أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - استيلاد المستحيل من غدق النار : انهمار( قراءة في قصيدة -موجة النار أحرقت اختها- للشاعر ثامر جاسم )















المزيد.....

استيلاد المستحيل من غدق النار : انهمار( قراءة في قصيدة -موجة النار أحرقت اختها- للشاعر ثامر جاسم )


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 2336 - 2008 / 7 / 8 - 11:19
المحور: الادب والفن
    



هل مر على الشاعر - أي شاعر – حين من الدهر لم يكن واقفا فيه في منتصف المسافة بين ( حشرجة التمني والقنوط ) ... بين نعم الاحتجاج ولا الرفض ... وايضا العكس ، على دكة الانتظار ؟
... انتظار ماذا ؟ انتظار كل شيء ... وايضا انتظار لاشيء !وبين هلالين ، وبحسب صموئيل بكيت : انتظار غودو !
وغودو هذا الذي لم يعرفه – بضم الياء – ولم يعرفه – بفتح الياء ، بكيت نفسه ، لكل منا ان يحدد له الملامح والمهام التي تناسبه وتخدم غرضه منه : صانعا ، ( خالقا ) ، شهيدا ، خادما ، عفريتل من الجن ، صانع احلام ، صبية حسناء او مسيحا مخلصا ... استنادا الى ( فتوى ) الكاتب الروسي ( مكسيم غوركي ) ، ولكن بمعنى التمثل الذاتي ووفق التصور الوجودي : ( لو لم يمت الناس من اجل المسيح لما كان هناك ثمة مسيح ابدا !) .. وبهذا الفهم الايديولوجي تحرق : موجة النار ( نار الشاعر ثامر جاسم حصرا هنا ) اختها !
متشعبة وصادحة هي اشتغالات ثامر جاسم ؛ وتتعدد مستوياتها القرائية بتعدد احالاتها ودوالها التي تتشعب مخترقة حدود مدلولات ظاهر البنية الاشارية والترميزية للصورة الشعرية التي يشحن بها القراءة الظاهرة ( القراءة الاولية ) للنص .
ثامر جاسم ، الشاعر ،يفخخ ويفجر نصه - وهو نص محدد : موجة النار ... – ببنية اشارية – ترميزية مركبة ومولدة من لحظة شروعه الاولى : العنوان ، والى آخر جملة فيه ، وفق معادلة تقابلية متضادة ، وبلغة الايديولوجيا ، ديالكتيكية : الشيء ونقيضه ..

حشرجة ...................... قنوط
الرماد ....................... انكفاء
المسارت .................... انطفاء
الطيور ..................... الركون
البيوض .................... الدفء
وهذا الديالكتيك ( الهارموني ) يمنح النص زخما تفجيريا تصاعديا ، اوجزه الشاعر في الثريا التي أضاء بها النص ( العنوان ) الذي اختاره بحذق : ( موجة النار أحرقت اختها ) ؛ والذي يمثل شفرة ترميزية واسعة الدلالة والاحاطة ، من حيث كون النار – دال ورمز – تمثل فعل التطهير والعدم في آن واحد ، فكيف اذا ما ادى هذا الدال – الفعل دور التطهير للمطهر ذاته ؟
لنعود الى دكة الانتظار التي بدأ منها الشاعر جاسم فعل ( الخلق ) الشعري ؛ ومثل هذه العودة تستلزم اداة فعل تنويرية لن نجدها الا في احد أغوار تراثنا الميثيولوجي التفسيري ( اسطورة الخلق ) التي حاولت ( فض اشتباكنا الاول مع حقيقة كون الانسان مفطور – في جانب منه على اقل تقدير – على حقيقة ان سوء الانسان جزء من تكوينه الخلقي لا سلوك مكتسب ، كما يدعي علماء النفس والاجتماع ) !!
تقول الاسطورة : كان الاله قد أتم خلق الانسان من طين وتركه ليجف في الشمس وذهب ليستريح ، عندما جاء الكلب ودهشه ذلك الخلق الجديد ( على ذاكرته المعرفية ) فجرب ان يتذوقه بلسانه فلوثه بلعابه وما كان به من اوساخ وادران وامراض .. وعندما عاد الاله وفاجأه فعل الكلب وما ألحقه بمخلوقه الجديد من قذارة ، اضطر الى قلب الانسان ليجعل باطنه ظاهرا وظاهره باطنا ، وهكذا ظهر الانسان بصورته الحالية : جميل في مظهره الخارجي وقذر في داخله ! ووفقا لمدلولات هذا الاقتراح الاسطوري او (هديه ) ، يتلمس الشاعر طريقه الى اقتراحه الابداعي – النص ..

