أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - لماذا مادية ديالكتيكية؟















المزيد.....



لماذا مادية ديالكتيكية؟


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 717 - 2004 / 1 / 18 - 10:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


[1]
ان الغرض من كتابة هذا الكتاب هو البرهنة على ان ماركس كان العالم الحقيقي الذي اكتشف المادية الجيالكتيكية وطبقها في جميع اعماله ومؤلفاته كمبدأ موجه. وان انتقادات كوليتي لماركس وانجلز ولينين وللمادية الديالكتيكية ليست علمية ولا منصفة. واعتقد ان هذا الغرض قد تم انجازه واكتمل في الفصول السابقة وليس لي هنا ما اضيفه اليه.
الا ان الكتاب مع ذلك يبدو ناقصا غير مكتمل اذ ان مسألة اخرى تفرض نفسها وينبغي مناقشتها والاجابة عليها. على فرض ان ماركس هو الذي اكتشف المادية الديالكتيكية فعلا واستخدمها في جميع كتاباته، فهل ما زال من الضروري في ايامنا الحاضرة ان نطبق المادية الديالكتيكية في دراساتنا للقضايا الاقتصادية والاجتماعية والايديولوجية؟ ان هذا الفصل يهتم بمعالجة هذه المسألة. انه يهدف الى ان يظهر كيف يمكن ان يؤدي تحليل لا ديالكتيكي لقضية الى استنتاج يختلف كل الاختلاف عن الاستنتاج الذي يؤدي اليه تحليل نفس القضية تحليلا ديالكتيكيا او حتى الى نقيضه المباشر.
ان المادية الديالكتيكية في عرف ماركس وانجلز هي قانون الحركة سواء في الطبيعة ام في المجتمع.
"لا شك انني اضطلعت باعادة النظر في الرياضيات والعلوم الطبيعية لكي اقنع نفسي بصورة مفصلة ـــ بما لم يكن لدي اي شك فيه عموما ـــ بان في الطبيعة، ضمن صخب عارم من التغيرات التي لا تحصى، تفرض نفسها القوانين الديالكتيكية للحركة شأنها شأن القوانين التي تتحكم في التاريخ بالاحداث التي تبدو صدفية، نفس هذه القوانين تشكل بطريقة مماثلة الخيط الذي يسري عبر تأريخ تطور الفكر البشري وترتفع تدريجيا الى الوعي في الذهن البشري ..."[2]
ان المادية الديالكتيكية بصفتها قانون طبيعي تماثل كافة القوانين الطبيعية الاخرى. فهي ككل القوانين الطبيعية تفرض نفسها على الطبيعة والمجتمع مستقلة عن علم وارادة الانسان. وجل ما يستطيع العالم فعله هو ان يكتشف القانون الذي يتحكم بالظاهرة التي ينكب على دراستها وبهذا يتفهم الظاهرة التي يتحراها وفي الوقت نفسه يكتسب القدرة على توجيه نتائجها لخدمة الاغراض البشرية.
حتى قبل اكتشاف قانون ما، يعرف الناس عادة بعض تأثيراته ويتعلمون كيفية استخدامها لخدمة اغراضهم. وحين يكتشفون القانون تبقى الاوضاع على حالها فيما يتعلق بعمل القانون نفسه. اذ ان الانسان عاجز عن ازالة القانون او تغييره او خلق قانون اخر عوضا عنه متى ما رغب في ذلك. ان اقصى ما يستطيع الانسان ان يفعله هو ان يتجنب نتائجه المدمرة وان يوجه هذه النتائج لخدمة حاجاته الخاصة. يقول انجلز:
"... بالنسبة لي لم يمكن ان تبرز مسألة فرض القوانين الديالكتيكية من اعلى على الطبيعة بل تبرز فقط مسألة اكتشافها فيها وتطويرها منها. [3]
أضف الى ذلك ان القانون الطبيعي لن يمكن الغاؤه. قد يختفي قانون ما او يتغير حين تختفي او تتغير الشروط اللازمة لفعله. الا ان هذه الشروط ما ان تعود الى الظهور الا ويظهر معها القانون الذي يتحكم بها ايضا.
لنأخذ الملاريا مثلا. كان للملاريا تأثير تدميري هائل في تأريخ البشرية. وقد حاول الانسان ان يتجنب تأثيراتها عبر التأريخ باستخدام الاعشاب والادوية والعقاقير وغير ذلك. ولدى اكتشاف دورة حياة الملاريا اي حين تم اكتشاف قانونها استطاع الانسان ان يبدأ في ازالة بعض الشروط اللازمة لبقائها. فعن طريق قتل البعوض قطع الانسان دورة حياة الملاريا وبهذا اختفى هذا المرض العضال في اجزاء واسعة من العالم. انه اختفى وحسب. وحيثما او كلما ظهرت ظروف دورة الملاريا مجددا ظهر المرض ايضا وعاد القانون الى فرض نفسه ايضا.
رد ستالين على اولئك الذين ظنوا ان الحكومة الاشتراكية تستطيع ان تلغي القوانين وتخلق قوانين اخرى جديدة بدلا منها قائلا:
"ان الماركسية تعتبر قوانين العلم، سواء أكانت قوانين العلوم الطبيعية ام قوانين الاقتصاد السياسي، انعكاسا للعمليات الموضوعية التي تحدث مستقلة عن ارادة الانسان. يستطيع الانسان ان يكتشف هذه القوانين وان يعرفها وان يدرسها وان يحسب حسابها في نشاطاته وان يستفيد منها لمصلحة المجتمع. ولكنه لا يستطيع تغييرها او الغاءها. وهو اعجز من ذلك في المقدرة على خلق قوانين جديدة للعلم."[4]
ان المادية الديالكتيكية هي احدى هذه القوانين الطبيعية. الا ان هذا القانون يختلف عن سائر القوانين الاخرى من ناحيتين على الاقل.
الناحية الاولى هي ان المادية الديالكتيكية هي القانون الذي يتحكم بالحركة ذاتها، في المادة بالذات، ومن هذا نشأ شموله وعموميته. انه يعمل اينما وكلما وجدت حركة او مادة. فالمادية الديالكتيكية بصفتها قانون لا يمكن ان تختفي او تزول ما دامت هناك حركة او مادة. ومهما تغيرت ظروف او اشكال المادة او الحركة فان المادية الديالكتيكية تتحكم بالظروف والاشكال الجديدة بنفس الدرجة.
الناحية الثانية هي ان المادية الديالكتيكية لا تتحكم بحركة الطبيعة وحسب بل تتحكم كذلك في المادة البشرية، اي المجتمع. ان الانسان يستقبل اكتشاف القوانين التي تتحكم بحركة الطيبعة عادة استقبالا حارا وبرحابة صدر. اذ ليست هناك عناصر في المجتمع الانساني تتعارض مصالحها مع استخدام هذه القوانين لغرض انتاج منتجات مفيدة للمجتمع. واذا وجدت بعض الاعتراضات او المعارضة فغالبا ما تكون وقتية وعلى الاغلب ذات طبيعة دينية. غير ان المادية الديالكتيكية بصفتها القانون الذي يفرض نفسه على حركة المجتمع تجابه معارضة هائلة وضارية، اذ ثمة قوى في المجتمع ترى من مصلحتها صيانة الظروف القائمة اطول مدة ممكنة. لذلك تقاوم هذه القوى التغير الذي يستلزمه بالضرورة تقدم المجتمع وتطوره. فكل تطور يتناقض ومصالح مثل هذه القوى يجابه مقاومة ضارية. ولهذا فان المادية الديالكتيكية ذاتها، وهي القانون الذي يتحكم بحركة المجتمع في تقدمه، جابهت مقاومة ضارية. ولهذا ايضا قام الاف الفلاسفة والعلماء والكتاب "بدحض" المادية الديالكتيكية. ولهذا ايضا ما زال فلاسفة ومفكرون وكتاب اخرون "يدحضونها" وسيستمرون في ذلك مرارا وتكرارا وبلا انقطاع. وقد ادعى كل واحد من اولئك الذين حاولو دخض المادية الديالكتيكية انه كان اول من وجد الطريق الحقيقي والفعال لدحضها ولن تكون احبولة كوليتي اخر هذه الادعاءات. الا ان كلا من هؤلاء الداحضين كان لسبب ما مؤيدا للظروف القائمة وعدوا للتغيير وللتطور. وبعبارات ستالين:[5]
"... بخلاف قوانين العلوم الطبيعية حيث يمر اكتشاف وتطبيق قانون جديد بصورة سلسة نوعما، يجابه اكتشاف وتطبيق قانون جديد في حقل الاقتصاد، اذ يؤثر حتما على مصالح قوى المجتمع الآيلة الى الزوال، اشد المقاومة من هذه القوى بالذات."
كل ما جاء اعلاه ليس سوى معلومات عامة يعرفها الى حد ما كل من له المام بالادب الماركسي الكلاسيكي. الا ان هذا لا يكفي بحد ذاته للبرهنة على ان من الضروري في ايامنا استخدام المادية الديالكتيكية كمبدأ موجه في التحريات الاجتماعية والطبيعية.
للبرهنة على ذلك، يترتب على المرء ان يحلل ظاهرة معينة تحليلا ديالكتيكيا لكي يظهر بذلك ان النتائج التي يحصل عليها بمثل هذا التحليل تختلف عن النتائج المتوصل اليها عن طريق تحليل لا ديالكتيكي او تكون معاكسة لها تماما.
ان المهمة صعبة جدا. وحتى اصعب منها اختيار الموضوع او الظاهرة التي ينبغي تحليلها. فالمشاكل التي تجابه مجتمعنا عديدة وشديدة التنوع. وليس من السهل القول ايها اهم من الاخرى. اضف الى ذلك يحتاج المرء الى الكثير من المعرفة والتحري والاندماج الفعلي لكي يستطيع اجراء تحليل كهذا بطريقة علمية مفصلة. ان مثل هذا الامر اكثر من قابلياتي وحتى لو كان باستطاعة شخص ما ان يفعله فانه يحتاج الى مجلد كامل لمناقشة مشكلة واحدة مناقشة مفصلة. لذا ساختار مشكلة بالغة الشيوع في عصرنا، مشكلة نزع السلاح، واناقشها بصورة غاية في الايجاز وبصورة عامة لكي اشير الى ما ينبغي عمله حين يحاول المرء ان يحلل ظاهرة ما تحليلا ديالكتيكيا.
ان نزع السلاح مشكلة من اكثر المشاكل جدية في ايامنا. فقد امتدت مفاوضات نزع السلاح بصورة مستمرة حوالى ثلاثين عاما ما زال التسلح خلالها يتزايد ويتفاقم بسرعة فائقة بحيث تراكمت جميع انواع الاسلحة بكميات رهيبة. في استعراض استقصاء حول هذا الموضوع في جريدة الغارديان بتاريخ ١٥ تشرين الاول ١٩٧٩ كتبت تقول:
"ان انشط قطاع من الاقتصاد العالمي هو اعمال الاسلحة ... اذ ان مبيعات الاسلحة تفوق الدخل القومي لجميع البلدان عدا عشرة اقطار في العالم. فمن حيث الوزن مثلا يزيد وزن المواد المتفجرة على الكرة الارضية عن وزن المواد الغذائية. وان توظيف رؤوس الاموال في الماكنة الحربية يبلغ ٢٥٠٠ ضعف الاموال المستثمرة في الماكنة السلمية."
اين ينبغي على الديالكتيكي ان يبدأ في تحليله لهذه القضية؟
"تقوم بين الناس، اثناء الانتاج الاجتماعي لحياتهم، علاقات معينة ضرورية، مستقلة عن ارادتهم، هي علاقات الانتاج التي تطابق درجة معينة من تطور قواهم المنتجة المادية. ومجموع علاقات الانتاج هذه يؤلف البناء الاقتصادي للمجتمع. اي الاساس الواقعي الذي يقوم عليه بناء فوقي حقوقي وسياسي وتطابقه اشكال معينة من الوعي الاجتماعي."[6]
يتضح من هذا ان الديالكتيكي يجب الا يبدأ من البناء الفوقي السياسي ولا من الوعي الاجتماعي الذي ينسجم معه بل يجب ان يبدأ من الاساس الاقتصادي. يجب ان يبدأ بتحري المزايا الاقتصادية للتسلح.
ان الاسلحة هي سلع قبل كل شيء. وهي تشترك مع سائر السلع بجميع خصائصها الاساسية. فالاسلحة شأنها شأن كافة السلع ليس لها قيمة اقتصادية لدى منتجها. فهي لا تكون قيمة استعمالية الا لدى مشتريها. ان فائدتها بالنسبة لمنتجها لا تتعدى قيمتها التبادلية المتمثلة بالنقود التي يتقاضاها من مشتريها. ان هدف الراسماليين الوحيد من انتاج هذه السلعة او تلك يقتصر على اجتناء اقصى ما يمكن من الارباح من بيعها. فاية سلعة ينبغي عليه ان ينتج وما هي فوائد سلعه واية سلعة هي اكثر فائدة من وجهة نظر انسانية، كل هذه اسئلة لا اهمية لها بالنسبة للراسمالي. ان مبدأه الموجه الوحيد هو “Business is business” اي الاعمال هي كل شيء.
الا ان الاسلحة بصفتها سلع تحوز اضافة الى ذلك على صفات خاصة معينة لا تحوزها السلع الاخرى. وهذه الميزات الخاصة هي التي تضفي على انتاج الاسلحة اهميته الحيوية بالنسبة لانتاج السلع ككل. لذلك من الضروري دراسة هذه الصفات الخاصة ببعض التفصيل لكي نفهم الاهمية العظمى لانتاج الاسلحة بالنسبة للنظام الااسمالي ذاته.
الانتاج
من اهم ميزات انتاج الاسلحة ضخامة الراسمال الذي يحتاج الى توظيفه والتقدير المذكور اعلاه حول الراسمال المستثمر في انتاج الاسلحة بالمقارنة مع الراسمال المستثمر في انتاج السلع المدنية هو دلالة ساطعة. فالنسبة هي ٢٥٠٠ الى واحد. وهذه النسبة العالية من استثمار الراسمال تزداد ارتفاعا يوما بعد يوم. ومن المعروف ان احدى ابرز اعراض الازمات الاقتصادية او الكساد الاقتصادي هي تراكم فائض من الراسمال العاطل الذي لا يمكن اعادة استثماره. وانتاج الاسلحة هو اكثر فروع الصناعة نجاحا في ضمان الاستثمار المتواصل لمثل هذا الراسمال العاطل. وهو لذلك واحد من اهم طرق علاج الازمات الاقتصادية. فانتاج الاسلحة وعاء يستطيع ان يستوعب الراسمال الدائم الاتساع الذي يتراكم باستمرار في كافة البلدان الراسمالية الكبرى.
