أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - حروب الحنين














المزيد.....

حروب الحنين


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2348 - 2008 / 7 / 20 - 00:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس لنا، نحن الذين لم نعاصر العهد الملكي في العراق ولا عهد عبد الكريم القاسم إلا أن نتفرج على حروب كلامية وكتابات تستمد طاقتها من مشاعر الحنين التي تسيطر على المتحاربين من كتاب ومثقفين ومؤرخين وحتى من عامة الناس، ليس فقط أولئك الناس الذين شهدوا ذلك التحول من الملكية الى الجمهورية، بل أيضا حشد كبير ممن لم يولدوا آنذاك بل أصابتهم عدوى الافكار والتحزبات، وكلا الطرفين، مؤيدي الملكية ومؤيدي الجمهورية يقتاتون على ذكريات جميلة لتوصيف المرحلة التي يحبونها أو يفضلونها، كما يقتاتون على ذكريات أخرى سيئة عن المرحلة التي يكرهونها، وفي كل الاحوال لايصلح الحنين أن يكون منطلقا أو أساسا تبنى عليه المواقف.
ولأن الزمن لا يعود الى الوراء فلا جدوى من الحنين لكن الذاكرة يجب أن تعيش حالة من اليقظة المنزهة من المشاعر والميول لكشف أخطاء الماضي أو على الاقل تبديد أساطيره التي تشيد كهوف التعصب، ويوبيل الجمهورية أو ثورة 14 تموز 1958 أو الانقلاب كما يقول مؤيدو الملكية، هذا الحدث ليس إلا عينة للطريقة التي نتعامل بها مع الماضي حيث المعارك تستمر في زمن مفتوح بلا نقد أو مراجعة للذات، بلا إعتذارات أو إعتراف بالاخطاء التي يسمونها تلطيفا "سلبيات عرضية لا يخلو منها نظام حكم".
أساطير العهد الملكي كثيرة وفي مقدمتها أسطورتا الاستقرار والديمقراطية، فعلى مدى سبع وثلاثين سنة من النظام الملكي شهد العراق عدة إنقلابات عسكرية ولا تخلو سنة واحدة في العهد الملكي من إنتفاضة أو ثورة أو تمرد أو عصيان مدني ولأسباب عديدة في مقدمتها الفقر والتعسف ومع ذلك يتغنى عشاق الملكية بإستقرار لا وجود له خارج مخيلتهم المريضة بالحنين، أما إسطورة الديمقراطية في العهد الملكي فهي أكبر من أن تتبدد في سطور فالحياة الحزبية كانت تتعطل لفترات طويلة ويحظر العمل السياسي أما تغيير الحكومات الذي يتباهى به الملكيون فلم يكن إلا دليلا على هشاشة النظام السياسي وتوزيعه للأدوار بطريقة مزاجية لتكشف في النهاية الحسابات التاريخية إن معظم سنوات حكم العهد الملكي كانت من نصيب لون سياسي وجماعة سلطوية وتكاد لا تخرج عن قبضة أو محيط نوري السعيد، ولم تكن الانتخابات نزيهة في الغالب، كما لم تكن هناك عدالة في توزيع الثروة ولا مساواة في الفرص بل إن الدولة العراقية التي أراد لها الشعب أن تكون دولة ملكية دستورية ليبرالية تحكمها المؤسسات كانت أبعد ماتكون عن كل ذلك بإستثناء صفة الملكية، وفي كل الاحوال فإن ذلك النظام لم ينجح في الدفاع عن نفسه لنكتشف حجم خوائه وخاصة إنه إنهار في جميع أنحاء البلاد بسرعة مذهلة.
أما أساطير الجمهورية فهي لاتعد ولاتحصى ولكن أكثرها أذى هي تأليه الحاكم الفرد وإذابة الدولة والارادة الشعبية فيه، وحتى القوى ذات النظريات الاديولوجية والتاريخ الطويل في العمل السياسي وهي التي تعرف إن النظام أهم من الاشخاص، حتى هذه القوى رضيت بالفرد وتناست النظام وهو ما سهل لكل من هب ودب وخاصة من العسكر المتحزبين أن يطمعوا بالسلطة ما دامت إدارة الدولة صارت تشبه إدارة المنزل ودشن الزعماء الانقلابيون عهدا طويلا من الفوضى الادارية والسياسية التي يديرها (أب قائد!!) حسب حالته المزاجية. ونكاد اليوم أن نضع مصطلح (ثورة) الذي أطلق على ما حدث في 14 تموز 1958 الى جانب الاساطير الاخرى حيث لا ينطبق المضمون العلمي لهذا المصطلح مع ما حدث في ذلك اليوم، فلا مهاد فكري لتلك الثورة ولا رؤية واضحة المعالم للمستقبل والمشاركة الشعبية جاءت لاحقة للفعل العسكري المنظم، ويبدو مفهوم الانقلاب أقرب لأن من قام بالفعل هو جزء من مؤسسات النظام آنذاك، ومن يومها صار النظام الحاكم في العراق هو نظام الرجل الواحد الاوحد بعد أن كان في الملكية نظام العائلة الحاكمة أو المجموعة السياسية القوية على أقليتها كما صارت كل مغامرة من أجل الحكم تتحرك تحت أسم الثورة التي شوه إسمها بسبب النزوات والمغامرات المحبوكة في ساعات فراغ العسكر وهم يحولون علاقات الصداقة بضربة مدفع الى نظام للحكم حتى جاءت كارثة 17 تموز 1968 التي تصادف هذه الايام ذكراها السنوية الاربعينية، فالجمهورية خسرت هويتها في أقل من خمس سنوات وبعد عشر سنوات من قيامها صار ممكنا إسقاط النظام ببضع دبابات وبيان، لتشيع فكرة الخوف من الانقلاب في العهد البعثي ويصير هذا الهاجس دافعا لسياسة القمع المنظم.
هناك حاجة في العراق للخروج من خيام الحنين وفتح جروح الذاكرة على مصاريعها بمبضع البحث لتبديد الاساطير وتنشق هواء جديد هو هواء المستقبل ويبدأ ذلك بتسمية الاشياء بأسمائها الحقيقية، فلا ملكيتنا كانت ملكية دستورية ولا جمهوريتنا كانت نظاما ديمقراطيا منضبطا وكل التخندقات الجامدة سواء في معركة الملكيين والجمهوريين أو غيرها من المعارك الموروثة التي آلمت العراقيين إنما هي من نتاج تباريح الحنين.





#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظروف الاستبداد
- تغيير مفاجئ
- مفاتيح كركوك
- صراع الرموز
- دفاع ضعيف
- لغم مكشوف
- موسم الحصاد
- تقييم سلطة المحافظات
- تعطيل الديمقراطية
- تجميد العملية السياسية
- الاتفاقية ...شذرات وأوهام
- الآخرون في العراق
- تكاليف الترميم
- فشل المعارضة
- موت بسبب الكتمان
- دولة..دولتان...دولة
- محاصصة مبتكرة
- إمكانية ترميم الحكومة
- المقامة اللبنانية عراقيا
- هل إقتربت الحرب؟


المزيد.....




- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - حروب الحنين