أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جهاد علاونه - من العصر الأنثوي إلى العصر الذكوري















المزيد.....



من العصر الأنثوي إلى العصر الذكوري


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 09:34
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


وأن أول مفهوم (للعائلة)عرف بسبب الالتقاء المنفعي بين الذكر والأنثى وذلك لتقاسم ما حصلت عليه الأنثى من (ثمار)(4) على اعتبار أنها هي جامعة الثمار، واقتسام ما حصل عليه الإنسان الذكر وكان الرجل في وقتها يخاف من المرأة لأنها تحيض وتلد وكان يجهل أن له علاقة بالإنجاب وهذا السبب طوّر مفهوم المرأة الخالقة وهذا هو أول تقسيم وظيفي بين المرأة الأنثى والرجل الذكر، وهذا كله بسبب اختلاف بيولوجي كبير بين المرأة الأنثى والرجل الذكر، ولأن طبيعة الحوض عند الرجل أضيق منه عند المرأة الأنثى ب¯(30ْْ) فأنه تفوق عليها بسرعة العدو(5) والهرب بسرعة من الحيوانات المفترسة واعتقد إن هذا هو السبب الذي أدى بالتالي إلى نعومة الأنثى وخشونة الذكر ويرى مؤلف كت¯اب (بنو الإنسان) (انه ليس من الحكمة تعرض الإناث للخطر مع صيد الوحوش لأنهن ينجبن الذكور)(6) وبالتالي بقيت المرأه جامعه للثمار لان طبيعة الحوض عندها أوسع من الذكر.

ولتدعيم هــذا الكلام النظري، فقد جاء في الموسوعة الطبية(7)، أن الإنسان تطــور من مشية انحناء الركبتــين إلى مشية الإنسان الحديث الرشيقة، وهذا هو الذي أدى إلى تغير شكل الحوض وحلت بالقدم وإبهام الرجل بعض التعديلات، وكذلك تغيرت اليد بحيث اصبح الإنسان قادرا" على الالتقاط بالإبهام والأصابع كما يظهر حاليا" في الشكل رقم(1).

وجاء في الموسوعة، أن الشرق الأدنى هو المكان الذي خطا فيه الإنسان خطوته الثانية، حيث سيطر الشرقيون الأوائل على بداية تدجين الحيوانات، ونشأت الزراعة خلال العصر الحجري الحديث ويعود عهد المدن اليها ومنذ ذلك الوقت أخذ سكان العالم بالتزايد(8).
لذلك نستطيع أن نجــزم أن الإنسان لم يولـد وفي فمه ملعقة من ذهب ، فقد نشأ الإنسان البيولوجي وبعد ذلك تطور عبر مراحل عدة وما يسمى بالانتخاب الطبيعي ، وهذا أدى بدوره إلى انتخاب ثقافي وحضاري آخر كما يقول (أر نلد توينبي) في نظريته عن (التحدي والاستجابة) وبعد ذلك تطور (الإنسان الإيديولوجي) ظهرت الفروقات الاجتماعية بسبب تطور وتقدم وسائل الإنتاج البدائية فلقد استخدم الإنسان(النحاس الأحمر)(9) أولاً ثم طور بعد ذلك مزجه (بالقصدير) لينتج(البرونز) والصناعة البدائية من المعادن هي التي أدت إلى ظهور طبقات اجتماعية مثل (السماك، القناص،والمحارب ،وجابل الصوان، والطيان....الخ)(10) فصار الناس ينظرون إلى هذا على أنه سماك، وهذا على أنه محارب ، وهذا صياد.......الخ ولكن الفروقات الاجتماعية بين الذكر والأنثى لم تكن معروفة بعد، وكلما تقدم الانسان علمياً وصناعياً كلما اصبح بينه وبين من لا يتقدمون عليه فوارق اجتماعيه وطبقية وعندما اندثرت حضارة أو عصر (إنسان النانيدرتال) نحو (35000) منذ ذلك الوقت تقريباً إلى (10،000-7000ق.م) بدأت تظهر بدايات الحضارة العالمية عبر بزوغ نورها من الشرق الأوسط أو قل من الشرق الأدنى وحوض البحر الأبيض المتوسط مهبط الوحي ومهبط الديانات السماوية، حيث بدأ هنا الإنسان يتعاطى بالزراعة ويدجن المواشي، وبدأ الاستقرار، بسبب تدجين بعض الحبوب الزراعية وبعض الحيوانات، وأصبح الإنسان يعامل نفسه كما يعاملها من حيث، الاستقرار، وتدجين الإنسان لنفسه .لأنه أصبح يلازم المواشي ويلازم المزروعات الزراعية وبذلك اصبح يعمم على نفسه وعلى الآخرين مفهوم التدجين والاستقرار والملكية الفردية، ولهذه الإنسباب إكتشف الإنسان أنه مسؤول عن الإنجاب مثله مثل المرأة وذلك عن طريق مراقبته للحيوانات جنسياً ، ولهذا الأسباب بدء مفهوم العائلة بالإنتشار ولكن كلمة عائلة ، لم تكن معروفة إلا في دولة المدينة اليونانية وكان كلمة (Family) تطلق أولاً على مجموعة العبيد الذين ينحدرون من أمٍ واحده وأب واحد. وبدأ أول ازدياد سكاني ملحوظ في العالم قبل انتشار مفهوم العائلة، فقد بلغ عدد سكان الشرق الأدنى عام(10000ق.م)(100)مائة ألف نسمة تقريباً وازداد بعد أربعة آلاف عام بزيادة ملحوظة حيث ارتفع عام(6000ق.م) ليصل إلى (3) ثلاثة ملايين نسمه وهذا أن دل على شيء فأنه يدل على الاستقرار السكاني في الشرق الأدنى(11)، بسبب ظهور الزراعة (*)أو الثورة الزراعية البدائية التي لم تصل في ذلك العصر إلى مستوى فائض الإنتاج المطلوب إلاَّ قبل مائة عام أو خمسين عام من تأليف هذا الكتاب، لقد كانت تموت قرى كاملة ومدن بسبب ارتفاع عدد السكان وانخفاض مستوى فائض الإنتاج، كما حدث في الصين عام 1930 بعد الميلاد وهذا يدل دلالة ثابتة على أن فائض الإنتاج هو المسؤول عن ازدياد عدد السكان ففي الوقت الذي ظهرت به الزراعة قبل الميلاد كانت نسبة عدد السكان في العالم موزعة على حسب إنتاج المزارعين وحسب مواقع الخصب والمياه أما الزيادة الهائلة لسكان العالم فإنها بدأت قبل مائة عام تنفجر مثل القنبلة بسبب تطور الوسائل الزراعية الحديثة وتطور الصناعات العلفية، وظهور المزارع التي عملت على توفير حليب الأطفال والطيور اللاحمة وبيض المائدة والفضل في ذلك يعود إلى تحسين الصناعات العلفية ودخول الآلة الصناعية الزراعية إلى مواقع الزراعة،لذلك فإن هذه التغيرات عملت على تأسيس العائلة غير النووية بسبب إنتشار مفهوم التدجين والإستقرار ،ونقصد بذلك العائلة الاجتماعية الخاضعة لسلطة الأم ،ولكن إنتشار مفهوم العائلة النووية بداء مع بداية معرفة الإنسان أنه مسؤول عن الإنجاب مثله مثل المرأة.

مهد الحضارة

لذلك من الخطأ أن نعتبر إن الثقافة العربية بدأت قبل الإسلام بمائة عام أو مائتي عام، ونعمم هذا المفهوم على الثقافة الشرقية متجاهلين دورنا الحضاري الكبير وأثره في العالم القديم .
ولربما أن مدن الأموات نشأت قبل مدن الأحياء أوقل أن مدن الأموات بدأت قبل قرى الأحياء فقد عثر في عام (1961م) على قرية في الأناضول أقدم من مدينة(أريحا)(12) بـ (ألف عام) وهي (نيولوثية- العصر الحجري الحديث) والمهم في الموضوع أن بيوتها ملاصقة لبعضها البعض وليس لها أبواب حيث كانوا يدخلونها من السقف ? وهذا يشبه في العصر الحاضر بناء القبور وبالتالي فإن الأحياء احترموا الأموات واستقروا إلى جانبهم كما يقول مؤلف كتاب(بنو الإنسان)، وان أول مظاهر الحضارة لدينا في الشرق الأدنى تعود إلى سنة(9000ق.م) في جنوب الأردن ،إذ عثر في منطقة البيضاء هنالك على بقايا حبوب مدجنة وبقايا عظام ماعز تعود إلى الفترة نفسها وهي(9000) قبل الميلاد، وتبعتها بعد ذلك أريحا في فلسطين، وجارموا في العراق كل تلك المدن تعود إلى نفس الحقبة التاريخية ،ولا بد أن كل هذا الذي ذكرناه يدل دلالة واضحة على نبض الحياة في الشرق الأدنى من حيث جمع القوت لفترة تمتد نحو (990 ألف سنة) استمر الشرقيون يجمعون قوتهم ليس على ما (يشتهون) ولكن على مبدأ(هذا الموجود) وبطبيعة الحال فإن الفروقات الاجتماعية في تلك الفترة معدومة بين الرجل والمرأة وبين الإنسان والإنسان الآخر ، ذلك انه لا توجد فوارق اجتماعية في مجتمع جمع القوت ،لان الناس سواسية والعدالة موجودة بسبب ضعف أجهزة التحكم ذلك أن الإنسان فقد العدالة منذ بدأت الحضارة بالانتشار أو قل منذ بدأ الرجل يحكم العائلة لأن قيم الظلم ومفاهيم الحرب والاستبداد هي من صنع نماذج لعقليات ذكورية فمنذ ذلك الوقت بدأت أجهزة التحكم الإدارية تقسم الثروات بشكل غير عادل وليس في هذا إجحاف أو ظلم كما يعتقد الأدباء والفلاسفة ولكنها من سمات الرجل الحاكم لأن قيم العدالة هي من صنع المرأة الأنثوية في الشكل والجوهر، إنها سمة الحضارة وبؤس الحياة فمنذ (35000) خمس وثلاثين ألف عام قبل الميلاد إلى (10000ق.م) والإنسان يعيش في كهوف ولا يعرف إلا جمع القوت وهذا مؤشر على وجود طبقة اجتماعية واحدة حتى أن مفهوم العائلة في تلك الفترات غير موجود على الإطلاق أوان (الأب الاجتماعي ) كان موجوداً بدل الأب البيولوجي بسبب الاتصال المنفعي مع الأنثى جامعة الثمار ويمكن أن يكون هذا هو الشكل البدائي للعائلة وأن عدم معرفة الإنسان في بداية الأمر بـ (النحاس اللين) ومن ثم (البرونز) و(الحديد) يدل عدم وجود طبقة اجتماعية من العمال أو (اليد العاملة)
أو (الصناع) وهذا كله أدى إلى تأخر
ظهور النظام السياسي الطبقي ألا في(*)
عصور ليست ببعيدة عنا، وبالتـالي

فإن الرجل والمرأه عاشا في مجتمعات جمع القوت جنباً إلى جنب دون ظهور أي فوارق اجتماعية ، وهذا الكلام يدغدغ خيال الماركسيين حيث انهم يطالبون أحياناً بالعودة إلى النظام القديم ، من حيث تعميم مفهوم المشاعات القروية البدائية وتجاوز مفهوم الملكية الفردية ، وأعتقد أن هذا الكلام مستحيل على اعتبار ،أن نمط الحياة القديم كان يخلوا من الصناعة والتجارة ، وبطبيعة الحال فإن غياب هذه الأدوات هو الذي عمم مفهوم المساواة بين أفراد المجتمع وذلك عبر غياب طبقة الصناعيين والبنائين والمزارعين والتجارة وانه من البديهي جداً مع غياب هذه الطبقات ، أن تكون المساواة بين الرجل والمرأة لازبة الوجود أو واجبة الوجود ، لذلك فإن غياب التقدم الزراعي والصناعي والتجاري وغياب نظام الاقتصاد النقدي هو الذي كان يساهم بتأخر ظهور نظام الطبقات الاجتماعية لأن غياب الصناعات أدى إلى غياب موضوع التسابق على تراكم الثروات.

ولقد اشتركت كافة شعوب الأرض البدائية مع بعضها البعض بأساليب الحياة من حيث التشابه الصناعي الذي عكس مفهوم الطبقة الاجتماعية الناتجة عن نوعية الصناعة وعن الأدوار التي يؤديها أفراد المجتمع ذلك أن صناعة الفخار في بدايتة الصناعية كشف عن (طبقة الفخاريين)(13) وصناعة الحديد كشفت عن (طبقة الحدادين ) وأدوات الصيد هي أيضاً كشفت عن (طبقة الصيادين) وهؤلاء الصيادون هم أول من أسس ( طبقة المحاربين ) أو( الجيش النظامي ) وتحولت بعد ذلك أدوات صيدهم إلى ) أدوات حرب) وقتل وتدمير لأغراض السيطرة وتطبيق مفهوم الغالب والمغلوب كما سنرى لاحقاً في ملحمة (ألا ينوما - ايليش- عندما في الأعالي ) ويجب على دارس أي شعب من الشعوب أن يعي بأن الظواهر الاجتماعية تتكرر مثلها مل الظواهر الجيولوجية والبيولوجية، وان الإنسان الشرقي من حيث وظيفة كل من المرأة والرجل لا يختلف عن الإنسان الغربي شريطة توفر أسلوب حياة ومعيشة مشترك فمثلا الانسان الشرقي البدائي لا يختلف عن الانسان البدائي الغربي بمعنى أن صانع الفخار والحداد والصياد لا يختلفون في اسلوب حياتهم عن بعضهم البعض ، كما هو معروف اليوم فأن الطبيب أو مهندس الكمبيوتر لا يختلف عن أي مهندس آخر في أي بلد أخر ولكن من الملفت للنظر أن طرائق الحياة وتعددها المتشابه مع أي شعب أخر قد لا يولد نفس الطبقات الاجتماعية وبمعنى آخر أن طبيعة البناء الاجتماعي والفكري لإنسان عاش في الألفية الثالثة قبل الميلاد قد لا يتشابه مع انسان آخر عاش أو يعيش في بقعة أخرى من الأرض وقد تجد أن إلاختلاف الفكري أو البناء الاجتماعي للاثنين غير متوازن أو متفق ، وهذا ما يسميه علماء الاجتماع بظاهرة (التخلف)(14) كما سنرى لاحقاً في مجتمعاتنا الحديثة . غير أن هذا التعميم لا نجده إلا في المجتمعات سريعة التطور كما هو الحال اليوم أما في مجتمعات ما قبل الميلاد فإن الصناعات البدائية واحدة والطبقات الاجتماعية واحدة تمتاز ببطء النمو الديموغرافي وتجد الذكر والأنثى في كافة المجتمعات القديمة ما قبل الميلاد، ذات خصوصية واحدة من حيث المجتمعات الشرقية قبل الميلاد بالاف السنين كانت جميعها من المحيط إلى الخليج تتغذى على (الجذور،والدرنات) ليس في ذلك المجتمع فضلُ لأحدِ على أحد ، وهذا بالطبع لا يعود إلى تنظيم اجتماعي محكم بقوانين إدارية وعسكرية ولكن لأن الحياة هكذا يعيش الإنسان ويأكل من غير تعب أو خوف أو منة من أحد وحين بدأت أجهزة التحكم الإدارية تظهر وتقسم الثروات بشكل غير عادل عندها فقط بدأت تظهر الفروقات الاجتماعية.

