أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض الأسدي - وهم العالمية: بيس نفر














المزيد.....

وهم العالمية: بيس نفر


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2367 - 2008 / 8 / 8 - 11:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا احد يعلم لم يسير بعض الكتاب العراقيين تحديدا في هذا الطريق الطويل والموحش بلا مصباح يدوي او فانوس ذي نفط قليل، او سراج مكون من قنينة وقطعة عجين وذبالة خيط، كثيرا ما استعمله العراقيون الفقراء في الحصار؟ وها هم في أهمّ سنيهم الإبداعية التي ينبغي – كما هو المنطق الإنساني – في أن يكونوا أكثر التصاقا بالإنسان في بيئتهم، وان يقدموا (قضية الشعب العراقي) الإنسانية بقوة في أعمالهم بعيدا عن تلكم الطرق الملتوية والبائسة التي لا تفضي إلى شيء مهم غالبا. فالعراق الذي شهد أكبر عمليات الإبادة الجماعية genocide في تاريخ القرن العشرين بعد (الهولوكوست) الذي تعرض له اليهود الألمان والبولنديين - هذا الشعب الذي تعاضدت على إبادته قوى دولية وأممية غاشمتين، وقوى داخلية وإقليمية ملعونتين، وحظ عاثر لازمه منذ قرون - هذا الكدس من الحزن التاريخي الطويل- يحاول أن يكون من جديد وهو يلعق جراحه المتعددة بعد سلسلة من المعارك الوحشية التي خاضها بلا مبرر.
هذا الشعب لا يمكن أن يخطب فيه (سرطان) يخرج من البحر خلسة ويقدم للناس مواعظ هرائية! أو يعمل على الغوص في أساطير قديمة لا تقدم ولا تؤخر شيئا بإزاء هول المأساة (الأسطورية) الماثلة التي وضع عنوة فيها. من الصعب بالنسبة لغير العراقيين على أية حال تصور هول المأساة التي مرّ بها الشعب العراقي المدموغ بالسخام التاريخي؛ وهنا مكمن تقصير أولئك الحالمين بمجد طوباوي عالمي زائف. وهو في كلّ الأحوال شعب واحد كون مجموعة بشرية متجانسة منذ ستة ألاف عام او تسعة آلاف عام حسب التنقيبات الأخيرة، ولكن يحاول (بعض) القادمين من وراء البحار والهضاب والصحراوات أن يقدموه على أنه (مكونات) و(أطياف) و(ملل) و(نحل) و(جهات) و(طوائف) و(أديان) و.. و.. وأشكال وأرناك ما أنزل العراق بها من قوة ولا سلطان.
ومن الغريب في الوقت نفسه أن يعمد هؤلاء الكتاب - وهم من الندرة بمكان أيضا- إلى أسلوب ممارسة التعمية (المتعمدة) أحيانا على أكبر جريمة شرق أوسطية بلا منازع؛ تارة تحت هاجس (العالمية) وتارة أخرى من اجل عدم الخوض في وحل السياسة.. أما إذا أنت سألتهم: هل انتم كتاب وطنيون؟ يهزون رؤوسهم على استحياء! وهم لا يجيبون بتلك الكلمة الغريبة: نحن كوسموبوليتيون أيضا! ولذلك نقول لهم بالمثل البغدادي: أشجاب شجاب! علينا؟ لأنهم ببساطة متناهية لا يصرخون بقوة من اجل شعبهم؟ يا لجلودهم التمساحية، ويا لبراعة الأوهام التي تحاصرهم دائما؟ مسكين هذا الشعب وحظه عاثر دائما حتى مع أولئك الذين يفترض أن يكونوا مرآة له وعونا متوقعا في هذه العاصفة الترابية الوردية المستمرة: لا يمكن الرؤية لمسافة ستة أمتار!
حسنا دعونا نخوض في أوحال السياسة مادام الأمر يتعلق بجانب من الحقيقة الغبارية في الأقل: ترى إذا كانت (الكوسموبوليتية) الثقافية التي يحاول أن يتوسمها او يتوشح بها هؤلاء - البيس نفر- القلة، وهذا (البعض) المزحوم والمنتفخ بلا شيئية العالمية، وهو يخوض في أوحال المدينة الخربة العاجّة والطافحة بالقتل المجاني والهجرة والتهجير والقمع والتهديد، وغبار الشوارع وسرف الهمرات الأجنبية، وبساطيل الغزاة، كلّ الغزاة بأشكالهم الظاهرة والخفية، وضياع الكهرباء وتلوث المياه وندرتها، وهذه القطعان من الذئاب والضباع التي كانت حتى وقت قريب تنهش في أجساد الأبرياء من أبناءنا .. إذا كان هؤلاء لم تتحرك أصابعهم من اجل ردع هذا الهوس والجنون الساعاتي بالكلمات على الأقل، فما الذي يمكن ان يفعله الكوسموبوليتيون؟ هؤلاء لم يثر شجن واحد في روحهم حتى أنهم لم يصدروا كلمة مناسبة ضدّ (البله الغريب) الذي مرّ ويمر به إنسان العراق، لأنهم ببساطة يخشون على جلودهم من عبث أصحاب السكاكين الجديدة وحملة المباضع.. اجل هم مارسوا الفعل الصامت نفسه بإزاء النظام السابق أيضا، ولذلك فقد كانوا محطّ تكريمه!! فهل يريدون من خلال مهرب (العالمية) الآن الإيحاء لنا بإمكانية تهربهم من مسؤوليتهم الأخلاقية إزاء شعبهم؟ ربما لأنهم يريدون أن يحوزوا على رضا السادة الجدد ..؟
اجل أنها أزمة الهوية الوطنية وهم يكرهون كلمة (الهوية) بكل أشكالها لأنهم بلا هوية طبعا ويظنون إن (الهوية) هي ما يوضع في الجيب وليس ما يحمل في القلب. ولا ادري إن كانت الهوية المحلية لماركيز الموغلة بالكولومبية، وكذلك روح نجيب محفوظ المفعمة بالقاهرية، وكاواباتا، وكونديرا، و، و.. كانت مصطنعة وغير عالمية!! ثمة (وهم) قاتل في ضرورة الابتعاد عن اليومي والإنساني والجاري من اجل (الجمال).. أية كذبة سمجة! وأي جمال هذا الذي يجعلني أفكر في (غويا) ولا أفكر في موت مليون طفل عراقي في مدة الحصار على العراق؟ كلّ طفل مات في الحصار أهم من جميع متاحف الفن التشكيلي العالمية وليس غويا وحده، وفي كلّ قرية عراقية ومدينة صغيرة أكثر من جيرونيكا، فهل يدرك الموهومون حقيقة ذلك؟ لا يحضرني الآن أسم ذلك الكاتب العالمي: ماذا تعني الكتابة أمام دمعة طفل واحد! بالطبع إن (العالميين) الطرشان (البيس نفر) يرون في هذه المدينة الخربة بغداد موطنا للرحيل دائما، وثمة عالميين آخرين قلة يمارسون عالميتهم المزعومة وسط الخراب البصري والموصلي والناصري والعماري ربما.. وربما في مدن أخر: كوسموبوليتيون أقحاح.. وصدق المثل القائل العراقي: قيم الركاع من ديرة عفك!



