أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سلام مسافر - الباشا سوكولوفيتش والانكشاري بوش














المزيد.....

الباشا سوكولوفيتش والانكشاري بوش


سلام مسافر

الحوار المتمدن-العدد: 2180 - 2008 / 2 / 3 - 11:39
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في العام 1571 ، أنجز الوزير محمد باشا سوكولوفيتش ، بناء الجسر الحجري على نهر درينا الذي خلده الروائي اليوغسلافي إيفو اندريتش في روايته ( جسر على نهر درينا ) ، وحاز بفضلها على جائزة نوبل للأداب . تلك الرواية التي سجلت باسلوب يجمع الحكاية مع الوثيقة التاريخية ، قصةُ الكفاح المرير الذي خاضته شعوب البوسنة السلافيين مع الامبراطورية العثمانية . سلافيون مسلمون وصربيون أرثوذوكس وكروات كاثوليك .

الجسر المتربع منذ قرون على ضفتي نهر درينا العريض الصاخب بمدينة فيشيغراد ، دمرته طائرات وصواريخ حلف الناتو أثناء العدوان على يوغسلافيا السابقة منتصف التسعينات من القرن الماضي ، إلا أن تمثال إيفو اندريتش ، يشمخ الى الان في قلب بلغراد ، محدقا بجسر رمزي يربط زقاقين جميلين في الحارة العتيقة ؛ قرب المبنى القديم للبرلمان الصربي .

وكانت فكرة بناء الجسر التمعت في مخيلة الصبي ، الذي كانه الوزير محمد باشا سوكولوفيتش؛ حين إنتزعه الجنود الأتراك عنوة من ابويه ، مع مئات الاطفال ، وحملوهم في سلال من الاغصان المضفورة ، في قافلة خيول ، وسط عويل الأمهات ونحيب الأباء . وعندما دنت القافلة من ضفة نهر درينا الصخرية الوعرة ، في إنتظار المركب الذي سيحمل غنيمة الجندرمة العثمانيين ، أخذت أجساد الاطفال ترتعدُ من البردِ والخوفِ والجوعِ ، على ضفة النهر العارية ، ومياهه الثائرة ، ورسخت في مخيلة الصبي الذي صار بعد سنوات ، وزيرا ، صورة الأمهات النادبات على الضفة الاخرى للنهر، حين أشرعت السفينة بالحَمل الطَفولي ، وبدأت الضفة الاخرى تستطيل وتغيب رويداً رويداً الى أن تلاشت مع الأمهات الثكلى .

أرتبط المشهد المؤلم ، بنهر درينا الصاخب ، في وجدان الصبي ، الذي أرغم مع المئات من أقرانه على إعتناق الأسلام . حتى كبر ، ليصبح ضابطاً كبيراً في البلاط ، فوزيراً . وفي ذات يوم ، و لما يفارقه مشهد الإنتزاع القسري من والديه ، طرأت في ذهن محمد باشا سوكولوفيتش ، فكرة بناء جسر عظيم فوق ضفتي درينا الصخريتين ، ليشفي جراحات ذاكرته المعذبة ، وليساعد سكان فيشغراد ، مسقط راسه ، على قهر النهر الثائر بجسر صخري عملاق.

إنقضت خمسة قرون على الجسر قبل أن تقذفه قنابل الناتو " الذكية " بحممها ، إلا أن المَغزى التأريخي والأخلاقي ، واللوجستي ، يبقى غائراً في عقول وقلوب كل شعوب يوغسلافيا السابقة التي تمزقت ، إثرالإعتداءات الاطلسية المتلاحقة ، ومهددةً اليوم ، بإنفصال كوسوفو عن صربيا بدعم وتشجيع من الولايات المتحدة التي تلعب في البلقان دورالجندرمة . والفرق ليس كبيراً بين أساليب الإنكشارية العثمانيين ، وقوات المارينزالأميركان.

في القرن السادس عشر ، بلغت الامبراطورية العثمانية أوج قوتها ، فلم تجد غضاضة في إجبار أبناء الشعوب الخاضعة لها على إعتناق الاسلام الحنيف الذي يفتتح قرانه الكريم بكلمة ( إقرا ) ويحظرإكراه الأخرين على اعتناق دينٍ ، بشر الناس بالكلام الحق ، وجادل بالتي هي أحسن . وعفى عن المشركين .