تشكل هذه المبالغ الهائلة من الراسمال الذي يحتاجه انتاج الاسلحة بحد ذاتها ميزة هامة في عملية احتكار انتاج الاسلحة. اذ لا تستطيع كافة البلدان الراسمالية العالية التطور ان تتحمل هذا التوظيف الهائل من الراسمال. لذا لا تستطيع الاضطلاع بانتاج ادوات الحرب المتطورة يوما بعد يوم وباختراع المزيد من الادوات الحربية الاكثر تطورا باستمرار سوى دول عظمى معدودة. اما الاقطار الاخرى سواء منها الكبيرة او الصغيرة، المتطورة ام غير المتطورة، فلا تجد خيارا بل تضطر الى شراء اسلحتها من هذه القلة من عمالقة انتاج الاسلحة.
التوزيع
لكي يستطيع المنتج بيع منتجاته عليه ان يتصل بالزبائن، المشترين، الذين لا يشترون المنتجات لاغراض تجارية بل لاغراض الاستهلاك. بالنسبة للانتاج المدني حيث يتألف الزبائن من الملايين ومئات الملايين المبعثرين في ارجاء المعمورة، تتطلب مهمة الاتصال مع المشري الاخير جهودا جبارة وتتضمن الكثير من النشاطات البينية كالوكلاء وباعة الجملة والباعة بالمفرق ونشر الاعلانات وغير ذلك. كل هذه النشاطات تضطر المنتجين الى اشراك هؤلاء الراسماليين البينيين غير المنتجين بارباحهم. ان الزبائن الذين يشترون الاسلحة عموما هم الحكومات. وعدد هذه الحكومات قليل نسبيا بما لا يقبل المقارنة. ان من الاسهل جدا بالنسبة للمنتج ان يتصل بالمشتري الذي هو حكومة سواء اتصالا مباشرا او عن طريق توسط حكومته هو. ان اغلب النفقات البينية تصبح غير ضرورية في معاملات بيع الاسلحة. وهذا يمنح منتجي الاسلحة فرصة الاحتفاظ لانفسهم بنسبة عالية من مجموع الارباح.
والحكومات اقدر على ايجاد المصادر المالية المناسبة لنفقاتها مما يستطيعه الاشخاص. ولهذا تستطيع الحكومات دائما ايجاد المصادر المالية لنفقاتها الحربية سواء بصورة مباشرة من الضرائب او عن طريق القروض او حتى عن طريق مجرد طبع الاوراق النقدية.
وغالبا ما تمنح القروض من قبل حكومات منتجي الاسلحة ذاتها. ووفقا للشروط التي تمليها بنفسها. وبهذه الطريقة لا تضمن الحكومات مبيعات الاسلحة لمنتجيها وحسب بل تضمن كذلك ارباحا طائلة لمؤسساتها المالية. اضف الى ذلك تتضمن مقاولات بيع الاسلحة شروطا تجعل الحكومات المشترية في الواقع اقطارا تابعة للحكومة البائعة. فالاولى تصبح من ناحية مجهزا للمواد الخام الرخيصة ومن ناحية اخرى مستهلكة للمنتجات المدنية للحكومة البائعة.
والظاهرة المتميزة الاخرى المرتبطة ببيع الاسلحة هي اعادة امتصاص الدخول الهائلة التي اخذت دول اوبيك تحصل عليها في السنوات الاخيرة. وتلعب الاسلحة والتسلح دورا حاسما في هذه العملية.
في الانتاج الراسمالي لا يعرف المنتجون عن الطلب المضبوط لمنتجاتهم الا بعد الانتاج، حين ينزل الانتاج الى السوق. ففي فترات الرواج يزداد الطلب ازديادا مستمرا يوما بعد يوم. ومن المربح بالنسبة للمنتجين ان يوسعوا انتاجهم الى اوسع ما يستطيعون توسيعه. وحين تحل فترات الكساد وراءها لا يشعرون بها الا حين يقل الطلب على بضائعهم في السوق. واذ ذاك يجد المنتج نفسه في مأزق حرج. ويستطيع بعض المنتجين البقاء على حساب العديد من المنتجين الاخرين الذين يصيبهم الدمار. اما بالنسبة لانتاج الاسلحة فتكاد هذه الظاهرة تختفي تماما. فمعاملات بيع الاسلحة تجري عادة قبل انتاج وتسليم الاسلحة الفعلي بسنوات عديدة. بل ان الطلب يرتفع باستمرار الى مستويات اعلى واعلى. ففي حين لم يجر بعد تسليم الصفقات السابقة تقوم نفس الحكومة بمفاوضات في سبيل صفقة اخرى او ربما في سبيل طراز مستحدث من نفس السلاح الذي لم يجر تسليمه بعد. وهكذا يعلم المنتجون سلفا في اغلب الحالات عن الكميات المضبوطة من الاسلحة التي يطلب منهم انتاجها.
والمشكلة الاخرى التي يختلف فيها توزيع الاسلحة عن توزيع المنتجات المدنية هي مشكلة فرط الانتاج. ففي فترات الكساد او الازمات يعاني منتج السلع المدنية من مشكلة تراكم منتجاتهم في مستودعاتهم. وهذا ما يدعى عادة فرط الانتاج.
ان فرط انتاج الاسلحة وتراكمها له ميزة اخرى مختلفة. فلا يجري التراكم في مستودعات المنتج بل في مستودعات المشتري. وهذه الظاهرة تنقذ منتجي الاسلحة من معضلة كبرى طالما يعانيها منتجو المنتجات المدنية.
وتراكم الاسلحة في مستودعات حكومة ما لا يعني بالضرورة حدوث انخفاض على طلبها للاسلحة الجديدة. ان العمل يجري باستمرار على اختراع وانتاج اسلحة جديدة لابد ان يحفز الطلب عليها. هذه هي طبيعة سباق التسلح. فالحكومات لا تستطيع ان تتحمل حيازة جاراتها للاسلحة المطورة حديثا بدون ان تحوز عليها هي نفسها. اذ لابد من تحقيق "التوازن" في الاسلحة. الا ان الميزان لن يتعادل بتاتا. فكل حكومة تتصور ان جاراتها قد سبقتها. وكل حكومة تحاول ان تتفوق على جاراتها.
تسنح احيانا الفرصة لبعض الحكومات ان تتخلص من بعض الاسلحة القديمة المتراكمة عن طريق بيعها الى الحكومات الصديقة التي تحتاج الى الاسلحة بالحاح لكي تواصل حروبها القائمة. ولكن هذه العمليات تكون محدودة عادة تظرا الى ان الحكومات ذاتها تستطيع شراء الاسلحة الجديدة مباشرة من مجهزيها وكذلك نظرا الى ان حكومات اخرى بما فيها حكومات المجهزين انفسهم تحوز على اكوام من الاسلحة المتراكمة التي تريد التخلص منها. ان تراكم الاسلحة ومشكلة التخلص منها لم تعد في هذه الحالة من اهمتمام المنتجين بل اصبحت من اهتمام المشترين. فان من واجب الاخيرين ان يجدوا الطرق المناسبة للتخلص من اسلحتهم المتراكمة.
الاستهلاك
ان استهلاك الاسلحة يعني استخدامها. واستخدام الاسلحة معناه الحرب. فمن الواضح اذن ان استهلاك الاسلحة يعني بالضرورة التدمير البشري والمادي لكلا الطرفين المتحاربين وحيثما تتراكم الاسلحة يكمن خطر الحروب.
