أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - ثلاث قصص قصيرة















المزيد.....

ثلاث قصص قصيرة


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2464 - 2008 / 11 / 13 - 06:36
المحور: الادب والفن
    


(1)..
(عودة الحمام)..!!
صاد(جاسم)حمامة شواها وأكلها،ثم صاد أخرى،وجد لحم الحمام لذيذاً..دسماً..تراكمت خبرته وتعلم مهنة اصطياد الحمام،تعلم طرق استدراجها وكيفية إغواءها وإسقاطها في أشراكه..
***
ذات يوم فلتت حمامة من بين يديه،دمعت عيناه وتملكه غضب شديد،رآها تصفق بجناحيها،تتقلب ساخرة في بساط السماء قبل أن تتلاشى في العدم،قرر لحظتها أن يضاعف نشاطه وينتقم لكرامته،ألغم قمامات البلدة بـ(أشراكه)وراح ينزوي خلف الأحراش وداخل الحفر،مضت أيام ولم يصطد واحدة وأنتبه لاختفاء الحمام..
***
مرت سنوات قبل أن تكتسح سماء البلدة أسراب تلو أسراب من الحمام،أستبشر الناس خيراً وبدأت الصباحات ـ من بعد كدر ـ تسترد الهديل الشجي المموسق،لكن قضية الهجرة والعودة ظلّت في كف الريح،ما من أحد راوده السؤال أو أنتبه للحالة قبل أن تفاجئهم أم (جاسم)..بالخبر اليقين..
ثمة من رآها تقسم أمام حشد نساء :
ـ رأيت ابني (جاسم)..يطير مع الحمام..
لم يعد هناك من يصدق هكذا كلام،فالبلدة تعرف أن (جاسماً)..مات بداء خبيث فتك بجسده قبل أعوام جراء جلوسه على أكوام القمامات وهو يبحث عن الحمام..
***
ذات أصيل قادت أم(جاسم)..رهط نساء يتلفعن بالحزن صوب المقبرة لإيفائها بنذر قديم،عقدت الدهشة لسانهن،كانت أسراب الحمام تنوح فوق قبر(جاسم)..
صاحت :
ـ ألم أقل أبني (جاسم)..صار حمامة..!!
وظلّ اليقين راسخاً في أذهان الناس يوم مات (جاسم)..أن أمه فقدت صوابها..
***
كل صباح تصعد أم (جاسم)..إلى سطح منزلها،تضع إناء مملوء بالماء وتنثر حفنات من الحبوب،تتدافع أسراب الحمام..
ـ أيّكم..أبني (جاسم)..
تلتهم الحمامات الحبوب،تجفف إناء الماء وترحل..
تصيح وراءها :
ـ ما أحلى الحمام،ليتني أموت وأصير حمامة مثل أبني (جاسم)..
***
ما زال الناس عند يقينهم..ما تزال حكاية(جاسم)..كما هي..لم تنخرها السنوات،ظل الهاجس يسكن أم(جاسم)..يغذيها برغبة أن تصير حمامة،وظل اليقين راسخاً،أنها فقدت رشدها لدى الناس،وذات صباح وجدوها قرب قمامة تشع من ثغرها ابتسامة،ووجدوا قرب رأسها صحناً فارغاً وإناء..
***
قبران صغيران في قلب المقبرة،تحت ظل شجرة،كل موسم يرون عشاً تسكنه حمامتان،يأتيان بقدوم الربيع ويهاجران برحيل الصيف..
تقول امرأة كثيرة الزيارة لقبر أبنها :
ـ كلما أرى الحمامتين..أتذكر حكاية(جاسم)..وأمه..
تقول النساء :
ـ من يدري..ربما كانت على حق..
ـ ليتني أصير مثلهما..!!
تقول المرأة ذلك وتنخرط في البكاء..!!
***