تلك الفصول

غادرت خضرة الابتداء

( اذ ) مل طيرها الركون

في عشبة يابسة ......

..........................

( حيث ) جنة الامس ادركت حزنها

فاستفاق الهشيم

ام سبب الليل هذا العراء ؟

ولكن الانسان يصر على تشكيل صورته على مثال الرب الذي طرحته المسيحية – في تصورها الكهنوتي – باوضح صوره ، وهو أيضا ليس ببعيد كثيرا عن التصور الاسلامي – اذا ما رغبنا بالاجتزاء ، اجتزاء الفكرة – في النص القراني : ( ونفخنا فيه من روحنا ) ؛ وكل هذا على الضد من – كما يطرح الشاعر – مما هو قائم على صعيد الممارسة اليومية وفعل الانسان فيها .. وربما وربما هذا ما عبرت عنه الشاعرة ( نور الادب ) وعنته بقولها : ( التواضع كلمة لا تناسبني كثيرا ) ! وهذه هي حقيقة الانسان الذي يصر على تناسي – مجازا طبعا – لعقة الكلب التي شوهته
واستقر أثرها في داخله الى الابد – مجازا ايضا !

جائش نملهم ... راعش

والزهور مالها والندى

... في بلاد الجفاف ...

معروف عن النمل الدأب الاعمى ، والاصرار الذي يفوق حدود قدراته ، ومثل هذه الاستعارة تكون مستوفية لشروط الالمام التوصيفي للهفة الانسان واندفاعه في ( حرب ) خلع المعنى ( المستميتة ) على حياته من اجل استمراره على القبض على آليتها ، رغم غياب وضوح الرؤية عن الهدف وفيه ، وايضا عجزه عن ( ترميزه ) بصورة اكثر اقناعا عن اندفاع ودأب النمل اللاهادف – بمعناه الفلسفي طبعا ..

موجة النار أحرقت اختها ... موجة موجة ...

في بحا القرون

الغامض في العالم هو المرئي ، كما يقول الروائي اوسكار وايلد .. واستنادا لهذا التصور يكون العمل الابداعي قد حط رحاله – مجازا – امام خيار : الاندلاع الفوضوي الذي يؤسس لمشروهه ( الهدام ) الذي يجعل من انفلاته في مفاصل ( دكة الانتظار ) ، بحسب توصيف الشاعر جاسم ، ( قانونا ) يؤسس لفوضى ( بناءة ) ، ولكن بالمعنى الفلسفي للكلمة . وبمعنى آخر : تفعيل الوجه الغامض في مرئياتنا
الاحادية الرنين ! حيث يكون بمقدور مألوفاتنا المقاربة – دون وجل قيمي – مع حسابات بيدر ( القيم المثالية ) الخاسرة ابدا ، مع تأسيسات المرئي المحايث للشيء اليومي في حياتنا ، وهو ما يهيأ الوعي لفعل التطهير التغيري الذي يقترحه
النص بصورة موجة النار التي تحرق اختها في توالي مضطرد : موجة ... موجة ... في بحار القرون ، او منذ لحظة البدء الاولى ( لاندلاع ) قصة الخطيئة الاولى – كتبرير براغماتي – حسب التصور اللاهوتي ، او قصة لعقة الكلب ، حسب التصور الاسطوري ، كتبرير تصالحي مع المرئي – بحسب طرح وايلد – الماورائي .

