السلام أم الاعتراف في إسرائيل؟

ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)

الحوار المتمدن-العدد: 2506 - 2008 / 12 / 25 - 00:45
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

في الغالب كان السلام عبر التاريخ ، نتيجة حتمية لصراع مرير بين أكثر من
طرف، ولعل السؤال الذي لم نستطع فهمه - كعرب- حتى الآن ، أيهما يسبق الآخر، السلام بما يعني الأمن والأمان ، أم الاعتراف بالآخر بما يعني التطبيع في حالة إسرائيل ؟.
إزاء هذا السؤال ، تعرف إسرائيل ما تريده منا ، ولا نعرف ما نريده منها ، ليس الأرض كما هو متعارف عليه في السياسة ، بل ترانا منقسمين بين اللهاث وراء السلام ، وبين الدعوة إلى الاعتراف والتطبيع وكسر الجليد المتراكم .
إسرائيل لا تخفي رغبتها في بلوغ الهدفين معاً ، السلام والاعتراف ، فكل مَن هو في سلام معها (مصر ، الأردن ) بالضرورة معترف بها ، وكل مَن هو معترف بها من دون أن يكون في سلام معها ، يقترب من السلام أو يكاد .
ونحن ، نسعى للهدف الأول ، أي السلام ، ونحاول تحاشي التطبيع ، فالوضع بالنسبة لنا مبعثر لا يحتمل التأرجح ، لان السلام أولوية ، وخيار ستراتجيي ، والاعتراف خيبة واستسلام ، فالسلام مطلوب ومرغوب ، لكن من دون أن يكون هناك اعتراف ، هنا نساءل ، إذن ، على أي أساس سيقوم السلام ؟ إن جرى هذا السلام مستقبلاً بين أي دولة عربية وإسرائيل ، فإنه لا يعدو كونه مجرد هدنة طويلة الأمد ، أو لنقل سلام منقوص ، إذا جاز التعبير .
نعلم أن الاعتراف بإسرائيل ، شعور بالمرارة لأغلب الشعوب العربية ، وهي ليست بوارد الاعتراف مسبقاً ، حتى لو اعترفت نظمها الحاكمة ، لكنه ينبغي أن يكون اعتراف بالأمر الواقع ، أكثر مما هو بإسرائيل نفسها ، كدولة يهودية ، عندها ينطبق على حالة الاعتراف تلك المثل القائل : لا يقتل الذئب ولا يفني الغنم ، من غير أن ندخل في جدل تحديد من هو الذئب ومن الغنم .
والإشكالية الكبيرة التي تجعل النخب العربية في حيرة وشك من أمرها ، انعدام الثقة بالنوايا الإسرائيلية حول السلام ، فهذه النخب تعتقد أن إسرائيل تسعى لانتزاع الاعتراف بها أولاً من خلال مفاوضات السلام ، ومن ثم تضرب بالسلام في عرض الحائط ، لطالما نالت اعتراف العرب بها .
هناك بالمقابل ، رؤية إسرائيلية قلقة من محيطها العربي الرافض للاعتراف بها ، ما يجعلها تغدو أكثر تصلباً وجموداً في التعاطي مع محيطها ، لا بل وأقل ثقة ، وهذا الشيء يحدث على مستوى الشخص الواحد ، عندما يشعر أن الشخص الآخر ، غير مستعد للإصغاء والجلوس معه ، بعيداً عن الاعتراف به ، لا باسمه ، إنما بوجوده كشيء مادي وأمر واقع .
تشكيك النخب العربية ، والتصلب الإسرائيلي ، يجعلان أي محاولة نحو السلام ، ضرباً من العبث ، وإضاعة للوقت ، فإذا لم تغدوا إسرائيل طبيعية ، وأكثر مرونة ، لن يكون هناك سلام حقيقي يحمل في ثناياه التنازلات المرجوة التي تعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل يونيو 1967 ، ولكي تكون إسرائيل مرنة وطبيعية في آن ،أيهما أسبق في تحقيق ذلك ، السلام أم الاعتراف ؟.

#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل