أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله الداخل - في ثقافة الاحتلال العراقية - محاولة في تشخيص بعض صفاتها الأساسية














المزيد.....

في ثقافة الاحتلال العراقية - محاولة في تشخيص بعض صفاتها الأساسية


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 2505 - 2008 / 12 / 24 - 00:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لابد لأية قوة أو دولة تقوم بغزو واحتلال منطقة أو بلاد خارج حدودها من محاولة إقناع الآخرين، خاصة سكان البلاد المحتلة، قبل المجتمعات الأوسع، أو المجتمع الدولي، بأحقية ما تقوم به بغية نشر الهدوء والاستكانة، لأنها إن لم تفعل ذلك فسوف يصبح ذلك الاحتلال أصعب وأغلى بكثير؛ وهذه المحاولات هي ما يشكل مبررات الغزو أو ذرائع الحرب، وهي قد تبدو أو تكون معقولة بدرجة أو بأخرى؛ كما أن انسحاب هذه القوة سيكون سهلا اذا ما قررت ذلك، لأن الانسحاب بحد ذاته لا يحتاج الى دعاية كبيرة أو تمهيد نفسي كبير في معظم الأحوال. لكن إذا قررت هذه القوة البقاء في المكان الذي أتمت احتلاله فانها بالاضافة الى حاجتها الى تواجد القوة العسكرية هناك لقمع مقاومة السكان وما يترتب عليها من دعم لوجستي (وإضفاء صبغة الشرعية من خلال معاهدات توقعها عادة في ظروف الاحتلال حكومة محلية ضعيفة من موقع يستحيل اعتباره متكافئاً مع المحتل)، فإنها تكون بأمس الحاجة، لكي تسهل عملية السيطرة، الى "محاولات إقناع" هؤلاء السكان بأن تواجدها في المناطق المحتلة هو ضروري لهم للحفاظ على "سلامتهم" البدنية و"سلامة" استقلال بلادهم من "تدخل خارجي" رغم قناعة السكان والمجتمع الدولي أن الخطر الوحيد على البلد المظلوم هو استمرار ذلك الاحتلال نفسه. يجب ألا ننسى أن أهم ما يحاول الاحتلال تثبيته لدى السكان هو شرعية ما يقوم به، ولا يتم تثبيت هذه الشرعية إلا من خلال إضعاف قدرة هؤلاء السكان على تمييز الحقيقة من بين ركامات الدعاية والحرب النفسية.

ورغم كون الاحتلال الاميركي للعراق لا يختلف عن غيره من نماذج الاحتلالات الاخرى في تاريخ العالم إلا ان فيه بعض التميُّـز فيما يتعلق بعلاقة الدكتاتورية السابقة بالمحتل، وهي علاقة كانت متينة ابان الحرب مع ايران واثناء حملات تعريب وابادة الأكراد واضطهاد الحركة الوطنية والشعب ككل؛ لكن أطماع الدكتاتورية ما لبثت أن شكلت تهديداً جدياً لمصالح الرأسمالية الأميركية في المنطقة والتي بدات بتهديد صدام المبالغ به في التصدي لاسرائيل ثم انزلاقه في فخ الكويت مما أحكم من الخلاف والتنافس على ثروات المنطقة.

عندما نحاول تشخيص بعض من جوانب ثقافة الاحتلال العراقية نجد:

أولا - أنها تكاد تكون كثيفة وغامرة وواسعة وذات تيارٍ عاتٍ الى درجة انجراف عدد لا يُستهان به من الكتاب المحبين لوطنهم العراق، بل انجراف مجموعات من الكتـّاب، خاصة حديثي العهد بالكتابة، وكتـّاب كثيرٍ من الصحف التي تصدر في العراق، أوممن يحيا في المهجر، وبشكل أخص كتاب صفحات الانترنت. لكن من يقف وراء هذا التيار الذي يبدو بوضوح أنه مموَّل من قبل الدول المحتلة هم "قادة" الفكر داخل العراق وبعض الكتاب الذين يبدو عليهم العناد المتكلف ممن يعيش في دول الغرب. ويبدو هذا الانجراف واضحاً في ردود الفعل على الاحداث المهمة وغير المهمة على حد سواء.

