أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - مستلزمات انشاء الحزب البروليتاري الجديد















المزيد.....



مستلزمات انشاء الحزب البروليتاري الجديد


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 666 - 2003 / 11 / 28 - 05:07
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


أخذت "الشيوعي" على عاتقها مهمة الدعوة الى اقامة حزب شيوعي على الطراز اللينيني او محاولة اقامته وهذه مهمة غاية في الصعوبة، اذ ان اقامة مثل هذا الحزب في ايامنا تجابه صعوبات هائلة عديدة ولكنها من الناحية الثانية ضرورية اذ بعدم وجود مثل هذا الحزب لا امل للبروليتاريا او للشعب العراقي كله في الانعتاق من نير الاستغلال الامبريالي والراسمالي بتاتا.
نشأت ضرورة اقامة الحزب الشيوعي في العراق منذ الثلاثينات حين بدأت البروليتاريا العراقية في النشوء والتطور. وقد شعر اوائل الشيوعيين العراقيين بهذه الضرورة وجرت محاولة بناء الحزب في اوائل الثلاثينات ولكن الضربة التي وجهتها الحكومة الرجعية الى قيادة الحزب الفتية انذاك ادت الى اختفاء الحزب وجريدته ونشاطه عمليا الى حين عودة الرفيق فهد من اوروبا في اواخر الثلاثينات حين بدأ باعادة بناء الحزب من جديد.
بدأ الرفيق فهد في بناء الحزب بخطوات وئيدة راسخة ومدروسة نظرا الى ان استراتيجي الحركة كان واضحا كل الوضوح لدى الرفيق فهد والى انه اخضع التكتيك الحزبي اليومي منذ اليوم الاول لهذا الاستراتيجي ونظرا لوقوفه موقفا حازما ضد كل المحاولات التي جرت لحرف الحزب عن هذا الطريق الصحيح.
وما ان ظهرت سياسة الرفيق فهد الصحيحة في بناء الحزب اللينيني الا واخذت الاراء والمفاهيم والتيارات الانتهازية تبرز بكافة اشكالها والوانها داخل الحزب وخارجه. فشن الرفيق فهد نضاله الجبار ضد كل هذه التيارات والمفاهيم الانتهازية مما ادى الى ترسيخ الحزب وتعمق جذوره في صفوف الطبقة العاملة وجماهير الشعب العراقي فأصبح كما هو معروف الحزب السياسي الجبار الذي سيطر على الحركة السياسية بجدارة في الاربعينات. كانت الاراء والمفاهيم الانتهازية "اليسارية" واليمينية متفقة مع المرحلة التي كان الحزب يجتازها في ذلك الحين. "هل هناك ضرورة لبناء حزب شيوعي؟" "ان البروليتاريا لم تزل قليلة العدد ولم تصبح بعد قادرة على قيادة نضال الشعب التحرري". "ان تشكيل الحزب يستفز البرجوازية ويدفعها الى احضان الاستعمار والاقطاع". "على الحزب ان يركز جهوده على المثقفين والطلبة الذين قد يبعدهم تشكيل الحزب الشيوعي عن النضال" "يجب تركيز كل الحهود على انشاء حزب واحد يضم كافة العناصر التي تدعو مصالحها الى التحرر من الاستعمار والى الاستقلال والسيادة الوطنية". "يجب المساومة مع البرجوازية لجرها الى حركة التحرر اذ بدون البرجوازية لا يمكن تحقيق الثورة التحررية". مثل هذه الشعارات كانت تظهر لمقاومة بناء الحزب الشيوعي ذاته.
وحين نشأ الحزب الشيوعي واصبح حقيقة واقعة ظهرت الاراء الانتهازية التي تقاوم طبيعته اللينينية مثل "انعدام الديمقراطية"، "دكتاتورية القيادة" "تطرف اللجنة المركزية" "عدم شرعية القيادة لعدم وجود منهاج ونظام للحزب" "ضرورة عقد مؤتمر لاقرار نظام ومنهاج" وحتى الادعاء بضرورة ان يكون السكرتير مسلما في بلد اسلامي كالعراق.
ولكن الرفيق فهد وقف وقفة حازمة ضد كل هذه الاراء والتيارات داخل الحزب وخارجه ولم تفت في عضده الانشقاقات التي حاولت الاستيلاء على قيادة الحزب ومطبعته. وتحقق الانتصار التام للقيادة اللينينية وعلى رأسها الرفيق فهد وباء الانتهازيون بشتى الوانهم بالخذلان والاندحار.
كان اعتقال الرفيق فهد واعضاء قيادة الحزب نقطة تحول في حياة الحزب. فقد عانت جميع القيادات التي جاءت بعد ذلك من نقطة ضعف كبيرة هي عدم معرفة الخط الاستراتيجي مما ادى الى ان يتخبط التكتيك في الظلام. واخذت القيادات الجديدة المتتالية تقع في اخطاء مبدئية رغم ان نضال الحزب وتغلغله في اعماق الجماهير بقي مستمرا بتأثير زخم الحركة الذي نشأ في فترة الرفيق فهد.