الا ان الحرب في نظر منتجي الاسلحة هي الرخاء. اذ ان ازدياد الطلب على الاسلحة يعني ازدياد ارباح المنتجين. وحتى بالنسبة للراسماليين الاخرين تكون الحرب مربحة. فتعاظم الانتاج الذي تسببه الحرب حالما يصبح ملحوظا في عدد العاطلين. وزيادة الطلب على البضائع وارتفاع الاسعار. ان الحرب هي احدى الوسائل الاكثر فعالية في ازالة الازمات.
تظهر المقارنة السابقة بين السلع الحربية والسلع المدنية بجلاء ان انتاج الاسلحة هو بحد ذاته حيوي ولا يمكن الاستغناء عنه من اجل ازالة الازمات الاقتصادية في البلدان الراسمالية. وفي عصرنا الحاضر يشكل هذا الانتاج اكثر الوسائل فعالية في هذا المضمار. فكلما تفاقمت الازمة ازدادت الحاجة الى توسيع وتطوير انتاج الاسلحة لان الاخير هو اكثر الوسائل موثوقية في انقاذ الانتاج الراسمالي من الانهيار الاقتصادي التام. ان نزع السلاح بل وحتى تخفيض انتاج الاسلحة لدرجة ما معناه ان الراسمالية تنبذ هذه الوسيلة من وسائل بقائها وبهذا تقرب اسلوب الانتاج الراسمالي نحو انهياره الاقتصادي.
من الواضح اذن ان نزع السلاح غير ممكن من الناحية الاقتصادية ضمن نطاق نظامنا العالمي الحالي. فالراسماليون وهم الغيورون بطبيعتهم على صيانة نظامهم وعلى مواصلة تطويره ابعد وابعد، لن يوافقوا على نزع السلاح الذي يشكل اكبر تهديد لنظامهم بأكمله. ومع ذلك يوجد في ايامنا من يعتقد ويروج بان نزع السلاح هو شعار يمكن تحقيقه بالمفاوضات مع البلدان الراسمالية. ان ثؤلاء المروجين لشعار نزع السلاح ليسوا ماديين ولا ديالكتيكيين. انهم ميتافيزيقيون ومثاليون.
لماذا هم مثاليون؟ لكي نجيب على هذا السؤال علينا قبل كل شيء ان نتذكر الفرق الاساسي بين المادية والمثالية. ويمكن ان نجد ذلك في اي نص يعالج هذا الموضوع. حتى بدون استثناء كوليتي. ولكننا نفضل اقتباس ماركس الشهير التالي:
"ليس وعي الانسان هو الذي يقرر كيانه، بل العكس ان كيانه الاجتماعي هو الذي يقرر وعيه."[7]
ان اولئك الذين يروجون لنزع السلاح يبنون جدالاتهم على اساس واقع ان الحرب مروعة ومدمرة، وان الناس يحتاجون الى السلام. وان نزع السلاح مفيد للانسانية، وانه يجعل بامكان الدول العظمى ان تكرس جزءا من الاموال التي توفرها عن طريق نزع السلاح لتقديم المساعدة الى بلدان العالم الثالث لرفع مستواها الاقتصادي ومستويات معيشتها الى مستوى اعلى الخ.. يمكن تلخيص كافة هذه الجدالات بما يلي: ينبغي اقناع حكام الدول العظمى بان الحرب والتسلح رذيلة وان نزع السلاح فضيلة. وحين يقتنعون اقتناعا تاما بذلك فانهم سيوافقون على نزع سلاحهم. والاقتناع كما يعلم الجميع هو "الوعي" بينما التسلح هو اقتصادي اي "الكيان الاجتماعي". وهؤلاء الناس، سواء شاؤوا ام ابوا يقومون بترويج المفهوم القائل بانهم عن طريق تغيير وعي الحكام الراسماليين يستطيعون تغيير كيانهم الاجتماعي. وهذه مثالية خالصة.
ان شعار نزع السلاح هذا شبيه بكافة شعارات السلام الطوباوية التي رفعتها جميع الديانات قبل الاف السنين. انها تصلح مادة لواعظ على منبره. والسياسي الذي يعظ بما يشابه ذلك ، بان الحاكم الذي انتخبه الراسماليون باعتباره افضل من يمثلهم سياسيا سيقتنع بالموافقة على نزع السلاح على اساس ان الحرب مناقضة لمصالح البشرية ليس الا طوباويا ومثاليا. والامر اكثر غرابة اذا اعتقد هذا السياسي ان الحاكم هو الذي يستطيع ان يتخذ قرارا في قضية حيوية كهذه وليس الطبقة الراسمالية التي لا يعدو الحاكم ان يكون ممثلا لها. وحتى لو حصل المستحيل ووافق الحاكم على نزع السلاح او حتى اذا وافق على مجرد تقليص انتاج الاسلحة او حتى ابقاء التسلح في مستواه الحالي، فان طبقته ستنبذه نبذ النواة في ظرف دقائق.
اذا فكر المرء بنفس هذا المنطق الذي يفكر به هؤلاء المروجون لنزع السلاح عن فترة الاعداد  للحرب العالمية الثانية، فعليه ان يناقش على الوجه التالي: للاسف الشديد ان هتلر لم يحز على مثل هؤلاء الواعظين الطيبين الذين نجدهم لدينا اليوم. فلو كان حواليه مثل هؤلاء الواعظين لكانوا قد اقنعوه بان الحرب من اجل استعباد العالم رذيلة ومضرة للبشرية. واذ ذاك كان هتلر سيوافق على نزع السلاح وانقاذ العالم من ويلات الحرب المروعة ومن التدمير الذي سببته للبشرية.
وما الذي يجعل دعاة نزع السلاح ميتافيزقيين؟ ان الديالكتيك يعالج الظواهر الطبيعية والاجتماعية كعمليات تتطور بالضرورة في اتجاه لا تقرره ارادة الناس بل طبيعة تناقضاتها الداخلية. اضف الى ذلك تعتبر العمليات مترابطة تؤثر احداها على الاخرى وعليه فان التسلح طبقا لذلك احدى عمليات عصرنا. ولا يتقرر اتجاهه وفقا لارادة هذا الحاكم او ذاك بل وفقا للتناقضات الداخلية التي تقود حتما الى المزيد والمزيد من التسلح. والتسلح باعتباره عملية مترابطة مع كافة العمليات الاجتماعية الاخرى يؤثر عليها وتؤثر عليه بدورها. وهكذا عن طريق دراسة التسلح اقتصاديا، وايجاد موقعه من العمليات الاقتصادية للمجتمعات الراسمالية الحالية وبدراسة التأثير المتبادل بين سباق التسلح والعمليات الاقتصادية الاخرى في المجتمع يستطيع المرء التوصل الى الاستنتاج بان نزع السلاح مستحيل.
ان دراسة نزع السلاح وكأنه ظاهرة منفصلة مستقلة عن طبيعة الانتاج بدون دراسة تأثير انتاج الاسلحة على الازمة مثلا وبدون حتى التفكير في امكانية تأثير نزع السلاح على الانتاج الراسمالي ككل، وبترويج الفكرة القائلة بان نزع السلاح يمكن تحقيقه بعقد اتفاقية بين الحاكمين، بمثل هذا النهج لا يبرهن المرء الا على جهله للديالكتيك وعلى نهجه الميتافيزيقي التام.
في  التحليل السابق لانتاج الاسلحة عالجنا القضية من وجهة نظر اقتصادية بحتة فتوصلنا الى الاستنتاج بان سباق التسلح ضروري للمجتمع الراسمالي بل وشرط من شروط بقاء البلدان الراسمالية الحالية.
