أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر مصري - أنا وهمنجويه ودانتي والمِقص















المزيد.....

أنا وهمنجويه ودانتي والمِقص


منذر مصري

الحوار المتمدن-العدد: 780 - 2004 / 3 / 21 - 07:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أرنست همنجويه : ( لا أكتب إلاَّ عَمَّا رأيت وسمعت )
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
لدي مشكلة ! أعترف. لا أستطيع أن أكتب عن أي شيء إلا بصفة شخصية . فكرت في البداية أنه قد جاء هذا بسبب كوني ، أو قل بسبب محاولتي أن أكون ، شاعراً . وليس شاعراً فحسب ، بل شاعراً ذاتياً ، الاتهام الذي عملت على نكرانه بقوة، ثم كعادتي في تصديق كل شيء سيء يقال عني ، قبلته وتلاءمت معه ، لا بل جعلت منه فلسفتي في الشعر ، مستغلاً تلك الفرصة التي يتيحها الفن لأصحابه، وهي إمكانية تحويل كل نواقصهم إلى مزايا !! ولكني ومنذ ثلاث سنوات تقريباً ، عندما بدأت كتابتي في الأمور العامة ، وجد الآخرون أني أُدخِلُ فيها الكثير الكثير من الأشياء الشخصية والأمور الخاصة. ومثل هذا إن كان يمكن تبريره في الأدب ، وربما كان مطلوباً في الشعر، فهو ، غالباً ، وخاصة إذا كثر ، ممجوج في الفكر والسياسة . وحتى في المتابعات والنقد الأدبي. فما بالك أن يكتب أحدهم نقداً عن شعرك فيقوم ويتكلم عن نفسه وعن شعره... أمر كهذا كان يحصل معي دائماً .
وبما أن شيئاً لا يُخفى على أحد ، فقد تنبه لهذه المشكلة عدد من الأصدقاء ونبهوني بدورهم ، منهم بلطف ومنهم بالقسوة التي أستحق ، وهو ما رحت أداريه ما أمكنني، وأحاول تفسيره بأني مازلت جديداً على هذا النوع من الكتابات . وبأني ، مثل غيري من أهل الكهف السوريين الذين أفاقوا من سباتهم الطويل فإذ بالناس يرتدون غير ثيابهم ويتكلمون غير لغتهم ، دونكم ما يضعونه على رؤوسهم، إلا أنهم تدبروا بعد حين أمرهم وتعلموا كيف يرتدون ويتصرفون ويتكلمون، ثياب وعادات ولسان زمانهم الجديد .. وبأني، لا بد، مع الأيام، سأتحسن وأتطور. ولكني رغم وعيي لهذه المشكلة واعترافي بها ، ومحاولتي معالجتها والشفاء منها ، الخطوات الأربع الموصى بها لمواجهة أي مشكلة! وجدتني لا أستطيع بسهولة ولا حتى بصعوبة التخلص من هذه الخصلة غير الحميدة التي التصقت بي. وحتى في كتابتي مثلاً عن اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية أنزلق رغماً عني بذات المنزلق ...دون أن أستطيع التشبث بشيء. إلا أنني بذات الصدق الذي دفعني للاعتراف بهذه الخصلة غير المحمودة ، لا بد لي أن أشير إلى أني سرعان ما أنجح في الخروج من خصوصياتي والالتفات إلى ما يخص الآخرين، وما هو عام، همي الأول والأخير ، إضافة لهموم عديدة أخرى بينهما ، في كل ما أكتب .
دانتي الألجيري : ( بدا من طولِ صَمته وكأنَّه أجش الصوت )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
منذ أول مقال لي في ( السياسة أو اللغط السياسي ) أرسل لي عدد من الأصدقاء تحذيرات صريحة: ( هذا ليس من اختصاصك ) و ( تبدو ركيكاً على نحو لا سابقة له .. انتبه ) ( تكتب وتسهب ولكنك لا تنتهي إلى شيء !! ) إلا أني بعنادي الذي أدين له بكل ما أنا عليه ، من جيدٍ وطالح ، رحت أتابع في الكتابة . وقد ساعدني على هذا عدة قناعات :
1- لست جيداً كفاية ولكن مع الأيام سأتحسن. بالتدريب والمواظبة لا ريب سأمتلك قدرات وعدة أفضل وسأكون أفضل! الجميع يتطورون، لا أحد ولد من بطن أمه فارساً صنديداً، أو كاتباً نحريراً. في جلسة مع ياسين الحاج صالح، قال لي أنه قد يبقى ثلاثة أيام لا يخرج من البيت يكتب! ولما أبديت له أسفي لأجله بسبب هذا، الأمر الذي وافقني عليه صديق ثالث يجلس معنا، هز ياسين رأسه قائلاً : ( ولكني استطعت خلال هذه السنين أن أطور قدرتي على القيام بشيء، لا عمل لي الآن سواه ! ) ياسين الذي كان كلما أرسلت له مقالاً مرفقاُ بقصيدة ما، يجيبني : ( أعجبتني القصيدة ) آخر رسالة منه كانت ( تحياتي يا صاحبي أعجبتني مقالتك ) !
2- ثم أن هناك، مهما ندر، من يعجب بكتابتي. أي أني لا أعدم أن أجد بعض الناس اللطفاء الذين ليس همهم أن ينقبوا عن معايبي ونواقصي في ما أكتب، بل أن يقبلوا مني أي شيء طريف وصادق. ففي مقالي ( خبر عاجل : شعبان عبود أنا خائف ) أرسل لي الكثيرون ما يشبه التهنئة، ومنهم من اتصل بي قائلاً : ( تسلم يداك على هذا المقال ) وقد قبلت إعجابهم وتهانيهم تلك، بمثابة علامة نجاح نلتها بعد تقدمي للمرة العاشرة لفحص القبول لوظيفة ذات راتب /100/ دولاراً ! وهذا راتب أولي كبير في سوريا. إلا أن هذا يستدعي المزيد من المسؤولية في الكتابة، والمزيد من التركيز. والمزيد من الوقت. وأنا في الحقيقة، ومنذ فترة، أذهب في اتجاه معاكس، وأشعر برغبة قوية للعودة إلى ما لا أصيب ولا أخطئ إلا فيه! الشعر، تلك الحبيبة التي تقبل أن تعطني أي شيء دون مقابل وتأخذ مني أي شيء دون شرط. ما لي وما لسواها ؟ .
3- رغم رغبتي بالتعلم ، والاستفادة مما يأخذه أي إنسان على كتابتي، فإنني غالباً ما أستخدم عذراً جاهزاً بمواجهة كل من يبادرني بنقد أو احتجاج حول هذه النقطة أو تلك في مقال نشرته، أو حول المقال برمته قلباً وقالباُ، وهذا العذر هو أني شاعر، وأني بالأساس لا أتنطع لهذه الأمور إلا لأدلي بدلوي كشاعر، تقودني الأحاسيس والتهيوآت، لا منطق أيديولوجي محدد ولا فكر حزبي جامد ، كما لا أنتمي لأي فصيل سياسي، أو نصف سياسي، معروفاً كان أم مجهولاً .. أي أني أكتب وأنا في أهاب الشعر، لا في رهاب السياسي ولا حتى المفكر. وأظن مقالي هذا هو خير دليل على ذلك، حتى يكاد يصلح في حال اتهامي بأي شيء سياسي أن آخذه معي وأقدمه إلى فرع المخابرات المشتاق لي والذي طلب مني أن أطل عليه خمس دقائق !
4- ليس ما يكتبه غيري أفضل من كتابتي، أو ربما من الأفضل أن أقول : ليس كل ما يكتبه غيري أفضل من كتابتي، وليس ذلك لأني قد بلغت من العمر ، وبلغت من التجربة، ما بلغت، بل لأني حقاً أرغب وأحاول أن أتعلم وأتحسن، لذا جلست وقرأت لمن هبَّ ودب، قرأت للجميع بدون استثناء، المعارضين والموالين والمعارضين الموالين ومن لا تعرف ماذا هم. وقد وجدت أنهم يصيبون ويخطئون، إن لم يكن بقدري فبأقل مني بقليل أو بأكثر من بكثير. وهذا طبيعي، ومن حقهم كما هو من حقي، ذلك لأنه، وهذا ما لا يختلف عليه أحد، وخاصة ممن يتابعون ولو جزءاً مما راح السوريون يملؤون به صفحات الجرائد والمجلات ومواقع شبكة الأنترنيت. حتى أن صديقاً لي يرأس القسم الثقافي في واحدة من أهم الصحف العربية قال لي رداً على استفساري عن مصير أحدى هذه المقالات التي أرسلتها له : ( يا أخي لا تكتب في السياسة ، أنتم السوريين عندما تكتبون في السياسة توجعون البطن!! أرسل لي قصائد، أنشرها لك فوراً !! ) أقول، ليس بالأمر السهل على فرد ما أو جماعة ما، مورس عليهم سياسة التخريس، أو سياسية الببَّغة، نهاراً وليلاً، سنيناً وعقوداً، أن يتكلموا، أول ما تنزع الكمامات عن أفواههم، كالبلابل. ليس بالأمر السهل! ولكن ليس بمستحيل، عباس بيضون نفسه قال لي : ( لا بد أن يقرَّ المرء بأنه في سوريا صار هناك كتاب سياسة حقيقيون ) وبالتأكيد لا أظنه يشملني معهم وأنا أشكره على ذلك، فأنا بالنسبة له رغم كل ما هذرت وهرفت، ما أزال شاعراً .

صوت مجهول : ( يا منذر يا مصري ... لسانك بدو قص )
ـــــــــــــــــــــــــ
منذ أن ابتعت هاتفاً بسكرتيرة ، رحت أتفنن بترك الرسائل، حتى أنه صار لدي جمهور من المتابعين لرسائلي! وإذا حدث مرة وأجبت على واحد منهم ، أقصد واحدة منهن، فإنها لا تجد حرجاً من أن تقول لي: ( لطفاً أغلق السماعة ليتاح لي أن أسمع رسالة اليوم !! ) وأقسم أن هذا قد حدث ... مرات. وغالباً ما تكون الرسائل مجرد خاطرة بنت لحظتها، وأحياناً تتابع في موضوع معين، كالحب أو الموت أو الشعر أو معاني الأزهار أو أي شيء له معنى وليس له معنى. الموضوع الأخير الأخير كان ( المقص ) ورسالتي الأولى كانت : ( المقص الذي جرحكِ / ما زال معلقاً في مكانه / أنا لم أغير موقع المقص ) أما الثانية : (المقص الذي جرحك مرة / أنزلته اليوم من مكانه / فقد اكتفيت من كثرة ما جرحني ) فإذ برسالة تتركها امرأة ، لم أستطع أن أميز صوتها، تقول : ( يا منذر يا مصري... لسانك بدو قص ) !
------------------------------------- اللاذقية 17/3/2004



#منذر_مصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قَصيدةٌ واحِدَةٌ كَتَبها محَمَّد سَيدِة عنِّي مُقابل10قَصائد ...
- مَاذا جِئتَ تَأخُذ ؟
- مكانة الشعر العربي الحديث والنموذج والانقراض
- القَصيدةُ المَجنونة ( 3 من 3) : المقاطع -11 إلى الأخير
- القَصيدَةُ المَجنونَة ( 2من 3) : الفِهرِس والمقاطِع ( 1إلى 1 ...
- القَصيدة المَجنونة (1 من 3) المقدمة
- خبر عاجل... شعبان عبود : أنا خائف
- زجاجات... لا أحد غير الله يعلم ماذا تحتوي!! بو علي ياسين – ا ...
- عراقي 6 من 5 منذر مصري : أخي كريم عبد... ابق أنت... وأنا أعو ...
- عراقي - 5 من 5 الحرب: ابق حياً- ليس سهلا إسقاط التمثال-احتفا ...
- عراقي - 4من 5- رسالة شاكر لعيبي
- عراقي 3من 5- المنفى والأرض والموت وقصيدة النثر العراقية
- عراقي 2من 5- الشعر: سعدي يوسف- مهدي محمد علي
- عراقي - 1من 5- المحتوى- المقدمة- نداء
- معادلة الاستبداد ونظرية الضحية - في الذكرى الثالثة عشر لوفاة ...
- محمود درويش : أيُّ يأسٍ وأيُّ أملٍ ممزوجين معاً في كأسٍِ واح ...
- عادل محمود لَم يخلق ليكون شاعراً !
- علي الجندي قمر يجلس قبالتك على المائدة
- أي نقدٍ هذا ؟
- بوعلي ياسين مضى وعلى كتفيه شال من شمس شباطية


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر مصري - أنا وهمنجويه ودانتي والمِقص