أدى نشوء الخط التحريفي في الاتحاد السوفييتي بعد وفاة ستالين الى تشجيع الخط المماثل في العراق وأخذت الانتهازية تزيد من سيطرتها على الحزب وتحول الحزب الى حزب تحريفي بصورة قاطعة نهائية سنة ١٩٥٦ بتأثير ما سمي باعادة توحيد الحزب حين اتحد مع منظمة وحدة الشيوعيين الانتهازية العريقة في داخل البلاد وبعد المؤتمر العشرين وتوجيهاته التحريفية في الخارج، فنجم ذلك عن برنامج الحزب التحريفي الذي اتخذه الكونفرنس الثاني سنة ١٩٥٦.
نشأت ضرورة جديدة لتأسيس حزب شيوعي لينيني في الواقع منذ ذلك التأريخ ولكن مجرى الاحداث العالمي والداخلي انذاك لم يظهر هذه الضرورة ولم تبرز العناصر القوية الواعية التي تدرك هذه الضرورة وتناضل من اجل تحقيقها. فتعرض الشعب العراقي الذي تجرد من قيادته الثورية الحازمة الى ضربات قاصمة فقدم عشرات بل مئات الوف الضحايا ولم يشذ عن ذلك حتى الحزب التحريفي نفسه الذي خسر قياداته الواحدة بعد الاخرى وسالت دماء اعضائه في الشوارع بدون ان يتعلم درسا من ذلك وبدون ان يعود الى الخط اللينيني.
وقد تكون دعوتكم ومحاولتكم اول بادرة علنية للتعبير عن هذه الضرورة. الا ان تحقيقها صعب وطريقها وعر يتطلب جهودا جبارة تفوق الجهود التي بذلها الحزب تحت قيادة الرفيق فهد في حينه ويجابه صعوبات لا تقارن بالصعوبات التي جابهت الحزب تحت قيادة الرفيق فهد انذاك.
لكي نستطيع دراسة هذه الظاهرة من الضروري ان ندرسها بشقيها الذاتي والموضوعي. ويقصد بالذات في هذه الظاهرة "ظاهرة تاسيس حزب شيوعي لينيني" الحزب الذي تدعو الضرورة الى تأسيسه. أما الموضوع فهو العناصر التي ينبغي على هذا الحزب ان يستمد منها عناصره وأن ينظمها ويقودها في النضال من اجل تحرير البروليتاريا العراقية ومن ورائها الشعب العراقي من عبودية الامبريالية والراسمالية واقامة النظام الاشتراكي.
الجانب الموضوعي في ظاهرة تشكيل الحزب اللينيني
ان الجانب الموضوعي في هذه الظاهرة هو الشعب العراقي وعلى راسه البروليتاريا العراقية. ما هو تركيب الشعب العراقي؟ وما هي الطبقات المعادية للشعب ولذلك لا يشملها مفهوم الشعب العراقي في المرحلة الراهنة؟ هل طرأ تغيير على التحليل الطبقي الذي استند اليه الحزب الشيوعي العراقي في عهد الرفيق فهد لتحديد استراتيجيه وتكتيكه؟ هذه كلها اسئلة ينبغي الاجابة عليها اجابة واضحة قبل ان تستطيع اية فئة تريد ان تؤسس حزبا لينينيا ان تسير في هذا الاتجاه بخطوات واضحة جريئة وناجعة.
تتطلب دراسة هذه النقاط قبل كل شيء العودة الى التحليل الطبقي في عهد الرفيق فهد ودراسته دراسة عميقة مفصلة. وقد ظهر هذا التحليل بصورة علمية مركزة في كتابات الرفيق حسين الشبيبي (صارم) وخصوصا في كراسي الاستقلال والسيادة الوطنية والجبهة الوطنية. وكان واضحا في هذا التحليل ان كلمة الشعب العراقي تضم الطبقة العاملة ومراتب الحرفيين والبتي برجوازية والمثقفين في المدينة والفلاحين بجميع مراتبهم في الريف وكذلك تضم البرجوازية الوطنية بمختلف مراتبها في المدينة والريف. ولا تشمل كلمة الشعب العراقي في هذا التحليل الاقطاعيين والراسمالية الكومبرادورية وهي العناصر التي اخذت على عاتقها عن طريق السلطة استغلال الشعب العراقي لمصلحة الامبريالية مع الاستفادة من فتات الموائد الذي يتركه لهم الامبرياليون.
وعلى الفئة التي تحاول بناء حزب لينيني بعد دراسة هذا التحليل بحث التغييرات التي طرات على مفهوم الشعب العراقي وعلى تحليله الطبقي منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا. ويبدو لي ان التحول الاساسي في هذا التكوين الطبقي للشعب العراقي طرأ في  صبيحة ١٤ تموز ١٩٥٨.
كان اهم تغيير طرأ على هذا التركيب صباح ١٤ تموز استيلاء البرجوازية على السلطة واحتكارها التام لها. وتكمن اهمية هذا التغيير في ان هذه الطبقة البرجوازية العراقية رغم ما قد توجهه من ضربات للسيطرة الامبريالية وبقايا الاقطاع في الايام الاولى، فانها بطبيعتها الراسمالية المماثلة للامبريالية والاقطاع من حيث اعتماد حياتها وتطورها على استغلال الشعب الكادح اصبحت الطبقة التي تديم الاستغلال وتتعاون مع الامبريالية وتصون بقايا الاقطاع ضد تحرر الشعب العراقي من الاستغلال والعبودية.
وظهر ذلك جليا منذ اليوم الاول للحكم البرجوازي في العراق لدى تحطيم الجبهة واستثناء الحزب الشيوعي التحريفي من الاشتراك في الحكومة وظهور معاداة الشيوعية علنا وبصورة خفية. وفي الاصلاح الزراعي وفي مكافحة التنظيم الحزبي والنقابي وضرب العمال بالدبابات وغير ذلك من اعمال الحكومة الجديدة التي دلت على مقدار حرصها على تحطيم كل حركة تتضمن في المدى البعيد خطرا على مصالحها.
