أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سهر العامري - ولكنه ضحك كالبكا !














المزيد.....

ولكنه ضحك كالبكا !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 760 - 2004 / 3 / 1 - 09:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 هذا عجز بيت قاله شاعرنا المتنبي ، وهو في زيارة لكافور الأخشيدي حاكم مصر زمنها ، وقبل ما يزيد على الف سنة خلت ، وكان هو يريد من المضحكات المبكيات ما كان قد رأه من في شؤون  الدولة  وأهلها ، والحكم وسلطانه.
والمضحك المبكي هذا ينطبق اليوم تماما ، ومع فارق الزمن المديد بيننا وبين المتنبي، على حال العراق زمن صدام ، حيث عاد كل تصرف له ، وكل عمل يقدم عليه ضحكا كالبكا .
ولا أريد أن أعود والقارئ الكريم الى أيام صدام الأبعد ، وهو على صهوة الحكم فيما سماه هو بعراق صدام ، وإنما سأقف هنا معه والرسالة التي حملها الصليب الأحمر الدولي منه ، وهو في سجنه الذي يتقاضى فيه راتبا مقداره ستون دولارا في الشهر ، وافق على صرفها له رئيس سلطة الاحتلال بريمر .
أقول ، صدام هذا الذي كان يرمي ملايين الدولارات ذات اليمين وذات الشمال . صدام هذا الذي أشاد من القصور ما علا وما ضخم . صدام هذا الذي أذل أعناق جيوش تعددت أسماؤها ، وكثر عديدها . صدام هذا الذي كان يسجد له حكام من العرب ، وتطوف حشود من الجماهير العربية في شوارع عمان وصنعاء والقاهرة تهتف : صدام اسمك هز أمريكا ! صدام هذا الذي كان ( يطرّ كل من خالفه أربع طرات ) كما كان يتشدق هو من اذاعة بغداد ! صدام هذا الذي قدم للرئيس الموريتاني حليب النوق فطورا ، بعد أن امتنع الرئيس المذكور من شرب حليب البقر في مؤتمر للقمة العربية انعقد في بغداد ! صدام بطل القادسية ، ومخرج القعقاع من قبره ، وفارس أم المعارك، وقائد صناديد القرن العشرين ، والزاحف على الكويت بطير أبابيل ، وصاحب شعار : قطع الأعناق ولا قطع الارزاق . صدام الذي نفخ في صورته الشعراء والأدباء المداحون ، فصار سيفا عند شاعرة الكويت ، سعاد الصباح، وحمورابي عند عبد الرزاق عبد الواحد ، وأياما طويلة عند عبد الأمير معلة، وقمرا معلقا في سماء عاشرة عند شفيق الكمالي ضحيته . صدام الذي غنته حناجر المطربين ، وتغزلت به المطربات ، ورقص له الأطفال والكبار ، وصار تعداد نفوس العراق بصوره وتماثيله أربعين مليونا . صدام كل هذا يُعطي ستين دولارا راتبا شهريا من علج هو بول بريمر ! يا لذل الأبطال ! وذل علي عبد الله صالح والملوك والرؤساء من العرب البائدة ! أليس هو هذا المضحك المبكي ؟ وإذا كان لا. فكيف يكون ؟
كان العراقيون من ضحايا صدام ، والذين حلوا في المهجر ، أو الأسر يكتبون لذويهم في العراق رسائل عن طريق الصليب الأحمر ، حين أغلقت عليهم أبواب العراق بسبب من صدام ، وحين طاردهم أين ما رحلوا ، وأين ما حلوا ، وها هو صدام اليوم يكتب لذويه من العراق الى المهجر ، وبذات الطريق التي أجبر الملايين من العراقيين على ركوبها . أفلم يكن هذا مضحكا مبكيا ؟
ماذا قال صدام لابنته : رغد ، المرملة بسببه هو ، حين أطلق كلاب عشيرته لتأكل زوجها ضحىً ، والشمس في رابعة النهار ، ومن خلال رسالته التي حملها الصليب الأحمر إليها ؟  أرأيتم ؟ رسالة من غادر لمغدورة . فكيف يكون المضحك المبكي ؟
قال صدام في رسالته تلك لابنته رغد ، وبعد أن أبيحت للناس منها نتف قليلة ، أن قيده سينكسر عن قريب ! هذا هو الهذيان بعينه ، فبأي شيء سيكسر هذا المعتوه قيده ؟ فحرسه الجمهوري  ، وقواته الخاصة ، وجيوشه الأخرى قد تبخرت بساعات عجلى، وهاهم صناديده سيتجدون أعداءهم ، ويطلبون منهم في مظاهرات تخترق شوارع بغداد ما يسدون به رمقهم ورمق أسرهم ، وفي وقاحة ما بعدها وقاحة ، وعار ما بعده عار ، فكيف يطلب العدو من عدوه عونا ؟ هل حدث مثل هذا في غير هذا المكان ، وغير هذا الزمان ، أم أنه مضحك مبكي ! ؟
لقد رأى العالم مشرقا ومغربا ، شمالا وجنوبا صداما وهو يخطو بين الجنود الأمريكيين ، وفي قصره الجمهوري ، مكتوف الأيدي ، مكسور النفس ذليلها ، أغبر الشعر أشعثه ، وكانه أنسان قادم من عصر حجري ، خارج من مغارة محملا بخيوط عناكبها ، وغبار جدرها ، فكيف سيكسر هذا المخرف قيده ؟
وما فات صدام نفاق العفالقة في تلك الرسالة ، فقد أوصى ابنته بتعليم أحفاده الذين يتمهم هو القرآن الكريم ، هذا بعد أن أتى هو من المعاصي ، والمظالم ، وقتل الناس ، وانتهاك الحرمات ما يعجز عنه وصف ، وما لا يحيط به بيان . فبأي شرع حل صدام لنفسه ازهاق أرواح الآلآ ف المؤلفة من البشر ؟ وعلى أي دين قامت المئات من المقابر الجماعية على أرض العراق ؟
يقول صدام ، حين سأله عضو في مجلس الحكم عن السبب الذي دعاه لقتل هذا الكم الهائل من أصحاب المقابر لجماعية : كان هؤلاء عملاء لايران ، وهاربين من الخدمة العسكرية ! والمعروف أن جميع ضحايا المقابر الجماعية حُملوا من بيوتهم الى مدافنهم في تلك المقابر ، ومن دون أن يمروا بمحكمة ، أو يتعرضوا لسؤال ! وإذا تركنا هذا جانبا ، على فرض أن حكم صدام لا يؤمن بمحكمة ، وأنه يقتل على الظنة مثل عتاة الحكام ، فلماذا قتل النساء والأطفال مع من قتل من رجال المقابر الجماعية ؟ أكان هؤلاء عملاء لايران ، وهاربين من الخدمة العسكرية التي كان صدام نفسه هاربا منها ! نعم . إنه المضحك المبكي الذي شخصه شاعرنا المتنبي قبل المئات من السنين . وعلى هذا القياس فبأية زواية تخلف من التاريخ السحيق يعيش العرب وحكامهم ؟ وعلى أي سراط أعوج يسيرون ؟ ما دمت تنطبق على علاقة الحاكم والمحكوم فيهم أحكام صدرت قبل ألف من السنين !



