أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - جهاد علاونه - الإحتراف في الحوار المتمدن















المزيد.....

الإحتراف في الحوار المتمدن


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2690 - 2009 / 6 / 27 - 09:46
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو التعليق الذي نزل الآن على مقال أنثوية العلم , حيث تقول المعلقة أنه يجب أن أكون صحفياً في ...., وعددت أنواع صحف , والموضوع عندي أصلاً مرتبط بالإحتراف , فأنا أحاول الإحتراف , والإحتراف ليس إتقان المهنة بل الإحتراف يكون في العيش في سبيل المهنة ومع المهنة وللمهنة ولشرف المهنة, ولحب المهنة والموهبة .

الإحتراف أن تنقطع عن العالم من أجل أن تتصل بالذي تحبه , والإحتراف أن تموت بداخلك كل الشهوات وتبقى لديك شهوتك التي تحبها , وشهوتي هي في الكتابة , فأنا ممتهن كتابة وشبق جداً ومستعد لبيع أغلى شيء عندي من أجل أن يحيا فني , ومستعد لقتل كل شيء حولي من أجل أن تعيش موهبتي , كالشجرة أو النبتة التي نقتل ونقص كل الطفيليات والسراطانات التي تنمو بجانبها وحولها من أجل أن تعيش الزهرة التي نحبها , وأنا أقتل كل شيء طُفيلي وسرطاني ينبت حول موهبتي وصحيفتي صحيفة الحوار المتمدن .

والإحتراف يشبه مقولة نزار قباني : أن تمسك مقصاً وتقطع كل الأسلاك التي تربط جهازك العصبي بالمؤثرات الخارجية .
وهذا يعني أن تنقطع عن العلم والناس , يعني أن تبقى مع موضوعك مع فنك , ومن أجله ليلاً ونهارا , يأكل معك ويشرب معك وينام معك ويستحم معك .

ويسألني كثيرٌ من الناس عن سبب تمسكي بالحوار المتمدن , وفي الحقيقة أن تمسكي في الحوار المتمدن مرتبط في موضوع الإحتراف , فأنا أفكر بالإحتراف الصحفي في الحوار المتمدن , وعملية الإحتراف في أي مهنة سواء أكانت ثقافية أو رياضية أو سياسية لا ترتبط حقيقة بقيمة العمل الفني الذي يقدمه المحترف , فهذا يأتي في الشطر الثاني من الموضوع .
إذاً ما هو الإحتراف؟
الإحتراف هو الذي تعلمته أنا , فأنا وأنا أمشي في الأسواق أراقب ما يجري حولي وأفكر بكل كبيرة وصغيرة وفي نهاية يومي أجعل مما شاهدته وسمعته مقالاً صحفياً, وحين أدخل الأسواق, وحين أمشي للعمل وحين أعود للمنزل وحين, أكلم الناس أحاول في كل لحظة من تلك اللحظات خلق فكرة جديدة للكتابة , أو حين أفتح التلفزيون وأستمع للروتانا طرب , فإنني أجعل مما أشاهده فكرة لكتابة مقال صحفي إبداعي في الحوار المتمدن .

الإحتراف يشبه مقولة الشاعر المصري مأمون الشناوي حين سألته الست والقصبجي بعد أن كتب لها قصيدة (أنساك؟) , إنت إزاي بتكتب القصيدة ؟ فقال : أنا ما بكتبهاش أنا بتنفسها تنفس , آشعر بها في الشهيق وفي الزفير , هذا هو الإحتراف.

والإحتراف أيضاً في مقولة نزار قباني النثرية وهي : الشعرُ دخل حياتي وفرشاة أسناني ومنشفتي , وماكينة حلاقتي .