كلما تقدمنا تاريخياً في عمر الإنسان على الأرض كلما ازدادت المسألة تعقيداً على تعقيد، وكلما رجعنا في عمره إلى الوراء كلما ازدادت الحياة وضوحاً وبساطه على وضوح وذلك بسبب قلة وسائل الإنتاج وقلة المتطورات الصناعية وغير الصناعية وهذا مؤشر على أن الإنسان القديم(15) جداً كان يعيش بسلام وطمأنينة اكثر من الإنسان المتحضر أيام كانت السيادة للمرأة الأنثى فكلما ازداد الإنسان تحضراً كلما ازداد خوفه واضطرابه العاطفي والجسدي، بسبب تعقد الصناعات التي خلفت أنظمة اجتماعية معقدة من صنع الرجال، فلقد عرفنا في الفصل السابق أن الإنسان الذكر والإنسان الأنثى عاشا جنباً إلى جنب حتى أواخر العصر الحجري الحديث دون أي خرقِ اجتماعي بينهما، ولربما يستغرب القارئ إذا عرف أيضا أن نظام الرق كان من صنع الإنسان المتحضر والمثقف ، وليس من صنع الإنسان الحجري القديم كما يقول مؤلف كتاب (الرق ماضيه وحاضرة ) في مقدمته لطبعته الأولى ، فكلما أوغلنا في القدم ازدادت معرفتنا بالإنسان وطرائق تعاملهْ مع أبناء جنسهْ. وكلما اتجهنا نحو التقدم كلما ازددنا جهلاً وتعقيداً بالإنسان ، وأنها ظاهره لاحظتها منذ بدايات معرفتي بالثقافة الشرقية ، ولا ادري لماذا يختار الإنسان التعقيدات وبنفس الوقت يحن إلى الوراء تحسراً على ايام البساطه كما هو الحال اليوم ، ولعل هذا المفهوم هو السائد منذ بدايات التكون الثقافي الشرقي وأول تحسر للإنسان الشرقي كان على (الفردوس المفقود ) الذي غدا حتى اليوم من أكبر الاحجيات الرمزية أو تحسراً على أيام ( الفردوس الدائم) ، وهي الأيام التي كان بها الإنسان يعيش في مستوى الاكتفاء الذاتي في الشرق الأدنى أيام كان عدد سكان الشرق الأدنى لا يزيد عن مائة الف نسمة يطارد خلالها الطرائد ويعيش على والجذور والدرنات في بقعة تمتد من رأس البحر الأحمر في العقبة إلى مرتفعات تركيا على الحدود العراقية التركية ومن ثم من حوض البحر الأبيض المتوسط في لبنان وفلسطين

إلى الحجاز العربي أوالخليج العـربي
على أبلغ تقديره، وفي تلك الفتـرة
لم يواجه الإنسان بيئـة معاديـة في
الشرق الأدنى بل بيئة حليفـة لـه
منذ نزوله من الكهوف إلى البيوتات


الصغيرة وهذا على أقل تقدير منذ(35،000) قبل الميلاد إلى(10،000ق.م) لم يتعلم بها الإنسان الحاذق أي طريقة لمواجهة ظروف الحياة ،لذلك نجد الذكر والأنثى في نعيم دائم ليس لأحد فضلا" على أحد ، وانه أو قل ربما عاش على وجه الأرض منذ بداياته أكثرمن مائة بليون نسمة يعتقد علماء الإجتماع أن ما نسبته 6% مزارعين و4% عاشوا في مجتمعات صناعية(16)، ويبقى 90% منهم عاشوا على (جمع القوت) أي جمع الثمار وليس إنتاجها، أي أنهم عاشوا في بيئة استهلاكية وغير معادية توفر للإنسان حاجياته من غير تعب ، وأن هذه النسب المتفاوتة جدا" تدل على الفترة الطويلة التي عاشها الإنسان مستهلكا للطبيعة في الشرق الأدنى ، وان ما نسبته6% كانوا زراعيين هو دليلُ قوي جدا" على تأخر بدايات الثورة الزراعية ، إذ أنه ليس بالبعيد جدا" اكتشاف الإنسان للزراعة، وهذا يعني أن الحاجة إليها لم تك ذات أهمية نظرا" لتوفر فرص الحياة بكثافة لم يتعرض خلالها الإنسان الشرقي إلى ما يعرف اليوم ب¯(تناقص المردود) أو نفاذ المخزون أو (المحل) ، وانه منذ عشرة آلاف سنه قبل الميلاد بدأ الإنسان في الشرق الأدنى يفكر بالاستقرار، ومواجهة الظروف القاسية ، ذلك وانه من (12،000-10،000ق.م) بدأت البيئة في الشرق الأدنى تعامل الإنسان الشرقي معاملة عدائية وبدأ هو أيضا"الإحساس با لجوع ونقص المردود بسبب التغيرات المناخية والانقلابات المفاجئة وتزايد عدد السكان بسبب مفهوم التدجين والاستقرار على مصادر المياه في كل من ارض الرافدين (دجله- الفرات) (والنيل) في أفريقيا ولا بد أن الحريات الجنسية والعيش مع آباء اجتماعيين في تلك الفترة ساهم في هذا الموضوع إلى حد كبير بزيادة عدد السكان إذ أن مفهوم (التابو) أو المحرمات لم يكن منتشرا" نظرا" لضعف مفهوم الملكية الفردية وضعف تعميمها وكان عدد السكان قليل جداً بسبب الوفيات الناتجة عن سوء التغذية وقلة الإنتاج الغذائي وفائض الإنتاج وبالتالي نستطيع القول:
-أنه بسبب تغير البيئة بدأ الإنسان يفكر بالزراعة.
-وبسبب الثورة الزراعية البسيطة جداً بدأ الإنسان في محاولة الاستقرار حول الأراضي الزراعية.
-وبسبب الاستقرار الزراعي بدأ الإنسان يُدجن الحبوب ، ومن ثم يُدج الحيوانات ألاليفه.
- وبهذا اصبح بمقدور الإنسان أن يبدأ ولأول مره في الشرق الأدنى بمحاولة المحافظة على البيئة وتعميم ملكيتها له والذي يدل على ذلك أيضا هو الازدياد الملحوظ لعدد السكان في الشرق الادنى حيث ارتفع من ما نسبته مائة ألف في عام ( 10000 ق.م) إلى ثلاثة ملايين نسمة عام (6000 ق.م) وهذا كله بسبب مفهوم الاستقرار الزراعي وبدايات التدجين، ومن الملفت للنظر أيضا" أن عدد السكان لم يك متزايدا" أيام ( الفردوس) أي أيام ( جمع الثمار) أو (جمع القوت) وذلك بسبب الهجرات المتكررة بحثا" عن الطرائد لأنها هي أيضا" تهاجر سنويا" ، وبسبب هجرة الحيوانات كان الإنسان يهاجر وراءها بحثا" عنها ، ولكنه بعد الألفية العاشرة قبل الميلاد بدأ بتربيتها وتدجينها بدل الهجرة وراءها ومطاردتها ، حوالي (7000-3000ق.م) غير أن عدد الوفيات بقي على ما هو عليه بسبب سوء التغذية وسوء الرعاية الصحية.
وهناك قصة مرسومة على نقش سومري يعود إلى الألفيه الرابعة قبل الميلاد وقبل عصر الكتابة بألف عام تصور رجلاً وامرأة وبينهما شجرة نخل وخلف المرأة أفعى تهمس للأنثى وهي مادة يدها والرجل ماد يدهُ إلى الشجرة ومن هنا بدأت الحياة تصعب على الرجل الشرقي والمرأة الشرقية ، وبدأ الإنسان الشرقي فصلاً مؤلماً جداً من حياته أعطاه فرصةً جديدة ليبدأ أسلوباً جديداً في حياته ؟ يعتمد على التعب والجهد وأيام عمل طويلة ، وللتغير الجيولوجي اكبر أثر على الإنسان الشرقي ، إذ أنه منذ (12000 ق.م -8000 ق.م) انسحب النهر الجليدي(17) وتشكلت ظاهرة الحزام الناقل وهذا أدى إلى تغير مفاجئ في المناخ الشرقي ،أدى إلى تطور أنظمة جديدة تعتمد على التدجين وعلى الإنتاج الزراعي بشقيه ، الحيواني والنباتي وللتغيرات هذه خاصية وهي:- انها أولاً :- بطيئة الحركة من حيث تحولاتها الديموغرافيه ، وثانياً أنها :- بطيئة الموت والتلاشي من حيث إحلال أنظمة اجتماعية بديلة عنها .

