أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - الرسوم الدنماركية














المزيد.....

الرسوم الدنماركية


يوسف محسن

الحوار المتمدن-العدد: 2256 - 2008 / 4 / 19 - 06:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأسئلة التي تطرح الان لا تعالج مسألة الرسوم الدنماركية وطبيعة الهيجان الإسلامي ، إنها أسئلة أقرب إلى الحقل الإعلامي، ولا تنتمي إلى الحقل السيوسيولوجي العميق الذي يعالج العقدة الملتبسة بين مجتمعات الحداثة ومجتمعات ما قبل الحداثة. وأعني هنا بمفهوم الحداثة. التنوع والاختلاف ووضع المفاهيم والمقولات والسرديات الكبرى والصغرى والشخصيات الكارزمية تحت حقل التداول النقدي شرط أن يأخذ البعد القيمي مكانة في التاريخ.
فالمسألة ككل ليست (أزمة) بين علامتي تنصيص يمكن حلها عبر توزيع عدد كبير من المصاحف أو تدريس القرآن وإنما صراع بنيات وذهنيات وقوى وتيارات سياسية وتفاوتات اقتصادية وثقافية ومجتمعات كولونيالية وإسلام تخيّلي سياسي وأصوليات وهنا تكمن جذرية المشكلة.
حين نشرت صحيفة بولاندس بوستن في 30 أيلول 2005 رسوما كاريكاتورية، خلقت هذه الرسوم دوامة من العنف وانتشارا واسعا لخطاب الكراهية ضد الغرب، وأدت إلى إدخال العالمين العربي والإسلامي في سيرورة تمركز ديني ضد الآخر، وتحريف للصراعات الحقيقية التي تدور في عالمنا المعاصر، إضافة إلى تهييج هذه المجتمعات والتلاعب بمصيرها التاريخي والجماعي (هيجان إسلامي شرس، وقف التعاملات الاقتصادية. تجميد العقود. مقاطعة البضائع الدنماركية. اقتحام السفارات. حرائق هنا وهناك. تدمير الممتلكات. القتل) كانت أغلبية هذه المظاهرات منظمه بشكل رسمي ومحمية من قبل الشرطة والأمن الوطني للدولة الاستبدادية العربية والإسلامية.
المدخل الأولي (لبحث المشكلة) يتطلب رسم الخطوط العامة للحقل الثقافي للمجتمعات الأوروبية بصدد الخطاب المقدس والزعامات الدينية الكارزمية في تاريخية هذه المجتمعات. حيث أن هذا النظام الثقافي الأوربي وضع الحقل المقدس كله في زوايا معتمة من تاريخه الحديث، نتيجة للتقدم التقني الميتا-صناعي والميراث الفلسفي والفكري الهائل، وبروز العلمانية كفضاء للحراك الاجتماعي والسياسي والفكري، ما أدى إلى الانهيارات المتتالية للخطاب المقدس وتغيير النسق المعرفي لهذه الخطابات.
وتمت أنسنة الخطاب المقدس وحذف مرجعياته المافوق - طبيعياتية ، وتحويله إلى مجال الإرث الثقافي، إضافة إلى ما تملكه فئة الانتلجستيا الأوروبية من رؤية مشوشة وغامضة عن الإسلامية المعاصرة (حيث تم تكوين صور تركيبية من خلال مجموعة من الوقائع التاريخية: "الأنظمة السياسية الاستبدادية التي تتخذ الإسلام آديولوجية سلطوية، أحداث 11 أيلول الكارثية، التهديد المستمر للوجود الأوروبي من قبل التطرف الإسلامي").
داخل هذا الفضاء الفكري والسياسي والثقافي تم بث الصور الكاريكاتيرية.أما الحقل الثقافي للمجتمعات العربية - الإسلامية فقد تم تأسيس الخطاب المقدس والزعامات الكارزمية كمفهوم هوياتي تداولي يتداخل في مجال العلوم الطبيعية والسحر والنصوص المعرفية والفلسفية وفي حقل الثقافة والمجال الأنطولوجي.
وأصبح التمركز حول المقدس في المجتمعات العربية والإسلامية جزءا من السيرورات البسيكو - اجتماعية لتشكيل الهوية الجماعية ضد الآخر/ الغرب/ أوروبا عندما تتعرض هذه الهوية لإخلالات أو رسوم أو تلاعب بالنصوص المقدسة أو تجديف تشكل هذه العمليات خرقا للهوية الجماعية وتؤدي إلى ردود فعل فورية.
نكتشف نقطة جوهرية :أن المقدس يكمن داخل فضاءات المتخيل التاريخي للجماعات البشرية وليس خارج هذا الفضاء. حيث أن الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية زعزعت الرمزاتية الدينية التي يتعلق بها ملايين المسلمين الفقراء والمهمشين والمحرومين من قبل تاريخ أعمى لا يرحم وحتى لو كان الرسام كما يقول أركون (فعل ذلك في عمل من الخيال الفني أو الأدب فان ذلك لا يغفر له. لقد حشد هذا العمل عن وعي أو غير وعي مجموعة ضخمة من القوى الراغبة في الانتقام ودخل في دوامة المصير التاريخي لهذه المجتمعات).
إضافة إلى أن هذه الهيجانات الإسلامية ذات طبيعة سياسية بحتة أكثر منها دينياً، ومن الضروري تحليل رهانات المعنى السياسي والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الأنساق الفكرية والتضخم السكاني وانهيار خطط التنمية البشرية التي تعيشها المجتمعات العربية والإسلامية. للوصول إلى العوامل الأساسية المؤدية إلى هذا الهيجان العنيف فهذه التظاهرات ليس موجهة نحو الرسوم وإنما لكون هذه الرسوم أصبحت تمثل الرأسمال الرمزي لكل الاعتداءات والإشكالات والغزوات الفكرية والعسكرية التي تعرضت لها المجتمعات العربية والإسلامية من قبل الغرب وأوربا.
يضاف إلى ذلك طبيعة الدول الوطنية في هذه المجتمعات وهي امتداد للعقلية الاستعمارية القديم التي أدت إلى البؤس والإحباط. والتفاوت الاجتماعي والقمع والاستبداد والتهميش الفاشي وتفاقم اللامساواة والفشل في ولوج عصر الحداثة والحرية والديمقراطية.
حيث أن فتوى الإمام آية الله خميني عام 1989 ضد الكاتب سلمان رشدي تمثل أول تمظهر للتصادم مع الغرب بسبب روايته (الآيات الشيطانية)، ثم جاء مقتل المخرج السينمائي ثيوفان جورج لتسليطه الضوء بقوة حول مفهوم حرية التعبير عن الرأي داخل المجتمعات الأوروبية.
وكان من الضروري أن يطرح الغرب والمجتمعات الأوروبية مناقشات جادة حول مشروعية التسفيه الفج والعنيف لثقافة الآخر ودين الآخر.



#يوسف_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخطيطات اولية حول تأهيل الدين العقلاني
- ماركس او فخ النظام الاستشراقي
- قراءة في كتاب هوبزبوم (نحو تأسيس تاريخية نقدية)
- الاوهام المقدسة
- السرديات الاسطورية للدولة التوتاليتارية العراقية ........... ...
- الاستعارات الكبرى التمركز الاوربي ، الهوية ،الاسلامويه الاصو ...
- لاتقلع جذور القلب انها في القلب ( حلبجة )
- المخرج السينمائي العراقي جمال محمد امين : السينما أداة ثقافي ...
- فخ الخطاب الشعبوي العراقي
- في تركيب صوره هجائيه للسياب
- اختراع الشرق: وظيفة النظام الثقافي الاوربي
- قراءة على هامش كتاب الاسلام واصول الحكم ل(علي عبد الرازق)
- مقاربات اولية حول اطروحات بودريارد
- نزعة الاستشراق في حقل السينما العراقية تقدم صورة مشوه عن الا ...
- قاسم حول : نهوض القطاع السينمائي في العراق لن يتحقق الا باصل ...
- تاريخية نظام الاناقه الانثوية
- اسهام في اعادة تركيب تاريخ النسق المحرم
- العنف التطهيري او انتصار الوحشية العراقية
- حوار مهم مع البروفسور ميثم الجنابي انهيار النظام التوتاليتار ...
- ملاحظات تمهيدية حول الظاهرة الدينية في العراق


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - الرسوم الدنماركية