تأويل التأجيل

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2353 - 2008 / 7 / 25 - 06:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

وأخيرا جاء الخبر اليقين الذي رد على التساؤلات والتخمينات عن إمكانية إجراء إنتخابات مجالس المحافظات في موعدها المحدد في الاول من تشرين الاول، بعد أن تعثر إصدار قانون الانتخابات لتلك المجالس في مجلس النواب أكثر من مرة وثار عليه كثير من اللغط وتبودلت إتهامات.
الخبر جاء من المفوضية المستقلة للإنتخابات التي أعلنت تأجيل إنتخابات مجالس المحافظات والموعد الجديد سيكون في الثاني والعشرين من كانون الاول من العام الجاري، وقد بررت المفوضية هذا التأجيل بذرائع مالية وفنية ولم تعلق الامر بعمل مجلس النواب الذي حتى لو أصدر القانون هذه الايام فإن إجراء الانتخابات لن يكون ممكنا حسب تصريح عضو في المفوضية، ولكن هذه التبريرات الفنية والمالية والمدعومة بتدارس الامر مع ممثلية الامم المتحدة، لن تمنع من تصاعد التأويلات السياسية لقرار تأجيل الانتخابات وذلك على خلفية الجدل بين الكتل السياسية المختلفة داخل مجلس النواب وتقاطع التوجهات والاراء والمواقف بصورة حادة فيما بينها وفي حزمة مهمة من القضايا الشائكة التي تحولات الى مزالق سياسية وإختناقات فنية ودستورية بدءا من قضية كركوك ومرورا بشكل القائمة الانتخابية وحصص النساء والاقليات وإستخدام الرموز الدينية في الدعاية الانتخابية، وإذا كانت هذه القضايا قد إثيرت عبر مجلس النواب فهناك ما دار خارج المجلس وسيساهم في تصعيد التأويلات المسيسة لقرار التأجيل، ومنها شكوك التزوير والاتهامات المسبقة التي اطلقها البعض وكذلك التشكيك الموجه من قوى صاعدة تتهم المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات بعدم الاستقلالية وتدخل الاحزاب في تعيين موظفيها ومفوضيها، ولعل من أبرز ما سيدعو الى تسييس التأجيل هو إن التأجيل تم تداوله كإشاعة بعد أعلنه أحد المقربين من مرجع ديني منذ عدة أيام قبل أن تعلن مفوضية الانتخابات ذلك التأجيل.
الاهتمام بتأويل قرار التأجيل ينبع من تأثيره على ثقة المواطن بالعملية الديمقراطية وبالتالي مستوى المشاركة الشعبية كما إنها مقدمة للتشويش على النتائج بما يعرض الاستقرار السياسي والامني للخطر، وقد يعتبر هذا التأجيل أحد معايير الحكم على أداء مجلس النواب الحالي وربما للحكم على العملية السياسية ومدى جديتها في الالتزام بالآليات الديمقراطية، وكل هذه النقاط تحتاج الى دفاع سياسي قوي.
لكن بعيدا عن جدل الكتل السياسي يمكن تقييم قرار التأجيل من جانب آخر أقل تشاؤما، فقد وصل الجدل السياسي الى مستوى عال يمكن أن يؤثر على الانتخابات ومجرياتها بصورة سلبية فيما لو تم إجراؤها في وقت قريب، ولعل هذه أكبرحسنة للتأجيل لكن مع ذلك لا يمكن التعامل مع ما حدث بسهولة ففي كل الاحوال يمثل تأجيل إنتخابات مجالس المحافظات حالة فشل سياسي يؤشر حجم الاحتقان القائم بين الكتل السياسية وبمستوى عطل القدرة على الوصول الى حلول.
قرار التأجيل يجب أن يدفع القوى السياسية الى واقعية أكبر في تحديد السقوف الزمنية للخطوات والاجراءات المهمة، كما يجب أن يدفع الى إلتزام درجة معقولة من الهدوء في تناول الملفات الحساسة والتوقف عن التخندقات القاتلة التي تدفع الامور الى حافة الهاوية.
مجالس المحافظات حلقة مهمة في الاداء السياسي والاداري وقد تسهم في تفعيل البناء الفيدرالي للدولة العراقية ولذلك فإنتخابات هذه المجالس بحاجة الى ظروف ملائمة تساعد في إرساء الاستقرار داخل المجالس نفسها بما يساعدها على القيام بأداء جيد.

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل