أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - عن المهر والنهر والفكر المستورد !















المزيد.....

عن المهر والنهر والفكر المستورد !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 733 - 2004 / 2 / 3 - 08:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 ما انفك نفر نزر من الكتّاب يعيش أجواء أواخر الخمسينيات ، وبدايات الستينيات ، وذلك حين استيقظ العالم على صوت وقع حدث مهيب هو ثورة الرابع عشر من تموز الخالدة ، وكنا وقتها نحن صغارا ، لا نفقه بالسياسة شيئا ، ولن نقدر على تبين الأمور ، ولكن ما جلبته الثورة للناس في العراق من منافع مست حياتهم المادية وقتها ، جعل تلاميذ المدارس الصغار مثلنا يتلمسون الفارق بين عهد مضى بظلمه ، وآخر قدم بخيره ، فلقد انتشرت المدارس بسرعة مذهلة ، ودخلت الى المناطق النائية ، أو ما كان يطلق عليها زمن الملكية بـ ( المناطق الموبوأة ) ، كما استطاع الكثير من أبناء الأرياف والقرى مواصلة دراساتهم في مراحل متقدمة ، في المتوسطات والثانويات ، والجامعات ، وذلك بعد أن أنشأ رجال الثورة أحدث الأقسام الداخلية بناء ، وأمدوها بالأثاث المريح الغالي، وقدموا فيها ما لذّ وطاب من الأكل ، كما قامت الثورة ، وعلى عجالة من أمرها ، بارسال أبناء الفقراء في بعثات دراسية كثيرة ، فوصل ابن خيرية جارتنا الى أمريكا ، ووصل ابن تسواهن المعيدية ! الى لندن ، ووصل ابن عليوي الفلاح الى الاتحاد السوفيتي وقتها.  هذه الحال ، كما يبدوا لي ، اغاضت بعض الأوساط ، وخاصة تلك التي فقد امتيازاتها بسبب الثورة ، ففزعوا الى الدين ، وصاحوا : وا اسلاماه ! ولما كان رجال الدين في العراق على علاقات مختلفة بهم ، فقد ناصروهم ، وذبوا عنهم ذب مستميت ، رغم أن زعيم الثورة ، عبد الكريم قاسم ، قد بسط جناح السلم للجميع ، لكنه لم يساوم على ما قدمت الثورة من منجزات للصالح العام ، وليس لحفنة من المنتفعين على حساب الجياع من العراقيين .
هذا هو السر الذي جعل جماهير غفيرة من شعبنا تلتف حول الثورة والزعيم ، وفي الأيام الأولى لقيامها ، وحيث كانت المؤامرات تحيط بها من الخارج والداخل . فحين نزلت القوات الأمريكية في لبنان والأردن من أجل أرهاب الثائرين في العراق ، نزلت جموع هادرة من جماهيرنا الى الشوارع ، تهتف : احنا العراق احنا ...كريم قائدنا
               يا دلاس اسمعنا ...مانخاف اساطيلك
                 ولن هاب تهديدك .
هذه الاناشيد كانت تغنيها حناجر الملاين من الشعب ، وليس من المعقول أن عدد أعضاء الحزب الشيوعي ، ومناصريه كانوا ملاين ، مع أن الشيوعيين كانوا في طليعة من آزروا الثورة وناصروها ، ودافعوا عن مكتسباتها التي هي مكتسبات الشعب العراقي .
لقد هتفت تلك الجماهير بشعارات كثيرة ، ليس للحزب الشيوعي دخل فيها ، فشعارات الحزب كانت يرسمها الحزب نفسه ، وليس الشارع ، فليس من الحقيقة أن يرسم الحزب شعارا مثل :
ماكو مهر بس هل شهر ...ألخ ، الشعار الذي نادى به شباب العراق وشاباته ، وعلى ما فيه من وجاهة ، ورغم ما فيه من لغة مجاز ، فهم لم يطلقوه من فراغ ، فقد كان المهر عائقا كبيرا بوجه الزواج في العراق ، حتى شاعت فيه زيجات تتنافى مع آدمية المرأة وانسانيتها ، ولم يقف رجال الدين ضد هذا الامتهان لانسانية المرأة زمنها ، معه أنه كان يجري أمام أعينهم . ومن أمثلة هذه الزيجات هو زواج ( كصة بكصة ) ، والذي حرمه قانون الاحوال الشخصية النافذ ، والملغي بالقرار137 ، الصادر من مجلس الحكم ، والممنوع عن التنفيذ ، بقرار من وزارة العدل !