(2)..
(لا تذكريني بالموت رجاءً)..!!
..هذا صباح آخر كسابقه..!!
قالت الناس :
ـ ما عادت حياتنا تحتمل..
..فيما مضى،كان يشرق ـ من أقاصي العالم ـ عربة نور تشق رفوف الحجب لترش الدنيا بحلوى الذهب،صار الصباح مثل كهل يتلمس طريقه بعكاز..
***
(تقول حكاية)..رفرفت روح،رآها الصباح تولول وتئن،ترجل من عربته واقتفى أثرها،كانت تفر صوب السهوب المتناعسة..صوب المديات المستباحة..
..روح أخرى اندفعت،حطت قرب الأولى،تعانقتا..كاد الصباح أن يلتمس طريق عودته،لولا همسات اختلجت ودسها الظلام في مدياته..
ـ كيف تخلصت من سجنك..؟؟
ـ سئمت..!!
ـ السأم لا يكفي للهروب..
ـ لم أعد أحتمل..ضبطت قرينتي في لحظة أثم..وأنت..
ـ أردوني قتيلة في لحظة حلم..
(تقول الحكاية)..لمّا سمع الصباح الكلام،اعتوره غم شديد وباغتته شيخوخة مبكرة،فقد لونه وصار يجيء ولا يبتدر الناس ـ كما كان ـ بالسلام..
***
(يقولون):فتاة مسها طيف،وجدت نفسها في جنينة صغيرة،لم تمض بها الأيام،جفت جنتها وذبل عودها،وجدوها ذات صباح قرب نافذة غرفتها ترقد كأميرة..
(يقولون):ماتت من السهر..
(يقولون):ماتت من القهر..
(يقولون):لم تحتمل رؤية أبن الجيران وهو يقبل فتاة غريبة..!!
***
(يقولون):فتى اهتدى من بعد شقاء إلى دواء لعلته،وجد من تؤنسه وتطرد من حوله وحشة الدنيا،تهدهد قلبه بالغناء وتمطر ليله بالأحلام..
(يقولون):كان يختلي إلى شجرة تؤويه وتسكب على آلامه الزلال،باغته رجل غليظ وقمع أحلامه في المهد..
(يقولون):قتله لأنه سبب جنون أبنته..
(يقولون):قتله حين أكتشف سر غياب أبنته ظهيرة كل يوم..
(يقولون):ثأراً لكرامته،سحب بندقيته وكتم برصاصة واحدة ما يتردد من قال وقيل بين الناس..!!
***
(تقول الحكاية)..
قالت الروح للروح :
ـ نخلص الأرض من الأرواح الشريرة..
ـ ويحك..تبغين تلويث عالمنا..
..ومن يومها بدأتا بالتقاط الأرواح الجميلة من الأرض..!!
***
على شارع ما..مر موكب جنازة،امرأة في مقتبل العمر،تفل شعرها للريح،تلطم وجنتيها،تنحني لتقبض حفنة تراب وتنثرها فوق الرؤوس..
همست عجوز :
ـ كلما أشاهد تابوتاً يقشعر بدني..
ـ لا تذكريني بالموت رجاءً..
أجابت صاحبتها وهي تضرب الأرض بعكازها..!!
***


(3)..
(أحلام هدى)..!!
..ذات ليلة فزعت من نومها وروت :
ـ حلمت أنني عروس..!!
ضحك أبوها وقال :
ـ أضغاث أحلام..
..ذات ليلة فزعت من نومها وروت :
ـ حلمت أنني أرمل..!!
ضحكت أمها وقالت :
ـ أضغاث أحلام..
..ذات ليلة فزعت من نومها وروت :
ـ حلمت أنني عجوز..!!
ضحك أخوها وقال :
ـ أضغاث أحلام..
..ذات ليلة فزعت من نومها وروت :
ـ حلمت أنني في تابوت..!!
لم يجبها أحد..!!
***
ما عادت (هدى)..تتذكر أحلام طفولتها،صارت في ربيعها الثاني عشر..!!
..ذات أصيل عادت من مدرستها،وجدت البيت يغص بالناس والعويل..
قالوا لها :
ـ قتل أبوك في الحرب..!!
..ذات أصيل عادت من مدرستها،وجدت البيت يغص بالناس والعويل..!!
قالوا لها :
ـ ماتت أمك من كثرة الحزن..!!
..ذات أصيل عادت من مدرستها،وجدت البيت يغص بالناس والعويل..
قالوا لها :
ـ قتل أخوك في الحرب..!!
..ذات أصيل عادت من مدرستها،أرادت أن تعبر الشارع،شعرت بأشياء تسكنها،ضجيج أصوات تناديها،لمحت فكوك تمتد ومخالب تطوقها،زاغتا عيناها،واستسلمت لريح باغتها وقذفها،حلقت عالياً،رأت أكف تمتد وتلملم أشلاءها المبعثرة وأشياءها المندلقة من حقيبتها،وأكف تمسكها ولم تعد تعرف أين تأخذها..!!
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السكن في البيت الأبيض
- ونثرنا ضمائرنا على الجدران//قصة قصيرة
- بجلطة شعريّة..مات بطل رواية(نافذة العنكبوت)
- الأتفاقية الأمنية بين مطرقة أمريكا وسندان الفوضى
- أنا كاتب تلك الفصة
- شيء ما يحدث
- لحظة فقد ذاكرته
- أنا كاتب تلك القصة
- في حدثين منفصلين
- حفيد العاشق محروس
- مضت ساعات الندم
- براءة اكتشاف..البرلمانيون لا يقرؤون
- صبر العراقي..أيّوبي
- الجنود لا يتحركون ليلاً
- هل قلت شعرا
- ولد روائياً
- ثغرها على منديل//قصة قصيرة//
- يوم أغتالوا الجسر //قصة قصيرة//
- سراب..أو..ترنيمة لغزالة القلب//قصة قصيرة//
- كلب الأمبراطور وقصص أخرى


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - ثلاث قصص قصيرة