سلام مسافر
الحوار المتمدن-العدد: 1683 - 2006 / 9 / 24 - 10:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وحدهم مستوطنو المنطقة الخضراء لايرون في العراق حربا ، ولا في سجونه تعذيبا
وقتلا ، بل ويزايدون على اسيادهم في البيت الابيض ، بالحديث الممجوج عن الديمقراطية وحقوق الانسان .
فالعراق ، وفق خطاب المالكي في الكونغرس قبل شهرين ( يعيش بلا اغلال ، حيث سيادة القانون فيه لايعلو عليها شيء ) .
ولاح ان رئيس حكومة الاحتلال الرابعة ، يفهم استراتيجية واشنطن في العراق ، وان الحفاوة التي استقبل بها من اركان ادارة بوش ، تجسد " التحالف الاستراتيجي " بين الحاكمين في المنطقة الخضراء ، والبيت الابيض . بيد ان زيارة عادل عبد المهدي الاخيرة لواشنطن ، كشفت عن ان مستوطني المنطقة الخضراء مثل الاطرش بالزفة . فقد ذكرت الصحافة الاميركة ، ان عادل عبد المهدي الذي تصفه " واشنطن بوست " بانه " احد اهم حلفاء اميركا في التحصير لاطاحة صدام حسين " ؛ حج الى واشنطن سعيا وراء معرفة الجواب عن سؤال يؤرق السيستاني . ووفقا للصحيفة الاميركية ، فان عبد المهدي سال اوليائه في واشنطن فيما اذا كانت ادارة بوش متمسكة بوعودها ، مشددا على ان المرجع السيستاني " متمسك بالديمقراطية والدستور " ويريد معرفة " حقيقة الاستراتيجية الاميركية في العراق " . وذكرت " واشنطن بوست " ان مبعوث " المرشد الاعلى " سال الاميركيين مذعورا " هل حقا تريدون الانسحاب من العراق " ؟؟
واكمل جلال طالباني في واشنطن ، تزويق اللوحة المزيفة عن العراق الذي يعيش
حربا ، افنت على مدى الشهرين الاخيرين ، وفق تقرير بعثة الامم المتحدة في بغداد ، زهاء سبعة الاف مدني ، على يد قوات الاحتلال ، وفرق الموت الطائفية والجريمة المنظمة وحروب المافيات .
وبوقاحة ، معهودة من خدم الاحتلال ، خرج المتحدث باسم المالكي ، ينتقد تصريحات الامين العام للامم المتحدة التي حذر فيها من ان العراق يواجه خطر الانزلاق " في حرب اهلية شاملة " . وبحذلقة القصخون ، عبرعلي الدباغ ، عن " الاسف " من تصريحات انان . وقال" الخبير بشؤون الحوزة " و النائب السابق عن ائتلاف الحكيم ، ومن ثم المرشح عن" الكفاءات " ، واخيرا الناطق باسم حكومة الاحتلال الرابعة ، ان تحذيرات كوفي انان " لااساس لها " . ولم يقدم الدباغ الذي غير على مدى ثلاثة اعوام من عمر الاحتلال ، وظيفته ، والقابه " العلمية " مرات ومرات ، دليلا واحدا على عدم صحة تحذيرات الامين العام للامم المتحدة ، الذي قرر وهو يغادر البيت الزجاجي في نيويورك ان يقول الحق ، ليس خوفا من عقاب الاخرة ، بل لان الدبلوماسي العالمي ، يمتلك شرفا ، ينقص كل مستوطني المنطقة الخضراء صغيرهم وكبيرهم ، وزيرهم ، وقاضيهم ، دانيهم وقاصيهم .
ومع ان انان تحدث خلال اجتماع حضره جلال طالباني في مقر الامم المتحدة ، الا ان حكومة الاحتلال الرابعة ، الغارقة في الجهل والجرائم والفساد ، انزعجت من صراحة الامين العام للامم المتحدة القائمة على معلومات ، لاتحول بينها وبين طلباني ومالكي غير غشاوة العملاء . وقال عنان ان "حياة الشعب العراقي اليومية التي يهيمن عليها التهديد المستمر للعنف الطائفي والنزاع المدني .. ينفطر لها القلب".
