أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - لا تَبكِ.. وأنتَ في غزة !














المزيد.....

لا تَبكِ.. وأنتَ في غزة !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2273 - 2008 / 5 / 6 - 10:40
المحور: كتابات ساخرة
    


لا تبكِ عندما تقرأ خبرا منشورا في كل وسائل الإعلام الفلسطينية ، يقول الخبر :
وافقت إسرائيل على منح عشرة آلاف فلسطيني مقيمين في الضفة وغزة بصورة غير قانونية ! وافقت على منحهم بطاقات هوية (فلسطينية) !
ليس الغريب في الخبر أن يتناقله الإعلام الفلسطيني كخبر رئيس ، ولكن الغريب فيه ما يتضمنه من معانٍ ومدلولات.
فإعلام إسرائيل أعلن وسوَّقَ للعالم كله منذ أكثر من ثلاث سنوات أنه انسحب من غزة ولا علاقة له بها من قريب أو بعيد ! وهذه بدهية تنفي مسؤوليته عن غزة كما يدّعي ،مع التأكيد على بقاء سكان غزة أسرى المعابر والحواجز والحدود المغلقة ، والتي لا يتمكن أي فلسطيني من مغادرتها ، أو السفر إلى الخارج حتى للظروف القاهرة .
كما أن المشمولين (بالمكرُمة) الإسرائيلية ، هم فلسطينيون دخلوا غزة والضفة بموافقة إسرائيلية وبتصاريح إسرائيلية ، بعد أن دفعوا الرسوم المخصصة للحكومة الإسرائيلية أيضا ، وختمت تصاريحهم وجوازات سفرهم بالإختام الإسرائيلية ، وهم يعيشون اليوم في وسط أسرهم وعائلاتهم ، فهناك بعض أفراد الأسرة الواحدة يملكون هويات فلسطينية تعترف بها إسرائيل ، وإخوتهم لا يملكون الهويات ، لأن إسرائيل ترفض منحهم الهويات ، وهم يعيشون أحرارا يُرزقون ، في ظلّ حكومتين سياديتين فلسطينيتين مستقلتين ، واحدة شرعية للطواريء والأخرى مُقالة ومُقلصة ، وليس حكومة واحدة كحال العالم !
كما أن إسرائيل صاحبة المكارم والأفضال ، وافقتْ بجهد المفاوضين الأشاوس ، على منح أبنائنا وإخوتنا وأهلنا الهويات (الفلسطينية ) وليست الهويات الإسرائيلية ، ليشعروا بالفرحة ، وهم يعيشون في السجن !
ومعروف بأن إسرائيل من أبرع الدول في العالم التي يمكنها أن تسلب الحريات ، ثم تمنحها بالتقسيط كهبات ومنح وهدايا ، فتصبحُ مالكةً لعدة ملفات ، وأبرز هذه الملفات، ملف الأسرى ، ففي كل ليلة تختطف إسرائيل عشرات الأبرياء من بيوتهم ، وتدّخرهم في مخزونها الكبير من الأسرى والمعتقلين ، باعتبارهم رهائن ، يُستبدلون بالتنازلات ، وتزفُّ إسرائيلُ البشائر حين إطلاق سراح عدد من هؤلاء الأبرياء كدليل على حسن نوايا إسرائيل ، أو منحة من المنح الإسرائيلية المتعددة!
ابكِ فأنتَ في غزة !
وهذا الإنجاز الرائع البديع يتزامن مع إنجاز آخر لا يقلُّ عنه روعةً ! وهو افتخار بعض المسؤولين الكبار بقطع رواتب الموظفين الصغار ، بحجة تصحيح المسار، لجعل ميزانية فلسطين تكفي لأبناء فلسطين ، أي أن دخلنا من بترولنا ومعادننا ، ومنتجاتنا الألكترونية الفلسطينية من وادي السيلكون في غزة ومن مناجم الخليل ، ومن المصانع التحويلية في طوباس ومن مناجم الفوسفات في أريحا ، سوف يحقق لنا في بداية العام القادم الاكتفاء الذاتي ، بحيث نستغني بالناتج الوطني ، عن الدعم الخارجي !
ومن هذا المنطلق اعتاد أحدُ المسؤولين الكبار أن يشرح الأمر ويوضحه قائلا :
تمكنا في وقت وجيز من (توفير) آلاف الوظائف من ميزانية شعبنا !!
وهذا المسؤول يظنُّ بأن الخبر السابق يدخل في إطار (البُشرى) ، ولم يفطن المسؤول الذكي أن الخبر السابق هو (تعزية) وتعذيب مقصود ومتعمد في قطع رواتب وأرزاق عشرات الأسر ممن يبكون ويتألمون من تلك البُشرى !
مع العلم بأن مرتب وميزانيات هذا المسؤول تعادل بالضبط رواتب أكثر من خمسين موظفا بسيطا ، هذا غير ظلال راتبه وفواتير المصروفات والنثريات والسفريات وكل ما هو آتٍ آت والتي هي دائما أعلى من الراتب بكثير !
ابكِ فأنتَ في غزة !
عندما تمرُّ بجوار حديقة عامة ، فإنك ترى ظاهرة جديدة ، وهي أنك ترى مجموعات كثيرة من الشباب وطلاب المدارس والجامعات وهم يتحلقون حول أوراق اللعب ، في وسط النهار ، يلعبون الورق ، وغير بعيد عنهم كتبهم ومحاضراتهم التي يلاعبها الهواء فتتطاير من حولهم وهم يبتسمون لعبث الهواء بها ، فقد استغنوا عنها بلعب الورق !
ولك أن تبكي ما شاء لك البكاء ، عندما تجد الحياةَ في غزة قد غادرتها الحياة . فأنتَ لا تجد في غزة كتابا ثقافيا جديدا يُقرأ ، بعد أن تحولتْ كل المكتبات إلى دكاكين قرطاسية ، وأصبحتْ معظم الجمعيات والمؤسسات فخا لصيد الدعم الخارجي للأقارب والأصدقاء ، وحين لاتجد حفلة ترفيهية ، أو مسرحية أو فيلما ،وحين ترى المنتديات الرياضية في غزة خاويةٌ على عروشها ، في ظلّ هذه البطالة الشاملة ، والفراغ الواسع الانتشار بين كل قطاعات الشعب ، فقد أصبح النهارُ للنوم عند موظفي الحكومة الشرعية والليل للسهر على المسلسلات والأفلام ، بعد أن أصبح معظم أهل غزة المحاصرين من كل فج وصوب يعتادون الكسل وانتظار المرتبات الشهرية ثلاثة أيام في الشهر يعيشونها في النهار فقط !

