانية ، وبين عملائه في العراق الى الدكتور احمد الجلبي ، لينقله بدوره الى الايرانيين ، رغم ان الجلبي تحدى جورج تينيت في احدى مقابلاته الصحفية في بغداد في اثبات تلك التهمة ضده ، وطلب منه المثول معه امام لجنة تحقيقية تشكل من اعضاء الكونغرس الامريكي لهذا الغرض ، لكن بعيد ايام من اعلان الجلبي تحديه هذا ، فوجىء العالم بتقديم تينيت استقالته للرئيس الامريكي، رغم أن اصدقاء الجلبي في الكونغرس ، وفي الادارة ، وعلى صفحات الجرائد الامريكية قد ردوا تهمة نقل سر فك الشفرة الى الايرانيين عن الجلبي ، واتهموا عملاء صغار من عملاء دائرة المخابرات الامريكية ، قد تكون لهم علاقات بخصوم الجلبي من العرب ، بتلفيقها ضده 0
هل يكون هذا التراكم في الاسباب هو الذي أطاح بجورج تينيت من على كرسي رئاسة اخطر مؤسسة لعبت ادوارا قذرة في احيان كثيرة ، كان من بينها اتهام خفر السواحل الفيتنامي زورا بمهاجمة سفينة حربية امريكية ، كانت تجوب عرض البحر قريبا من تلك السواحل زمن الرئيس ايزنهور ، لتشتعل بعد ذلك الحرب الفتنامية ، دفاعا عن مصالح النظام الراسمالي الامريكي ؟
لا يمكن لاي واحد منا ان يجيب بـ ( نعم ) جازمة، ولا بـ ( لا ) جازمة كذلك! ومع ذلك يمكنني ان اقول ان هناك سببا قد اسُتبعد ذكره في ضباب ذكر الاسباب الكثير التي ذكرت عن موت تينيت السياسي ، وهو الخلاف الخفي والمستمر ، خاصة في المسألة العراقية ، بين صقور وزارة الدفاع الامريكية ، وفي المقدمة منهم وزير الدفاع ، دونالد رامسفيلد من جهة ، وبين اقطاب وكالة التجسس الامريكية ، يتقدمهم رئيسها ، جورج تينيت نفسه من جهة اخرى ، وانني قد حاولت جهدي ان احصل على رد فعل الوزارة تلك على رحيل تينيت في المطبوعات العربية دون جدوى ، لكنني حصلت على هذا الرد مقتضبا في صحيفة افتون بلادت Aftonbladet السويدية ، الواسعة الانتشار ، والذي جاء على لسان وزير الدفاع الامريكي رامسفيلد الذي يقول بدبلوماسية فجة : ( إني أتاسف لقرار تينيت ، ذلك الموظف الخارق الموهبة 0 ) وقد يكون هذا التعليق المقتضب يفسر لنا سبب رحيل تينيت في ظل الخصام الدائم بين وزارة الدفاع ووكالة التجسس الامريكيتين ، وذلك بعد ان تبنت وزارة الدفاع الامريكية بجندها، وجهاز مخابراتها ، عملية ازاحة صدام من خلال الحرب ، ومواصلة شنها معارك لا هواد فيها على ارهاب الافراد والمنظمات في اكثر من بقعة في هذا العالم 0



#سهر_العامري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سرّاق الى شحاذين !
- ويُقادون مثل الخرفان
- لصوص النهار !
- حكومة الابراهيمي الامريكية - العربية
- العرب وجثة النظام الصدامي !
- من اللاهوت الى الواقعية السياسية !
- ظرف الشعراء ( 17 ) : الأحوص
- على تخوم أبي غريب !
- من سيرهب من ؟
- البازار يستعجل رحيل الصدر !
- ويقتلون بالذهب !
- ايتام عفلق ودفاع آل ثالث !
- ظرف الشعراء ( 16 ) : الوليد بن يزيد
- من وحي الذكرى !
- ظرف الشعراء ( 15 ) : إبن هرمة
- الارهابيون العرب من الفلوجة الى الزبير !
- حكومة عراقية !
- ظرف الشعراء ( 14 ) : ذو الرّمة
- مفلس من مفلسين !
- صدام الصغير شيوعيا !


المزيد.....




- أكثر من 700 حريق غابات تستعر في كندا بينها 200 خارج السيطرة ...
- يواجهون البحيرة ويصرخون.. -نادي الصراخ- في شيكاغو يشهد إقبال ...
- -وكمان مصاريف على الفاضي-.. نجيب ساويرس يعلق على منشور بشأن ...
- وسط أزمة الجوع.. حالة يأس تنتاب الفلسطينيين مع إنزال مساعدات ...
- مشوّهون ومنسيّون، ناجون كوريون من هيروشيما يتحدثون لبي بي سي ...
- ما تأثير اعتراف ماكرون المزمع بدولة فلسطينية في الداخل الفرن ...
- إيطاليا: القضاء يُخلي مسؤولية ميلوني في قضية ترحيل مسؤول ليب ...
- مدير مستشفى حمد بغزة: الحرب رفعت إصابات بتر الأطراف بنسبة 22 ...
- ماذا يعني إيقاف آخر البرامج السياسية بتونس؟
- من أنقاض زلزال.. بحرينية تستكشف سحر -الغابة الغارقة- في كازا ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهر العامري - رحيل تينيت !