أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر مصري - القَصيدة المُحرَّمة - 3 من 4















المزيد.....

القَصيدة المُحرَّمة - 3 من 4


منذر مصري

الحوار المتمدن-العدد: 833 - 2004 / 5 / 13 - 08:38
المحور: الادب والفن
    



إنه ينظر إلى... الكلمات:
ــــــــــــــــــ
فيما يلي نظرة إلى هذه القصائد، اعتمدت بها على عدد قليل جداً من المراجع، أهمها كتاب السير صموئيل.ر. بنجامين ( نصوص من الأدب السوري الديني في المئات الثلاث لأولى للميلاد ) إلا أني لم أجد أنه من الهام نقل كل التفاصيل التي بالغ السير صموئيل بالاهتمام بها، كما أني وجدت أن هناك نقاطاً عديدة لم تثر اهتمامه، تنبهت لها وذكرتها. وبالتأكيد ليس ما سوف أسوقه سوى نظرة من زاوية ما، وجهة نظر ما، قابلة مثل كل شيء، للمناقشة والاختلاف، وكذلك للرفض.
ــــــــــــــــــ
العنوان : ( ساقا الشهوة )
ــــــــــــــــــ

نلاحظ أن العنوان بصيغة المثنى، وهو حتى بالإنكليزية التي تعتبر ما يزيد عن الواحد جمعاً، تم تأكيد التثنية بإيراد كلمة (two ) حيث جاء العنوان : ( The two legs of desire) رغم هذا فإن النص يتضمن ثلاث قصائد محددة ومرقمة، الأولى والثالثة طويلتان للحد الذي على نحو يسوغ لنا اعتبارهما الساقين المعنيتين، أمّا القصيدة القصيرة الثانية المحشورة بينهما فلم تحص، ربما لأنها الشهوة عينها التي انبثقت منا الساقان. ولا يخفى أن الشاعر قد أشار إلى ذلك الجزء المحرم بأشد ما يسمح له الشعر من وضوح ودقة.
ــــــــــــــــــ
القصيدة الأولى: ( قميص الصدأ )
ــــــــــــــــــ
لن أقوم بنقل كل ما خططته في المسودة، ملخصاً به هذه القصيدة ومحدداً مفاصلها ، بل سأنتقل مباشرة إلى ملاحظة القطبين المتعاكسين اللذين يشير إليهما طرفي إبرة بوصلة العمل: الرمزية الشديدة التي استخدمها الشاعر في تصوير مشهد كاد أن يوغل به لحد الإباحية، والتوصيف الحي الحسي الدقيق لدرجة مبالغ بها، وكأنه لا يقصد شيئاً آخر سوى الوصف العيني لما يراه، والذي هو قضيب حديد صدئ مشلوح على رمال الشاطئ! ليس بعيداً كفاية حتى لا تطاله الأمواج، حتى يمكن أن يخال لنا أنه حقاً قد صادف يوماً شيئاً كهذا، فانتشله من الرمل، ونظر إليه طويلاً وهو يقلبه بين يديه ملاحظاً الطبقة الصدئة الهشة الملتصقة عليه، وكذلك القسوة الباردة الكامنة في داخله، مما أوحى له بمجمل القصيدة. ولو لا بعض المفردات، وخاصة تلك التي جاءت في الجزء الأخير من القصيدة مثل ( زلقته بين نهديك، وأولجته فم زهرتك، جرح فخذيك ) أو بتعبير أكثر دقة، لولا ميله الذي يبدو وكأنه لم يستطع كبحه، لوصف عملية الانتصاب والإيلاج، لكانت القصيدة لا شيء غير تأمل قضيب من الحديد، مع بعض الإيحاءات الجنسية التي، بقصد أو بدون قصد، توحي بها دائماً العصي والثعابين، والتي أيضاً يمكن أن تؤخذ على نحو هزلي ضاحك، أي كنوع من الهزار الذي يقيمه الرجال غالباً في جلساتهم. إنه يلمّح، يومئ، ولكن بتصاعد محسوس في الانفعال والتوتر، يستدل عليه من التكرار وارتفاع وتيرة الأداء، وكأنه يشبه الإيقاع في التراتيل الدينية، الوثنية خاصةً، كما صورتها بعض الأفلام السينمائية التاريخية، أو الأفلام الوثائقية عن الأقوام البدائية في أفريقيا واستراليا وأمريكا اللاتينية، الذين ما زالوا يحيون كما كانوا يحيون من آلاف السنين ويمارسون طقوسهم هذه الغائرة في القدم، والعالم، بفضل الحضارة والعلم، يكاد يشارف على الانتهاء. فالقصيدة بلغتها الأولى، تبدو وكأنها نشيد تمجيد وتقرب من آلهة الحب فينوس، التي يروى أنها ولدت من صدفة كبيرة، على شاطئ جزيرة قبرص، كما تظهر بأرق صورها في لوحة بوتشيلي، وهي عارية تضع يدها اليمنى فوق صدرها الناهد تحاول بيدها اليمنى حماية صدرها الناهد، وبيدها الأخرى تأخذ خصلة طويلة من شعرها الذهبي وتغطي بها عورتها، إذا سمحنا لأنفسنا بهكذا تسمية، بينما زفيروس إله النسيم ينفخ بملء فيه عليها مانعاً المرأة الأخرى التي على يمينها من رد الغطاء عليها. ويلاحظ أن الشاطئ والأمواج والصدفة والسرَّة التي تكاد تحتل مركز اللوحة لولا أنها، كما في الطبيعة، تعلو قليلاً، قد وردت كلها في القصيدة، لكن منذريوس الذي عبر العالم قبل بوتشيلي بقرون من السنين، استخدم بطريقة فعالة أكثر أسطورة ولادة أفروديت، الاسم اليوناني لفينوس، ربما لأنها الأسطورة الأقدم، التي تقول بأن ربة الجمال والحب قد ولدت من زبد البحر بعد أن لقحه دم أورانوس. وارتباط هذه الأسطورة بالقصيدة غالب في أكثر المفردات والمعاني. إلا أنه يمكن جمع الأسطورتين معاً، باعتبار الفم الذي لا يتكلم، الفرج الذي ولجه القضيب، هي الصدفة ذاتها. وتأكيداً للفحوى الوثني في القصيدة، يستخدم منذريوس مصريام في السطر قبل الأخير تعبير: ( الشهوة المقدسة ) ولا أعرف في الأديان التوحيدية، أو الأحادية كما يصفها منذريوس، شهوة، أي شهوة، يمكن رفعها إلى هذه المكانة، والإغداق عليها بهذا الوصف الثمين. كما أنه في السطر الأخير ختم التهليلة ب ( قرن رب ) فلبعض الآلهة، كما هو معروف، قرون، خاصة وهي تتقمص أجساد الحيوانات كالثور أو وحيد القرن مثلاً. ومن المثير أن نذكر القرنين اللذين نحتهما مايكل آنجلو، بناءً على ترجمة خاطئة قديمة. على رأس تمثال النبي موسى، الذي يشبه شبهة لا شبهة فيها، الله ذاته في رسوم مايكل آنجلو على سقف كنيسة سستين، وقد سبق وذكرنا كلا العملين، وهذا الشبه نستطيع أن نراه واضحاً في مشهد بث الحياة في آدم بعد أن جسده الله، حيث نرى الله محمولاً على بساط يرفعونه ممسكين به من أطرافه عدد من ملائكته المقربين، وهو يمد يده ليلمس برأس سبابته إصبع آدم. التفصيل الذي اختارته دار بنجوين ليكون غلاف قاموس الجيب عن الفن. على أن لا يفوتنا ملاحظة أن مظاهر الألوهية، كالعظمة والجبروت نستطيع أن نراها شاخصة في التمثال أكثر بكثير من الرسم. لكن القرن هنا إشارة لا التباس فيها، للعضو الذكري. الذي يظل منتصباً وقاسياً طالما هو عضو إله من الرخام.
ــــــــــــــــــ
القصيدة الثانية: ( إغفاءة الجنون )
ــــــــــــــــــ

