أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - شعرية العاطفة.... بين الشعبي و الثقافي














المزيد.....

شعرية العاطفة.... بين الشعبي و الثقافي


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 2762 - 2009 / 9 / 7 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


إذا سلمنا أن الشعر هو طريقة في القول تتسم بخصوصية ما في استخدام اللغة تميزه عن ما اصطلحنا على توصيفه بقول غير شعري.
و إذا سلمنا بكون التفاعل الوجداني الايجابي لدى المتلقي , هو من خصائص القول الشعري دون أن يكون الخاصية الوحيدة
يحق لنا أن نتساءل عن مدى حضور البعد العاطفي و الوجداني في القول الشعري
و ما علاقة هذا الحضور بفاعلية القول الشعري و جماهيريته؟
و لكن كيف نتحسس فعالية القول الشعري ؟!
ربما تكون الذاكرة هي مجال اختبار هذه العلاقة و تحسس أبعادها ,حيث أن الذاكرة هي الأثر الوحيد المتبقي في عقولنا من أثر التعرض – سماعا أو قراءة – للقول الشعري؟
فالعواطف تشكل إطارا ً لفعالية التذكر , فالمواقف الحياتية المشحونة عاطفيا هي ما يحتفظ فيه الإنسان في ذاكرته , أما المواقف العابرة الحيادية الشحن العاطفي سرعان ما تنسى و يطويها الإهمال ؟
و المعنى بحد ذاته هو معنى عاطفي , هو معنى يخصنا , يعني شيئا ما بالنسبة إلينا سواء كان على المستوى الشعوري أو اللاشعوري؟
فثمة رابط يربط بين العاطفة و المعنى و التذكّر و هذا الرابط يستند إلى قرائن علمية كشف عنها علم فيزيولوجيا الأعصاب و الدماغ؟
حيث أن منطقة اللوزة الدماغية amygdala تقوم بتخزين المسارات العاطفية emotional memory للذاكرة ,فهي بمثابة الخزان العاطفي للإنسان سواء أكانت هذه المشاعر ايجابية مفرحة أو سلبية محزنة أو غير ذلك ,فالمعلومات و المواقف المشحونة عاطفيا هي أكثر المعلومات قابلية للتذكر و الاسترجاع, و الدماغ يعطيها الأولوية على سائر المعلومات. بل إن المسار العاطفي للذاكرة عندما يستثار بشكل كبير فإنه يؤدي لاستبعاد التفكير المنطقي .
لذلك سوف نركز نحن البشر في عملية تذكر و استحضار القول الشعري على البعد العاطفي و الوجداني أكثر منه على البعد المنطقي الذي يكسب القول الشعري معنى محدد, حيث أن المعنى هو حصيلة تفكير منطقي يقوم به الدماغ . و بالطبع هناك فروقات فردية بين شخص و آخر و ثقافة و أخرى فيما يخص أرجحيه العاطفي على المعنوي أو العكس.
و الذائقة الشعرية العربية ما زالت تحتفي بالبعد العاطفي و الوجداني في القول الشعري و من منا لم يسمع بهذا البيت الشعري الشهير الذي يختزل الشعرية بالعاطفة و قدرة القول الشعري على تحقيق المشاركة الوجدانية:
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه .... فليس حرياً أن يقال له شعرُ
و من هنا يمكن تفسير سيطرة القول الشعري الكلاسيكي المدجج بالوزن الخليلي و القافية على أقرانه من الأنماط الشعرية الأخرى الأقل "هزاً"
و من هنا نجد الغياب النسبي لوجود موسيقى عربية بدون غناء ؟
و الغناء بشكل أو بآخر هو قول شعري محوّر؟
و من هنا نجد جنوح الذائقة العربية نحو الموسيقى و الشعر مرتفع التوتر و الإيقاع و تهميشها للأقل صخباً؟
فالشعراء العرب الأكثر شهرة هو الشعراء الأكثر خطابية
و الشعر العربي الأكثر جماهيرية هو الشعر الأكثر غنائية؟
و لكن هل الذائقة العربية هي استثناء في الثقافة العالمية ؟
أم أنها الحالة الأكثر "بدائية"- ليس بالمعنى القيمي- و المتوافقة أكثر مع فيزيولوجيا الدماغ و الأعصاب
و ما نجده في الأنماط الثقافية لبعض الحضارات المجاورة من احتفاء بالهامس و التأملي و التجريدي و الأقل ضجيجا - ؟
ما هو إلا عملية تحوير و تطوير لملكات بدائية يشترك فيها كل البشر بغض النظر عن الخصوصية الثقافية؟
و لكن أليس في ذلك تشكيك في ذائقتنا نحن العرب؟
أقول القضية هي قضية تربية و ثقافة مكتسبة و قدرة على اكتساب مهارات
فالإنسان بالدربة و تكرار التعرض قادر على تحوير نمط التلقي
لنفترض إنسانا يرى أول مرة جثة شخص متوفي سيصاب بالارتباك و الخوف و الذعر
و لكن مع تكرار التعرض تصبح مشاهدة الجثة موقف لا يقتضي كل هذا الانفعال؟
هل تماما ما يميز بين التلقي الفطري البدائي لمشهد الجثة و ما تستحضره من خوف و ذعر و إفراز الأدرينالين في الجسم..الخ
و بين التلقي الأكثر واعيا ً و الذي يتحسس للأبعاد الوجودية و التأملية لموقف مشاهدة الجثة و ما تثيره من تساؤلات و صور و ذكريات ..الخ
الذائقة العربية الشعرية ما زالت تحتفي بالخطابي و الغنائي على حساب الأنماط الأخرى للقول الشعري
فعلى سبيل المثال:
عندما تطرح على التصويت على عينة عشوائية في أي بلد عربي
هذا البيت لعمر بن كلثوم
"ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا"
و بين بيت شعري آخر
"هناك حب فقير يحدق في النهر
مستسلما للتداعي: إلى أين تركض يا فرس الماء!
عما قليل سيمتصك البحر
فامش الهوينى إلى موتك الاختياري يا فرس الماء!"
سيفوز البيت الأول بنسبة شهيرة في عالمنا العربي يحفظها المواطن العربي جيدا
99.99%



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة للخطاب الاسلامي المعاصر في كتاب جديد - أضاحي منطق الجو ...
- هل الكاتب العربي متهم حتى يثبت العكس؟ وجهتي نظر
- قراءة في نيرمانا, و محاولات اصطياد الشاعر شريف الشافعي لكائن ...
- مقالة في الشكل الالهي؟
- قراءة في -لمحات حول المرشدية-- ج2/2
- قراءة في -لمحات حول المرشدية-- ج1/2
- الاسلام بأل التعريف/ و كيف نحكم بازدواجية المعايير
- اسلام بلا مذاهب قصيدة شعرية و أحلام هاربين
- بداهة رفض الظلم؟!
- أنا.. و الكومبيوتر.. و ذرة الأكسجين
- سبعة تساؤلات عن البداهة؟
- ردا على زهير سالم.. و احتكار الكلمة السواء
- الشكل السمكي ..و طرائق تشكل الحب بين البشر؟
- قديم جديد : بين العلم و الدين
- ما الجدوى - قصيدة
- قديم جديد: العقل أم الدين؟
- زهير سالم, و احتكار الكلمة السواء
- تساؤلات حول التكفير و الكافرين؟
- عن المصير الأخروي للانسان؟
- القومية الصهيونية و صلاحيات اعتلال البداهة - ج2/2


المزيد.....




- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - شعرية العاطفة.... بين الشعبي و الثقافي