والإحتراف أيضاً مقولة أحد المعجبين بنزار قباني حين زاره وهو قنصل عام في إسبانيا , فقال له : يا أستاذ إنت شاعر كبير , ليش قاعد هون , بتختم ورق وبتمضي ورق وبتضيع عمرك وشبابك وانت بتمضي أوراق وبتختّم أوراق , إنت شاعر عظيم ما حدى بقدر يحتل مكانك , أما مهنتك هاي , ممكن أي شخص يقعد مكانك ويظله من الصبح للمغرب وهو يختم أوراق ويكتب ويوقع .

وهذا الشخص جاءت منه تعابير عن الإحتراف عفوية , ومن يومها فكر نزار قباني بما قاله له الرجل وغير من حياته للإحتراف في الكتابة الشعرية الإبداعية .
الإحتراف أن تعيش للمهنة أو للموهبة التي تفكر فيها والتي تعشقها وتحبها , وأن فعلاً أعشق الحوار المتمدن كما أعشق محبوبتي ....وأتمنى أن أقضي كل عمري معها بعيداً عن الألف باء التقليدية , الإحتراف هو أن تجعل الشمس تشرق من أجلك , لقد قال لي مرة أحد الفنانين الموسيقيين : إنني وأنا أستمع ُ لفريد أشعر أن الله خلق العود والموسيقا من أجله هو , من أجل أن يعزف هو عليها , وهذا هو الإحتراف , أن تجعل من الأشياء المعادية أشياء صديقة تتأقلمُ معك وتتأقلم معها ,وأن يكون جسمك وعقلك وقلبك وذهنك مشغولٌ بها , فأنا أترك العُمال والفنيين الذين أعمل معهم من أجل قراءة بريدي أو من أجل مراقبة التعليقات التي تأتيني على المقالات التي أكتبها , ومهما كانت الظروف لا أسألُ عنها فأنا أعيش فقط من أجل مهنة الكتابة والقراءة التي أحبها .

وصدقوني قبل أن أكتب أي مقال قرأت ُما يقرب ُ من 15 خمس طعشر سنة متواصلة (خمسة عشر عاما) دون أن أكتب مقالاً واحداً , وهذه المدة كنتُ فيها عنيدا ومصرا على عنادي وكل الناس كانوا وما زالوا يقولون لي أنت مخطأ(مخطي) يا جهاد غير من إسلوب حياتك , ومع هذا أنا سعيد جداً بأخطائي التي إرتكبتها منذ زمن وسعيد بأخطائي التي ما زلت مصرا على إرتكابها .

حتى وإن إرتكبتُ جرائم لغوية وخرجتُ عن المألوف الديني واللغوي فأنا سعيد جداً بجرائمي , حتى وإن تعمدتُ مخالفة العادات والتقاليد فأنا سعيد جدا , وكثير من الناس من يلاقيني في الأسواق وهم يقولون لي: إنت بعض كتاباتك عيب عليك وعلى شرفك العائلي , إنت إبن عشيرة وقبيله محترمه وأهلك محترمون عيب عليك أحياناً تكتب هيك , ومع ذلك أنا سعيد جداً , لأنني أصلاً نتقصد إثارة الناس وسيأتي يوم عليهم يصبحون فيه أكثر مني تطوراً وسيكتب أحفادهم عني من أنني كنت غير متطور جداً وجبان , وهذا يعني أنني متأمل أنه سيأتي جيل أوقح مني وأجرأ مني .

أخطأت ُ كثيرا وما زلت أخطي ولا أصيب وما زالت أخطائي تلاحقني مثل ظلي وتمشي معي مثل الدماء التي في عروقي .

الإحتراف أن تجعل كل شيء يسير بصالحك , وأن تجعل من الحجر أو الجماد وردة جميلة حين تلمسها بأدواتك الفنية , فكم من الكتابات غيرت أنفس وكم من الكلمات التي غيرت أيضاً مسار تقرير مصير إنساني , الكلمة الصادقة تجعل من العمل الإبداعي عملاً صادقاً أيضاً يعيش معه المتلقي كل لحظة بلحظة .

هذا هو الإحتراف , وهو أن تجعل كل شيء يسير وفق موهبتك وفنك , وأن تجعل الظروف المحيطة بك تتلائم مع موهبتك , فأنا ظروف العمل رغم أنها لا تدرُ عليّ ربحاً مالياً وفيراً غير أنها مناسبة جداً جداً لموهبتي , مناسبة جداً جداً , فلو كنت في ظروف عمل أخرى وأكسب ُ منها مالاً وفيراً لما أبدعتُ عملاً ثقافياً واحداً, وفي تلك اللحظة ستجدني أبحثُ عن أدوات جديدة لكي أخلق من الظروف الجديدة ظروفاً أخرى تكون مناسبة لأجواء الكتابة , أنا كل الظروف المحيطة بي قاسية غير أنها توفرُ لي ظروفاً جيدة للكتابة وللإبداع , فأنا معظم أيامي تقريباً أقضيها وأنا أتابع الحوار المتمدن ,وأبقى أفكر في كيفية قهر الظروتف لكي يتناسب كل شيء مع كتاباتي .

لذلك يفشل الأدباء والكتابُ في حياتهم الفنية لأنهم لا يعيشون لفنهم وكتاباتهم , فاليوم بطريق الصدفة إلتقيت بزميلة لي وزوجها في السوق كان هو أيضاً مبدعاً , وقالوا لي نحن نتابعك على النت فقلت لهم : ليش إنتوا ما تكتبوا والله كنتوا إثنيناتكم مميزون في القصة القصيرة , فقالت لي زوجته : البيت والأولاد وشغلنا في الغربه , وقال الزوج العمل والفلوس والآن بنفكر بجمع المصاري على شان المستقبل ...إلخ.

وبعد ذهابهم قلتُ بنفسي : لو أن الظروف التي أحاطت بهم أحاطت بي لما كتبتُ مقالاً ولا قصيدة واحدة ولا قمتُ بتأليف كتاب واحد.
إذاً أنا حياتي وإسلوبها هي إسلوب الإحتراف , فأنا أتنفس الكلمة والحرف وألتصق بالجملة المؤثرة وأضاجع القصيدة كما أضاجع إمرأة جميلة , أنا كل حياتي لفني وأدبي ومقالاتي , وحين أدخل المنزل أتوجه للحاسوب لطباعة مقال قبل أن أخلع حذائي من قدمي , وأحيانا بعد أخذ حمام منعش, أنا أعيش لفني كما تعيش المرأة لأولادها , وأتمسك بفني ففني أعزُ على نفسي حتى من أولادي .

وبالرغم من أنني أحبُ أولادي جداً ومستعد للتضحية بأي شيء في سبيل إسعادهم غير أنني مستعد للتضحية بهم في سبيل أن يبقى فني في سلم الأولويات الهامة في حياتي .
أنا أعيش وغيري من المحترفين لفنهم مهما كانت الظروف إننا في ذلك مثل سرير (بروكست) وهو سرير كان يأتي عليه بروكست ومعه ضحاياه فيقيس الجثث وطولها على طول السرير والتي تأتي أطول من السرير يقوم بقصها على قدر حجم السرير , وكذلك هو الإحتراف أن تجعل كل شيء على مقاسك.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في بيتنا روسيه
- أنثوية العلم
- أنا هذا اليوم
- من العصر الأنثوي إلى العصر الذكوري
- أعطونا الطفوله
- الحرية مسألة شخصية
- ظل راجل ولا ظل حيطه
- رسالة من امرأة عادية
- بإنتظار رسالةٍ مهمة
- يوم سعيد
- لو كنتُ مواطناً أوروبيا
- إعتذار للحوار المتمدن
- خفة دم مصطفى أمين
- جلالة الإنبراطور باراك أوباما
- إنتصرنا في كل المعارك
- أنا
- امرأة ليبرالية مظلومة
- اللهم لا تنصرنا على أمريكيا
- إخترنا لكم : بان الخليط
- تحت رعاية وزير الثقافة الأردني , حفل توقيع كتابي الثاني


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - جهاد علاونه - الإحتراف في الحوار المتمدن