أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من وحي كتاب فهد (الحلقة السابعة) العقيدة الجامدة















المزيد.....

من وحي كتاب فهد (الحلقة السابعة) العقيدة الجامدة


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 752 - 2004 / 2 / 22 - 04:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كان معلمو الماركسية وكل الماركسيين يكررون دائما "ان الماركسية ليست عقيدة جامدة بل دليلا للعمل" فما معنى عبارة دليل للعمل؟
يمكننا على سبيل المثال ان نقول ان خارطة طرق وشوارع المدينة دليل لعمل سائق السيارة. ومعنى هذا ان شوارع المدينة قائمة وموجودة بالاستقلال عن ارادة السائق ولكنه عن طريق الامعان في خارطة الطرق بين نقطة وجوده والهدف الذي يريد الوصول اليه يستطيع ان يحدد بالضبط الطريق الذي يجب عليه ان يسلكه للوصول الى هدفه باسرع ما يمكن.
حين يقال عن الماركسية انها دليل للعمل يقصد نفس المعنى. فالماركسية كما نعلم هي مجموعة القوانين التي تتحكم بحركة المجتمع، وهي قوانين طبيعية مستقلة عن ارادة الانسان. ولكن الانسان يستطيع ان يستفيد من معرفة هذه القوانين لكي يحدد وجهة عمله من اجل الوصول الى الهدف الحتمي في اتجاه حركة المجتمع. وهذه القوانين تتغير وفقا لتطور المجتمع فتنشأ قوانين جديدة وتختفي قوانين قديمة. الا انه في كل لحظة من لحظات الحياة الاجتماعية توجد القوانين التي توجه المجتمع في اتجاهه المعين في تلك اللحظة. ومعنى ان الماركسية دليل للعمل هو ان على الماركسي ان يتعرف على القوانين الطبيعية السائدة في اللحظة التي يمارس العمل فيها لكي يتحقق من اقصر واصح طريق يمكنه سلوكه للوصول الى هدفه. وهناك بالطبع اهداف بعيدة للانسان واهداف قريبة ولكن الاهداف القريبة تكون دائما خاضعة للاهداف البعيدة. وقوانين الاهداف البعيدة تكون اكثر ديمومة عادة من قوانين الاهداف القريبة. وتسمى الاهداف البعيدة الاستراتيجي والاهداف القريبة التكتيك. ولذلك تعلمنا الماركسية ان الاهداف القريبة يجب دائما ان تسلك الطريق المؤدي الى الاهداف البعيدة. ولذلك يؤكد الماركسيون دائما ان العمل التكتيكي يجب دائما ان يضع الهدف الاستراتيجي نصب عينيه ولا ينساه او يتخلى عنه لحظة واحدة لان نسيان او اهمال الهدف الاستراتيجي لحظة يؤدي الى حرف الاتجاه حتى في بلوغ الهدف التكتيكي. وليس اوضح من كلمات الرفيق حسين الشبيبي في هذا الخصوص حين قال في مقدمته لكراس الرفيق فهد حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية "فمن الواجب ان يضع كل حريص على وجود هذا الحزب نصب عينيه دائما وأبدا، الاهداف البعيدة التي يرمي اليها كل حزب شيوعي وان لا يصرف النظر عن تلك الاهداف ..."
ليس في العبارات السابقة شيء جديد لان هذا مطروق في كافة ادبيات الاحزاب التي تتخذ الماركسية فعلا دليلا لعملها. فهذه العبارات تكرار لما يعيده ويكرره الماركسيون كل يوم ويكرره حتى الذين تخلوا عن الماركسية كدليل للعمل. ولكن في التكرار فائدة.
ولكننا كثيرا من نسمع اتهام الماركسيين بانهم حولوا الماركسية الى عقيدة جامدة. الا انني حتى الان لم اقرأ شرحا علميا لمعنى عبارة العقيدة الجامدة. والواقع السائد في الادب السياسي هو ان الكاتب حين يرى شعارا لا يحبه او لا يريد ممارسته ينعته بالعقيدة الجامدة من اجل تركه واتخاذ شعار اخر. فدكتاتورية البروليتاريا لدى البعض عقيدة جامدة والثورة البروليتارية عقيدة جامدة ووجود حزب واحد للطبقة العاملة عقيدة جامدة الى اخر ذلك من الشعارات الماركسية التي تنعت بالعقيدة الجامدة. فهل هناك تعريف علمي للعقيدة الجامدة؟ نعم يوجد.
العقيدة الجامدة في الادب الماركسي هي محاولة تطبيق عبارة ماركسية قديمة او قانون ماركسي قديم على ظاهرة سياسية جديدة. فالماركسية تعلمنا كما راينا ان القوانين الطبيعية التي تتحكم في حركة المجتمع هي قوانين متغيرة. لذلك حين يحاول الماركسي ان يحدد سلوكه في لحظة معينة يجب ان يتعرف على القوانين التي تحيط بالظاهرة التي يريد معالجتها في تلك اللحظة. وهذا ما يقصد بالضبط من عبارة تطوير الماركسية. ولكن السلوك في ظاهرة معينة وفقا لقانون لا يتفق والقانون السائد في تلك اللحظة هو تحويل الماركسية في تلك العملية الى عقيدة جامدة. قد يكون هذا التعريف والشرح معقدا او غير مفهوم بعض الشيء وافضل طريقة لفهم العقيدة الجامدة هي ايراد امثلة تاريخية عليها.
اننا، لاننا نناقش الماركسية وتطبيقها في السياسة، نقصر الحديث عن العقيدة الجامدة في نطاق الماركسية وحدها. ولكن الحقيقة هي ان العقيدة الجامدة تمارس في جميع نواحي الحياة الاجتماعية. ان التاريخ لم يسجل لنا اسم العالم العبقري الذي اكتشف قانون النار. فقد كان النار قبل اكتشاف هذا القانون مصدر ماس للبشر يكتوون به في الحرائق التي لم يكن الانسان قادرا على تلافيها. وفي مرحلة من مراحل تطور قوى الانتاج البشرية اصبح من الممكن ظهور عالم عظيم اكتشف قانون النار فاصبح بمقدور الانسان ان يستخدم النار لتحقيق مصالحه. وكان هذا الاكتشاف انقلابا جوهريا في حياة الانسان. ولو كان التاريخ قد سجل لنا اسم هذا العالم الكبير لمجدناه اليوم كما نمجد الكثير من علاماء البشرية في التاريخ. ولكن طريقة الحصول على النار في ذلك التاريخ كانت عملية شاقة. وعلى مر السنين اكتشف الانسان وسائل للحصول على النار اسهل من الطريقة الاولى. فاذا اراد شخص ما ان يواصل الحصول على النار بنفس طريقة مكتشفها الاول تمجيدا لهذا العالم الكبير او تمسكا بنظريته كان ذلك عقيدة جامدة.
في مرحلة من مراحل تطور قوى الانتاج الاجتماعية ظهر عالم كبير اسمه ابن سينا. كان ابن سينا قمة العلم في زمانه ومن مجالات ابحاثه العلمية كان الطب. ونحن حتى اليوم نمجد هذا العالم الكبير ونفخر باكتشافاته الطبية. ولكن تطور قوى الانتاج البشرية ادى الى ظهور علماء اخرين في الطب اكتشفوا ما لم يكن بامكان ابن سينا ان يكتشفه. ولكن اصرار اي انسان على ممارسة الطب بنفس الطريقة التي مارسها ابن سينا تمجيدا له هو عقيدة جامدة.
لملايين السنين اعتقد البشر ان الارض مسطحة. وفي مرحلة من مراحل تطور قوى الانتاج البشرية اصبح من الممكن ان يظهر شخص اسمه غاليليو ليكتشف ان الارض كروية. حكم على غاليليو بالاعدام جراء اكتشافه. ولكن اي انسان ما زال يعتقد ان الارض مسطحة فانه يحول العلم الى عقيدة جامدة. والامثلة في التاريخ لا حصر لها. وكلها تبرهن على ان الانسان يجب ان يكيف نفسه مع تطور العلم والا فانه يحول العلم الى عقيدة جامدة
من اروع امثلة العقيدة الجامدة نظرية ماركس في ضرورة قيام الثورة البروليتارية في جميع او معظم الدول الراسمالية المتطورة. توصل كارل ماركس الى هذه النظرية عند دراسة القوانين الطبيعية التي تتحكم في حركة المجتمع في اللحظة التي توصل اليها فيها، حين كانت القوانين الطبيعية التي تتحكم في حركة المجتمع الراسمالي التنافسي هي القوانين السائدة. وفي عهد لينين ادى تطور قوى الانتاج الاجتماعية الى تحول الراسمالية من المنافسة الحرة الى المرحلة الامبريالية وتغيرت القوانين الطبيعية التي تتحكم في حركة المجتمع وفقا لهذا التحول. فدرس لينين هذه القوانين وتوصل بموجبها الى نظرية مخالفة بل معاكسة لنظرية ماركس فيما يخص الثورة اذ توصل الى ان الثورة يمكن ان تقوم في بلد واحد وفي اضعف حلقة من حلقات السلسلة الامبريالية. وكانت الماركسية بهذا الخصوص سواء بالنسبة لماركس ام بالنسبة للينين دليلا للعمل. ولكن الكثير من منتسبي الماركسية عارضوا لينين في هذه النظرية واتهموه بتزييف نظرية ماركس ودعوا الى التمسك بالماركسية كما وضعها كارل ماركس. اي انهم ارادوا ان يستخدموا القوانين التي استند اليها ماركس في التوصل الى نظريته في الظروف الجديدة التي نشأت عند تحول الراسمالية الى المرحلة الامبريالية. هذه عقيدة جامدة.
في ١٩٢١ توصل لينين الى ان البروليتاريا الظافرة، اي دكتاتورية البروليتاريا، بامكانها ان تساعد شعوب المستعمرات التابعة التي كانت تعيش في مراحل شبيهة بالعصر الحجري الى مستوى الاشتراكية بدون المرور في مرحلة راسمالية. وهذا ما حصل في بلدان اسيا الشرقية ابان الحكم السوفييتي في فترة بناء الاشتراكية. وجاء مدعو الماركسية في السبعينات من القرن الماضي وارادوا تطبيق نظرية لينين على بلدان كاملة التطور في المرحلة الراسمالية وبعد ان قامت فيها الثورات البرجوازية واستلمت الطبقة البرجوازية فيها مقاليد السلطة. ففي العراق مثلا اراد مدعو الماركسية تطبيق نظرية لينين على نظام حكم صدام حسين وزعموا ان صدام قد اختار الطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية. هذا عقيدة جامدة.
لدى دراسة قوانين حركة النظام الراسمالي توصل كارل ماركس الى ان قانون القيمة هو الذي يوجه حركة الاقتصاد الراسمالي. ولدى بناء المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي قام بعض مدعي الماركسية بالادعاء بان قانون القيمة ما زال القانون الذي يوجه الاقتصاد في المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي. والواقع ان القوانين الطبيعية التي تتحكم في حركة المجتمع الاشتراكي هي غير القوانين التي تتحكم في حركة المجتمع الراسمالي. وعلى الماركسي الحقيقي ان يستخدم القوانين الطبيعية الجديدة لتحليل مفعول قانون القيمة. فرغم وجود مفعول معين لقانون القيمة في المجتمع الاشتراكي الا انه لا يشكل القانون الذي يوجه حركة المجتمع الاشتراكي. ولكن مدعي الماركسية حتى في يومنا هذا يزعمون ان قانون القيمة هو الذي كان يتحكم في حركة المجتمع الاشتراكي ويتوصلون من ذلك الى انه لم تكن هناك اشتراكية في الاتحاد السوفييتي. وهذا عقيدة جامدة.
