العوامل السياسية للتحسن الأمني

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2416 - 2008 / 9 / 26 - 09:16
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

قد يؤدي تجاهل العوامل السياسية التي قادت الى التحسن الامني الى تنمية الرغبة في عسكرة المجتمع وكذلك زيادة حجم الانفاق العسكري وهو توجه يتناقض تماما مع الاسس المبدئية لعملية التغيير في العراق، وعملية الكشف عن دور المؤثرات السياسية في تحسن الوضع وكذلك دورها في تدهوره لا تهدف بأي حال من الاحوال الى التقليل من حجم الدور الذي تقوم به المؤسسات الامنية بل يهدف الى تحقيق رؤية واقعية لما يجري وكذلك التذكير دائما بإن للسياسة أدواتها الكثيرة لمعالجة الخلل الامني وربما تكون أدوات السياسة أقل كلفة ولها نتائج مستقرة وثابتة لا تتأثر بتحريك القوات العسكرية من مكان الى آخر كما لا تتأثر بالمصالح الشخصية للقيادات الامنية والسياسية.
العوامل السياسية التي قادت الى تحسن الوضع الامني في العراق عوامل مهمة تتمثل أولا في العلاقة الجيدة بين الحكومتين العراقية والامريكية إبتداء من منتصف عام 2007 خاصة بعد زيارة المالكي لواشنطن ومن ثم لقاء المالكي وبوش في البحر الميت بالاردن، والعلاقة الجيدة بين الطرفين يجب أن لا تؤخذ كمسلمة بديهية لمجرد وجود القوات الامريكية في العراق بل الامر محكوم بتوازنات ومصالح قابلة للتغيير وكثيرا ما شهدت هذه العلاقة توترات وجمودا إلا إن تحولا أساسيا حدث منذ منتصف العام الماضي وتكامل التحول مع توقيع مبادئ الإتفاقية، وقادت العلاقة العراقية الامريكية الجيدة الى دور أمريكي إقليمي لصالح الامن في العراق فضغطت الولايات المتحدة على دول في المنطقة وفتحت أبوابا للحوار مع دول أخرى وكل ذلك قاد الى تطورات إيجابية تمثل عوامل سياسية لتحسن الامن ومنها تجميد المليشيات وإيقاف تدفق الارهابيين عبر الحدود وإيقاف حملات الدعم والتأييد للمتطرفين في المنطقة.
حتى ظهور الصحوات كان جزءا من العوامل السياسية فهو نتيجة لإتصالات ودعم وتنظيم وليس مجرد إنشقاق داخل فصائل تحالفت لزمن ثم إختلفت، هذا فضلا عن التطور داخل المشهد السياسي الرسمي الذي دفع بالفصائل السياسية الى تأييد الحكومة والوقوف الى جانب الاجهزة الامنية ودعم عملها بعد أن كانت هذه الفصائل تشهر بأداء الاجهزة الامنية وتتهمها بشتى الاتهامات بل إن بعض الفصائل السياسية كانت تراهن على الانقلابات كنتيجة للخلاف بين الحكومتين العراقية والامريكية، وقد شهد الامن تحسنا مهما في ظل إنقسامات سياسية عراقية نتيجة للعلاقة الجيدة مع الامريكان.
التذكير بالعوامل السياسية التي ساعدت على تحسن الامن يهدف لتوجيه إهتمام أكبر بهذه العوامل وصيانتها وعدم تجاهل أهميتها والاكتفاء بالدعاية للجانب العسكري لأن هذا السلوك سيضعف الدعامة السياسية للأمن وهي تتفوق في أهميتها على الدعامة العسكرية خاصة إذا ما كانت المقارنة تقوم على حجم التضحيات البشرية والمالية، وبشكل عام تضآءل الاهتمام بدور السياسة في حين يكفي خطاب متشنج أو إحتكاك سياسي لتجديد دوامة العنف.
ومن زاوية النظرة السياسية للأمن يكون التعامل أيضا مع العلاقات الخارجية وكذلك مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي بدونها ستدخل الدولة العراقية في سباق تسلح مكلف وغير مجد لتحقيق توازن عسكري مع دول الجوار وقطع الطريق على أي تمرد داخلي.
من الواضح إن المؤسسة العسكرية تتوسع في كل الاتجاهات وإن الحياة العسكرية تكاد تكون هي الحل الوحيد لخلاص الشباب من البطالة وهي كلها أمور تصب في غير صالح الدولة المدنية وإقتصاد السوق وتحرير الانسان العراقي من ثقافة العنف وأدواته.

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل