|
رؤى
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 12:20
المحور:
الادب والفن
I
هنا ، قربَ أنفاس البحر :
موجتكَ الأثيرة ، تاهتْ بحثا عنك متكسّرة على الصخر
هناك ، في الجبل الأول ( جبل أعتقَ من غرور إله ) لا بحر
لا جبل هنا ، لا بحر هناك ؛ لا صديق في هذا المدى الأزرق ، المفتوح ـ كجرحكَ موجة خرقاء حسب ، ملولة بعناقك
وحّدك المكان ، هنا أنتَ المتودّد للحظة وحدةٍ واحدة
أيّ همهمة ، شكّلتْ ضبابَ هذا السَحَر ؛ أيّ غطيطٍ لأرواح يقظة ، متشاحنة
ها تطيّرتَ ! فلتعُد إذاً للشرفة تلك ؛ أين البتول لا تكاد تغادر موقفا حالماً
يا لتلك الشرفة ! المشرَعة دوماً وفي كلّ الفصول ـ كسيوف الماريان
لا صديق ، إذا ، سوى هذه الرطوبة المملحة ؛ لا رغبة بإمتلاك الجمال القديم ، على الأقل ! لا شيء ، غير تشبثكَ بأذيال الروح ؛ الروح المجنح لملاكٍ في نصاعة سراب العين العطشى أو أيّ حجر في عين الهاجرة : هذا الروحُ الملاكُ ، أنتَ رأيته وعرفته
جدارتي الحقة ، في المكان الأعلى من خلود الروح ؛ جبلٌ ، لا تدرك سرَّه بساطة ساكني السهوب ثمة ، رفرفتْ روحي متحكّمة غالباً بريشها الرماديّ في الهبوب الأسود للأنواء
جبليّون ! شعبٌ عدوّ ـ كبقية البرابرة ؛ شعبُ الحظوة ، في مكانهم ذاك المنذور دوماً للآلهة
II
هنا ، في هذا السَحَر أتقصى ، عبثا ، وجهاً صديقا ؛ حصاة جديرة برميةٍ ما ، صوبَ البحر ـ كما تسلى أسلافنا برمي أحجارهم الوثنية بإتجاه أبراج الآلهة ، الغريبة
السمكة ، هيَ ذي أيّها البحّار ! أقبلها هديّة وبالرغم من شفقتي على شبكتك شبه الفارغة
شبكة ملآنة / وخيرٌ قليلُ : كذلك هيَ حياتي !
غريبٌ على الرمل والحصى والملح ؛ فأينها ربوع الفلّ والياسمين والجوري
هنا ، أفتقدُ مكاني الأعلى من منارتكَ ؛ مكاني هناك ، أين رايتي الملوّحة لملاكٍ بنصاعةٍ بيّنة على خلفيّة غسَق ، عتمة : رأيته وعرفته
غريبٌ أبداً كم من نفاياتٍ ، ترمى للبحر كم من مهملاتٍ ، في سلة التاريخ كم من خطاة ، يفخر بهم الجحيمُ !
مخلوقٌ / خالقٌ لا تشبه أحداً ، غيركَ نفسكَ لا ترى صورتها إلا في البركة ذاتها ؛ أين ذوى نرجسُ
مهديٌّ / ضائعٌ لا يراكَ سوى ظلٌ حارسٌ ؛ رؤيا تشاؤها أنتَ !
الطغاة للسهوب ، ولقاسيّون مراقدُ الأولياء : سفحٌ مشرفٌ على آثامنا ؛ على الصالحين ، الراقدين سكارى بعرْف اليانسون المكسور إيسافا في أقداحنا
إطرحْ للبحر نفاياته ؛ أيّها البحّار ! كذلك بدوري سأقذفُ للعرش بترهاته : لا أعبرُ صِراطا ، إلا بجدارة شمسي المجنحة ؛ لا أحشر أبداً ، إلا محمولا على مركب خارون
III
هناك ، في السفح شاهدٌ على الرؤيا : نعاس الوادي وصخيْراته
الهندباءُ تعي معجزة نهوضها في هذه الجرود ، دونما أن تستشار ، بالمقابل ، في سقوطها بين أسنان فتيّة ( أسنان تتهاوى ، بدورها ، صديداً وآثامة )
أسناننا ، هيَ ذي ، أيّها البحّار ! بلا ذاكرة ما ، كيما تعي زمناً غابراً من سِفاح شهوانيّ للأبّ ونسوته ؛ للأبناء المذعورين من معجزةٍ تعيد للنسيج اللحميّ حبكته .