ذكرت أنها بمثابة العضو الجنسي الأنثوي بين ساقي القصيدة. وبغض النظر عن هذا، فإنها بقصرها الشديد، وبكثافة الزمن فيها، إغفاءة حقيقية، إغفاءة جنون حقيقية. والشاعر يقسم كي نصدقه، هو الكاذب الضال، يقسم أنه رأى في حلمه القصيدة، وإنه حضنها، وهذه المرة لم يرها كلمات، ولا وردة، ولا غزالة، ولا نجمة، ولا حتى امرأة، امرأة عارية، بل عانة امرأة عارية، عانة أفروديت ذاتها، بعد أن رفعت يدها لحظةً فطارت خصلة الشعر التي كانت تغطيها بها. عانة غامضة تشع شهوةً وليلاً على جسدها المرمري, وهذا ما دفعه للقسم، وما دفعه ليس لحضنها فقط، بل لتمريغ وجهه في عشبها الأسود. هذه العتمة هي بئر الشعر، القفز في هذه البئر هو الشعر ولا شيء آخر. الفن قفزة في الظلام، يقول أحد الوثنين الكبار في عصرنا.
ــــــــــــــــــ
القصيدة الثالثة: ( عينا أليعازر )
ــــــــــــــــــ

كأنها الساق الثانية حقاً! كأنها مزيد من اللحم حول عظمة الفخذ المقابلة. لكن اللافت هنا استخدام منذريوس لإحدى العجائب التي سمع أن السيد المسيح قد اجترحها، وهو يكتب قصيدة تشيد بدور الشهوة الجنسية. والمدهش أكثر رؤيته المبكرة للأبعاد الفلسفية والوجودية لهذه المعجزة، آمن بها أم لم يؤمن. واختصاراً للغوٍ كثير حاولت به شرح القصيدة دون طائل، لأنها في الواقع، لا تحتاج لشرح، سوف أكتفي بنقل نقطتين من المسودة أمامي، أجدهما أشد أهمية من سواهما، الأولى: إن الموتى في القصيدة هم ... نحن. نحن الموتى في البيت والشارع والمقهى، وهذا لا يحتاج لكثير ذكاء. ولكن إن قبلنا به جميعنا، فالسؤال يكون : ماذا يجب أن نفعل لنعود أحياء؟ هل ننتظر مصادفة، عاصفة، هزة من القدر، ثورة تهدم جدران قبورنا؟ مطراً لا يتوقف عن الهطول حتى تبرعم وتورق جثثنا؟ قطرة دم تنساب من بين صخور يأسنا وموتنا وتصل إلى زاويا أفواهنا، فتمد رؤوسها وتلحسها ألسنتنا، فتبلل قلوبنا، عندها نبدأ بتحسس أجسادنا وتفقد أعضاءنا، ثم نقوم من بين الأموات! شهوة ترد علينا الروح؟ بهذا نصل إلى النقطة الثانية وهي السؤال الذي يجمع كل الأسئلة : شهوة ماذا؟ القصيدة بدون أدنى مواربة، تقدم إجابتها: الشهوة الجنسية، شهوة الجسد، علة الحياة الأساسية، الحياة الحقيقية، تلك الشهوة التي تنقلنا من مرحلة إلى الولادة والوجود. يقول منذريوس: ( أي شهوة أنت، أي روح، أحييته ) .. إنه يعتبر الشهوة روحاً .
وإذا اعتبرنا هذا، بدورنا، نوعاً من التفكير الوثني العجائبي، لا يقبله العقل والعلم المعاصر، أقصد أن نستطيع إعادة الحيلة للموتى بواسطة إثارة شهوتهم! فإنه يخطر لي، هذه اللحظة، النهاية السعيدة للأميرة النائمة أو الميتة على الأصح، والتي ما كانت لتستيقظ من موتها، لولا قبلة. كما يخطر لي، من الطرف المعاكس، النهاية المأسوية، نتيجة التسرع وسوء الفهم، لمسرحية وليم شكسبير ( روميو وجولييت ) عندما وجد روميو حبيبته جولييت ممدة بدون حراك، شاحبة وباردة، فظنها ميتة، وانتحر. يخطر لي لو أنه مارس الحب معها للمرة الأخيرة، بدل ترديده لعبارات الحب والفقدان التي لا فائدة منها. لو أنه حاول أن ينقل إليها حرارته وشهوته، لتمكن، لا ريب، من إعادتها للحياة. لأنه على الأقل يكون قد أتاح لها الوقت اللازم للتخلص من تأثير الترياق، ومن ثم لاستعادت وعيها. لكنه آثر أن ... يموت بدوره لأنه لا بد أن يتصرف بالحمق الذي يصنع كل العشاق العظام. ولكن كيف لشكسبير أن لا يكتشف شيئاً كهذا! كيف له أن لا يعرفه! أجيب: شكسبير يعرفه، لا بل أن الجميع يعرفونه، ولكن، كأن الأمر ليس سوى تمثيل في تمثيل، في عصر متزمت، يكبل الأرواح كما يكبل الأجساد، واضعاً حدوداً أخلاقية لكل شيء. قلت إنها فكرة خرقاء هبطت علي دون توقع، ونقلتها لكم دون سابق قصد، ولكنها، رغم ذلك، تثبت ما أرى هذه القصائد تذهب إليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الجزء ( 3من 4 ) ويتبعه نص القصيدة وهو الجزء الأخير( 4 من 4 )



#منذر_مصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة المُحرَّمة - 2 من 4
- القصيدةُ المُحَرَّمَة : ( 1 من 4 ) ـ
- السِّيرك
- السِّيرة الضَّاحِكة للموت
- سوريا ليست مستعدةً بعد لأحمد عائشة
- ردٌّ على ردٍّ عمومى على رسالة خصوصية 3 من 2
- ردّ عمومي على رسالة شخصية 2 من 2
- ردّ عمومي على رسالة شخصية 1 من 2
- طراطيش حول الشراكة الأوروبية السورية
- أنا وهمنجويه ودانتي والمِقص
- قَصيدةٌ واحِدَةٌ كَتَبها محَمَّد سَيدِة عنِّي مُقابل10قَصائد ...
- مَاذا جِئتَ تَأخُذ ؟
- مكانة الشعر العربي الحديث والنموذج والانقراض
- القَصيدةُ المَجنونة ( 3 من 3) : المقاطع -11 إلى الأخير
- القَصيدَةُ المَجنونَة ( 2من 3) : الفِهرِس والمقاطِع ( 1إلى 1 ...
- القَصيدة المَجنونة (1 من 3) المقدمة
- خبر عاجل... شعبان عبود : أنا خائف
- زجاجات... لا أحد غير الله يعلم ماذا تحتوي!! بو علي ياسين – ا ...
- عراقي 6 من 5 منذر مصري : أخي كريم عبد... ابق أنت... وأنا أعو ...
- عراقي - 5 من 5 الحرب: ابق حياً- ليس سهلا إسقاط التمثال-احتفا ...


المزيد.....




- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر مصري - القَصيدة المُحرَّمة - 3 من 4