ابك فأنت في غزة
ابكِ بحرقةٍ ومرارة وألم حين تشاهد (أكرم) الطفل الصغير الذي لم يتجاوز التاسعة من عمره ، وهو يقف في سوق غزة الكبيرة ، يبيع مصائد الفئران التي يصنعها بيديه من قطع الخشب والسلك ، ولما سألته قال:
لم نعد نملك في بيتنا ما يكفي ، بعد أن قُطع راتب والدي ، واستشهد أخي الكبير ، فآثرت جمع الخشب والحديد ، وأتقنتُ صناعة مصائد الفئران.
وقال وهو يبتسم :
فأنا أبيعها لكي أعيش ، وأساهم في تنظيف بلدي أيضا .
ولما سألته عن الدراسة قال :
يكفي أنني درست حتى الصف الرابع ، فأخي الصغير لم يتمكن من تسجيل اسمه في الصف الأول لأن والدي لا يملك حتى أن يشتري له حذاء ، إن وجدت الأحذية في غزة !






#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارتر وهيلاري كلينتون وأوباما !
- الزمن في قصيدة محمود درويش (قافية من أجل المعلقات)
- أوقفوا هذا العبث في غزة !
- سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من ...
- جمعية المختصرين !
- مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
- هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
- موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
- غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
- في وصف إسرائيل !
- لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
- هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
- مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
- العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
- إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
- باراك أوباما....وعشق إسرائيل !
- ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة
- بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - لا تَبكِ.. وأنتَ في غزة !