منذ ان كتب ماركس عن تصوره للمجتمع الاشتراكي، المرحلة الاولى للشيوعية، في كتابه نقد منهاج غوتا بين ان المجتمع الاشتراكي لا ينزل من السماء بل ينشأ في رحم المجتمع الراسمالي وبين ان الاقتصاد الاشتراكي يتكون من نوعين، النوع العام الذي يشمل كافة الانتاج الصناعي والنوع الخاص الذي ينتج المواد الاستهلاكية. وبين ان المجتمع يمنح العامل بطاقة تدل على مقدار عمله تخوله ان يستهلك من المجتمع ما يقابل عمله. وهذا هو التطبيق الامثل لشعار الاشتراكية من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله. وهذا ما حدث في الاتحاد السوفييتي الاشتراكي اذ بدل البطاقات استفاد الاتحاد السوفييتي من خبرة المجتمع الراسمالي واستعمل نظام الاجور والنقود بدلا من البطاقات. فالاجور كانت طريق تحقيق الشعار الاشتراكي الانف الذكر. ولكن منتقدي الاتحاد السوفييتي حتى اليوم يعتبرون استخدام الاجور والنقود هو عبارة عن استغلال العامل السوفييتي بنفس طريقة استغلال العامل في المجتمع الراسمالي ويتوصلون من ذلك الى ان المجتمع السوفييتي لم يكن اشتراكيا بل كان راسماليا. ويرجع ذلك الى جهل هؤلاء للمقارنة بين طبيعة الاجور في المجتمع الراسمالي وطبيعة الاجور في المجتمع الاشتراكي. وهذا عقيدة جامدة.
ينتقد البعض الاتحاد السوفييتي الذي استولى على كافة الانتاج الصناعي لانهم يعتبرونه راسمالية الدولة. ويرجع هذا الى اعتبار احتكار الدولة للانتاج الصناعي راسمالية دولة بصرف النظر عن الظروف التي يتم فيها هذا الاحتكار. ولا يميز هؤلاء بين راسمالية الدولة في النظام الراسمالي حيث تكون الدولة عبارة عن مؤسسة راسمالية كبرى تستغل العمال من اجل ان تجني الارباح شأنها في ذلك شأن اي راسمالي اخر وبين احتكار الدولة في المجتمع الاشتراكي حيث تقوم الدولة بادارة هذه المنتجات لمصلحة المجتمع وفقا لبرنامج معين. فالدولة في النظام الاشتراكي ليست مؤسسة راسمالية تجني الارباح من استغلال العمال بل تدير الاقتصاد الاشتراكي لمصلحة العمال واكبر برهان على ذلك هو ان الانتاج الصناعي الواسع النطاق لا يتحول الى سلعة تباع وتشترى وان توزيع المنتجات على المصانع لا يعتبر بيعا وشراء بل تبقى المصانع كلها وانتاجها ملكا للدولة اي ملكا للطبقة العاملة والشعب. ولا يتحول الى سلعة سوى جزء ضئيل من انتاج المواد الاستهلاكية التي لم تبلغ من الوفرة بحيث يمكن توزيعها توزيعا حرا. وهذا عقيدة جامدة.