وقد ايد الحزب الشيوعي التحريفي سلطة البرجوازية تأييدا اعمى وساندها بدون قيد او شرط وجعل شعاره الاستراتيجي "صيانة الجمهورية" الذي لم يكن في الواقع سوى صيانة سلطة البرجوازية من غضب الطبقة العاملة والشعب، ورفع شعار اعادة وحدة الصفوف الذي كان يعني سير البروليتاريا ذيلا للبرجوازية. وقد اختارت البرجوازية الحديثة العهد بالسلطة الاعتماد على هذا الحزب الذي لم يكن في شعاراته ونشاطاته الاستراتيجية والتكتيكية ما يهدد مصالحها الطبقية بصفتها الطبقة الحاكمة الجديدة الى ان ترسخ اقدامها وتثبت سلطتها ثم تكيل له الضربات المميتة.
على اية فئة تريد بناء حزب لينيني ان تأخذ هذا التغيير الجذري في نظر الاعتبار لدى دراسة التحليل الطبقي في ظروفنا الحاضرة. فاستنادا الى هذا التغيير لم تعد البرجوازية بشتى مراتبها جزءا من الشعب العراقي ولا جانبا من حركة التحرر الوطني في المرحلة الراهنة التي يجتازها العراق. فالطبقات التي تكون الشعب العراقي بعد ١٤ تموز هي الطبقة العاملة والحرفيون والمثقفون الثوريون في المدينة وفقراء الفلاحين والى حد ما متوسطو الفلاحين في الريف. واصبحت البرجوازية بمختلف مراتبها او شرائحها كما يحلو للبعض ان يسميها العدو المباشر للشعب العراقي والطبقة التي تحمي مصالح الامبريالية وبقايا الاقطاع في العراق اضافة الى مصالحها الطبقية البرجوازية. ولا يستطيع الشعب الحصول على اي مطلب يومي بسيط الا بانتزاعه من السلطة البرجوازية ذاتها. ان تقسيم البرجوازية اليوم الى برجوازية ثورية وبرجوازية رجعية او الى برجوازية انتاجية وبرجوازية طفيلية يشكل جزءا من المفاهيم الانتهازية التحريفية الرامية الى اضفاء الثورية والوطنية على اجزاء من البرجوازية لغرض ادامة حكم البرجوازية الطبقي وابعاد الثورة التي تطيح بالبرجوازية بكافة مراتبها للقضاء على استغلال الانسان للانسان واقامة الاشتراكية.
ومنذ ١٤ تموز نشأت الخلافات والمنافسات على اقتسام الكعكة بين مختلف فئات البرجوازية متمثلة بالصراع بين حزب البعث والفئات التي يمثلها عبد الكريم قاسم وتحولت هذه الخلافات الى صدامات مسلحة كما حدث في انقلاب الشواف وانقلابات ١٩٦٣ و ١٩٦٨. وقد اتخذ الحزب التحريفي موقف تأييد فئة من البرجوازية ضد الفئة الاخرى وليس موقف استغلال الصراع بين الفئات المختلفة لتطوير الحركة البروليتارية الثورية لغرض القضاء على جميع هذه الفئات، فوقف ضد الشواف تأييدا لعبد الكريم ووقف الى جانب عبد السلام عارف فنشأ خط ايار المعروف ووقف الى جانب صدام حسين فكانت الجبهة السيئة الصيت. وليس موقف الحزب التحريفي اليوم في الدعوة الى الجبهة العريضة والديمقراطية للشعب سوى استمرار لهذه السياسة.
ان موقف الحزب الجديد يجب ان يكون واضحا في تحليله لطبقات الشعب العراقي مستثنيا من مفهوم الشعب الطبقة الراسمالية بشتى مراتبها. واذا نشأت علاقات بين فئات البرجوازية بتياراتها الدينية والدنيوية كما هو الحال في ايامنا حيث تدعو بعض فئات البرجوازية الى اسقاط الحكم الفاشي واقامة نظام حكم ديمقراطي تفسره كل فئة منها وفقا لمصالحها الخاصة فعلى الحزب الشيوعي ان يستغل هذه الخلافات لا لاسناد فئة ضد اخرى ولا للتنازل لهذه الفئة ومعاداة الاخرى بل لغرض اضعاف كل هذه الفئات لمصلحة الحركة البروليتارية وحركة تحقيق الثورة الاشتراكية والقضاء على البرجوازية بمختلف فئاتها والاستيلاء على السلطة واقامة دكتاتورية البروليتاريا.
وفي هذه الاتفاقات والمساومات يجب ان يعير الحزب الجديد اهتماما خاصا بالبرجوازية الكردية التي تعاني اضطهادا من البرجوازية العربية ولذلك قد تكون منها مراتب تسير مع الثورة ولو لمدة قصيرة.
لا شك ان عشرات السنين من حكم البرجوازية في العراق والحرب العراقية الايرانية ووجود ملايين المهاجرين المصريين والفلسطينيين وغيرهم في العراق يشكل موضوعا ينبغي دراسته دراسة مستفيضة لدى دراسة التغيرات التي حدثت على التركيب الطبقي وينبغي تحديد موقع المهاجرين من الحركة الثورية وتحديد الموقف منهم وفقا لذلك.
