أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف محسن - خفة الكائن الذي يطير














المزيد.....

خفة الكائن الذي يطير


يوسف محسن

الحوار المتمدن-العدد: 2287 - 2008 / 5 / 20 - 06:55
المحور: الادب والفن
    


شارع المتنبي له مكانة كارزمية في الروح، فهو يمثل قلب بغداد العتيق وامتداد لمحلة حسن باشا وأزقتها المترعة بالذكريات. حيث النساء الجميلات واسرار البيوت الصغيرة وام احمد بائعة الكبة وعواطف صديقتي الاخيرة الهاربة نحو

الخليج وفي الجهة الاخرى سراي الحكومة القديمة ومقهى الشا بندر. حتى في سنوات الغربة والمتاهة الافريقية لم نتذكر من بغداد شيئا سوى سوق الوراقين. حيث الكتلة العصية التي تغذي جسد الثقافة العراقية استطاع هذا الشارع ورغم التغييرات التي حدثت في تاريخية المدينة بغداد وتحولاتها الرثة .. ان يحافظ على الحد الادنى من فلكلوريته وتقاليده عبر اعادة تصميم كرنفال يوم الجمعة المقدس وهنا اصبح سوق الوراقين جزءاً من النسيج الفكري لنا رغم كل المنغصات التي نعيشها مع باعة الكتب. الحدث الاكبر الذي هز ممكنات سوق الوراقين هو التفجير الارهابي يوم 5/ 3 /2007 كلحظة عاصفة في حياتي. حيث كنت هناك شاهداً على الهزيمة السيوسيولوجية للانسان امام قوة الدمار. لم اكن اعرف اي مكان تفجر او انفجر. هل هي الارض ام السماء ام عاصفة عمياء خرقت النظام الطبيعي للكون. لماذا حدث كل هذا؟ كنت في قلب العاصفة. مقذوفاً داخل حلقة فارغة الى الاعلى. شعرت اني عار. وهش. كنت جزءاً من الذبذبة الصامتة لهذا الارتكاس العنيف عبر اشباح الانفجار. كان عصف الانفجار وناره المشتعلة في اكداس الروح والكتب والبشر تتصاعد بشكل دوي … دوي. دوي.دوي حيث تحول المكان القيصرية الى مقبرة لباعة الكتب والحمالين.اسال لحد الان ماذا كان يريد هذا الانفجار/ العاصفة؟ وما هي الرسالة الخفية في ضرب نظام العالم القديم؟ هل هو تمزيق جسد الثقافة العراقية الممزق اصلا ام هو صراع الاصوليات القاتلة . حيث ان تدمير شارع المتنبي بهذا الشكل هو جزء من تدمير لنظام كامل ودخول هذه المنطقة في لعبة الطوائف والتكثيف والمركزة عبر افتعال كارثة مطلقة قريبة الى يوم القيام الالهي . ففي هذا التفجير اهتز رهاني على التاريخ. بل اهتزت شروط التحليل التي نمتلكها حيال الفتنة التي يولدها الانفعال ضد الارهاب. حيث ان شارع المتنبي ليس ملكاً للطوائف والاصوليات القاتلة وانما هو ملك للروح الخفية المقدسة للناس. روح الثقافة ضد الهذيان والشر ولكي نفهم ماذا يعني الانفجار الانتحاري ليوم 5 / 3 / 2007 علينا ان نبتعد قليلا الى ما وراء الاحتلال والخير والشر ومفاهيم الفلسفة التنويرية التي لم تجسد لحد الان قراءة تأويلية لهذا المتخيل الانتحاري؟ او تحدد طبيعة النظام الرمزي او الفريضة الشعائرية والتواطؤ بين الحياة والموت. حيث لا يمكننا قراءة هذا الحدث في ضوء نظام التبادل المعمم والصراع بين الطوائف. وانما هو الحدث الارهابي المطلق لانه استمد قوته من النزعات الشيطانية ودفع بالامور الى حدها الاقصى وخلط الدم بالغبار وكشف بؤس وحماقات الانسان العراقي. وهنا تكمن ستراتيجية الرمزية ويمثل احد احتقانات الاصولية الاسلامية ضد التنوير. واخيرا ان الانفجار الانتحاري في شارع المتنبي يمثل محاكاة متفوقة على حد تعبير أدونيس اكثر انحطاطا واكثر ايغالا في الوحشية وتمارس النبذ والتكفير والتهجير والقتل باسم الانبعاث الاسلامي انما تمثل اسطورة مطلقة وفاشية لا يمكننا الخروج منها الا بالخروج من الجماعات التي تكونت في قلب الطائفية والتعصب والانغلاق والعنصرية والطغيان وهكذا هي مسارات التاريخ فهي ليست نزهة بل هي معجزات وكوارث وحماقات.




#يوسف_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرورات التمركز في الثقافة العراقية {خطابة الهوية
- سيرورات التمركز في الثقافة العراقية
- سؤال الثقافة في الدولة الوطنية
- الرسوم الدنماركية
- تخطيطات اولية حول تأهيل الدين العقلاني
- ماركس او فخ النظام الاستشراقي
- قراءة في كتاب هوبزبوم (نحو تأسيس تاريخية نقدية)
- الاوهام المقدسة
- السرديات الاسطورية للدولة التوتاليتارية العراقية ........... ...
- الاستعارات الكبرى التمركز الاوربي ، الهوية ،الاسلامويه الاصو ...
- لاتقلع جذور القلب انها في القلب ( حلبجة )
- المخرج السينمائي العراقي جمال محمد امين : السينما أداة ثقافي ...
- فخ الخطاب الشعبوي العراقي
- في تركيب صوره هجائيه للسياب
- اختراع الشرق: وظيفة النظام الثقافي الاوربي
- قراءة على هامش كتاب الاسلام واصول الحكم ل(علي عبد الرازق)
- مقاربات اولية حول اطروحات بودريارد
- نزعة الاستشراق في حقل السينما العراقية تقدم صورة مشوه عن الا ...
- قاسم حول : نهوض القطاع السينمائي في العراق لن يتحقق الا باصل ...
- تاريخية نظام الاناقه الانثوية


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف محسن - خفة الكائن الذي يطير