يقوم بعض الاقتصاديين بمقارنة معدل الدخل في المجتمع الاشتراكي والمجتمع الراسمالي ويستنتجون بان مستوى معيشة العامل في المجتمع الراسمالي بقياس اجوره هو اضعاف هذا المستوى في النظام الاشتراكي. وهذا ايضا عقيدة جامدة لان هؤلاء الاقتصاديين يقيسون دخل العامل في النطام الراسمالي ودخل العامل في النظام الاشتراكي قياسا كميا فقط، بقياس عدد الدولارات التي يتقاضاها الفرد في المجتمعين. والحقيقة هي ان دخل العامل في النظام الراسمالي هو دخل شكلي يستر حقيقة تحويل العامل الى عبد لا يحقق ادنى مستويات المعيشة له ولعائلته. فالاحصاء اصلا يتخذ بقسمة مجموع الدخل العام على عدد العاملين بحيث ان دخل مدير المصنع الذي يبلغ عادة عشرات اضعاف دخل العامل يعتبر دخل فرد واحد ولذلك فان معدل الدخل يرتفع الى مستويات تزيد كثيرا عن مستوى دخل العمال الحقيقي. اضف الى ذلك تقوم الراسمالية بسلب جزء كبير من الدخل الحقيقي للعامل باجباره مثلا على دفع ضرائب كبيرة مباشرة وغير مباشرة من اجوره وعلى شراء بيته ودفع القرض الذي يحتاج الى دفعه مع الفوائد طيلة عمره ودفع اثمان علاجه الطبي واجور تعليم اطفاله والى دفع اجور العناية بالطفل اذا كانت الزوجة تعمل للمساعدة على اعالة اولادها الخ... بينما تختفي كل هذه التكاليف في المجتمع السوفييتي الذي لا يحتاج العامل فيه الى شراء بيته او اخذ القروض لهذا الغرض ولا تحتاج المراة الى حاضنة لاطفالها كي تستطيع مواصلة العمل وحيث تكون للعامل حقوق مجانية كالاصطياف والعطل المدفوعة الاجور ووسائل الترفيه الرخيصة كالسينما والمسرح والدراسة المجانية وقصور الاطفال التي لم يعرف العالم الراسمالي لها شبيها وعدم وجود البطالة والازمات الاقتصادية وغير ذلك مما لا يحلم العامل في النظام الراسمالي ان يتمتع بها ومما يرفع من مستوى معيشة العامل في النظام الاشتراكي على اي مستوى للعمال في اي بلد راسمالي.
ينتقد البعض الاتحاد السوفييتي على الاحتفاظ بالدولة على اساس ان الماركسية تؤمن بزوال الدولة في المجتمع الشيوعي. وينسون ان النظام الشيوعي لا يمكن ان يحقق ازالة كل بقايا النظام الراسمالي السابق كالطبقة الراسمالية والمراتب البتي برجوازية المرتبطة بها والايديولوجيات الراسمالية التي سيطرت على عقول الشعوب طيلة فترة وجود النظام الراسمالي. وينسون ان تحقيق المجتمع الشيوعي يتطلب زيادة الانتاج الى مستوى يكفي لتحقيق الشيوعية في الانتاج. فكيف يمكن تحقيق كل ذلك؟ يمكن تحقيق ذلك بالمرحلة التحضيرية للمجتمع الشيوعي، المرحلة الاشتراكية. وكيف يمكن تحقيق المرحلة الاشتراكية بكل تعقيداتها الاقتصادية والايديولوجية والثقافية والسياسية؟ لا بد من وجود جهاز يقوم بتوجيه المجتمع في هذا الاتجاه. ولم تجد الثورة البروليتارية افضل من استخدام الدولة مقتبسة اياها من الانظمة السابقة. فاستفادت الحكومة السوفييتية من هذا الجهاز واقامت دولة تستطيع مقاومة الطبقات المالكة السابقة التي تحاول جهدها لاسترجاع سلطتها القديمة. وهذه الدولة، شأنها شأن كل الدول السابقة في المجتمعات الطبقية، هي دولة تكون مهمتها ممارسة اعنف دكتاتورية ضد الطبقات المعادية من اجل تحقيق اوسع ديمقراطية من اجل الطبقة الحاكمة. وكل ما تغير هو ان هذه الدولة، بخلاف الدول الاخرى، كانت دولة العمال والكادحين ضد الطبقات الاستغلالية السابقة. ان شعار الغاء الدولة في المرحلة الاشتراكية عقيدة جامدة.