هذا مافاض به الامين العام للامم المتحدة الذي يغادر ، بقلب كسير ، منصبا حولته الولايات المتحدة الى " خراعة خضرة " بدوسها على الاعراف والقوانين الدولية ، وشنها العدوان تلو الاخر على امم وشعوب الارض ، وتنصيبها العملاء والقتلة حكاما ، وممارسة ابشع انواع الانتهاكات التي لاتنفطر لها قلوب ، طالباني ومالكي وقبلهما الجعفري وعلاوي ممن كالوا المديح لبوش على جرائمه في العراق .
وبعد نحو يوم من تحذيرات انان ، كشف مانفرد نوفاك محقق الامم المتحدة الخاص ، إن التعذيب يمارس في العراق بوتائر اعلى مما كان يمارس ابان حكم صدام حسين . .
وقال نوفاك في تقرير الى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف إن المعلومات التي وردته من العراق تشير الى ان التعذيب في ذلك البلد " خرج عن السيطرة تماما " .
وقال المسؤول الاممي: "ان الوضع بلغ من السوء بحيث يقول كثير من الناس إنه اسوأ مما كان عليه ابان حكم صدام حسين." . مشددا على إن الادعاءات التي وردته بشأن التعذيب لا يرقى اليها الشك، وان الحكومة العراقية " متهمة بممارسة التعذيب خصوصا في السجون ومراكز الاعتقال " .
وقال "إن الحكومة العراقية تواجه انهيارا شاملا في الامن وحكم القانون، مما يشكل تهديدا حقيقيا لكل المؤسسات في البلاد" .
بازاء هذه الصور التي يرسمها موظفون امميون ليسوا من " ازلام النظام الصدامي " كما يحلو لمستوطني المنطقة الخضراء ، وصف كل ناطق بالحقيقة ، فان مخاوف مبعوث السيستاني ،الى البيت الابيض ، من انسحاب مبكر لقوات الاحتلال ، وغضب المتحدث باسم المالكي ، من تحذيرات انان ، تكشف عن ان حكومة الاحتلال الرابعة ، غير معنية بالتقارير الدولية عن العراق المحترق ، وترفض الاعتراف بالعجز ، في حين ، يشغل مسعود بارزاني ، اهلنا في العراق ، بانزال العلم ، وبتوتير الاوضاع في كركوك ، تحقيقا لمقولة ، اطلقها قبل اكثر من عام ، بان الانفصال يصبح امرا لامناص عنه ، اذا نشبت حرب اهلية في العراق .
وما يجري اليوم ، تحقيق لتوقعات " العراف " مسعود ، الامر الذي يذكي التكهنات بان حزبي بارازاني وطالباني ، معنيان بتسعير الاقتتال الطائفي ، تحقيقا لحلم الانفصال ، الذي يحق للاكراد الحصول عليه ، ولكن ليس بعد ان يحرق الاخوين جلال ومسعود الاخضر واليابس في العراق . وتبدو تملقات عدنان الدليمي ، وغزله المشين مع " مام جلال " ، مشهدا مكملا للانحاط ، حين يتخلى رئيس كتلة " الوفاق " عن الشعارات التي لوح بها قبل ان يعين مستشارا لطالباني مع جوقة مستشارين برواتب مجزية ، لا وظيفة لهم غير قولبة الراي العام ، وتسميم العراق بالاكاذيب ، بعد ان سمم الاحتلال ، ارضه ومياهه وسمائه بالموت والدمار .
وعلى خلفية المشهد الدموي لعراقنا ، فان دعوات المصالحة ، ومؤتمرات العشائر ، يراد منها تاجيج العواطف للتغطية على مرواغات الاحتلال الذي تعهد لمبعوث السيستاني ، البقاء في العراق حتى ظهور المنتظر، وربما بعده ، لان فيدرالية الحكيم ، لن تقوم الا بالاجهاز على ماتبقى من العقول في العراق ، العقول التي لاتؤمن بالغيبيات الساذجة ، وترفض حكم اللصوص والقتلة ، ومرجعيات فرق الموت . ولهذا فان المثقفين اول المستهدفين برصاص المليشيات الطائفية . وليس مصادفة ان يسقط كل يوم عشرات الاطباء والمهندسين والصحافيين ، واساتذة الجامعات والموظفين المتعلمين . فالعراق في المنظومة الطائفية ، يجب ان يفرغ من عقوله النيرة الخصم اللدود للتحاصص والتمذهب السياسي . ليسهل على جباة الخمس ، التمتع بقيادة قطيع لايفقه في امور دنياه غير
! الخرطات " في " فقه النجاسة " ، فيموت جهلا .
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