من المفاهيم الانتهازية التي نشأت وترسخت خلال عشرات السنين الماضية مفهوم "دراسة استعداد الجماهير" وشعار "دراسة اساليب النضال التي تريد الجماهير خوضها". مثل هذه الشعارات ليست سوى محاولة القاء مغبة تقاعس الحزب عن النضال الثوري وعن توجيه الجماهير في هذا النضال على عاتق الجماهير نفسها. ان البروليتاريا العراقية والشعب العراقي مستعدون للنضال دائما شأنهم في ذلك شأن سائر الشعوب من اجل تحرير انفسهم من الاستغلال القابع على صدورهم. ودور الحزب الحقيقي هو دراسة الظروف المناسبة وتحديد اساليب النضال المناسبة في كل ظرف من الظروف وبث الدعاية لها بين الجماهير وقيادة الجماهير في خوض تلك النضالات. ليس دور الحزب ذيليا كما يصورونه بدراسة استعداد الجماهير لنوع من النضال وسلوك ذلك النضال وفقا لاستعداد الجماهير بل ان دور الحزب هو تحديد اسلوب النضال المناسب للوضع واقناع الجماهير بضرورة سلوكه.
تعرض الشعب العراقي خلال حكم البرجوازية بمختلف ادوارها وفتراتها منذ ١٤ تموز وحتى اليوم الى ضربات شديدة وقدم ضحايا غفيرة وهو الان يجتاز اشد انواع الاضطهاد والاستغلال الفاشي في ظروف حرب عدوانية يسقط ضحية لها ابناء الشعبين الشقيقين  الايراني والعراقي. وقد يتصور البعض ان الجماهير، نتيجة لحملات القمع الوحشية، ليست مستعدة لخوض النضالات الثورية. ولكن الواقع هو ان الشعب اليوم على اتم الاستعداد للنضال كما كان دائما. بل ان حملات القمع والاضطهاد الوحشي تؤدي الى استرخاص التضحية. فخير للعامل او الفلاح ان يستشهد في ساحة النضال من ان يموت وهو قابع في داره عاجزا عن القيام باي عمل مثمر. ان ما يحتاجه الشعب العراقي هو القائد الجريء الذي يوجه نضاله توجيها صحيحا في هذه الظروف العسيرة وليس هذا القائد سوى الحزب الشيوعي اللينيني.
نفهم من هذا ان الجانب الموضوعي جاهز للنضال اذا توفر له القائد المثابر الصحيح في هذا النضال. والجماهير الشعبية مهما كانت ثورية لا تستطيع لدى انعدام القيادة الصحيحة الا القيام في احسن الظروف بحركات عفوية غالبا ما يسهل تحطيمها من قبل القوى الظلامية الرجعية الحاكمة مسببة للقائمين بها افدح الخسائر والتضحيات وتاريخ العراق خلال الثلاثين سنة الماضية مليء بالامثلة على ذلك.
الجانب الذاتي في ظاهرة تشكيل الحزب اللينيني
ان الجانب الذاتي في هذه الظاهرة هو الحزب الذي يراد تشكيله. وقد جاء في افتتاحية "الشيوعي" ان هدف المجلة هو بحث مسائل اعادة بناء حزب الطبقة العاملة العراقية وفق التعاليم الماركسية اللينينية. وهذا بالذات ما يتطلبه خلق حركة ثورية حقيقية في صفوف البروليتاريا وجماهير الشعب العراقي.
فما هي مستلزمات خلق حزب ماركسي لينيني؟ نعلم ان جميع الاحزاب التحريفية عدا عدد قليل من الاحزاب الاوروشيوعية التي تخلت رسميا عن الماركسية ما زالت تزعم في كتاباتها بانها تتمسك بالماركسية اللينينية او اللينينية وحدها متجاهلة الماركسية او غير ذلك من الوسائل الرامية لخدع الشعوب وتضليلها . وما زالت نشاطات الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي في اعادة الراسمالية والقضاء على الاشتراكية في الداخل والقضاء على كل حركة ثورية والتحالف مع اكثر الانظمة رجعية وفاشية من اجل تحقيق رغباته في التوسع واستغلال الشعوب في الخارج تجري تحت صورة كبيرة للينين. ونعلم ان الثلاثين عاما الماضية ادخلت في عقول الناس مفاهيم وشعارات يتصورها الناس ثورية وهي في الواقع شعارات انتهازية وتحريفية ومعادية للماركسية. ان هذه المفاهيم قد شملت كل شيء من تعريف الطبقة العاملة والحزب ودور الحزب وكلمة القيادة وقواعد الجبهات والثورة ودكتاتورية البروليتاريا وحتى طبيعة النظام الاشتراكي والسير نحو الشيوعية. لذلك يعاني الكثير من المناضلين الثوريين من مشكلة هي انهم يريدون السير في قضية ما سيرا ثوريا حقيقيا متلمسين الاتحاهات التحريفية ولكنهم يبنون سياستهم على بعض المفاهيم الخاطئة طنا منهم بانها ماركسية.
