سلام مسافر
الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 09:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لعل ابرز انطباع سيخرج به القاري ، بعد ان يفرغ من كتاب باراك حسين اوباما
Dreams from my father
A Story of Race and Inheritance
ان الرئيس الرابع والاربعين للولايات المتحدة ، الذي استقبلته موسكو ، مطلع الاسبوع الماضي ، بطقس متقلب ممطر ، وبوعد على شراكة ندية ، يعتز بانحداره من اب افريقي ، وان البحث عن الهوية الاميركية لوليد من ام بيضاء واب اسود ، شكل المنحنى الشخصي لحياة تلميذ ، حملته الاقدار الى اكبر بلد اسلامي ، اندونيسيا ، ولم يبلغ العاشرة ، مع الزوج الثاني لوالدته الذي تعلم منه كيف يعارك الحياة .
ولان الكتاب صدر قبل عشر سنوات ، من وصول المحامي ورئيس تحرير المجلة الاكاديمية محدودة الانتشار " هارفرد لو ريفيو " ،الى سدة الرئاسة الاميركية ، فان القاريء يلمس ، صدق المؤلف ، في الحديث عن نفسه وعن اسرته ، باسلوب روائي ، قد لايتمتع به " باري " على الدوام ، الا ان الكتاب ، سيصنف على انه سيرة ذاتية ، خطها ، اسود كافح من اجل الحقوق المدنية لمستضعفي بلد المهاجرين ، والعبيد ، والسادة ، وفاحشي الثراء ، واجهزة تدبير الانقلابات في العام ، وكذلك بلد المنجزات الهائلة ؛ الولايات المتحدة الاميركية .
وفي كل الخطب التي القاها باراك حسين اوباما ، بدءا من خطابه امام برلمان تشيكا الى برلمان تركيا ومن ثم جامعة القاهرة ، واخيرا خطابه المسكوبي في مدرسة الاقتصاد ، حرص اوباما ، على ان يقوم بعملية " غسيل دماغ " للراي العام ، تهدف الى خلق صورة مغايرة عن الاميركي القبيح . وربما اقنع الرئيس الاميركي بعض مستمعيه ، بان البيت الابيض ، بساكنه الجديد ، يجدد اثاث العلاقات الدولية ، ويضيء ، انوار السلام ، بدلا من مشاعل الحرب .
ولكن هل يستطيع اوباما ، اقناع محاوريه بنواياه ، خاصة من اكتوت بلادنهم ، بشرر السياسات الاميركية ، واولئك المتضررين من النهج الاميركي ، المثقل بالخطايا والحروب ، وكسر ارادة الشعوب ؟
سؤال ، يدور مثل دورة الاسطوانة ، مذ ، عّلق باراك حسين اوباما ، لافتة " التغيير " على حملته الانتخابية ، وراح يتحدث بخطاب الشراكة ، وينعى عصر الامبراطوريات ، ويعد بعدم تدخل واشنطن في شؤون البلدان الاخرى ، ويعلن ان ديون الولايات المتحدة التي فاقت العشرة ترليونات دولار ، تؤرقه ، وتقض مضاجع لياليه في البيت الابيض ، ويناشد ، ولا يامر ، الدول الاخرى ، بالمساعدة في الخروج من الازمة المالية التي سببها التيتانيك الاميركي ، حين تنطع لقيادة اسطول الاقتصاد العالمي ، فغرق ، واغرق شعوب الارض بالويلات والبطالة ، والمجاعات .
هل يستطيع اوباما ، التمرد على المجمع العسكري الصناعي الولايات المتحدة ، والمراكز المالية ومختلف اللوبيات ، وهل يمكن للمحامي ، الذي يفخر باصوله الافريقية ، تجاوز " الاستبلشمنت " بكل مايعنيه هذا المصطلح ، من مؤسسات ، تشمل اجهزة الاستخبارات ، والامن والدفاع ، ومراكز البحث ، ودوائر صنع القرار ، في بلد ، يعتبر فيه الرئيس ، واجهة لكل هذه التجمعات . ولايقدر على القيام بخطوة واحدة ، دون ضوء اخضر من الحكومة الخفية ؟؟
وبفضل حيوية ، وشفافية ، المجتمع الاميركي ، بات العالم يعرف وبعد نصف قرن تقريبا ، ان الاستخبارات المركزية الاميركية ، نفذت خططا ، في الخارج وفي الداخل ، دون علم رؤساء الولايات المتحدة . منها مثلا ان الاستخبارات لم تطلع الرئيس ايزنهاور الذي كان يستعد للقاء الزعيم السوفياتي ، نيكيتا خروتشوف ، في موسكو ، على عملية التجسس في الاجواءالسوفياتية ، بتحليق طائرة " يو تو " والتي اسقطتها المضادات قرب مدينة سماره ، وسط روسيا ، مع ربانها ، باورس . وباسقاط طائرة التجسس ، اجهضت " سي اي ايه " مشروع " مصالحة تارخية " ربما كان الرئيس ايزنهاور ، يسعى الى تحقيقه مع خرتشوف ، ولربما كان سيخفف من حدة المواجهة ، ويوفر على ماكان الاتحاد السوفياتي ، اموالا طائلة ، انفقت على سباق التسلح .