سلاطين الدولة العثمانية ، إستخدموا الإسلام ، أداةً للقمع خلافاً لكل قواعده وشرائعه السمحاء . واليوم فان الولايات المتحدة ، التي لم يتردد رئيسها ، جورج دبليو بوش عن القول بانه يشن
( حربا صليبية ) على العراق وأفغانستان ، تشجع على إنفصال كوسوفو ، لتزرع لغما أخر في البلقان ، لايمكن إلا أن ينفجر عاجلاً أم أجلاً.
الصرب الذي لم يشاركوا في الحملات الصليبية على المشرق العربي ، بل قاوموا هيمنة الفاتيكان على مصائر المسيحيين المؤمنين ، يعتبرون كوسوفو ، الجذر التاريخي لدولتهم ، ومنبع تراثهم الروحي والثقافي . وعلى مدى قرون عاشوا بإخاء مع الألبان ، ومع ظلهم السلافي الذي دخل الإسلام ، طوعاً أم جبراً كالوزير محمد باشا سوكولوفيتش .

الولايات المتحدة تشن حربا ( صليبية ) بقاذفات بي وان وصواريخ توماهوك ، وبترسانة من أحدث الأسلحة تجربها على الأحياء في أكثر من بلد ، معظمها إسلامية ، تريد لالبان كوسوفو دولة ، فيما دمرت دولاً قديمة مثل العراق يزيد عمرها على الستة الاف سنة . وحطمت كل أمال الفلسطينيين ، سكان الارض المقدسة ، في إستعادة أراضيهم وبيوتهم ، وفي عودة المياه الى نهر الاردن ، مغطس السيد المسيح .

واشنطن ، تقرا أسوء فصول التاريخ ، وتأخذُ من الامبراطوريات ، كل اساليب القمع والإبادة ، وتكررغطرسة الجندرمة والإنكشارية العثمانين تحت لافتة بناء عالم جديد .

سيعلن البان كوسوفو الاستقلال من جانب واحد ، بغض النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية في صربيا . وسيدخل البلقان التي كانت فتيل الحرب العالمية الاولى ، في جولة اخرى من الحروب والنزاعات الأثنية والعرقية والدينية .
الصرب الارثوذكس يقرعون أجراس الكنائس ، والصرب المسلمون يكبرون الله تعالى في مساجدهم . لم تضج مدنهم ، بلعلعة البنادق ،ولم تختنق برائحة البارود إلا حين ، أمسك البيت الابيض وبعض حليفاته الغربيات ، بالعصا وبدأوا يدخلون الناس كالقطيع في دين جديد عنوانه الكراهية. وإذا كان البعض في العالم العربي والاسلامي يرى في إنفصال كوسوفو نصراً وفتحاً مبينين ، فالأجدر بهم الإلتفات نحو دماء المسلمين والمسيحين والصابئة وغيرهم من عباد الله التي تسيل في العراق وفي فلسطين وفي أفغانستان ، وفي كل بقعة من العالم ، تبث الادارة الاميركية " مبشريها " في حاراتها المتعايشة بسلام منذ الازل .

بنى محمد باشا سوكولوفيتش جسرا على نهر درينا ليربط الشرق بالغرب . ولم يقتلع الجندرمة جذوره فبقي وفياً لاهل بلدته في البوسنة . وياتي الإنكشاري جورج دبليو بوش ليدمر كل الجسور ويقطع حبال المودة بين الشعوب.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفلة سمر من اجل العراق
- تعري الحيزبون
- احزان لادا البغدادية
- لماذا يخافون ( الشرقية ) ؟
- نجاسة المنطقة الخضراء
- اية الله حسن نصر الله
- الاميركيون يحتقرون العملاء
- نرمين لاتحزني ذاكرتنا العطرة اقوى من جيفهم
- احفاد الكاظم تحت قبة البرلمان
- ماتم بلا حدود واكاذيب بلا رقيب
- ما لم تقله كوندي
- العين الدامية
- التحرش الانتخابي
- حكومة السراديب
- عند جون الخبر اليقين


المزيد.....




- -انفجار غيوم- يودي بحياة 300 شخص بفيضانات في باكستان وجزء كش ...
- اختفت في ثوانٍ.. عملية سطو في وضح النهار تكلف متجر مجوهرات م ...
- منها حديث حصل لا يعلمه سوى بوتين وترامب بألاسكا.. ملخص سريع ...
- لماذا تعتبر معركة كردفان حاسمة في الحرب السودانية؟
- 18 قتيلاً في كارثة سقوط حافلة بوادي الحراش بالجزائر.. حداد و ...
- باكستان ـ حصيلة ضحايا الأمطار الموسمية تتخطى حاجز الـ 600 قت ...
- -إتش تي سي- تعود مجددا للساحة مع نظارات ذكية تنافس -ميتا-
- مظاهرات حاشدة في عواصم عربية وغربية للتنديد بحرب غزة
- السيطرة على 80% من الحرائق بريف اللاذقية الشمالي
- بعد تحذيره النووي.. رئيس روسيا السابق يعلق على لقاء بوتين وت ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سلام مسافر - الباشا سوكولوفيتش والانكشاري بوش