ترفع بعض الاحزاب شعارا استراتيجيا مفاده تحقيق الشيوعية فور اعلان الثورة. وهذه الاحزاب لا تدرك معنى تحقيق الشيوعية من الناحية الاقتصادية مثلا. فشعارهم هو توزيع ما هو موجود في المجتمع على جميع افراده بدون تمييز. وهذا في افضل الظروف لا يمكن الا ان يكون نوعا من نظام  بطاقات التموين المستعمل في المجتمعات البرجوازية لشحة المواد الغذائية الضرورية. والشيوعية لا تعني من الناحية الاقتصادية توزيع ما هو موجود على افراد الشعب كله بل تعني زيادة انتاج المجتمع بحيث يستطيع كل فرد من المجتمع الحصول من المجتمع على ما يحتاج اليه. وهذا هدف بعيد المنال لدى اعلان الثورة على الراسمالية واستلام السلطة منها. ان شعار تحقيق الشيوعية مباشرة بعد استلام السلطة هو تحويل الماركسية الى عقيدة جامدة
وفي النظاق المحلي في العراق عوملت على سبيل المثال قضية الجبهة الوطنية بصورة جامدة حين اراد الحزب الشيوعي ان يعيد تكوين الجبهة بعد ثورة تموز على نفس الاسس التي بنيت عليها قبل ثورة تموز بدون ان ياخذ في الحسبان بلوغ البرجوازية الى السلطة والتغييرات الطبقية التي ترتبت على هذا.
بالامكان ان نجد الالاف من هذه الامثلة على العقائد الجامدة ولكنها كلها تشترك في امر واحد هو ان الماركسيين الذين يتخذون الماركسية دليلا للعمل ويدرسون كل ظاهرة وفقا للظروف المحيطة بها في لحظة دراستها هم الذين يطورون الماركسية. وان مدعي الماركسية هم الذين حاولوا تطبيق الماركسية في ظروف معينة وفق قوانين سابقة غير القوانين الطبيعية التي تسود الظاهرة التي يبحثونها. وبهذا حولوا الماركسية الى عقائد جامدة.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة) الستالينية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الخامسة) الميثاق الوطني
- من وحي كتاب فهد، الحلقة الرابعة - احتكار الماركسية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثالثة) ثورة اكتوبر
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثانية)العبودية المقيتة
- من وحي كتاب فهد - الحلقة الاولى
- المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي
- زوار موقعي الاعزاء
- جواب على رسالة ! حول الحزب الشيوعي الاسرائيلي
- لماذا مادية ديالكتيكية؟
- رسالة مفتوحة من حسقيل قوجمان الى آرا خاجادور
- ديمتروف والانتقال السلمي الى الاشتراكية
- حينما يصبح البتي برجوازي شيوعيا
- سياسة الاحلاف والجبهات بين الماركسية والانتهازية
- عبادة الشخصية بين المادية والمثالية
- عراق اليوم بنظر ماركسي يتتبع الاحداث من بعيد
- الحوار المتمدن
- مستلزمات انشاء الحزب البروليتاري الجديد
- من يزرع الريح يحصد العاصفة - حول انهيار المانيا الشرقية واتح ...
- أنهاية حرب باردة ام بداية حرب حارة؟


المزيد.....




- الجيش التركي -يحيد- 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف ...
- اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما ...
- شاهد ما قاله السيناتور ساندرز لـCNN عن تعليق أمريكا شحنات أس ...
- م.م.ن.ص// يوم 9 ماي عيد النصر على النازية.. يوم الانتصار الع ...
- آلاف المتظاهرين احتجاجا على مشاركة إسرائيل في -يوروفيجن-
- من جهينة عن خيمة طريق الشعب في مهرجان اللومانيتيه (1)
- السويد.. آلاف المتظاهرين يحتجون على مشاركة إسرائيل في مسابقة ...
- مداخلة النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية في الج ...
- أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من وحي كتاب فهد (الحلقة السابعة) العقيدة الجامدة