قد يقول المرء ان ماهو صحيح من وجهة نظر اقتصادية قد يكون غير صحيح من وجهة نظر سياسية. وان نزع السلاح الذي يبدو مستحيلا من وجهة النظر الاولى يصبح ممكنا من وجهة النظر الثانية.
يمكن معالجة قضية نزع السلاح بطرق عديدة في المجال السياسي. وسنعالجها من زاويتين مختلفتين. نختبر بالاولى الطبيعة الطبقية للاسلحة ونزع السلاح. وهذا بالغ الاهمية نظرا الى ان الماركسية، اي المادية الديالكتيكية، تدرس كل امر بالارتباط بطبيعته الطبقية. فما هو صحيح بالنسبة لطبقة ما قد لا يكون صحيحا بالنسبة لطبقة اخرى.
ليست للسلاح طبيعة طبقية. فالمدفع ذاته يمكن ان تستعمله البرجوازية ضد البروليتاريا والبروليتاريا ضد البرجوازية. الا ان السلاح يأخذ طبيعة الطبقة التي تستخدمه. لذلك لا يستطيع المرء ان يقرر طبيعة السلاح الا حين يعرف من هي الطبقة التي تستخدمه. قبل اكتشاف الماركسية بامد طويل كانت هنالك مئات بل الاف حالات كهذه. فالسلاح في ايدي النبلاء الفرنسيين اتخذ طبيعة طبقة الاقطاع التي استخدمته وكان السلاح غاية في الرجعية لان مهمته كانت خنق الثورة. اما حين استولى الثوريون الفرنسيون على نفس السلاح واستخدموه ضد الاقطاعية والرجعية اصبح السلاح ذاته غاية في الثورية في طبيعته. لان مهمته اصبحت اسقاط الرجعية. والتأريخ زاخر بامثلة كهذه بحيث ان كل انسان يستطيع ان يجد بنفسه مئات الامثلة سواء في الماضي او في عصرنا الحاضر.
وبينما لا توجد للسلاح بحد ذاته طبيعة طبقية فان عبارة نزع السلاح لها طابع طبقي محدد. فبالنسبة لكل طبقة يعني نزع السلاح تسليح نفسها وتجريد الطبقة المعادية من سلاحها. فحين تتحدث البرجوازية عن نزع السلاح فانها تقصد تسليح نفسها لكي تنزع السلاح عن البروليتاريا والشعوب التي تناضل من اجل تحرير نفسها من تلك البرجوازية نفسها. وحين تتحدث البروليتاريا عن نزع السلاح فانها تقصد تسليح نفسها من اجل تجريد البرجوازية من سلاحها. لا يقال هذا عادة بهذه الطريقة الواضحة الصريحة ولكن حين تخرج اية طبقة منتصرة من معركة ما فان جل اهتمامها ينحصر في تجربد الطبقات المدحورة من السلاح باسرع ما يمكن . ويجري تنفيذ ذلك في اغلب الاحيان تحت شعار صيانة الامن والنظام.
لنأخذ على سبيل المثال الثورة الاخيرة في ايران ضد الشاه. لقد بذل الشاه وحكومته ما في وسعهم طوال السنوات لمنع الشعوب عن حمل السلاح. انهم سلحوا انفسهم من اجل ان ينزعوا السلاح عن الشعوب. غير ان الامور لم تجر بالطريقة التي ارادوها وقامت الثورة بالاستيلاء على سلاح الجيش الايراني اثناء الثورة واستخدمته في الاطاحة بحكم الشاه. وقد خرجت الثورة ظافرة واطاحت بحكم الشاه. فماذا كان الاهتمام الاول للحكومة الثورية الجديدة؟ انها قبل كل شيء نظمت قواها باعتبارها الجيش الشرعي الوحيد وسلحتها بكل ما استطاعت الاستيلاء عليه من اسلحة من النظام المطاح. وقد عملت الثورة لهذا الغرض في اتجاهين متعاكسين. اولا فككت الجيش القديم تفكيكا تاما ونظمت جيشها هي وثانيا اعترفت بجيش واحد فقط باعتباره الجيش الشرعي الوحيد وأمرت كافة القوات الاخرى التي حاربت معها جنبا الى جنب ضد الشاه بالقاء سلاحها. لسنا هنا بصدد مناقشة من هو المحق ومن المخطئ، وانما نحاول فقط سرد الوقائع بالشكل الذي وقعت فيه.
لذا فان من الخطأ من وجهة النظر الماركسية التحدث عن نزع السلاح بصورة عامة بدون دراسة طبيعته الطبقية. ولذا فان شعار نزع السلاح ليس سوى مغالطة مهمتها خدع الشعوب واخفاء الاعداد للحرب تحت ستار مفاوضات نزع السلاح.
خلال الحرب العالمية الاولى رفع انتهازيو الاممية الثانية وعلى رأسهم كاوتسكي شعار نزع السلاح. وقد كتب لينين مقالات عديدة للرد على ذلك وفيما يلي بعض المقتبسات من احدى تلك المقالات التي تعكس اعترافه الجلي الواضح بالطبيعة الطبقية لنزع السلاح.
"ان الدعوة الكاوتسكية َلنزع السلاح الموجهة الى الحكومات الحالية للدول الامبريالية الكبرى هي اكثر الانتهازيات ابتذالا. انها السلمية البرجوازية، وهي تهدف في الواقع الى صرف انظار العمال عن النضال الثوري ... يجب ان يكون شعارنا تسليح البروليتاريا من اجل دحر البرجوازية وتجريدها من املاكها ونزع سلاحها. هذا هو التكتيك الوحيد الممكن لاية طبقة ثورية، التكتيك الذي ينجم منطقيا ويمليه كامل تطور العسكرية الراسمالية الموضوعي. فلا تستطيع البروليتاريا الا بعد ان تجرد البرجوازية من سلاحها ان تلقي كل السلاح في مزبلة التأريخ من دون ان تخون رسالتها التأريخية العالمية. ولا شك ان البروليتاريا ستفعل ذلك ولكن فقط حين تكون قد انجزت ذلك وليس قبل ذلك بكل تأكيد... ان مطلب نزع السلاح، او بعبارة اصح ان الحلم بنزع السلاح، هو، من الناحية الموضوعية، ليس الا التعبير عن خيبة الامل في وقت يستطيع كل انسان فيه ان يرى كيف ان البرجوازية نفسها تعبد الطريق للحرب الشرعية الثورية الوحيدة، الحرب الاهلية ضد البرجوازية الامبريالية... ان اكبر عيب يعاني منه مطلب نزع السلاح هو تهربه من جميع القضايا الموضوعية للثورة والا فهل يدعو مروجو نزع السلاح الى نوع جديد كل الجدة من ثورة عزلاء عن السلاح؟"[8]
بعد قراءة الاقتباسات الواردة اعلاه وجميع الادبيات عن نزع السلاح التي كتبها لينين خلال الحرب العالمية الاولى، كيف يجب على المرء ان يعالج تطور شعار نزع السلاح بعد لينين؟
في هذه القضية، كما هو الحال في كل قضية اخرى، توجد طريقتا نهج مختلفتان كل الاختلاف. الطريق الذي يسلكه المادي الديالكتيكي والطريق الذي يسلكه الميتافيزيقي. (اننا في هذه القضية نأخذ في الحسبان فقط اولئك الذين يتحدثون باسم الماركسية اللينينية والبروليتاريا).