" ماتَ الأبّ الخالدُ الناصرُ الأوحدُ " : مارَ السهلُ يومئذٍ بنواحه ، الأجوف ؛ نواح ، كنتَ طفلاً من الوعي لتعلم ، أنه من سلالة بقر تنعي طوطمَ ثورها ، المقدّس !
وكلّ ما عداه ، كان قد حُبكَ بعنايةِ آلهةٍ متبطلة وكأنما الأرضُ تفتقد لمعجزةٍ اخرى !
خطى الصِبيَة تقتفي أثرَ الأخ الأول ؛ القتيل متسلقة الأربعين : دَعْ أولئك الرفقة في نذورهم وأناشيدهم ، المعتنقة القمة المنشودة دربُكَ مختلفة ! عصاكَ لمّا تصبحُ بعدُ ، صولجاناً ؛ إلى الشرق ، ثمّة ، إشراقكَ ! والسماء لا تنشق ، إلا برمح إسرائكَ ، عن عرش غير آبهٍ لنزق طفل لا تظلّه غمامة ، بل إشارة * ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * الإشارة : مقدسٌ بركانيّ ، مخروطيّ ؛ شهابٌ ما من لدن السماء ، رفعه ساكنو قاسيون قبة .
IV
هناك ، في ليلةٍ مُنجمة كان حضورُ سلالة قديمة وهذيان تأويلاتها
الطفلُ ، الأوعى من خياله ، رأى لغة غابرة مشكّلة الرقيم الخزفيّ المتناوبة أنواره ( أنوار جهمة لمقام بمبو بابا * ) الخفارة مع قمر يتسلل عبْرَ الكنوز
هوَ ذا النقشُ ! يهوّم ببيان عن جذور الشجرة ؛ عن فصولها المتعاقبة الأنساب ؛ عن لغةٍ بربريّة ، حارّة ومعتبَرة ؛ جديرة أيضاً ـ كحوض مرمر في حمّام نبيل
أنتَ ، أيّها البحّار ! كنتَ أكثر جدّة بشبكةٍ عتيقة من ذاكَ الطفل ، الشائخ في رحلة تأويلاته الكسلى ؛ في أسئلة فتيّة بعدُ ـ كغصن غار ، كللَ خريفَ العمر
هوَ ذا خريفٌ آخر وبرقٌ يُضيءُ دروبَ الآخرة لسلالة قديمة اُخِذتْ بالسيف / أو الخيانة الفجّة ؛ سلالة ، إفتقدتْ شجرة أنسابها ، بلا إشارة تتسلق الوعورة الغريبة، اللهمّ إلا أبجديّة أميرها ؛ ذاكَ الذي لقنهم أيضاً تواريخهم بقدَر عبء ذاكرته
الطفلُ الهرمُ ، هوَ ذا ! يدعوكم إذاً ، وبلا إدعاء، إلى رقم خرافته ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * بمبو بابا : ليزعم أيوبيّو الحارَة الجديدة إنتماءكَ لهم ؛ لكننا نزعم بدورنا رؤية قدمكَ القطنية ؛ هذه المتحدّية برميمها ذاكَ الدعيّ القائل : أكرديّ ووليّ !؟ "
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بحثاً عن طريدةٍ اخرى
-
قيثارة الأطياف
-
تراتيل
-
ترانيم
-
الأسبار
-
الصفعة في السينما المصرية
-
فيلم حين ميسرة : أكشن العالم الأسفل
-
منزل المنفى
-
دمشق ، قامشلي .. وربيعٌ آخر
-
قلبُ لبنان
-
الصراع على الجزيرة : مداخلة تاريخية في جدل مستحيل
-
حوار حشاشين
-
نفديكَ يا أردوغان !
-
فضائيات مقاومة
-
عمارة يعقوبيان : موضوع الجنس المحرّم في السينما
-
ربحنا حماس وخسرنا فلسطين
-
جائزة نوبل للإرهاب
-
عامان على إعدام الطاغية
-
بشارة !
-
طفل طهران وأطفال فلسطين
المزيد.....
-
مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
-
أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
-
ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري
...
-
الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني
...
-
فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
-
فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز
...
-
كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
-
فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو
...
-
فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت
...
-
فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر
...
المزيد.....
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|