أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سهر العامري - اثنان لايموتان في العراق : النخل والحزب الشيوعي !














المزيد.....

اثنان لايموتان في العراق : النخل والحزب الشيوعي !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 734 - 2004 / 2 / 4 - 04:25
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 مضى على هذا العنوان خمس وعشرون سنة ، منذ أن كتبته أنا ضمن صفحة كاملة أشرفت على تحريرها في صحيفة 14 اكتوبر العدنية ، وفي الذكرى الخامسة والأربعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي سنة 1979 م ، وهي السنة التي بلغت فيها الحملة الشرسة للنظام المجرم في العراق ذروتها على الحزب وكوادره ، ولذا فقد اضطر الكثيرون منهم الى مغادرة العراق بطرق مختلفة ، وبصعوبة بالغة في احيان كثيرة ، وكان السبب في ذلك ليس القمع الأسود الذي أنزله النظام ذاته بالحزب وكوادره وحسب ، وإنما سياسة الحزب التي بدت وكأنها لا تملك ردا ناجعا يحمي الحزب من القمع والموت ، والذي تواصلت فصوله على مدى اشهر طويلة ، سوى أن تلك السياسة كانت تريد ( درء تدهور العلاقة بالحزب الحليف ! ) كما كان يتردد وقتها من قيادات متقدمة في تركيبة الحزب ، هذا الموقف الذي لم يكن ليقنع قواعد الحزب ، والتي كانت تريد موقفا واضحا لا لبس فيه ، وهو ترك الجبهة لصدام كي يغني بها وحده . وللحق والانصاف كانت الكثير من قادة الحزب يستشعرون مطلب القاعدة هذا ، لكنهم كانوا مأخوذين بالموقف الأممي ، وعلى وجه الخصوص موقف الأتحاد السوفيتي الذي كان يرى ، وبانتهازية واضحة ، أنه يتوجب على الحزب الشيوعي العراقي أن يقدم تنازلات للحزب الحليف ! فحين كانت القواعد تقترح حلا مثل: الخروج من جبهة البعث ، والمناداة بقيام جبهة وطنية تضم كل القوى التي تهمها ديمقراطية العراق ، والحكم الذاتي لكردستان ، وهو شعار الحزب العتيد ، والعمل على تشكيل قاعدة مقاومة في كردستان العراق ، وهي الرغبة التي تجسدت بعشرات الرسائل من قبل اعضاء وجماهير الحزب ، والتي كانت تطالب بهذا الحل للخروج من المحنة التي يمر بها الحزب والشعب ، يأتي الجواب دائما ، ودون قناعة به حسب ظني، أن الظرف غير ناضج لهذا الطرح.
حلت الذكرى الخامسة والاربعون لتأسيس الحزب علينا في عدن ، طلبت قبلها بايام من المرحوم احمد سالم محمد ، مدير تحرير جريدة 14اكتوبر ، والذي عينني مسؤولا عن القسم الثقافي فيها ، بعد أن اختبرني لايام ، طلبت منه أن يخصص لنا صفحة كاملة من الجريدة ، كي تعبق بعطر الذكرى ، فوافق على الفور ، ودونما تردد ، واباح لي المسؤولية عما ينشر فيها من مواد ، ودون مراجعة منه ، أو من أي طرف آخر في الجريدة .
لقد قمت أنا بتهيئة مواد الصفحة ، وقد ساعدني رفيق آخر في ذلك ، مقترحا علي تبديل كلمة : العراق ، الورادة في عنوان المقالة الرئيسة من صفحة الذكرى ، والذي هو عنوان مقالتي هذه ، بكلمة : وطني ، دفعا للاحراج الذي قد يلاقيه الجانب اليمني ، وقد أخذت أنا بهذا الاقتراح ، كما انني هيأت صورتين : واحدة للرفيق فهد ، وهو يحمل راية حمراء ، والاخرى منظر جذاب لنخيل في العراق .
تابعت طوال ذلك اليوم تصميم واخراج صفحة الذكرى ، ولم اغادر الجريدة إلا في ساعة متاخره من ليله ، وقد نهضت مبكرا في الصباح على صوت جرس الهاتف ، وكان المتكلم وقتها الأخ احمد سالم محمد الذي قال لي إن سيارة الجريدة في الطريق اليك ، ونريد حضورك حالا وألان ، حين دخلت غرفته المتواضعة وجدته مدلهم الوجه ، وبعد السلام ، بادرني بسؤال غير متوقع :
هل كانت طريق الشعب تنفذ من الاسواق عندكم ؟ أجبته اننا كنا نحن انفسنا نقوم بتوزيع جريدة طريق الشعب ، وبالاضافة الى أن بعض الناس كانت لديها اشتراكات عند باعتها ، لكنه لم يمهلني كثيرا لأسأله عن سبب دعوتي المفاجئة ، فقال : لقد نفذت جريدة 14اكتوبر من الأسواق ، وخلال ساعة من الزمن بسبب من صفحة الذكرى ، إذ قام عملاء السفارة العراقية في عدن بشراء العشرة آلاف نسخة التي نغطي بها عدن كل يوم . والحل ؟ سألته أنا . الحل هو أننا بدأنا منذ الصباح بطباعة عشرة آلاف نسخة من جديد ، وسنقوم بتوزيعها حالا ، وقد اشترطنا على باعة الصحف أن لا يبيعوا إلا جريدة واحدة ، وللشخص الواحد ، ووضعناهم جميعا تحت مراقبة أمنية صارمة.
لقد تعرضت أنا لتهديد عملاء السفارة العراقية في عدن مرتين ، فالنظام الساقط قد جند طواقم سفاراته في الخارج لخدمته فقط ، وكان لا يريد أن يسمع كلمة واحدة تقال ضده ، فكيف يكون حاله ، مع صفحة واحدة من جريدة تصدر بآلاف النسخ ؟ صفحة تفضح القمع والظلم اللذين خيما على العراق ، الموت الذي تساوى به الرجال والنساء ، الجريمة والفساد اللذين استشريا في البلاد والعباد ، في وقت كانت اذاعة بغداد تتغنى بتهديد نعيم حداد ، عضو القيادة القومية ، والذي لايساوي شسع نعل عند صدام ، ذلك التهديد الذي كان يعنينا نحن والقائل : إن يد العراق طويلة !
خمس وعشرون سنة ثقال مرت على هذا العنوان ، والذي نزل على صدام وأزلامه في بغداد مثل صاعقة ، كما نقل لي أحد الاخوة اليمنيين العائدين من بغداد وقتها ، وذلك حين وزعت نسخ من جريدة 14 اكتوبر في بغداد ، وهي تحمل صفحة الذكرى ، وصورة نخيل العراق الذي أعدم صدام كثيره ، وصورة الخالد فهد الذي يرقد تحت ظل نخلة منه . كان العنوان قد استفزهم تماما ، مع أنه كان يقول الحقيقة : اثنان لا يموتان في العراق : النخل والحزب الشيوعي !
وها هو صدام قد رحل ، وقد مات نظامه وحزبه ، بعد أن لبس ثوب العار والذل ، وبعد أن اقتيد مكتوف اليدين رخيصا ، اغبرا ، أشعث الشعر ، يحيط به جمع من الجنود وهو كالمجنون ، في موقف ما عرف التاريخ مثلة ، بينما ظل نخيل العراق سامقا ، يرمي باعناقه نحو سماء العراق العصي . وها هو الحزب الشيوعي العراقي ، رايات حمراء ترف على دجلة الخالد ، وسيل من دماء تكحل أرض الرافدين ، وجماهير غفيرة تهفو لوطن حر ، وشعب سعيد .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن المهر والنهر والفكر المستورد !
- المقهى والجدل
- تهديدات السستاني على لسان المهري والرد الأمريكي !
- قرار الكاشير ولغة الغطرسة !
- مكروا فمكر بريمر !


المزيد.....




- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...
- خبير عسكري يكشف مصير طائرات F-16 بعد وصولها إلى أوكرانيا
- الاتحاد الأوروبي يخصص 68 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفلسطي ...
- شاهد: قدامى المحاربين البريطانيين يجتمعون في لندن لإحياء الذ ...
- وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا
- سوريا.. أمر إداري بإنهاء استدعاء الضباط الاحتياطيين والاحتفا ...
- طبيب: الشخير يمكن أن يسبب مشكلات جنسية للذكور
- مصر تنفذ مشروعا ضخما بدولة إفريقية لإنقاذ حياة عدد كبير من ا ...
- خبير أمني مصري يكشف عن خطة إسرائيلية لكسب تعاطف العالم


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سهر العامري - اثنان لايموتان في العراق : النخل والحزب الشيوعي !