فالميتافيزيقي يعالج قضية نزع السلاح كظاهرة مستقلة كما لو لم تكن لها اية علاقة مهما كانت بالشعارات السابقة. انه يتحاشى اي ذكر لادبيات لينين ضد شعار نزع السلاح وادبيات كافة قادة الاممية الثانية المساندة لشعار نزع السلاح على حد سواء. وبدلا من ذلك يعرض شعاره لنزع السلاح كما لو كان شعارا جديدا لم يسمع به احد من قبل. ثم يقدم حججه الخالية من كل معنى لمساندة شعاره الجديد مثل "ان الشعوب تحتاج الى السلام" و "ان الحرب مروعة" وما شابه ذلك. وهو لا ينسى طبعا ان يعطي قارئيه الانطباع بان لينين كان دائما يريد نزع السلاح والسلام بدون ان يكلف نفسه عناء اقتباس جملة واحدة تؤيد ادعاءه. ثم يدعو اكتشافه اخر ما وصل اليه تطور الماركسية اللينينة.
اما المادي الديالكتيكي، فعلى العكس من ذلك، يتصرف بطريقة تختلف عن الاول كل الاختلاف. انه يعالج شعار نزع السلاح كعملية تبدأ من ايام لينين ان لم نقل قبل ذلك. انه يقوم بدراسة ادبيات لينين دراسة وافية وكذلك الادبيات المعاكسة. ثم يقارن حجج لينين بحججهم. انه يدرس مواقف الطرفين بصدد الاوضاع الاقتصادية والسياسية في ذلك الحين وحينذاك فقط يتوصل الى الاستنتاج. فاما ان لينين كان صائبا او ان قادة الاممية الثانية كانوا على صواب.
فاذا استنتج ان الاممية الثانية كانت على حق فعليه ان يصرح بصراحة وليس بطريقة التفافية ان لينين كان خاطئا مستندا في استنتاجه على دراسة علمية ودقيقة جدا لظروف الحرب العالمية الاولى.
واذا استنتج على العكس من ذلك ان لينين كان مصيبا فعليه ان يتتبع التطورات الاقتصادية والسياسية والايديولوجية منذ ايام لينين والى ايامنا لكي يتوصل الى استنتاجه الثاني. في هذا المجال ايضا توجد امكانيتان مختلفتان.
فاما ان يتوصل الى استنتاج ان هذه التطورات الاخيرة قد برهنت على صواب مواقف لينين حتى في يومنا هذا، او الى ان هذه التطورات تستلزم تغيير مواقف لينين واتخاذ مواقف الاممية الثانية المعاكسة لها.
في الحالة الاولى، اذا كان موقف لينين من شعار نزع السلاح ما يزال صحيحا، عليه ان يسند استنتاجه بالحجج التي استند اليها في التوصل اليه.
اما في الحالة الثانية، اذا اصبح من الضروري تغيير موقف لينين الى عكسه فعليه ان يكون اكثر دقة وحذرا في دراسته وعليه ان يوضح بصورة دقيقة وعلمية كيف امكن ان يتغير الشعار الذي كان انتهازيا وطوباويا وبرجوازيا خلال الحرب العالمية الاولى فيصبح ثوريا وماركسيا لينينيا الان حين يجري الاعداد لحرب عالمية ثالثة.
ان المروجين لشعار نزع السلاح في ايامنا اتبعوا الطريق الميتافيزيقي. فقد تحاشوا اي ذكر لموقف لينين من شعار نزع السلاح وضد قادة الاممية الثانية. انهم اكتفوا بتغطية وجوههم الحقيقية بستارة حمراء تحمل صورة لينين لكي يمنعوا الناس من رؤية صورهم الحقيقية.
بامكان المرء ان يناقش المحتوى السياسي لشعار نزع السلاح من وجهة نظر اخرى اي من وجهة نظر العلاقة بين العنصرين اللذين يجب اتحادهما لكي يمكن اشعال نار حرب وخوضها. من المعلوم ان الحرب هي تركيب من السلاح من جهة ومن البشر، اي الجيوش في الجبهات والعمال في المؤخرة من الجهة الاخرى.
فكيف ينظر المادي الديالكتيكي الى هذين العنصرين المكونين للحرب؟ وما هو موقف الميتافيزيقي منهما؟
ان اهم فرق بين هذين العنصرين هو ان الاول، السلاح، عنصر ميت لا حياة فيه. ولهذا فان السلاح لا يستطيع ان يبدي اية مقاومة تجاه مستخدميه. كل من يمتلك السلاح يستطيع استخدامه لاي غرض يشاؤه ولتحقيق اية مصلحة يريد تحقيقها. فكل من تدعو مصالحه الى الحرب لا يحتاج الا ان يمتلك الاسلحة المناسبة وبكميات كافية لكي يشعلها.
اما العنصر الثاني، العنصر البشري، فهو على العكس، عنصر ينبض بالحياة. ان هذا العنصر الحي، الانسان، يستطيع ان يبدي مقاومة سواء ضد انتاج الاسلحة او ضد استعمالها اذا شعر انها انما تنتج وتستعمل ضد مصالحه.
ان اهم واجب يقع على عاتق اي طرف يريد ان يشعل حربا وان يخوض حربا لاي غرض كان هو اقناع هذا العنصر الحي على انتاج الاسلحة وعلى حملها واستعمالها لتحقيق هذا الغرض. والاقناع طبعا ليس الطريق الوحيد لاضطرار الناس على انتاج الاسلحة وعلى حملها. فالقانون والعقوبات وغيرها من طرق القسر مهمة هي الاخرى الا ان الاقناع اصلح واشد تاثيرا. فلدى اجبار الجندي على القتال في الحرب فانه لا يحارب بنفس الحماس الذي يحارب به جندي اخر يعتقد ان الحرب تجري من اجل تحقيق مصالحه. وفي اغلب الحروب يتحد عادة كلا اسلوبي الاقناع والاكراه.
ان الفرق الاول بين المادية الديالكتيكية والميتافيزيقية في موقفها من الحرب هو ان المادية الديالكتيكية ترى ان الحروب تختلف احداها عن الاخرى بطابعها. وعلى هذا الاساس تدرس المادية الديالكتيكية كل حرب كحرب منفصلة وتحدد موقفها منها وفقا لطابعها. كان هذا صحيحا حين درست المادية الديالكتيكية وثمنت الحروب الماضية في التاريخ. وهذا صحيح ايضا حين تدرس الحروب المعاصرة وحروب المستقبل. فحسب الطابع الموضوعي لحرب معينة وليس حسب من يطلق اول طلقة فيها تقرر المادية الديالكتيكية ما اذا كانت حربا عادلة ام حربا غير عادلة. كذلك لا تقرر موقفها على اساس من من طرفي الحرب قتل اكبر او اصغر عدد من المتحاربين. ان الحرب العادلة بالنسبة للمادية الديالكتيكية هي حرب اذا انتصرت تؤدي الى التقدم نحو مرحلة اكثر تطورا والجرب غير العادلة هي حرب تؤدي اذا انتصرت الى المزيد من تقهقر التطور الاجتماعي.
اما الميتافيزيقية فتميل الى معاملة الحروب بصورة عامة وليس بالارتباط مع التطور الموضوعي الاقتصادي والسياسي التاريخي الذي ادى الى اندلاعها. اذا كانت بلادي او كان حلفاؤها احد الطرفين المتحاربين فان هذا الطرف محق حتما ويترتب على المرء ان يسانده. والميتافيزيقية قد تشجب الحرب عموما بدون التمييز بين الحروب العادلة والحروب غير العادلة. ولكن حين تندلع نيران الحرب فعلا فسرعان ما يغير الميتافيزيقيون موقفهم ضد الحروب كلها الى موقف مساندة حكوماتهم في الحرب ضد اية حكومة اخرى على اساس الدفاع عن الوطن.
اننا نعيش اليوم فترة يستعر فيها سباق التسلح ويرتفع الى مستويات اعلى فاعلى بحيث ان خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة يزداد وضوحا واقترابا يوما بعد يوم. فما هي مواقف المادية الديالكتيكية والميتافيزيقية تجاه هذا الخطر الداهم؟
تبدأ الميتافيزيقية بترويج الفكرة القائلة باننا قد بلغنا اليوم عهدا من التطور في الوضع العالمي تعترف فيه البرجوازية بسبب اختلال توازن القوى بضرورة نزع السلاح وهي لذلك على استعداد للموافقة عليه. انها ترغب في حل الخلافات السياسية بالطرق السلمية. فلماذا توافق البرجوازية على نزع السلاح لدى اختلال توازن القوى لصالح عدوها؟ هل شاهد التأريخ اية حالة القت فيها الطبقة الحاكمة السلاح بصورة سلمية حين اختل توازن القوى ضد حكمها؟ ان هذه الاسئلة وما شابهها ليست ذات اهمية ولا تحتاج الميتافيزيقية الى تكليف نفسها عناء الاجابة عليها. فان فكرتها هي حقيقة قائمة ينبغي ان يقبلها كل شخص بدون نقاش. واستنادا الى هذه الفكرة بدأت المفاوضات وما زالت مستمرة لاكثر من ثلاثين عاما ولكننا مازلنا نشاهد هذه المفاوضات حول ازالة الاسلحة تستمر بكلمات معسولة في حين يمضاعف انتاج الاسلحة في الواقع الى مستويات لا يصدقها العقل.
بعد ترسيخ فكرة امكانية تحقيق نزع السلاح عن طريق المفاوضات تصبح هذه المفاوضات اهم واجب سياسي بالنسبة للحزب الميتافيزيقي. اما العنصر الثاني، العنصر البشري، فيجري تحريضه من اجل التجمع حول هذا الحزب وتكريس كل جهوده ونضالاته من اجل نجاح مفاوضات نزع السلاح. وبهذه الطريقة يرفع العنصر الميت في التركيب الحربي الى مستوى العنصر الاول بينما ينحدر العنصر الثاني، العنصر البشري، الى المرتبة الثانية. وبهذه الطريقة، حين تسير الشعوب وراء مثل هذه الاحزاب، تصاب نضالات جماهير العمال وسائر المراتب الاجتماعية الثورية الاخرى بالشلل التام ويفسح المجال واسعا أمام عدوهم في زيادة اسلحته لمصلحة منتجي الاسلحة ليفاقم بذلك خطر الحرب بدون ان يجابه مقاومة حقيقية.
أما المادية الديالكتيكية فتبدأ بالضبط بالحهة المعاكسة. انها تظهر انه كلما ازداد النضال ضد الراسمالية شدة ازداد الرسماليون شراسة في مساعيهم للمحافظة على نظامهم بكل ثمن. ولذلك فانهم  لا يترددون ولو لحظة واحدة في اشعال نيران اية حرب اذا تصوروا انها تؤدي على الاقل الى اضعاف هذا النضال. وبناء على ذلك كلما ازداد اختلال توازن القوى لصالح نضال الجماهير ضد الراسمالية كلما ازداد هؤلاء الراسماليون شراسة.
كذلك ترى المادية الديالكتيكية ان العنصر البشري في التركيبة هو العنصر الوحيد الذي يستطيع ان يبدي مقاومة لانتاج الاسلحة والحرب ذاتها. ان الجماهير المنظمة هي اعظم قوة قادرة على ترويع مشعلي الحروب الذين يريدون اشعال نيران حرب نهب وسلب غير عادلة. والمادية الديالكتيكية تبذل كل وسعها في دفع وتنظيم الجماهير لمقاومة مثل هذه الحروب.
كان هذا على سبيل المثال الفرق الرئيسي بين لينين والاممية الثانية خلال الحرب العالمية الاولى. فبينما ساند قادة الاممية الثانية حكوماتهم ودفعوا العمال الى قتل بعضهم البعض تحت شعار الدفاع عن الوطن وشعار نزع السلاح، دعا لينين، على العكس من ذلك، جميع عمال العالم الى ان يقاوموا برجوازياتهم وان يطيحوا بدولهم.
هل تغيرت الظروف من ايام لينين وحتى الان؟ بالطبع تغيرت. ولكن كيفية معالجة هذه التغيرات بحد ذاتها مشكلة معقدة.
فأحد الطرفين، الطرف الميتافيزيقي، يرى ان انتصار ثورة اكتوبر وبناء اول بلد اشتراكي في العالم، ونجاح بناء المجتمع الاشتراكي، والانتصار على هتلر في الحرب العالمية الثانية وظهور عدد اخر من الدول الاشتراكية ادى الى خضوع العالم الراسمالي للواقع المر. وبانه مستعد للموافقة على نزع السلاح وعلى المنافسة السلمية، والى الموافقة على ان يبني العمال الاشتراكية بدلا من الراسمالية بالانتقال السلمي، وبالاعتراف بان الانسانية بحاجة الى السلام وليس الى الحرب، والى اخر ذلك من الفرضيات. ليست هذه الامور احلاما طوباوية وحسب بل ان سلوك كافة البلدان الراسمالية يناقضها يوميا كذلك.
اما الطرف الاخر، المادية الديالكتيكية، فيرى التغيرات في ضوء مخالف كل المخالفة. فالامبريالية ما زالت نفس الامبريالية كما في عهد ليننين. وتناقضات المرحلة الامبريالية من الراسمالية ما زالت نفس التناقضات التي قدمها لينين. والتغيرات التي وقعت لم تؤثر على طبيعة الامبريالية او تغيرها ولا غيرت حتمية الحرب والتسلح في ظل الراسمالية. ان الذي تغير حقا هو تكنيك الحرب. فالحروب في ايامنا اكثر واشد رهبة مليون مرة عما كانت عليه في عهد لينين. والمهمة التي القاها التاريخ على عاتق الطبقة العاملة اصبحت لهذا السبب ابعد من ان تكون قد تغيرت من الوسائل العنفية الى الوسائل السلمية. ان العكس هو الصحيح. اذ ان هذه المهمة اصبحت اصعب واهم مليون مرة مما كانت عليه في عهد لينين. ان رسالة البروليتاريا العالمية لم تتغير. وما زالت البروليتاريا القوة الوحيدة القادرة على قيادة شعوب العالم كله في نضالها الطويل والعنيف في سبيل تحقيق تحررها من العبودية الراسمالية.
اما بخصوص قضية الحرب والسلام، التسلح ونزع السلاح، فان البروليتاريا هي القوة الوحيدة القادرة على الارشاد الى طريق الخلاص من الحرب العالمية الموشكة الوقوع التي تواجه العالم اليوم. البروليتاريا وحدها على راس سائر المراتب الثورية، وعن طريق اسقاط الدول الامبريالية، تستطيع انقاذ العالم من الكارثة. واذا كان الوقت متأخرا، وابتدأت الحرب على الرغم من هذا النضال العظيم، فتستطيع ان تنقذ حطام البشرية، البقية التي تبقى بعد الحرب القادمة، بالاطاحة بدولها الراسمالية التي تجني ثمار الحرب باضافة البلايين الى بلايينها.
اذا عجزت البروليتاريا عن تنظيم نفسها والجماهير بطريقة ثورية، اذا عجزت عن استخدام الماركسية اللينينية، اي المادية الديالكتيكية، كدليل لها في عملية اسقاط النظام الراسمالي بصورة عنيفة، فستكون الحرب العالمية الثالثة حتمية بالضبط كما كانت الحربان العالميتان السابقتان مهما كانت هذه الحرب رهيبة.
ان اي حديث عن امكانية تحقيق نزع السلاح عن طريق المفاوضات، واي حديث عن الانفراج السيياسي الذي سيتعزز بانفراج عسكري، واي حديث عن تغير ميزان القوى الذي ينجم عنه ان الراسماليين يخافون من القوة الاعظم للنظام الاشتراكي، كل هذه الاحاديث لا تعني سوى تخدير البروليتاريا وحلفائها في الثورة، والقاء قناع سميك على انظارها لغرض منعها عن رؤية التطورات الحقيقية التي تجري في العالم، لمنع البروليتاريا عن ممارسة قيادة الجماهير لغرض انجاز رسالتها التاريخية. وتعني بالتالي منح الامبرياليين فرصة تحقيق تسلحهم واعداد الحرب واشعالها في النهاية مستخدمين البروليتاريا وسائر الجماهير الثورية كطعام لمدافعهم. بل واكثر من هذا، منح الامبرياليين فرصة انجاز ذلك بالطريق "السلمي" وبدون مقاومة من ناحية الجماهير.
ان الموقف الديالكتيكي الصحيح هو تنبيه البروليتاريا بجلاء الى اعداد الحرب وتنظيمها باعتبارها قائد مقاومة التسلح الامبريالي، باعتبارها قائد الشعوب في الاطاحة باية حكومة تعد الحرب. ان الشعار الحقيقي هو اعلان الثورات للاطاحة بالدول الراسمالية والامبريالية لغرض ايقاف التسلح. تسليح البروليتاريا لغرض نزع سلاح البرجوازية. وفي حالة الحرب، يجب ان يكون الشعار نفس شعار الحرب العالمية الاولى، على البروليتاريا في كل قطر راسمالي ان تسقط دولتها البرجوازية لانهاء الحرب وتحقيق السلام.

ملاحظة اضافية كتبت عند ترجمة هذا المقال الى العربية:

جرى الاتفاق مؤخرا بين الدولتين العظميين على ازالة الصواريخ المتوسطة المنصوبة في اوروبا واتلافها. وقد يبدو ذلك لاول وهلة مناقض لما ورد في هذا المقال. والواقع هو ان هذا الاتفاق خدعة كبرى للشعوب وتضليل لها بتصوير الاتفاق خطوة نحو نزع السلاح. ان هذا الاتفاق ليس سوى صورة اخرى من صور استهلاك الاسلحة من مخازن المشترين وتحفيز لزيادة انتاج الاسلحة الجديدة من قبل المنتجين. فالاسلحة التي يجري اتلافها هي قبل كل شيء اسلحة سبق للمنتجين الامبرياليين ان باعوها واستلموا اثمانها واجتنوا ارباحها. فاتلافها لا يشكل اية خسارة بالنسبة لمنتجي الاسلحة. وثانيا تشكل ازالة هذه الاسلحة واتلافها وسيلة لتجديد السلاح. وقد ظهر ذلك واضحا في النقاشات حول التجديد حتى قبل ابرام الاتفاق بصورة نهائية. وظهرت المنافسة بين كبار المنتجين في مختلف الدول المنتجة للاسلحة لتحديد انواع الاسلحة ومن من المنتجين سيقوم بانتاجها وبذلك يكون اتفاق "نزع السلاح" الانف الذكر في واقع الحال حافزا لزيادة سباق التسلح.

ملاحظة ثانية اضيفت الان عند اعداد المقال لارساله الى الحوار المتمدن

اذا راجعنا ما جاء في المقال اليوم نرى بكل وضوح ما ادت اليه شعارات الخروشوفيين حول نزع السلاح والشعارات التي رافقتها. فقد ادت المنافسة السلمية بين الاشتراكية والامبريالية الى اختفاء الاشتراكية وزوال الاتحاد السوفييتي نفسه وادى التعايش السلمي الخروشوفي الى انتهاء الحرب الباردة بانتهاء الاتحاد السوفييتي. وماذا كانت نبيجة مفاوضات نزع السلاح وشعار عالم بلا سلاح؟ اننا نرى اليوم ان مفاوضات نزع السلاح ما زالت جارية بين الامبريالية الاميركية وروسيا الاتحادية الراسمالية الامبريالية، ونرى ان نزع السلاح لم يكن له معنى سوى زيادة تسليح الامبريالية لنفسها ولاحلفائها بافظع انواع اسلحة الدمار الشامل تدميرا لاستخدامه في نزع سلاح الشعوب المقاومة للسيطرة الاميركية والاحتلال الاميركي كما يحدث كل يوم في العراق وافغانستان ونزع سلاح الدول التي لم تخضع بعد لعولمة الراسمال الاميركية ولاخضاع العالم سياسيا واقتصادية للامبريالية الاميركية التي تريد استعباد العالم كله مثل ما نراه الان في تنازلات ليبيا وسورية وايران ومحاولة اخناع كوريا الشمالية والحبل على الجرار.


[1] هذا المقال هو الفصل الثامن من كراس كتبته بعنوان ماركس وماديته الديالكتيكية باللغة الانجليزية صدر سنة ١٩٨١للرد على كوليتي الذي زعم ان ماركس كان هيغليا وان المادية الديالكتيكية هي من ابتداع انجلز ثم لينين. وقد ترجمته الى العربية في حينه ولكنه لم ينشر انذاك وهو ينشر لاول مرة  كمقال منفصل في الحوار المتمدن.
[2] انجلز، ضد دوهرينغ (الطبعة الانجليزية) ص١٢.
[3] نفس المصدر ص ١٣.
[4] ستالين، القضايا الاقتصادية للاشتراكية (الطبعة الانجليزية).
[5] نفس المصدر
 [6] ماركس انجلز، مختارات، م١، ج ٢، ص ٢٥٢-٢٥٣.
[7] ماركس انجلز، مختارات (الطبعة الانجليزية)
[8] لينين، المؤلفات بالانجليزية مجلد ٢٣.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة من حسقيل قوجمان الى آرا خاجادور
- ديمتروف والانتقال السلمي الى الاشتراكية
- حينما يصبح البتي برجوازي شيوعيا
- سياسة الاحلاف والجبهات بين الماركسية والانتهازية
- عبادة الشخصية بين المادية والمثالية
- عراق اليوم بنظر ماركسي يتتبع الاحداث من بعيد
- الحوار المتمدن
- مستلزمات انشاء الحزب البروليتاري الجديد
- من يزرع الريح يحصد العاصفة - حول انهيار المانيا الشرقية واتح ...
- أنهاية حرب باردة ام بداية حرب حارة؟
- دفاع عن الماركسية في محنتها
- التعايش السلمي من ستالين الى خروشوف
- أزمة الخليج
- زواري الاعزاء
- ذكرياتي في سجون العراق السياسية- الجزء الاول
- ذكرياتي في سجون العراق السياسية- الجزء الثاني
- معركة تفكيك الرؤوس الذرية
- الحرب العالمية الثالثة خصائصها المميزة
- خطرات من قراءة كتاب عزيز سباهي - عقود من تاريخ الحزب الشيوعي ...
- خطرات من قراءة كتاب عزيز سباهي - عقود من تاريخ الحزب الشيوعي ...


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - لماذا مادية ديالكتيكية؟