كيف يمكن التغلب على هذه الصعوبة والعودة الى الماركسية الحقيقية؟ ثمة طريقة واحدة فقط. العودة الى تعاليم الماركسية في اصولها. فمن ضمن المفاهيم التي انتشرت واعتنقها الكثير ان الظروف العالمية قد تغيرت ولذلك يجب تطوير الماركسية وفقا للظروف الجديدة اذ اصبحت المقولات الماركسية القديمة غير مناسبة لهذه الظروف. وهذا منتهى التحريفية. فقد طرأت تغييرات على الظروف العالمية حقا ولكن هذه التغييرات برهنت وما زالت تبرهن على صحة المقولات الماركسية اللينينية وعلى عظم حيويتها وعلميتها وعلى انطباقها على الظروف الجديدة. وقد اثبت التأريخ ان من اراد تطوير الماركسية تطويرا خلاقا لم يحظ بسوى الانحدار الى مستنقع التحريفية ولم يستطع سوى نبش المقولات الفوضوية والتحريفية والانتهازية القديمة التي دحضها ماركس وانجلز ولينين وستالين لاضفاء صفة الثورية عليها.
على من يريد بناء حزب جديد للطبقة العاملة ان يدرس الماركسية في اصولها. عليه ان يعود الى لينين ومؤلفاته مثل تكتيكان ومقولات نيسان والدولة والثورة الخ.. عليه ان يدرس كتابات ستالين الكثيرة حول مناقشة الشعارات الانتهازية التي رد فيها على كل المفاهيم الانتهازية والتروتسكية ودحضها وحافظ بذلك على الخط الماركسي اللينيني في الحزب وفي بناء الاشتراكية وان يقرأ كتاباته القيمة حول الانتقال من المرحلة الاولى للثورة الى مرحلتها الثانية واستراتيجي المرحلتين والاصطفاف الطبقي في كل منهما واسس سياسة التحالفات في هاتين المرحلتين وكتاباته القيمة في مقارنة الثورة البرجوازية والثورة الاشتراكية الخ.. وقد نشر كل ذلك بشكل مركز رائع في كتاب "موجز تأريخ الحزب الشيوعي (البولشفي) الذي حاربه التحريفيون واخفوه باعتباره من مؤلفات ستالين. فبامكان من يرجع الى هذا الكتاب ان يجد كل المبادئ الماركسية اللنينية مركزة ومنظمة بصورة  تمكن الانسان من معرفتها ومعرفة المفاهيم الانتهازية وتمييزها ومعرفة كيفية الرد عليها وان يجد تلخيصا رائعا بقلم ستالين لاهم مؤلفات لينين وشرح الظروف التي استوجبت كتابتها. في اعتقادي ان من يريد بناء حزب بروليتاري مستندا الى شعوره بالتحريفية والانتهازية وكرهه لها ورغبته في العودة الى الماركسية بدون ان يرجع الى دراسة الماركسية في اصولها سيجد نفسه في قفص من المفاهيم والنظريات غير الماركسية وينزلق في احداها مرة ثانية الى المستنقع بدون رغبة منه ورغم اخلاصه واستعداده للنضال وتفانيه في خدمة الطبقة العاملة.
اننا جميعا ننظر الى البانيا الاشتراكية كما كنا ننظر الى الاتحاد السوفييتي في عهد ستالين كوظن البروليتاريا لانها الدولة الاشتراكية الوحيدة التي بقيت سائرة في الطريق الماركسي اللينيني الصحيح لبناء الاشتراكية. فما سر نجاح الحزب الشيوعي الالباني (حزب العمل الالباني حاليا) في السير في هذا الاتجاه؟ لقد تمسك الحزب الشيوعي الالباني منذ اليوم الاول لتشكيله تمسكا تاما بالمبادئ الماركسية اللينينية واتقن تطبيقها على الظروف التي كانت البانيا تمر بها في ذلك الحين وناضل بحزم ضد جميع التيارات والمفاهيم الانتهازية وضد كافة العناصر البرجوازية التي حاولت ان تستولي على قيادة الحركة لحرفها لصالحها وحتى لصالح المحتلين الايطاليين ثم الالمان. وقد سجل حزب العمل الالباني هذه النضالات الرائعة في منشورات كثيرة وخاصة في كتابات قائده الفذ الرفيق انو خوجا واصبح اليوم واجب كل من يريد ان يسير في طريق الماركسية اللينينية ان يستلهم خبرة حزب العمل الالباني في تطبيق النظرية الماركسية في ظروفنا الحاضرة في داخل البانيا وفي العالم كله. كانت هذه الخبرة هامة لانها تعرضت لشتى اشكال المؤامرات الداخلية والخارجية فكان على الحزب ان يحل مشكلة ضرورة تشكيل الحزب ام عدم ضرورته ، توحيد الكتل الحزبية والاسس التي يجب ان يقوم عليها هذا التوحيد، معنى وحدة الحزب، الاصرار على عدم التنازل للاراء الانتهازية في سبيل الوحدة، ضرورة تشكيل الجبهة الوطنية خلال النضال من خلال القتال ضد المحتلين، التمييز بين الحزب والجبهة والمحافظة على الكيان الحزبي مستقلا عن الجبهة، قيادة البروليتاريا للجبهة وكيفية محاربة العناصر البرجوازية والبتي برجوازية التي كانت تريد الاستيلاء على الجبهة، وما هي المؤهلات التي يجب ان تتوفر فيمن ينتمي الى الجبهة، اهي جبهة نضال وقتال ضد المحتلين ام هي جبهة نقاشات واجتماعات ومجادلات على الموائد الخ..
جابه الحزب الشيوعي الالباني قضية حرب الانصار وضرورتها والعلاقة بين حرب الانصار وتوسعها الى حرب جبهوية وتحويل الجبهة الى سلطة دولة وصيانة قيادة السلطة من مؤامرات البرجوازية.