#سهر_العامري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين صار كوكس مُلا !
- رشى صدام من القصور الى الشوارع !
- ظرف الشعراء (6) : ليلى الأخيلية
- شباط : الماضي والحاضر !
- ظرف الشعراء (5) : دِعبل الخزاعي
- مرفوض في عمان مقبول في بغداد !
- ظرف الشعراء ( 4 ) : بشار بن برد
- ويبنون بيوتا من خشب !
- ظرف الشعراء ( 3 ) : ولادة
- مكرمة السيد مجلس الحكم !
- وحدة العراقيين والحزب الشيوعي العراقي !
- ظرف الشعراء
- قومية النفط !
- ظرف الشعراء ـ 1 ـ العرجي
- الحجاج مظلوما !
- قصيدتان
- اثنان لايموتان في العراق : النخل والحزب الشيوعي !
- عن المهر والنهر والفكر المستورد !
- المقهى والجدل
- تهديدات السستاني على لسان المهري والرد الأمريكي !


المزيد.....




- صحة غزة: تسجيل أعلى حصيلة قتلى منذ أسابيع وسط دراسة إسرائيل ...
- نتيجة مثيرة للقلق.. دراسة تكشف الآثار الصحية لامتلاك الأطفال ...
- ماذا نعرف عن -حصار السويداء- ؟
- نيسان تبهر العالم من جديد: سيارة كهربائية بمحرك بنزين
- خطة حصر السلاح.. بين حسم لبنان الرسمي ورفض حزب الله
- مرصد حقوقي ينذر بمذابح جماعية -غير مسبوقة- إذا نفذت إسرائيل ...
- واشنطن تعلق إصدار التأشيرات لمواطني بوروندي بسبب -انتهاكات م ...
- رجل أعمال مقرب من زعيم المعارضة النيجيرية يثير قلق الرئيس وح ...
- مظاهرات في النمسا تطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل
- مستوطنون يشرعون بإقامة بؤرة استيطانية غرب الخليل


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سهر العامري - ولكنه ضحك كالبكا !