أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سعدون محسن ضمد - قف للمعلم














المزيد.....

قف للمعلم


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2488 - 2008 / 12 / 7 - 09:53
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


ترددت كثيراً يوم طلبت مني ابنتي أن أعطيها كتاباً تتبرع به لمكتبة المدرسة، فمكتبتي صغيرة جداً ومنتقاة، لكنني إزاء إلحاحها وافقت على إعطائها كتاباً اعتز به بشكل خاص لأنه يتحدث عن احتمالات الحياة في الفضاء الخارجي، ومع أن الكتاب لا يتمتع برصانة علمية كافية إلا أنه يطرح نظرية طريفة وممتعة وتغذي الخيال وخاصَّة خيال الناشئة. المشكلة أن ابنتي أعادت الكتاب في اليوم التالي طالبة استبداله، بحجة أن معلمتها لا تقبل بكتاب يحمل بطياته أفكاراً (أجنبية). ضحكت بسري لهذا التبرير وأوضحت لابنتي أن جميع المنهج الدراسي الذي تتعلمه داخل المدرسة هي وبقية زميلاتها يتضمن بل يقتصر على أفكار أجنبية باستثناء كتابي قواعد اللغة العربية والتربية الإسلامية. استغربت ابنتي طبعاً من هذه المفارقة المضحكة وأيضاً من سطحية معلمتها وهي تدعي معرفتها الفرق بين الأفكار الأجنبية والمحلية.
على كل حال اعتذرت لابنتي عن استبدال الكتاب لأن جميع ما امتلك من كتب يحتوي أفكاراً أجنبية بشكل أو بآخر. لكنها ألحت وهي تطلب تحديداً كتاب أدعية دينية، وأخبرتني بأن المعلمة أثنت على زميلة لها جلبت معها مثل هذا الكتاب، عند هذا الحد اتضح لي بعد آخر من أبعاد المشكلة وثار فضولي فطلبت بعض الإيضاحات الأخرى وسرعان ما عرفت بأن السيدة المعلمة رفضت كتاباً كانت قد جلبته زميلة أخرى، فقط لأن مؤلفه يمدح في ثنايا كتابه كاتباً مشهوراً ينتمي لطائفة أخرى غير طائفة السيدة (التربوية).
نعم اكتشفت أن المشكلة بهذا الحجم وأن السيدة المسؤولة عن تربية ابنتي مصابة ليس بحساسية الأفكار الأجنبية فقط بل وبمرض احتقار الطوائف الأخرى، الذي هو مرض لا يمكن قبوله بأي حال من الشخصية التربوية، ولولا الخوف الذي ارتسم كبيراً بين عيني الطالبة لكنت ذهبت إلى مُدَرِّسَتها ولقنتها درساً يعلمها معنى أن تعزل بين ما تؤمن به هي، وما يجب أن تلقنه لابنتي التي أبذل جهداً كبيراً في تعليمها معنى أن الإيمان حرية خاصَّة وهو شأن داخلي بحت، لا يجب التلصص عليه.
أنا متأكد بأن هذه المعلمة التي أوْكلت إليها المدْرَسَة موضوع إنشاء المكتبة لا تحمل وثيقة تخصص بالمكتبات، وبالتالي فهي لا تعرف معنى المكتبة ولا وظيفتها ولا طبيعة التنوع الذي يجب أن تحتويه، الأمر الذي يكشف بأن الجهل مشترك بين نفس المعلمة وبين إدارة المدرسة التي توزع المهام التربوية جزافاً.
بعد تغييرات 2003 أصبح التعليم لدينا وبالأخص منه التعليم الابتدائي ارتجالياً لدرجة كبيرة. خاصَّة بعد أن رفع تربويونا (الكبار) شعار إصلاح المناهج منطلقين من فوبيا النظام السابق التي جعلت موضوع الإصلاح هذا مباحاً حتى لصغار المعلمين، ولم يعد غريباً عند ذلك أن يصر بعض هؤلاء على أن تكون القاعة المخصصة للتربية الإسلامية خالية من مقاعد الطلبة لتكون قريبة من أجواء المسجد. أو أن يصر آخرون على ضرورة تدريب الصغار على كيفية أداء الطقوس والاحتفالات الدينية (الطائفية) داخل قاعات الدرس. وهكذا.. وكل هذه التصرفات تتعارض ومفاهيم الوطنية والشراكة وقبول الآخر. وهي تجري بشكل فردي وارتجالي ولا تجد من يراقبها أو يردعها. وإذا أضفنا للارتجال الذي يعمل من خلاله المعلمون جهل الكثير منهم بطرق وأساليب التدريس ومعلومات المناهج المسؤولين عن تعليمها. تصبح المدرسة العراقية كثيرة الضرر قليلة النفع، ويبدو على أجيالنا القادمة أنها ستكون مصابة بعوق كبير وهي معبأة بأمراض الخوف من الآخر واتهامه أو التعالي عليه، من جهة، ومطالبة من جهة أخرى أن تبدع وسط عالم اتصالي معلوماتي يجعل من الحدود بين الذات والآخر محض خيال وهراء.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت الخصم
- رسالة إلى هتلر
- ريثما يموت الببَّغاء
- الإنسان الناقص
- نبوئة لن تتحقق
- اغتيال مدينة
- كنت ثوريا
- التثوير الديني
- يقين الأحمق
- كلام المفجوع لا يعول عليه يا صائب
- البقاء للأقوى يا كامل
- اقليم الجنوب
- القرد العاري
- محمد حسين فضل الله
- وأعدائهم
- عبد الكريم قاسم
- ثقافة الوأد
- أعد إليَّ صمتي
- سخرية القصاب
- وعينا المثقوب


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سعدون محسن ضمد - قف للمعلم