جابه الحزب قضية تحول الثورة البرجوازية الى ثورة اشتراكية وكيفية محاربة المفاهيم البرجوازية التي تدعو الى استكمال الثورة البرجوازية قبل التحول الى الثورة الاشتراكية والى ضرورة منح البرجوازية فرصة للتطور وخلق البروليتاريا وبناء الصناعة ثم الانتقال الى الاشتراكية. ونجح الحزب في تحقيق مهام الثورة البرجوازية تحت قيادة الطبقة العاملة والتحول الى الاشتراكية دونما حاجة الى تسليم الحكم الى البرجوازية كما يريد الانتهازيون وكما يفعل التحريفيون في ايامنا من اجل تخريب اية حركة ترمي الى الثورة الاشتراكية. لذا فان من يريد بناء حزب لينيني اليوم ان يدرس الخبرة الالبانية دراسة عميقة وان يقرأ خصوصا خطاب انور خوجا التاريخي في اجتماع موسكو للاحزاب الشيوعية والعمالية سنة ١٩٦٠، و"ذكريات مع ستالين" و"الخروشوفيون" و "التيتويون" و "الاوروشيوعية معادية للشيوعية" و "الامبريالية والثورة" الخ..ان هذه الكتابات ينبغي ان يستلهمها كل من يريد ان يتقن الماركسية اللينينة ويجيد تطبيقها على ظروف بلاده.
اضافة الى دراسة الادب الماركسي العالمي الغني ينبغي ان يعود من يريد بناء حزب شيوعي لينيني الى ادبيات الحزب القديمة. فقد خلف لنا الرفيق فهد والرفيق حسين الشبيبي تراثا قيما لتطبيق الماركسية على ظروف العراق. فعالجا التحليل الطبقي في العراق وسياسة التحالفات الطبقية فيه استنادا الى هذا التحليل والمرحلة التي كان يمر بها العراق في تلك الاثناء والجبهة وشروط تأسيس الجبهات والقوى التي يمكن ان تدخل في الجبهة وكيفية صيانة استقلال الحزب الشيوعي من الجبهة وتنفيذ سياسته بالانفصال عن الجبهة حتى عند وجودها اذا كانت سياسة الجبهة تتعارض والخط الصحيح المناسب لتلك الظروف.
خلف لنا الرفيق فهد ثروة هائلة من تجربة النضال ضد الانتهازية بمختلف اشكالها والوانها "اليسارية" واليمينية وحارب نظرية الحزب الواحد وبين ان هذا الشعار يعني تسليم قيادة الحزب الى الافندية وهذا ما حدث فعلا سنة ١٩٥٦ . علمنا الرفيق فهد واجب تطهير الحزب من كل انواع الانتهازيين والمتقاعسين وحتى من الطيبين غير النشيطين لان الحزب هو فصيلة الطليعة. علمنا الرفيق فهد ضرورة اغناء صفوف الحزب من بين اشد المناضلين في صفوف حركة الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين وعلمنا كيفية تقدير العناصر البتي برجوازية التي تتخلى عن مصالحها البتي برجوازية وتتبنى مصالح الطبقة العاملة.
كذلك خلف لنا الحزب تراثا كبيرا في دراسة المرحلة الاولى من الثورة وضرورة قيادة البروليتاريا في هذه المرحلة وكيفية التحول من المرحلة الاولى الى المرحلة الثانية وضرورة دكتاتورية البروليتاريا .
كذلك يجب على من يريد بناء الحزب الجديد ان يدرس تراث الحزب مثل حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية ومستلزمات كفاحنا الوطني والبطالة والجبهة الوطنية الموحدة والاستقلال والسيادة الوطنية ومئات المقالات التي نشرت في جريدة الحزب انذاك ويجب على من يريد بناء الحزب الجديد ان يدرس ميثاق الحزب دراسة عميقة وكذلك ان يدرس نصوص محاكمة الرفيق فهد سنة ١٩٤٧ فهما وثيقتان قيمتان خصوصا فيما يتعلق بالسلطة والانتقال من المرحلة الاولى الى المرحلة الثانية . واخيرا على من يريد ان يبني الحزب الجديد ان يستلهم في تنظيمه النظام الداخلي للحزب الذي تبناه الحزب في عهد الرفيق فهد. ويلاحظ ان الذين جمعوا مؤلفات الرفيق فهد قد عمدوا الى حذف الجزء الذي يعالج المرحلتين واستراتيجي كل منهما من الميثاق والى عدم نشر محاكمة الرفيق فهد في هذه المجموعة.
بدون دراسة الخبرة الماركسية في اصولها والتراث الماركسي الذي خلفه لنا الحزب في فترة الرفيق فهد تتحول كل رغبة في بناء حزب ماركسي الى نيات طيبة غير مثمرة وسيبوء العاملون على بناء الحزب الشيوعي اللينيني بالفشل رغم شعورهم الحقيقي بضرورة بناء الحزب ورغبتهم الصادقة في بنائه. ان المفاهيم الانتهازية والتحريفية قد تغلغلت الى اعماق الجماهير والناس بحيث ان بعض هذه المفاهيم اصبح جزءا لا يتجزأ من التكوين الفكري للناس واصبح اجتثاثه ضرورة قصوى لكل حركة ترمي الى بناء حزب لينيني ليس في العراق وحسب بل في ارجاء العالم بما في ذلك الاتحاد السوفييتي والصين وسائر البلدان الاشتراكية السابقة.
وحدة الذات والموضوع في ظاهرة تشكيل حزب لينيني
ليس الحزب الشيوعي سوى فصيلة واعية طليعية من الطبقة العاملة. ولذلك فلا وجود للحزب الشيوعي الا بوجود الطبقة العاملة. فالشيوعي هو عامل او مثقف او فلاح لا يختلف بذلك عن سائر العمال او المثقفين او الفلاحين بسوى كونه اكثر منهم وعيا لمصالحهم واشد منهم استعدادا للنضال والتضحية. وهذه الصفات تجعل العمال والمثقفين والفلاحين من حولهم ينظرون اليهم باجلال واحترام ويسرهم الانقياد اليهم لانهم يشعرون ان الشيوعي ينير لهم الطريق في النضال من اجل الحصول على مطالبهم الانية اليومية البسيطة ومطالبهم البعيدة على حد سواء. على الطليعة الشيوعية ان تكون مع الجماهير في جميع الظروف تجند جيشها من صفوفهم وتوجه نضالهم كل يوم وكل ساعة في خضم الحركة الثورية في مختلف مراحلها من كتابة شعار ثوري بالطباشير على جدار واستنساخ جريدة او منشور مكتوب باليد وتوزيعه سرا على العمال والجماهير وحتى حرب الانصار والثورة واقامة دكتاتورية البروليتاريا وبناء مجتمع اشتراكي.وحتى حين يضطر عدد من قادة الحزب الى العيش في الغربة نتيجة الاضطهاد لفترات معينة فان نشاطهم وفعالياتهم في الخارج لا تصبح قوة ثورية الا بعد تسللها الى داخل البلاد وانتشارها بين الجماهير . فحين كان لينين مثلا يكتب مقالاته وكتبه وتوجيهاته فان هذه المقالات والكتب والتوجيهات لم تكن تصبح قوة ثورية فعالة الا بعد ادخالها الى روسيا ونشرها في صحافة الحزب واتباع توجيهات لينين في قيادة الحزب والحركة الثورية. لذا فان تحقيق الهدف الذي تدعو اليه "الشيوعي" لا يمكن ان يتحقق الا داخل العراق وفي احضان الجماهير العراقية.
ان الحزب الذي تبتعد قيادته واعضاؤه عن جماهير الطبقة العاملة والشعب لا يمكن ان يكون طليعة لها ولا قائدا لنضالها. لذلك لابد ان يتحول الى زمرة طفيلية تعيش على موائد الدول المضيفة وتجتر العبارات والشعارات وتعقد الاجتماعات في بعض بلدان اوروبا الشرقية او البلدان العربية وتعيش على الفتات المقدم لها. ولا يليق بالضيف طبعا ان يغيظ المضيف بانتقاده على صداقته المشينة بالحكومة الفاشية والسكوت المطبق على الاضطهاد الوحشي الذي يلاقيه الشعب العراقي بكامل طبقاته وتوفير السلاح والخبرة العسكرية في مواصلة الحرب العدوانية وفي ابادة الشعبين الشقيقين وفي تبادل الزيارات بين الحكومتين لتوطيد اواصر الصداقة والمحبة وتصوير هذه العلاقات بانها علاقات بين الشعبين العراقي والسوفييتي.
ان المكتب السياسي او اللجنة المركزية التي تعقد اجتماعاتها خارج البلاد خلال عشرات السنين وتصدر جرائدها ومجلاتها المطبوعة طبعا انيقا والمنمقة بمعسول العبارات الثورية لا قيمة لها من حيث قيادة نضال الجماهير الحقيقي الثوري. ولابد ان تتحول اجتماعاتها الى حفلات سمر تدور فيها كؤوس الفودكا والويسكي والعرق وتناقش فيها كيفية تدبيج المقالات الرنانة وما ينبغي كتابته فيها لاقناع الاعضاء المنتشرين في اوروبا الشرقية والغربية وسوريا ولبنان وليبيا وتونس والجزائر واليمن وفي ارجاء المعمورة.
وتصبح اوجه النضال الرئيسية في هذه الحالة عبارة عن عقد الاجتماعات مع قيادات الاحزاب والمنظمات المماثلة الموجودة في هذه البلدان لغرض عقد جبهة عريضة او طويلة او سميكة او كثيفة الى غير ذلك من الصفات الرنانة ووضع شعارات مثل الديمقراطية للشعب والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان. وبدلا من ان يكون النضال الجماهيري هو الاساس وتكون التحالفات الحزبية شيئا ثانويا مساندا لهذا النضال تصبح الجبهة هي الهدف الاساسي الذي لا يمكن تحقيق شيء بدونه. وتبقى الجبهة بعيدة عن التحقيق نظرا الى انها لا تستند الى النضال الثوري الحقيقي للجماهير. وتبقى الديمقراطية كلمات فارغة تملأ صفحات جرائد كل المتفاوضين وتبقى هذه القيادات الزائفة في انتظار المعجزة كالانقلاب العسكري او اغتيال القائد ومجيء حكومة مهما كان نوعها واضفاء صفة الديمقراطية عليها والسير وراءها تلقفا لفتات موائدها. وتصبح الجرائد والاجتماعات وحفلات المناسبات الثورية وسيلة لجمع الاموال اللازمة لتمويل القادة الاماجد في سفراتهم ورحلاتهم في الطائرات وسكناهم في افخر الفنادق وقضاء عطلهم في اجمل المصائف لقاء اجترارهم العبارات الثورية والماركسية الزائفة. وتبقى جماهير الشعب بدون قيادة تتخبط في ظلام الحركات العفوية الفاشلة التي تكلفها ازكى التضحيات فيستغلها هؤلاء القادة للبكاء على الضحايا والشهداء الذين سقطوا نتيجة تقاعسهم عن النضال وتخليهم عن الطريق الثوري الصحيح وترك الجماهير تحت رحمة البرجوازية تفعل فيها ما تشاء.
ان الشعب العراقي يمر اليوم ومنذ يوم ١٤ تموز ١٩٥٨ في مرحلة الثورة الاشتراكية ولا فرق في ان يبدأ النضال اليوم بأبسط اساليب النضال كتنظيم عريضة لمطاليب يومية او المطالبة بتحسين الوضع الصحي في معمل او بمكافحة ارتفاع اسعار المواد الغذائية الحيوية او باعلى اساليب النضال مثل شن حرب الانصار واعلان الثورة. فكل ذلك يشكل خطوات ضمن مرحلة الثورة البروليتارية واقامة دكتاتورية البروليتاريا. وحتى التحالفات اذا جرت بين الحزب الشيوعي الثوري الحقيقي والاحزاب البرجوازية او البتي برجوازية المتذمرة يجب ان تجري على هذا الاساس.
وما شعارات استكمال الثورة البرجوازية او الثورة الديمقراطية او الثورة التحررية او ثورة الاستقلال والسيادة الوطنية وكلها اسماء لنفس المسمى وشعارات الطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية والتوجه الاشتراكي وضرورة منح البرجوازية الوقت الكافي لاثبات نواياها وامكانيات الانتقال السلمي الى الاشتراكية وغير ذلك من الشعارات الا شعارات رفعت عن قصد وانتشرت لغرض اخماد ثورية البروليتاريا وجماهير الشعوب الرامية الى التحرر من الاستغلال وبناء مجتمعها الاشتراكي.
وقد جابه الحزب الشيوعي الالباني هذه المشكلة فحلها الحل الماركسي الثوري الصحيح وكافح كافة المفاهيم الانتهازية التي نشأت انذاك. فتكون الحزب الشيوعي من توحيد الكتل الشيوعية في ظروف النضال ضد المحتلين الطليان فتأسس الحزب حاملا السيف في يديه واستمد اعضاءه من بين الانصار والعمال والفلاحين ودحض النظريات التي دعت الى ترسيخ الحزب اولا ومن ثم الدعوة الى حمل السلاح وبدأ تكوين الجبهة الوطنية مع بدايات برسيخ اقدام الحزب وحدد الحزب منذ ذلك الحين موقفه من العناصر التي تنتمي الى الجبهة وأصر على قيادة الحزب بصفته طليعة البروليتاريا للجبهة ولحرب الانصار ووضع الاسس لتحويل الجبهة الى سلطة اولية تتحول الى سلطة دكتاتورية البروليتاريا وعمل على جعل حركة الانصار حركة موحدة ذات قيادة عليا تمهيدا لتحويل جيش الانصار الى جيش نظامي أصبح فيما بعد جيش الشعب الالباني الذي يحمي استقلال البانيا ويصون دكتاتورية البروليتاريا.
سجلت كل هذه التحارب في كتابات الرفيق انور خوجا مثل "حين ولد الحزب" و "وضع الاساس لألبانيا الجديدة" وغيرها. وهذه خبرة يستطيع ان يستلهمها كل من يريد حقا قيادة نضال جماهير شعبه سواء في مرحلة الثورة البرجوازية ام في مرحلة الثورة البروليتارية.[2]
ان وحدة الذات والموضوع اي اندماج الحزب في النضال الفعلي اليومي بشتى اشكاله هو شرط اساسي لبناء حزب شيوعي ماركسي لينيني.
 
******************


[1] كتب هذا المقال خصيصا لمجلة الشيوعي التي صدر منها ثلاثة اعداد في الدانمارك ونشرت في العدد الثاني في اذار ١٩٨٨
[2] كتب هذا المقال قبل ان يتحول حزب العمل الالباني ايضا الى الطريق التحريفية التي ادت الى تحطيم الاشتراكية في البانيا.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يزرع الريح يحصد العاصفة - حول انهيار المانيا الشرقية واتح ...
- أنهاية حرب باردة ام بداية حرب حارة؟
- دفاع عن الماركسية في محنتها
- التعايش السلمي من ستالين الى خروشوف
- أزمة الخليج
- زواري الاعزاء
- ذكرياتي في سجون العراق السياسية- الجزء الاول
- ذكرياتي في سجون العراق السياسية- الجزء الثاني
- معركة تفكيك الرؤوس الذرية
- الحرب العالمية الثالثة خصائصها المميزة
- خطرات من قراءة كتاب عزيز سباهي - عقود من تاريخ الحزب الشيوعي ...
- خطرات من قراءة كتاب عزيز سباهي - عقود من تاريخ الحزب الشيوعي ...
- كتاب : الثورة التكنولوجية واقتصاد العولمة - الجزء الاول
- كتاب : الثورة التكنولوجية واقتصاد العولمة - الجزء الثاني
- كتاب : الثورة التكنولوجية واقتصاد العولمة - الجزء الثالث
- كتاب - خارطة طريق الولايات المتحدة الاميركية برؤية ماركسية - ...
- كتاب- خارطة طريق الولايات المتحدة الاميركية برؤية ماركسية - ...


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - مستلزمات انشاء الحزب البروليتاري الجديد