ثانياً - تستمد ثقافة الاحتلال العراقية معظم "قوّتها" من مسألتين مترابطتين: الأولى إدعاؤها وتظاهرها بالعداء لدكتاتورية صدام حسين، واستمرار هذا الادعاء رغم اندثار الدكتاتورية وزوالها ورغم كون معظم "مثقفي" الاحتلال هم من أعوان الدكتاتورية أو حلفائها السابقين؛ لذا فهي تعتمد كثيراً في انتعاشها على التخويف من احتمال عودة الدكتاتورية الى السلطة؛

والمسالة الثانية هي تصوير الاحتلال بأنه "تحريرٌ" للعراق! وبذلك يتم إهمال الأهداف الاقتصادية الحقيقية الكامنة حيث يتفق على صحة هذا الاستنتاج (السيطرة على منابع النفط، ولأن في العراق أضخم احتياطي) معظم المثقفين العراقيين وكثيرٌ من مثقفي العالم والمسؤولين فيه*، فلم يكن هذا التحرير الزائف ضمن أيّ من الأهداف الحقيقية للإحتلال، لأن حديث طغمة بُش، وكوندوليسا رايس خاصة، عن احتلال العراق بدأت في أواسط أيلول عام 2001 أي بعد بضعة أيام من اسقاط برجي مانهاتن، واستخدام ذلك كذريعة للحرب والاحتلال، مما جعل البعض من المحللين الأميركان يربطون الاحداث بتلك الأهداف الحقيقية*.

ولذا فمن الطبيعي أن تقوم ثقافة الاحتلال العراقية باهمال حقائق تأريخية على غاية من الأهمية وهي ان الاحتلال الأخير للعراق هو مواصلة لنفس السياسة الأميركية ازاء العراق منذ نجاح ثورة تموز 1958، إذ تتجنب هذه الثقافة الخوض في مناقشة الحقائق التاريخية فيما يتعلق بدور الولايات المتحدة في انقلاب شباط 63 وتصريح رئيس وزراء الانقلابيين فيما بعد بأن البعث "جاء" الى السلطة "بقطار أميركي"، واعتراف حسين ملك الاردن لمحمد حسنين هيكل، وكذلك دور عارف عبد الرزاق وعبد الرزاق النايف في إنجاح عودة البعث الثانية الى السلطة في تموز 1968، ومساعدة صدام في تصفية ما سمي بـ"يسار البعث" عام 79، ثم في إسناده على طول الخط ابان الحرب مع ايران وابادة الشعب الكردي.

ثالثاً- بث روح اليأس في السكان في حرب نفسية شعواء متواصلة هدفها الواضح اضعاف المعنويات وتحطيم القدرة على النقد والمقاومة بكل أشكالها، حيث تتصف هذه الحرب بالعنصرية وقد تبلغ حد الاهانة التي يتم توجيهها في وضح النهار الى شعب مظلوم بكامله، كما لوحظ مؤخراً من استعمال تعابير مثل "العربان"، "ثقافة الحضيض" وغيرها كثير.
(يتبع)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*انظر تصريح ألن كَرينسبان الزعيم الاقتصادي الأميركي الذي قال في السادس عشر من سبتمبر 2007 أن الهدف من احتلال العراق هو النفط.
*انظر
Dreaming War, Blood for Oil and the Cheney-Bush Junta, by America s "best essayist" Gore Vidal, Nation Books 2002.



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كريم - 9 -
- أوباما
- إبتسامة ٌ آثمة
- ألسْتَ القائل...؟
- دفاعاً عن لامية الأدب العربي للجواهري
- الخُطى -2-
- الخُطى - 1 -
- بعضُ أراءٍ في تموز (بمناسبة مرور نصف قرن على تموز1958 في الع ...
- - محاولة ٌٌبدائيّة ٌٌفي البحث عن كُلِّيِّ الحكمة -
- نسيج
- روما 3
- 8 - روما - 2 (من مرثاة - كريم -)
- 8 - روما 1
- 7 - فسيلة
- الكهف 2
- أنت معنى (مقاطعٌ من مرثاة بعنوان - كريم -)
- مقاطع من مطولة بعنوان -كريم- (
- مقاطع من مطوّلة بعنوان - كريم -
- مداعبات مهموم - 4 - حيوان كاتب
- ملاحظات في الكتابة عن الدين. 1 - المقالات المعادية وحرية الر ...


المزيد.....




- البرتغال تخطط لطرد نحو 18 ألف مهاجر غير شرعي من البلاد
- -التحالف الدولي- يجري تدريبات ومناورات في محيط أكبر قواعده ب ...
- استطلاع: ثلثا الألمان يعتبرون حزب -البديل من أجل ألمانيا- مت ...
- الاحتلال يعتدي على فلسطينيات بأريحا والمستوطنون يصعّدون عدوا ...
- قطر ترفض تصريحات -تحريضية- لمكتب نتنياهو حول دورها في الوساط ...
- موقع عبري يكذّب رواية مكتب نتنياهو بخصوص إلغاء الزيارة إلى أ ...
- فرقة -زيفربلات- الأوكرانية تغادر إلى سويسرا لتمثيل بلادها في ...
- -كيماوي وتشوه أجنة-.. اتهام فلسطيني لإسرائيل بتكرار ممارسات ...
- قطر ترد بقوة على نتنياهو بعد هجومه العنيف والمفاجىء على حكوم ...
- موسكو تؤكد.. زيلينسكي إرهابي دولي


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله الداخل - في ثقافة الاحتلال العراقية - محاولة في تشخيص بعض صفاتها الأساسية