المساءات مالها سيدي

ترتدي حيرة في العيون ؟

سيدي ما لها الدفوف

تنتضي ... تحتفي بالهروب

هذه المتوالية التساؤلية تؤسس لصدمة فعل التقابل غير المرخص له ( مثاليا
ولاهوتيا ) بالتمظهر والتجسد والتمثل باعتبارها منكرا – لاهوتيا – لا يجب الاعتراف بوجوده .. وهو ما يقابل المرئي المعتم عليه ..

الندامى جبة من تويجات الورود

ثلة من كفوف الانكفاء

ردة في جفون الرياح

ريشة في جناح الغروب

قشة في ميادين الذهول

وهو ما عبر عنه بادق واجمل الصور الشاعر جاسم ، من اجل تخفيف وطأة اثرها في الجدان الاجتماعي – او الوعي الجمعي لتراتبية البناء القيمي الراكد في بنية المجتمع العربي .
وبغض النظر عن هوية المخاطب المعني بـ : سيدي ، فان قول الشاعر ، بخطابه
التوسلي ..

سيدي ان لي دمعة

ولوجهي ولمسراك براق

لا اجد لها تفسيرا الا في ما عناه ( انتوني آرتو ) بقوله : ( السؤال المطروح الان هو ان نعرف ما اذا كانت ستوجد في هذا العالم المنزلق الذي ينتحر دون ان يدري ،
نواة من البشر القادرين على فرض هذه الفكرة السامية التي ترد الينا جميعا المقابل السحري للعقائد التي لم نعد نؤمن بها ) ، وبالتأكيد فاننا منقسمين الى فئتين ازاء عملية قبول هذا التصور لشكل هذا المقابل السحري : نخبة ومجموع ..
وهذا ما عبر عنه الشاعر بقوله ..

سيدي تولد الافواه من الفجر

وهذا توصيف دقيق ومحايث لصورة النخبة .

... وحينا من فواتير الدماء

وهو التوصيف او الشكل الذي درج المجموع في تصور شكل المنقذ او المخلص
، بهيئته الكارزمية المقدسة .. وهو ما يصوره الشاعر بدقة كهم محيق يرفض
التصالح او السكون ..

وكأن الارض ( فقط ) صحراء وغول

وسراري

وذراري

واماء

وهو ما درج الوعي الجمعي للمجتمع العربي والاسلامي على حصر فهمه داخل اطاره ، بحكم خلفيته ( الثقافية ) البدوية والصحراوية .
فهل من سبيل لاطفاء جذوة شلال الرمال هذا ، وهو قد غرز دبابيسه في اوردة دمائنا قبل قناعاتنا ؟
السؤال يكويني بمرارته اكثر مما يحفزني للبحث !



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاصيل زحام
- شاهد اثبات على جريمة قيد النظر
- المعاهدة الامريكية – المالكية( قراءة في الوجه الظاهر)
- لقاء افتراضي على هامش الرغبة( قراءة في قصيدة -اللقاء الافترا ...
- تسابيح مثول لحضرة ملكة الوصية الاولى في معبد النار
- شغب احلام
- اذ تؤجلين احتراقك ...
- تفريس المنطقة لمصلحة من ؟
- الركض خلف هوة السؤال( قراءة في قصة -هل قلت انه يساعد ؟- للقا ...
- ليلى بنت الطباخ
- جرح يتوضأ بزمزم الطفولة : التياع( قراءة في قصيدة -الى امرأة ...
- انقلاب ائتلافي موحد
- عدنان / الصوة ..
- ارصفة البطالة تحتفل بانجازات العمائم
- نطف مهملة البصمات
- الانفلات في بنية اللون( قراءة في قصة -فتاة البسكويت- للقاصة ...
- سياسة تصفية الارقام المناوئة
- جبهة التوافق ولعبة المكاسب
- طرقة على مجاهيل غابة طائر النوء( قراءة في قصيدة طائر النوء ل ...
- العراقيون ومرض حمى صدام حسين


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - استيلاد المستحيل من غدق النار : انهمار( قراءة في قصيدة -موجة النار أحرقت اختها- للشاعر ثامر جاسم )