والعراقيون لم يلجأوا الى زواج ( كصة بكصة ) ، إلا لأنهم ما كانوا قادرين على دفع مهر متواضع ، فكيف بهم مع مهر غال ؟ وأعني بذلك أن زواج ( كصة بكصة ) كان مبررا ، رغم أنه كان يحط من كرامة المرأة والرجل على حد سواء ، فالفقر الذي عليه العراقيون هو الذي برر قيام مثل الزواج ، وهو ذاته ، أي الفقر ، هو الذي دفع آلافا من العراقيات والعراقيين الى أن يتحدوا الموروث ، وأن يطالبوا بازاحة هذا النير عن ظهر عملية القران . وها هي الأيام تبرهن صدق ما توقعه أولئك الشبان والشابات ، فهذا الوطن العربي ، فضلا عن الأسلامي يشهد عنوسة للنساء بشكل مخيف ، فقد اشتكى لي مدير دائرة تعليمية ، في دولة عربية ، كان أغلب القائمين بعملية التعليم فيها من النساء ، من أن أربعين بالمئة من المعلمات في تلك الدائرة كن من العانسات ، رغم أن الدولة العربية هذه لم تشهد حربا ، لكنها شهدت حربا أخرى هي حرب غلاء المهور ، فعلى الرجل المتزوج في هذه الدولة أن يقدم لزوجتة ، ومن الذهب فقط ، مايعادل واحدا وعشرين الف دولار .
وإذا كانت الجزائر والعراق يشهدان فيضا من النساء ألأن بسبب من الحروب وعمليات التصفية،  إذ تشكل العنوسة فيهما نسبا عالية ، فعلام تصاعدت تلك النسبة في السعودية وليبيا ، وهما دولتان لم تشهدا حربا حقيقية ؟ ألم يكن المهر هو السبب الرئيس الذي يقف وراء هذا الحيف الذي لحق بالنساء فيهما ؟
لقد اضطرت السعودية كدولة الى أن تتدخل في التخفيف من الأثار الكبيرة التي بدت تلقي بنفسها على المجتمع السعودي كله ، كما اضطرت ايران كدولة كذلك الى ابتداع ما سمي بالزواج الجماعي ، تبعها في ذلك صدام الساقط ، ثم حكومات أخرى ، واخيرا رجال الدين في النجف في العراق الجديد !
كانت الشابات والشباب في العراق قد تنبهوا لخطورة المغالاة في المهور ، ولهذا جاء ردهم عنيفا كما فسره المفسرون المغرضون ، رغم أنهم كان يعبرون عن ضرورة تمس حياتهم وحياة مجتمعهم ، فهم أبدا لم يرفضوا المهر كلية ، فكل شاب يحرص على أن يقدم لشريكة حياته شيئا يسرها، كما أنهم لم يرغبوا في أن يرموا قاضيا ما في نهر ما ، رغم أن الزواج كان ، وربما مازال، وخاصة في الأرياف ، يجري دون قاض ومحكمة ، وحتى دونما عقد رسمي ، إنما كان يتمّ مشافهة ، وعلى يدي رجل له إلمام قليل في اجرائه ، أو ربما جرى على طريقة نكاح أم خارجة ، فقد روي أن امرأة على مذهب الاباضية الخارجي ، قد أعجبت بالسيد الحميري الشاعر، وهو شيعي ، أمامي ، فطلبت منه الزواج وهما على ظهر طريق ، فقال : يكون كنكاح أم خارجة ، قبل حضور ولي وشهود ، فاستضحكت وقالت : ننظر في هذا !
أما الفكر المستورد ، تلك القولة التي شاخت ومازال نفر يتمسك بها للان ، ويعني بها الشيوعيين لا غير، فهي للهراء من الكلام أقرب ، وليس للحجة الحصيفة ، فالفكر ، وعلى مدى دهور ، واجيال ، ظل مهاجرا ، تصنعه أمة لتلقفه أمة أخرى ، فقصص القرآن مثل الطوفان موجودة في الديانات الاخرى ، وفي الارث السومري ، والمفسرون المسلمون يقرون بذلك ، ويرون أن وجودها في القرآن تأكيدا لها ، وعبرة لمن يعتبر ، كما أن المسلمين أستوردوا الأفكار ، على حد تعبير هؤلاء الذين لازالوا يعيشون في الماضي . ففي القرن الثاني الهجري ، وربما قبله ، قامت دار الحكمة في بغداد زمن الخليفة المأمون ، والتي ضمت خيرة الفضلاء من المترجمين ، وعلى مختلف دياناتهم ، حيث شرعوا باستيراد الأفكار ! من اليونانيين القدماء في الفلسفة والمنطق واللغة والرياضيات والعلوم الاخرى ، وذلك حين ترجم هؤلاء كتبا كثيرة في تلك المعارف التي طورها العلماء من المسلمين فيما بعد تطويرا خلاقا ، مثلهم مثل اليونانيين الذين كانوا قد استوردوا أفكارهم ! من حضارة وادي الرافدين ، حين نزلوا بابل في فتحهم لها زمن الأسكندر المقدوني ، وما نظرية فيثاغورس في الهندسة إلا نسخة من نظرية بابلية أكتشفت في تل عقرقوف العراقي .
 رحلة الفكرهذه هي التي حدت بماركس أن يقول بتواضع جم : إن أفكاري هي وريث شرعي لكل فكر خير أنتجته البشرية ، وعلى هذا يكون ماركس قد استورد أفكاره هو الآخر وفق نظرية استيراد الأفكار هذه ! ولي أن اقول أخيرا : لم يمكث الفكر في بقعة معينة من الأرض ، دوما كان الفكر مهاجرا !



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقهى والجدل
- تهديدات السستاني على لسان المهري والرد الأمريكي !
- قرار الكاشير ولغة الغطرسة !
- مكروا فمكر بريمر !


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - عن المهر والنهر والفكر المستورد !