وهذه حقيقة ما يميز العصور القديمة عن العصور الحديثة بتناسب عكسي جداً فمثلاً :- تظهر اليوم التغيرات الاجتماعية سريعاً وتظهر في كل يوم أنظمة وابتكارات جديدة سريعة الحركة وسريعة الموت والتلاشي ، وهذا يظهر من خلال الحركة السريعة للصناعات والأحداث وهذا ما يشبه فعلاً الدولاب الذي يسير ، أسرع... ثم أسرع ... ثم أسرع أسرع لذلك فأن حركة التطور من (12000 ق.م) إلى بداية عصر النهضة والإصلاح الديني في أوروبا بعد الميلاد كانت تمشي ببطء شديد" وهذا يفسر لنا سبب تأخر اكتشاف( الخبز) في أريحا ومن ثم (الشعير)(18) فقد بدأ في هذا المناخ الذي اصبح جافا" تدجين حبوب القمح والشعير في كل من (أريحا) في فلسطين و( البيضاء) في جنوب المملكة الأردنية قبل حوالي (5000ق.م) وقد سبق اكتشاف الخبز عصور عديدة مثل الحجري القديم والحجري الحديث ، وهذا كله بسبب المناخ الجاف الذي أعطى الإنسان درسا" قاسيا" بعد تعلقه به آلاف السنين يأكل من غير تعب .

ومنذ ذلك الوقت ولاول مرة في التاريخ بدا الانسان يشعر بالعبودية للآخر ولكن هذا الآخر لا يتعدى على ان يكون هو (الطبيعة) فقد بدأ الإنسان يشعر بانتمائه لها وبدأت النواحي الفسيولوجية تنمو في اطرافه وأحاسيسه ، وبدأ يشعر بغلبة الطبيعة عليه ، وهكذا بدأ احساسة يتخلى عن مشاعر التحالف مع الطبيعة والصداقة معها وأصبح ينظر إلي نفسة على انه منتمي إلى الطبيعة وليس متميزا" عنها بل أقل منها ،ولاول مرة في التاريخ الشرقي ولاخر مرة اصبحت (المرأة) هي العضو الاكثر فعالية من الرجل ، كان هذا في الشرق الأدنى لاول مرة ولاخر مرة منذ بدايات عصر الزراعة قبل الميلاد (9000إلى 4000 ق.م).


وان السبب في ذلك يعود إلى تشابه وظائف المرأة البيولوجية مع وظائف الطبيعة الأم (قلة الإخصاب) وندرة المحاصيل الزراعية والثمار وانحسار مياه الأمطار والتعرض لنقص المردود ، وكل هذه العوارض جعلت من الطبيعة تجاه الإنسان عدواً يخشى الحذر منه، ولهذا بدأت في الشرق الأدنى أولى (ديانات الخصب) والنماء وقُدست الطبيعة على أنها هي خالق الإنسان بنظر الإنسان القديم ، وكان هذا على اعتبار أن الطبيعة هي (واهبة الحياة) وليس أحداُ غيرها من حيث أنها توفر للإنسان كل ما يحتاجه وما يشتهيه، وكل شيء يتعلق بالإنسان من حيث النمو والتكاثر فهي التي تعطي (القمح- الشعير - الثمر .. الخ) وهي التي تمنعه أيضا عن الإنسان في أعوام القحط والسنين العجاف ، ولقد اشتركت مع شعوب الشرق الأدنى كثيرُ أو قل كل شعوب العالم في هذه الظاهرة، ذلك- وكما أسلفنا- أن الظواهر الاجتماعية تتكرر مع تشابه ظروف الحياة ، ولكن لا مجال هنا إلا للإنسان الشرقي.


ومن أجل المغالاة في العبادة فقد ظهرت (المرأة الشرقية)(19) بصورة تشبه الطبيعة وبدأت المرأة الشرقية تتميز عن الرجل لأنها تشارك الطبيعة في اخطر وظائفها من حيث :-

- أولا"- قدرة المرأة على الإنجاب والإخصاب وكانت هذه الظاهرة عند المرأة بالنسبة للذكر معجزةٌ صعبة وكان الرجل لا يعرف أن له مع المرأة علاقة بالإنجاب لذلك ظهرت المرأة كأول معبود في الشرق الأدنى إذ كان يعتقد الذكر أن هذه المرأة التي تلد ما هي إلاَّ خالق لذلك أول ما عبد في التاريخ كانت المعبودات الأنثوية.
- ثانيا"- تشابه جميع وظائف المرأة البيولوجية مع وظائف الطبيعة.

وأصبحت (المراه الام) أول معبود شرقي في تاريخ الديانات الشرقية وتحول مفهوم (الجنس)(20) من حاجه (بيولوجية) إلى (عباده سحريه ضرورية) وخصصت لذلك أماكن رسميه تسمى بـ (الهيكل) أي (المعبد) حيث مارس رجل الدين الشرقي الجنس مع المرأة الشرقية بدواعي طقوس عباديه وهو ما يسمى بـ( السحر التشاكلي) وبعبارة أبسط ، أصبح الإنسان الشرقي في أولى الديانات الزراعية يمارس ( السحر التشاكلي) مع المرأة الام من اجل تجديد ظاهرة الخصب والنماء، على اعتبار أن المرأة الأم هي الطبيعة نفسها وعند ممارسة طقوس الجنس فكأنما تقول - المرأة - للطبيعة:- ( هيا أغدقي على الإنسان من خيراتك من مطر وزرع طالما انا المرأة شبيهتك أغدق عليه) والشاهد على ذلك تمثال ( ربة الينبوع) الذي يعد أجمل تحفة فنيه تظهر فيه (عشتار) حاملة جره فخارية.




وهذه الظاهرة جرت على كل شعوب العالم الذين مروا بمرحلة الديانات الزراعية البدائية ، ومع تغير وتلاشي هذه الدانات ألا أنه حتى وقت قريب ما زال الكهان وهم ( زعماء القبائل) يمارسون الجنس مع فتيات القبيلة وهذا ما يسمى عند المتقدمين منهم بـ (حق الليلة الأولى) وتقدمت هذه الظاهرة في الأدب الشرقي بقصص رمزية كان يعتقد حتى اليوم أنها قصص(خرافيه)وفي الواقع أنها غير ذلك، فلقد روى الناس حتى وقت قريب قصصاً عن:( وحوش) يقدم لهم في كل عام (قمري) فتاة من اجمل فتيات القبيلة ليأكلها الوحش ، تكون فداء" عن أهل المدينة ، كما يظهر ذلك في قصص وروايات (حسن الشاطر) الذي دائما" ما تنتهي قصصه ورواياته بتخليص الأنثى وقتل الوحش ، ولا يتحقق موضوع الخلاص ألا بتدخل زعيم ذكري له رجولة غير عادية ، تتغلب على كل الصعاب حتى الظروف غير الطبيعية.
والأكل هنا تعبير رمزي عن (فض البكارة) ولسوف تبقى هذه الظاهرة ملحه جدا" إلى عصر ولادة المسيح، وهي التي سوف نراها فيما بعد تؤسس مفهوم (الألوهية البشرية) في نهاية كل الديانات الزراعية، وفي أوروبا استمرت حتى في وقت قريب من عصر النهضة والإصلاح الديني، حيث كان يأخذ شيخ القبيلة العروس من عريسها في الليلة الأولى من زواجهما وغير ذلك من العادات .
* * * *
كل هذا الذي ذكرناه ليس ألا خيطا" رفيعا" بين عدة خيوط امتدت من بلاد الرافدين وربطت باقي الأقاليم المجاورة لها ولا نستطيع أن نحدد تواريخ دقيقة جدا" ذلك أن التغيرات كانت تقاس بمئات أو آلاف السنين وهذا يعود كما أسلفت إلى بطء الحركة العمرانية والثقافية والفكرية والسياسية وأن التحولات الديموغرافية بطيئة بعكس سرعتها في العصر الحاضر، وان التجار بعد ذلك أبدو مهارة وخبرة عاليه بنقل الأدوات الصناعية أكثر من نقل الفنون الفكرية(21) ودائماً ما يكون نقل العلوم الفكرية والفلسفية متأخراً جداً بسبب عدم الاهتمام بعلم الكلام كما هو الاهتمام بالحاجيات اليومية مثل المأكل والملبس والمشرب لذا كان التأخر طويل المدى ولقد انبثق فجر الحضارة في (سومر) بنفس الوقت الذي انبثقت به حضارة (النيل) القديمة حوالي(3200ق.م) في كل من مصر وبلاد ما بين النهرين ، ولقد ساعدت ظروف مناخية على نشوء هاتين الحضارتين ، وأقدم ديانة كما قلنا سابقا"هـي (ديانة الخصب) وهي موغلة في القدم منذ بداية العصر الحجري القديم أي عندما بدأ الإنسان يواجه بيئة معادية ومهددة لحياته. واتخذت صفة الآلهه المؤنثة أولى الإلهات عند كل الشعوب الزراعية البدائية في العالم أجمع.
وأقوى إلهه أو أقوى الإلهات هي (عشتار) وهي كوكب الزهرة وسن الإله- القمر وشمس- الشمس(22)، وهذه الديانات هي كلها بسبب تأليه القوى الطبيعية والخوف منها، حتى قال أشور -بانيبال:

أنى أرهب ألوهيتك، فامنحني حياة مليئة بالأيام الطوال،
فرحة القلب ولأني أعبدك في هيكلك دع قدمي تشيخان(23):


ومن اللازب جداً معرفته هو أن هذه الالهه ارتبطت عبادتها مع نشأة (المدينة) الأولى في التاريخ أو التجمعات القروية الزراعية البدائية، وكان يعتقد حتى وقت قريب أن أول تجمع سكاني في التاريخ كان في مدينة (أريحا) على تله تطل على البحر الميت في فلسطين والأردن ، ونشأت هذه المدن بسبب.
التحول الجذري من البحث عن الغذاء إلى الإنتاج الزراعي البدائي (9000-6000ق.م)(24) وقد رافق هذا في الآونة الأخيرة تصاعد العدد السكاني من 100 ألف إلى 3 ملايين نسمه بسبب الاستقرار والتدجين الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي وهذا يشكل ثلث أجمالي عدد السكان في العالم من ما نسبته 10 ملايين نسمة حسب إحصائية (هكسلي)(25) وكلمة (أريحا) تعني ( القمر) أي مدينة القمر التي اصبح فيما بعد عدد سكانها في عام (8000 ق.م) ما يزيد على (2000 نسمه) وهذا العدد التقريبي استنتجه علماء الآثار من خلال الأدوات الزراعية التي وجدت داخل المدينة مثل (المدقات والهاونات) التي استعملها الإنسان في ذلك الوقت لدق الحبوب وإعالة الناس وبقي عدد السكان محافظاً على معدله مع بعض الزيادات غير الملحوظة واستمر هذا حتى قبل مائة عام من تأليف هذا الكتاب.


واسم المدينة يدل دلاله واضحة على عمق الثقافة النسوية في الشرق الأدنى ، حيث أن الديانة الزراعية تتجه نحو اعتبار (القمر) رمزا" للأنثى وذلك لسبب خطير جداً جداً وهو:-
- أن المرأة تشترك مع الطبيعة في خصائصها ، ومع القمر بالذات في دورته الشهرية التي تكتمل مع دورة المراه البيولوجية من 28-يوم إلى 29-30- يوم . واحيانا" كان وما زال ( القمر) بالنسبة للأنثى (وصفا" جماليا") عبر تشبيه المرأة الجميلة بصورة البدر أما التشابه البيولوجي بين وظيفة المرأة البيولوجية وخط سير القمر فقد تطور فيما بعد هذا التشابه إلى أفراد القمر محل وظائف المرأة البيولوجية واستوعب كافة صفات المرأة وأولها أخطرها وهي (الولادة- الخلق) .
فلأن دورة القمر الشهرية تكتمل مع دورة المرأة الشهرية لتكون المرأة بعدها بوضع جاهز بعد مضي (5) أيام على جاهزية تامة لاستقبال الحيوان المنوي، فأن سكان المدن الزراعية اعتبروا أن القمر بعد اكتماله (بدرا) يكون جاهزا مثله في ذلك مثل المرأة الأم ، التي تصبح بعد الدورة الشهرية جاهزة للخصب والتكاثر.
وقد لاحظت الشعوب القديمة أن المرأة تتعرض في أثناء دورتها الشهرية لكثير من المشاكل (الميكانيزميه) والعصبية ،حتى أن بعض النساء
يتوترن لدرجة تثير (الخوف) وهن في
تلك الفترة عرضة للإصابة بالامراض
النفسيــة مثـــل (الاكتئاب)
أكثر من الرجــــال غير أنه لم
يلاحظوا مضار الدورة الشهرية وتأثيرها على الرجل لذلك لم يك الرجال يتجنبون النساء أثناء الدورة وكانوا يموتون أحياناً لهذه الأسباب ذلك أن دم الحيض ينقل مواد سامة إلى أجسامهم وقد لاحظوا ذلك متأخراً جداً عن طريق الخبرة والمشاهدة وكان لهذه الملاحظات الأخيرة تأثيراً اجتماعياً على المرأة وسنشرح ذلك لاحقاً بالتفصيل الدقيق في الفصل القادم.
لهذا أرحن النساء أنفسهن من الأعمال المنزلية(26)، في أثناء الدورة الشهرية ، ونظرا لهذه الأعراض فقد نظرت الشعوب الشرقية الى المرأة على اعتبار أنها (واهبة الحياة) ويجب عليها أن ترتاح من كافة الأعمال المنزلية وعلى رأس هذه الأعمال (الطبخ) وإشعال النار ، وجمع القوت، وحول هذا الموضوع يخبرنا سلامه موسى في كتابه(البلاغة العصرية واللغة العربية) أن كلمة(الحياة) مشتقة من عضو التناسل،عند المرأة، وذلك لأنه ينجب الأطفال، لذلك نظروا إلى المرأة على أنها هي واهبة الحياة، وظل إستعمال الكلمة دارجاً حتى اليوم ومازال الفلاحون في مصر يصفون الجهاز التناسلي عند البقرة ب¯(حياه البقره)،(حياه الفرس) وكذلك في شمال الاردن.
وحين كان الإنسان ينظر إلى الأعلى بحثا عن الحلقة المفقودة التي أوجدت الإنسان ، فقد إتجه ببصره إلى القمر واعتبره واهب الحياة، وهذا هو أول معبود في تاريخ الشرق الأدنى وبما أن المرأة تحيض وتخلق أو ( تلد الإنسان -تنجب الإنسان) فان القمر مع تشابهه مع وظائف المرأة البيولوجية فإنه لا بد أن يكون خالقا كما هي المرأة ويرتاح من أعمال الخلق في آخر أيام دورته وهذه الظاهرة لم تنتشر في تلك الحقبة ، أي حقبة مدينة (أريحا ) مدينة القمر في تلك الفترة التاريخية من (9000-8000 ق . م) ولكن يكفي أن معنى الكلمة هو مدينة القمر.

