أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رياض الأسدي - الواقعية القذرة العربية.. آتية؟















المزيد.....

الواقعية القذرة العربية.. آتية؟


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2809 - 2009 / 10 / 24 - 22:37
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


(التابوات) المشحونة بالخوف والترقب في آن؛ التي تشبه قلاعا مسوّرة من حديد وقطران وأبواب مقفلة بإحكام دائما, تتطاير منها شرور كبيرة كالقصور، برفقة دخان أسود سام غالبا ليبتعد عنها المهاجمون المحتملون:الدين، السياسة، الجنس: هل تمت مناقشتها على أسس علمية وعقلية؟ وهل سرت عليها قوانين النهضة التي عبّدت الطرق الفكرية والعقلانية في أوربا منذ منتصف القرن السابع عشر؟ بالطبع الجواب: كلا! لا زالت تلك التابوات الجاثمة كما(التابوات) الكبرى في الحياة الثقافية العربية المعاصرة، الثلاث الشهيرة والمخيفة في كماموثات متحجرة تتخذ طابع المقدس الذي لا يمس..آلهة شركية من عصور ما قبل التوحيد.. من هنا تبدأ واحدة من أكثر المشكلات التي تواجه الفكر الإنساني في هذه المنطقة التي تفيض بالعنف في كلّ يوم.
وإذا كان (تابو) السياسة كما يبدو لنا -أحيانا- قد بدأ بالتحلل أو الاهتزاز هنا وهناك شيئا فشيئا، في هذا البلد الشرق أوسطي أو ذاك، فإننا لا زلنا بعيدين عن الوضع الطبيعي والمناسب لأمم عبرت إلى الحرية والتقدم التكنولوجي بخطوات، بل إن بعض التراجعات والانتكاسات المحتملة على الساحة السياسية والثقافية العربية والإسلامية قد تكون مرشّحة بقوة في المدة القادمة كي تتخذ لها حصونا جديدة تحتمي بها من جديد- للحفاظ على طابعها المزيف- من هجمات أولئك المثقفين البدائيين المزودين غالبا بالعصي والحجارة والنشابة، وسيول الكلمات المعذبة والأفكار الجديدة؛ ممن يقفون بصعوبة تحت أسوار تلك القلاع القروسطية المجهزة بأحدث تكنولوجيا الأسلحة الهجومية والدفاعية! فيجد المثقفون أكثر من غيرهم من النخب التنويرية الأخر في مجتمعاتنا الشرقية أهمية تعرية أصحاب تلك القلاع الهرمة وملاكها المتحدرين من سلالات قديمة منقرضة. ولذلك يقع عليهم - وحدهم غالبا- العبء الأكبر في التخوين والتكفير والخروج عن ثوابت المجتمع. ولذلك تجد المثقفين -العرب خاصة- من التنويريين مبعدين عن بلدانهم، أو سحبت منهم جنسياتهم أيضا؛ لا لشيء إلا لأنهم يحملون رأيا مغايرا لأصحاب القلاع المسورة العتيدة.
هذه الأوضاع الصعبة قد تنتج على المدى البعيد -في الوقت نفسه- ردّات فعل قوية مضادة هنا وهناك في عصر الانفتاح والمعلوماتية وحرية الاتصال وانتقال الأخبار حتى أصبح العالم قرية عولمية صغيرة كما يقال. لكن أصحاب القلاع المسورة الحصينة يرفضون أي احتكاك حرّ بالعالم وأي تبادل موسع للأفكار بحجج واهية تبدأ بالحفاظ على التقاليد الاجتماعية المتوارثة ولا تنتهي بلزوم الهوية أو الخصوصية: إنهم يخشون القادم من بعيد دائما حفاظا على مكانتهم ومصالحهم وسطوتهم. وعلى العموم لن يجدي ذوو الأنظمة المتشددة أي وسائل لكبح التقدم الكبير والمتواصل في تكنولوجيا انتقال المعلومات المصحوبة بالأفكار، فقد أصبحت حتما تاريخيا، ولن يجلب غلق المواقع والمدونات وإلقاء المثقفين والتنويريين وراء الشمس إلا مزيدا من الاندفاع في البحث عن المعلومة مهما كانت مضانها. ولذلك من الطبيعي أن ينتج من وراء قلاع الكبت والقهر ومصادرة الحريات أدبا وفكرا غاضبا يهتم بقاع المجتمع والإنسان ويعتمد الصدمة والتصادم والغرابة والكشف عن كلّ ما هو بشع ومقرف في حياتنا؛ من هنا يفتح الباب على مصراعيه لإنتاج أدب غاضب جديد. ربما.
وهذا الاصطلاح (الواقعية القذرةdirty realism) الذي لا يتردد بعضهم في أن يجعله مرادفا لآخر صيحات الموضة (موجة حداثوية مؤقتة) أو حتى يضع بديلا له، بعد أن صاغه (بيل فورد) رئيس تحرير مجلة (جرانتا Granta) المعروفة في بريطانيا، ومن ثم تحول كظاهرة ثقافية محددة إلى الولايات المتحدة حيث كانت الحياة في نيويورك مشوبة بالزحام والتلون العرقي ومدعاة لتلك الظاهرة المتوائمة بالنمو مع طبيعة الإنسان النيويوركي في عقد الثمانينات من القرن العشرين. كما أن نيويورك- تفاحة العالم الرأسمالي المالي- سبق لها أن احتضنت من قبل جماعات متطرفة دينيا وعرقيا سكنت جوف الأرض وعملت على العزلة عن المجتمع في ما عرف: أمة تحت الأرض بانتظار نهاية العالم under ground nation مما مهد الطريق لعموم الحركات الفكرية المناهضة للحياة الأميركية في أن تقدم برامج هي أقرب إلى الغرابة منها إلى العلم. ونعني بالواقعية القذرة ببساطة متناهية: الفكر والأدب الذين يبحثان في (قاع المجتمع) والمدن الكبرى، ويتناولان جميع الظواهر التي يخشى الناس الكشف عنها لأسباب دينية أو أخلاقية أو حفاظا على التقاليد الموروثة. وجنحت الرواية الأميركية – باعتبارها الملمح الأكثر وضوحا في التعبير عن المجتمع- خاصة في الربع الأخير من القرن العشرين(حسب النصوص المدروسة لريتشارد فورد وبول أوستر) في أقل تقدير إلى صياغة (بنية داخلية) قائمة على تشخيص الواقع المتوحش المرئي بالضرورة، متبنية أطروحة مفادها: تدمير مفهوم "الحلم الأميركي American dream" الجميل الذي تُصدّره السلطة الأمريكية إلى العالم كإستراتيجية منذ مدة غير قليلة حتى أصبح – إلى حدّ ما- شبه إيديولوجية غير معلنة إبان الحرب الباردة 1947-1989 ، وهو الروح الوطنية لشعب الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يرى من خلالها أن هدف الديمقراطية هو الوعد بتحقيق الازدهار.ويشعر المواطنون من كل الطبقات الاجتماعية، في الحلم الأميركي الذي أعرب عنه المؤرخ والكاتب الأميركي جيمس تراسلو أدامز عام 1931، من خلال التأكيد على أن البشر المختلفين عرقيا ودينيا وثقافيا يمكنهم من خلال الحلم الأميركي وبقدرتهم على تحقيق "حياة أفضل وأكثر ثراء وسعادة. وجاءت فكرة الحلم الأميركي مرسخة في الجملة الثانية من إعلان الاستقلال والتي تنص على أن "كل الناس قد خلقوا متساوين" في الحقوق والواجبات لكن مثل هذا الوضع بقي حبرا على ورق حتى انطلاق حملة الحقوق المدنية التي قادها القس مارتن لوثر كنغ وراح ضحيتها أيضا في منتصف العقد السادس من القرن الماضي. ولذلك فقد كافح السود بشراسة في يؤكدوا: أن لهم "بعض الحقوق غير القابلة للتغيير" والتي تضم " حق الحياة والحرية والسعي وراء تحقيق السعادة " ومن ثم جعلت النص الدستوري يشخص الواقع كما هو دون تجميل بل استدعت في تناولها للواقع المشكلات النفسية والتهميش والانحرافات المختلفة التي تطال أفراد المجتمع، بينما قامت الرواية العربية والسينما العربية على تناول الظواهر غير السوية في المجتمع، مؤكدة على الفساد والانهيار والتراجع ونادرا ما غاصت في قاع المدينة والمجتمع، وكاشفة – على خلاف الرواية الأمريكية – عن البعد الطبقي الاجتماعي أحيانا بين الطبقة التي تموت جوعا والأخرى التي تموت من التخمة، ثم صعود الطبقة البرجوازية الطفيلية ظاهرة(القطط السمان). فلم تستطع الحياة الثقافية العربية عبور حواجز المحظور بعد ولا زال الطريق طويلا رغم كلّ تقنيات الاتصال الحديثة.
ولذلك يرى بعض الكتاب إن الواقعية القذرة إن هي إلا غيمة صيف عابرة في العالم، شأنها شأن الواقعية الاشتراكية والواقعية الجديدة والبنيوية والتفكيكية وما بعد الحداثة وهلم وجرا، لكن طبيعة الحياة في الشرق الأوسط والعالم العربي بخاصة ومستويات الكبت الاجتماعي والسياسي والفكري تتخذ حالات عالية جدا في هذه الحقبة من حياة الأمة قد تمهد الطريق لواقعية عربية قذرة.





#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الاول
- مراجعات غير مطمئنة لعالم محمد خضير( محنة الوراق)
- لم يتبقَّ لدى نوح من ينقذه
- بانوراما ليل سعدي الحلي
- عجز مكتسب: قفص حديد امن البصرة
- على ماذا يراهن المالكي في الانتخابات القادمة؟
- زخرف: ملحمة ظهور محمود البريكان مؤخرا
- الأدب السرياني العراقي دليل مضاف على وحدة الثقافة العراقية ا ...
- تعليم الببغاء صوت إطلاق الرصاص
- عراق ما بعد الأربعاء الدامي.. ( المشروع الوطني العراقي) امكا ...
- اثنا عشرية آدم
- العراقيون في الداخل/ يستغيثون لتدخل العالم: scandl الأربعاء ...
- (خرنقعيون): لن تنفعهم كريما الوطنية
- الإسلاميون العراقيون: (جبل التوبة) وماذا بعد؟
- لا يصلح العطار ما افسده الاميركان!
- رماد قديم / نصوص لم تنشر كتبت إبان الحرب العراقية الإيرانية
- غرف البالتوك والمنتديات العراقية
- مع الشيخ الدكتور احمد الكبيسي و الصمت على مدير المجاري
- ما تبقى من عازف الساكسفون قراءة عراقية في مذكرات بيل كلنتون
- شكل الدولة القادم في العراق


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رياض الأسدي - الواقعية القذرة العربية.. آتية؟