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزن ما بعد المليون
- عمود طاجا / عمود تيراقا
- إلى كراج النهضة
- سبخة العرب
- العشرة المبشرون..!
- لماذا ننشر كتبنا هنا؟
- انهض أيها القرمطي
- فتاح باشا
- حرب عالمية أقتصادية على الأبواب؟؟
- تعالوا إلى الطفولة العراقية في غينس
- العراق وتركيا : من الخاسر في النهاية؟
- الستراتيجية الاميركية بعد سبتمبر 2007
- بكالوريا
- بندورا بغداد
- جَردة الموت (آمرلية ) هذه المرة
- نظرية الفوضى البناءة
- اليانكي
- الدب الروسي ورقصة العرضه
- تبغدد.. إلى هيلاري: متى تحكمنا نساؤنا؟
- الغاء الآخر.. نظرة في التاريخ القديم


المزيد.....




- خامنئي ينتقد إسرائيل بسبب شن هجوم على إيران في ظل المفاوضات ...
- الإعلام الإيراني يستعرض لقطات يزعم أنها لمسيّرة إسرائيلية تم ...
- لافروف ونظيره العماني يؤكدان ضرورة وقف القتال بين إسرائيل وإ ...
- زاخاروفا: روسيا تبذل كل ما بوسعها لدرء الكارثة
- استخبارات الحرس الثوري تفكك شبكة سيبرانية عميلة للموساد
- صعود أسعار الغاز في أوروبا... ورغم ذلك: وداعًا للغاز الروسي! ...
- كيف تتحسب أنقرة من تهديدات إسرائيل بعد الهجوم على إيران؟
- ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي ...
- -كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم ...
- وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55 ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض الأسدي - وهم العالمية: بيس نفر