واستمرت هذه الثقافة بالتصاعد لأكثر من خمسة آلاف عام حتى أن الشعب البابلي أقر يوما تعطل به كافة الفعاليات الاجتماعية ودعوا هذه اليوم باسم (اسباثو) أي الراحة وكانوا يريحون أنفسهم كما ترتاح المرأة نفسها مرة واحدة في آخر كل شهر قمري ثم أنهم - أي البابليون - طوروا هذه العادة فأعلنوا عن تعطيل كافة . فئات المجتمع في كل ربع من أرباع الشهر(27) وكان هذا بداية تأسيس تاريخي لنظام (العد القمري) وأول تأسيس تاريخي للسنة القمرية وللعطلة (الأسبوعية) وكان هذا اليوم يدعى باسم(اسباثو) وقد انتقل هذا اليوم من الأدب البابلي إلى الديانة اليهودية في أثناء فترة السبي الأولى والثانية ونقله اليهود وتعلموه عن البابلين وأسموه بيوم (اسباتو) واعتبروا أن الإله (يهوى) خلق الكون كله في ستة أيام ثم ارتاح في اليوم السابع ، وما زالت هذه العادة منتشرة من قبل الميلاد إلى اليوم في الديانة اليهودية ، وان الدليل على ذلك أن اليهود في هذا اليوم لا يعملون أي عمل ، حتى إن اليهود يجهلون أن للمرأة الشرقية علاقة وصلة بالموضوع ناتج عن الديانة القمرية وخصوصا المتزمتين والمتشددين منهم . ومن الجدير بالذكر أيضأ أن كلمة (اسباتو) دخلت إلى اللغة العربية بلفظ جديد وهو (السبات) بمعنى النوم العميق إلى أن أصبحت كلمة (السبت) المشتقة من (السباتو) تعني عند كل العرب أول أيام الأسبوع(28) وهذا دليل أيضا على وحدة اللغة والثقافة بين العبرانيين والعرب كما سنلاحظ ذلك لاحقا عند الحديث عن الثقافتين.

كل هذه التطورات كانت الديانة الزراعية مصدرها من بداية تأسيس مدينة (أريحا)(29) التي تعني القمر باللغة الكنعانية واللفظ بالكنعانية (ياريح) أو ( ياريخ) غير أن كثيرا من المدن التي نشأت بعد مدينة (أريحا) ساهمت وعززت هذا المفهوم أكثر وأكثر ومن الضروري ذكره أن علماء الآثار وجدوا قرية أردنية في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية أقدم من مدينة أريحا بألف عام تقريبا وتدعى (البيضاء)، ووجدوا بها آثار عظم ماعز مطحون وحبوب قمح هجين أو مهجن ، مما يدل على بداية الاستقرار الزراعي أولا في الأردن وليس في أريحا ، أو أن الاستقرار بدأ في ثلاث مناطق في الشرق الأدنى ، في أريحا والبيضاء وأشور، شمال العراق حيث الأمطار والخصب أكثر من أي مكان آخر في المنطقة.
واعتقد الأمريكي (روبرت برايدوون)(30) أن الزراعة من المفترض أنها بدأت في شمال البلاد
الرافدين في (أشور) والمعروفـة
اليوم بأسـم (كردستان) حيث
كانت تسقط أمطـار كافيـة
وينبت القمح والشعير البـريوتعيش الاغنام والمعز والأبقار والخنازير بوفرة كافية.فظهور مدينة ( البيضاء) في جنوب الأردن هو الذي عزز من فاعلية وجود مدينة (أريحا) وأن أريحا لم تك في الآلف التاسع قبل الميلاد ، فهناك آراء عده تؤكد أنها في الآلفية الثامنة وهناك آراء تقول أنها في منتصف الآلفية الثامنة قبل الميلاد أي في عام (7500 ق.م)(31).
ومن الجدير بالذكر أن كلمة مدينة لا تعني مصطلح ( المدينة الحديثة) المتعارف عليها اليوم ، ولا تعني مستوى (دولة المدينة) في كل من (أثينا) و(روما) لكنها تعني بداية العيش بمشترك قروي ، ذلك ان مقومات المدينة لم تك معروفة كما أن أبسط أنواع الإدارة مفقودة . وأول اختراع عرفه الشرق أو الشرقيون هو (الفخار) في العصر الحجري الوسيط (5000 ق.م) وبعده بفترة بسيطة أخترع (الدولاب) اليدوي وذلك لتسهيل دوران الطين الفخاري .
وبما أن المرأة تتشابه مع (قوى الطبيعة) فأنه لا بد أن يكون لهذا الفخار دور في هذا التشابه وكان هذا ممكن فعلا لمعرفتنا أن (الجرة) الفخارية تشبه المرأة من الكتف إلى الردفين.

وأول ما استعملت الجرة كان (لدفن الموتى) على إعتبار أن المرأة هي التي أنجبت الانسان وحين موته لا بد له أن يعود إلى أمه التي أنجبته ولقد عثر في فلسطين والأردن على جرار فخارية كانت تستعمل لدفن الموتى في (العصر النطوفي) حيث ظهرت عظام الميت بها بشكل مكور يشبه وضع الجنين في رحم أمه(32) وتشترك المرأة مع الأرض على اعتبار: أن الأرض تحرث وتزرع وتسقى بالماء وتحافظ على بقاء الإنسان من حيث توفير الغذاء ، وتوفير الماء، وخروج النبات من باطن الأرض وكذلك المرأة فأنها ، تحرث(*) ( نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) وكذلك المرأة تسقى بماء الرجل وتزرع بها النطفة وتنجب الذكر والأنثى وتحافظ على النوع، وأقدم أسم للأرض هو (مامي) و(ننخرساج) وهذا للدلالة الرمزية على تقارب المرأة الأنثى مع كل قوى الطبيعة ، وأنه ما زال حتى اليوم تسمى الإناث بأسماء طبيعية مثل (قمر، خضراء، شمسية) ومن شدة غيرة الرجال الذكور فأنهم أبدو تنافسا شديدا مع المرأة من حيث هذه المسميات فسموا ذكورهم بأسماء مشابهة مثل (خضر، شمس، شمسي، ربيع) غير أن الغلبة في هذا للنساء كون اكثر أسماء المدن والدول والعواصم مؤنثة في أكثر صيغها ، وأن نقل الصيغة من المؤنث إلى المذكر هو نقل قابل للتبديل في كل عصر مثل ( قمر ، قمرية ،قمران) (*). وذلك راجع إلى طبيعة التفوق والتمايز بين الذكر والأنثى .كل هذا الذي ذكرناه لم يأت على الإنسان في يوم وليلة بل احتاج لما يقارب من 5000 آلاف عام تشكلت من خلاله الثقافة النسوية أو الانثوية أو الطبيعية من ما يقارب من (9000إلى 4000أو 3300 ق.م) أي من الفترة الأولى لبدايات الثورة الزراعية إلى بداية تأسيس النواة الحقيقية للثقافة الشرقية وظهور نظام الملكية الخاصة للدولة(**). مع ما رافقه من أول انتشار للكتابة الصورية واستعمال الأختام الأسطوانية الشكل في (لوركاء). وان الذي شجع أكثر على احترام وتبجيل المرأة ووضعها في مصاف ألآلهه، هو الطبيعة من حيث كونها في اغلب الاحيان قاسية ومرعبه ومدمره ومهددة لوجود الإنسان، لذلك فهي تأخذ بنفس الوقت الذي به تعطي، لذلك ظهر موضوع جديد في خر قرون هذه الثقافة الزراعية ، وهو موضوع بالغ الخطورة أثر وبقيت آثاره في ذاكرة الديانات الشرقية، وهو موضوع (البعث) الذي سوف نأتي على شرحه وكشف آثاره في الديانة المسيحية والربط بين هذا الموضوع وموضوع بعث المخلص وقيامة المسيح.

من هنا نستطيع القول أن عدة مواقع وعدة أماكن ساهمت في تعزيز مفهوم الثقافة الطبيعية مثل مدينة البيضاء في جنوب الأردن ، ( وعين الغزال ) في عمان حوالي الألفية الثامنة (8000ق. م) واستمرت بالظهور ما يقرب من ثلاثة الآف عام بسبب توفر المياه، وبلغت مساحتها أربعة أضعاف مساحة أريحا أي ما يعادل (150) دونم وبلغ عدد سكان عين الغزال أكثر من (2000) نسمة ولربما هم الذين ساهموا عبر هجرتهم إلى وسط عمان في ازدهار الحضارات المتتالية .

وكل تلك المدن حوالي (9000 ق.م) وأريحا حوالي (8000 ق.م) وحضارة ( حسونه) نسبة إلى تل حسونه في جنوب الموصل، وهؤلاء زرعوا ( قمح، شعير، ذره) ودجنوا (أغنام وخنازير) وانقرضت هذه الحضارة في أواخر الألف الثامن قبل الميلاد، وظهرت حضارة أخرى (المريبط) حوالي (7700ق.م) وهي زراعية وبعدها مباشرة ظهرت مدينة (سامراء) حوالي (6000) وانتهت في آخر هذه الألفية ومما يميز هذه الحضارة هو استعمالهم (الطوب) لبناء البيوت، وهناك من يقول أنها قادمة من (إيران) حيث أنها امتدت من الموصل جنوب بغداد ومن سفوح زاغروس شرقا حتى الفرات غربا، وانتهت حوالي نهاية الألفية السادسة قبل الميلاد .


تل حلف ولوركاء
وبعد أكثر من 1500عام ق .م ظهرت حضارة جديدة في سوريا وهي حضارة (تل حلف) شمال شرق سوريا، ومن الملفت للنظر أن الزراعة بدأت تتطور فيها ، وتنشط الفلاح ، وازدادت أنواع الحبوب وبدأوا يستخدمون (الرصاص) غير أنها لم تدم لأكثر من خمسمائة عام (5000،5500 ق.م) وجاءت بعدها حضارة (العبيد) (4000 ق.م) حيث زرعوا الحبوب وصنعوا الفخار وأنهم أول من نطق بكلمة (فلاح) و(محراث) و( راع) واستعارها منهم السومريون لما ظهروا على خشبة المسرح التاريخية في عام (35000 ق.م) وكل هذه المعطيات أدت في النهاية إلى ظهور مدينة (لوركاء) إذ أن هؤلاء أول من مارس الكتابة التصويرية الأولى وكانت تتألف من (3000) إشارة ، وذلك بهدف تعزيز (الملكية الفردية ) أو الخاصة لذلك فأننا نستطيع الفصل الآن بين هذه العصور وعصور ما بعد الكتابة(33).

غير أن التغير والتبدل كان لربما بسبب الامراض المعدية وهجرة الناس المتكررة بسبب الآفات المرضية التي تسلطت الطبيعة بها على الإنسان والحيوان ، فظهور حضارة تل حسونه والبيضاء وتلاشيهما وظهور حضارة (المريبط) وتلاشيها أيضا وظهور حضارة سامراء ومن بعدها (تل حلف) إلى (العبيد) ومن ثم (السومريون) ومن بعدهم (لوركاء) كل هذا يدل على ظاهرة صحية في موضوع نشأة المدن والحضارات ذلك أن هذا التنقل يدل أولا على محاولة الإنسان الشرقي لفهم الطبيعة وملاحقة الأرض الخصبة ومقاومة الجفاف ، وكل ذلك يظهر من خلال المواقع الأثرية التي سكنها الإنسان الشرقي القديم، وللأسف فأنه لا توجد أي علاقة تدل على استعمالهم للكتابة التصويرية لذا فقد اختفت معهم آدابهم إن كان لهم (آداب ) وأصبحت معرفتنا بهم قليلة أما أسماء تلك المدن المشار أليها فإنها أسماء حديثة أطلقت عليها كلا حسب موقعها الذي أكتشفت به حديثاً.


ولطبيعة المناخ المعادي، الذي تحول من 10000آلاف قبل الميلاد من مناخ حليف إلى مناخ معادي وذلك في نهاية العصر الجليدي الرابع- لهذا السبب صار الإنسان من هنا وهناك باحثاً "مستقصيا" عن المناخات المناسبة لتربية وتدجين الحيوانات والحبوب الزراعية وايضا"لملاحقة الطرائد".


وان التنقل من منطقة لمنطقة ليس دليلا على عدة (حضارات) فمن الممكن أن سكان البيضاء في جنوب الاردن - وأريحا هم أنفسهم الذين سكنوا باقي المواقع في الحوض المتوسطي وتنقلوا من هنا وهناك بحثا" عن مواقع الخصب كما كان يحدث بعد الميلاد بوقت ليس بالبعيد عنا من حيث ملاحظتنا للسكان وهجرات القبائل من الجنوب إلى الشمال بحثا" عن (الطرائد) ومواقع الخصب ، أو تكون الهجرة بسبب الكوارث الطبيعية.


و من الملاحظ أن فترة جمع القوت استمرت 990ألف سنة وأنه ما يمثل 4% من مجموع سكان الأرض حتى العصر الحديث كانوا صناعيين وان ما نسبته 6% عاشوا في مجتمعات زراعية و09% جامعي ثمار(34) وصيادين بالرغم من وجود ما نسبته 6% فقط زراعيين فإن هؤلاء رغم قلة نسبتهم فان ثقافتهم استمرت في السيطرة أكثر من طبقة الصناعيين، وما زالت آثار هذه الطبقة مسيطرة حتى اليوم على ما نسبته أكثر من نصف عدد سكان العالم من حيث أعياد الخصب وقيامة الإله زد على ذلك أن الأعياد المسيحية هي من آثار الديانة الزراعية التي ولدت في الشرق وعاشت وترعرعت وعانت في الغرب ..... الخ .

وان ما نسبته 90% من جامعي الثمار والصيادين ولدوا وأنتجوا (الإنسان المحارب) وهو الذي طور مفهوم السيطرة على الطبيعة الأم وهو الذي عمل على توسيع المدن إلى دول وإمبراطوريات .وان الثلاثة أنواع هذه هي التي ساهمت في تحديد مكانة كل من المرأة والرجل في الشرق الأوسط كافة والعالم بأسره.

ولأن غالبية سكان العالم هم من الصيادين فانهم سيطروا سيطرة حربية على مراكز قوى الطبيعة، كونهم فرقة معدومة الثقافة إلا ثقافة الصيد ومعدومة الاستقرار، وبعبارة أوضح نريد أن نقول أن عصر ما بعد الكتابة سيطر به على الإنسان ( مجتمع الذكور) دون مجتمع الإناث ذلك أن طبقة الصيادين هم من الرجال، ومن الملاحظ أن أول ملك في التاريخ الشرقي هو ( نرام سين) حفيد القائد العسكري ( سرجون الا كدي) حوالي (2340-2180ق.م) إذ أنهم بدءوا أول تحول من الهيكل إلى الملوك ، وكان شعار نرام سين في إحدى الرسومات قرنين من قرون الثور يظهران فوق رأسه وهو ما عرف فيما بعد باسم (تاج الملك) الذي تحول من القرن إلى طوق مصنوع من الذهب ما زالت "سائدة" آثاره إلى اليوم.
ويظهر الملك (نرام سين) بقرني الثور كتعبير عن القوة والخصوبة وتظهر (نجمة عشتار) فوق راسه تعبيرا عن حسن الطالع كما يقول مؤلف كتاب (بنو الإنسان) بينما نحن نراه غير ذلك وهو : محاولة اشتراكه مع عشتار في إدارة شؤون الحياة ، ويراها الجدل التاريخي على أنها عشتار كما نراها (نحن) .
السلعة الوسيطة:
وفي هذه الفترة من ما يقارب من (3300 ق.م ) إلى بداية العهد الملكي منذ بداية استخدام الذهب بد ء تحديد سعر صرف الأوقية الواحدة من الذهب بتسع أوقيات فضه، وبالتالي فان الشرقيين أول من فتح المصارف ونظام القروض الربوية ، وبدأ الإنسان منذ ذلك العصر في الشرق الأدنى يبيع (قوة عمله) للحصول على (قوة غذائه)، وبدأ عهدا جديدا من حياته قائما "على الكسب المشروع وكان رجال (الهيكل) هم المشرفون على نظام القروض حيث انهم حددوا سعر الفائدة بـ(33% سنويا) وهي فائدة كبيرة إذا ما قيست بسعر الفائدة في العصر الحديث، وهذا السعر للفائدة إذا كانت القروض غلات زراعية مثل (القمح، الشعير) وهذا يفسر لنا سر استعمال (المكيال بمكيالين) الذي ما زال مثلا " يضرب به في حالة عدم وجود عدالة منصفه، حيث أن الأمر راجع في الاصل إلى نظام قروض الغلات الزراعية، و كان الدائن يكيل بمكيال وفي حالة سداد الدين يكيل بمكيال أوسع وأكبر.
وأما إذا كانت القروض (مالا) فأن الفائدة محددة(35)بـ 2% وكان سعر الفائدة يهبط وينزل حسب سعر الذهب حيث بلغ سعر الاوقية الواحدة من الذهب ، تسع اوقيات من (الفضة) وكان الهيكل هو (المصرف) ورجل الدين في الهيكل هو (الصيرفي العصري) وأن سيد الهيكل هو صاحب المصرف، وكان في بعض الاحيان يشرف صيرفي على سعر الفائدة ، وذلك بهدف حماية (المدين) من قسوة المرابي، ومن اللافت للنظر أن هذه التقسيمات في الهيكل والقروض الربوية تفسر لنا سبب اهتمام اليهود بالذهب والصيرفه وسعر الفائدة في الهياكل الدينية أيام المسيح ، وكونهم شرقيين قدموا من بلاد الرافدين عبر هجرات متتالية من أرض (أور) فانهم نقلوا هذه المبادلات التجارية ،وازداد نشاطهم بها أيام استعمار (الهكسوس) لأرض النيل المصرية ، ومن ثم نقلوا هذه العلوم إلى كافة أصقاع الأرض ، وهذا يفسر لنا أيضا سبب تعامل اليهود مع الربا والمصارف الربوية ، حتى أن اليهود هم أول من اخترع نظام (تحرير راس المال من عبء القيود الداخلية) وذلك أنهم في كل سبع سنوات كان اليهود يسامح بعضهم بعضا من سعر الفائدة ويحررون (عبيدهم) إذا كانوا من اليهود ،وذلك بهدف إطلاق الحرية من جديد للحركة التجارية والمالية ، إذ أن اليهود تنبهوا إلى عواقب وخطورة إغراق كافة فئات المجتمع من الطبقات العاملة بالمشاريع الربوية إذا استمرت هذه المشاريع وأدت إلى (شل) (حركة الإنتاج) وقبل أن ننتقل إلى نقطة أخرى نود أن نقول أن الذهب والفضة لم يكونا السلعة الوسيطة فحين بدأ الإنسان ينتج السلعة كان يستبدل الفائض عن حاجته بسلعة أخرى من هنا نشأ نظام المقايضة سلعة بسلعة فمثلاً كان الشخص يذهب إلى السوق ليبدل سمناً بشعير ولكن صاحب الشعير إذا كان لا يريد سمناً في مثل هذه الحالة كان الاثنان يبحثان عن شخص ثالث، من هنا بدأ نظاماً جديداً هو اعتماد سلعة ثابتة لتقييم حجم التبادل وأخيراً اعتمد الشعير والفضة في العراق القديم لأن الحاجة إليه جعلت منه قوة شرائية وفي الهند استعملت الماشية أما في الصين فقد اعتمدت السكاكين كسلعة للتبادل ويقال أنهم اتخذوا المحار للتبادل أما في اليونان فقد استعمل الثور للتبادل وكان يقدر سعر المرأة بأربعة ثيران، وهذا يدل على أن فائض الإنتاج في كل منطقة هو الذي كان يتحكم بالسلعة الوسيطة إلى أن اعتمدت في النهاية على الذهب والفضة كقوة شرائية(36).سنة(2250 ق .م) في آشور إلى أن عرفت العملة النقدية في اليونان سنة(770) ق .م(*)









#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعطونا الطفوله
- الحرية مسألة شخصية
- ظل راجل ولا ظل حيطه
- رسالة من امرأة عادية
- بإنتظار رسالةٍ مهمة
- يوم سعيد
- لو كنتُ مواطناً أوروبيا
- إعتذار للحوار المتمدن
- خفة دم مصطفى أمين
- جلالة الإنبراطور باراك أوباما
- إنتصرنا في كل المعارك
- أنا
- امرأة ليبرالية مظلومة
- اللهم لا تنصرنا على أمريكيا
- إخترنا لكم : بان الخليط
- تحت رعاية وزير الثقافة الأردني , حفل توقيع كتابي الثاني
- جاءتني الدوره الشهريه
- رساله من طفله عربيه في الصف الخامس
- لا حول ولا قوة لي إلا بالأردني
- إستفزاز الكُتّاب


المزيد.....




- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- البرازيل.. القبض على امرأة يشتبه في اصطحابها رجلا ميتا إلى ب ...
- فيديو.. امرأة تصطحب جثة إلى بنك للتوقيع على طلب قرض
- في يوم الأسير.. الفلسطينيون يواصلون النضال من داخل المعتقلات ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...
- يوسف بلايلي يُغضب الجزائريين بسبب سوء تصرفه مع حكم (امرأة)
- إعدام سعودي قتل امرأة دهسا بالسيارة
- لماذا خلعت هذه الممرضة حذاءها وقدمته لمريض في مستشفى بأمريكا ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جهاد علاونه - من العصر الأنثوي إلى العصر الذكوري