صحيح ان انهيار الدولة السوفياتية ، وانفراط عقده ، جاء لاسباب تتعلق بالنية الايديولوجية ، المتهالكة لنظام بيرقراطية القيادات الحزبية الفاسدة ، الا ان الانفاق على سباق التسلح ، وحرمان غالبية السكان من وسائل العيش الكريم ، كان عاملا اساسيا في خلق المقدمات الموضوعية لانهيار الدولة التي شكلت ، واقع الحال ، معارضة رسمية على النطاق الدولي لسياسة الاميركية . وبانهياره انطلقت الجماعات الارهابية ، تملا الفراغ ، في مواجهة " الشيطان الاكبر " الاميركي .
الم يكن اذا ، في مصلحة احدى اهم واخطر مؤسسات " الاستيبلشمنت " الاميركية ، انذاك ، الابقاء على روح المواجهة ، والتصعيد ، ومواصلة سباق التسلح ، الذي يدر على المجمع الصناعي العسكري مليارات الدولارات ؟؟
والان ، حتى بفرض ان موسكو ، اجبرت، بالدبلوماسية ، او بالمقايضة ، او حتى باستعراض القوة ادارة الرئيس الرابع والاربعين للولايات المتحدة ، على الربط بين الامتناع عن نشر الدرع الصاروخية الاميركية ، المزمع اقامتها في تشيكا وبولندا ، وبين ابرام معاهدة جديدة للتقليص المتبادل للاسلحة الهجومية الاستراتيجية ، فهل ، يستطيع اوباما لي ذراع المجمع الصناعي العسكري ، المعني بالدرجة الاولى في " حرب النجوم " ذات التكلفة المالية الضخمة ؟؟
هل يمكن لاوباما ، ان يمضي في اعادة بناء " بيريسترويكا " العلاقات الدولية على اساس التكافؤ ، واحترام ، ارداة الدول والشعوب ، كبيرها وصغيرها ، والكف عن تدبير الانقلابات ، في البلدان " المارقة " وفق التوصيف الاميركي ، وفي نفس الوقت ، دعم وحماية انظمة القمع والجزع من الديمقراطية في اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية ، التي عاثت الاستخبارات الاميركية فسادا في بلدانها ، واجهضت كل التحولات الديمقراطية فيها وصولا الى احتلال بعضها ، لان من مصلحة " الاستبلشمنت " الابقاء على انظمة تدار " بالريمونت كونترول " لضرورات المصالح الاميركية ؟؟
واخيرا ، هل يعتقد الرئيس الاميركي ، ان الخطب الجميلة لوحدها ، كافية للقضاء على روح الحرب الباردة ، الحرب التي يستسقي امطارها الصفراء المجمع الصناعي الحربي ، حتى وان كانت سماء العالم صحوا ، مثل البلور ؟
في مقدمة كتابه يستشهد باراك حسين اوباما ، بالعهد القديم " لانا نحن غرباء امامك ، ونزلاء مثل كل ابائنا " .
النص اللاهوتي يعكس ، مدى ايمان الرئيس الاميركي ، بالقدرية . فهل يتمكن باري ، الذي قوى عوده ، برعاية " لولو " زوج والدته الاندنوسي ، ويحفظ لابيه الاوغندي ، باراك حسين اوباما حلم المساواة والداب في الحياة . ان يعارك اللوبيات ، والمجمع الصناعي العسكري ، ويغير عقلية اجهزة الاستخبارات ، بالخطب الجميلة ؟؟
وفي الانجيل ايضا " بالخبز وحده .... ؟؟
كاتب وصحافي عراقي مقيم في موسكو
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