أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !















المزيد.....

موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2230 - 2008 / 3 / 24 - 11:11
المحور: كتابات ساخرة
    


فسّر صديقٌ إقبال الفلسطينيين على شراء كل مخزونات مصر الاستراتيجية من الدراجات النارية، عندما هدمنا الحدود في رفح ، بأنه دليلٌ على ثرائنا، وأننا نملك مخزوناتٍ كبيرة من الأموال!
وعارضَ آخرُ القول الأول مفسِّرا ولع الفلسطينيين باقتناء الموتوسيكلات، بأنه دليلٌ على الفقر، فهو تعويضٌ عن عدم القدرة على شراء السيارات، فأكثر المشترين استادنوا، أو باعوا حاجاتهم الضرورية !
وفسّرَ ثالثٌ الأمر، بأنه أحد نواتج ( الهلع) واتبَّاع الجمهور، بلا فكر أو عقل، فالمرء في لحظات الهلع، كما حدث بعد تدمير الحدود بين الرفحين، لا يستخدم عقله، بل ينصاعُ للجمهورالذي كان يسأل المارَّة في شوارع العريش عن محلات بيع الموتوسيكلات، فيوقفُ فكره وعقله ويشتري ما يكثرُ عليه الزحام!
وفسّر آخر بأن شراء الموتسيكل تجارةٌ رابحة، لمن يرغب في أن يزيد من دخله !
ليست التفسيرات السابقة، سوى تفسيرات قشرية، تنظرُ للأمر نظرة المتعجل،
والتفسير الحقيقي والصحيح هو أن الشعب الفلسطيني كله من أكثر شعوب الأرض توقا للحرية، بل لعله الوحيد في الألفية الثالثة الذي لم يذُقْ بعد الحد الأدنى من الحرية، كما أن أكثر الأجيال بحثا عن الحرية، هم بلا أدنى شك جيل الشباب الفلسطينيون!
أما عن كيفية حصول الشبابُ على حريتهم التعويضية بالموتسيكلات، فالأمر جِدُّ بسيط، إذ أن ركوب الدراجات النارية، يشبه الطيران، هروبا من الواقع المرير، واقع السجن والإغلاق والقهر!
ومن المعروف في علم النفس أن معالجة الاكتئاب والانعزال والشعور بالمرارة والقهر والظلم ، وحتى محاولات الهروب من الواقع بالانتحار، تتم بواسطة تعليم المكتئب القفز بالمظلات، وتعليمه الصعود والهبوط من المرتفعات الشاهقة، وهناك ألعاب بواسطة الحبال ، تستخدم النظرية نفسها لعلاج كل أمراض الإحباط والتشاؤم!
ومن يتابع مثلي راكبي الدراجات النارية في غزة هاشم، يشاهد كيف يكون راكبو الدراجات النارية منتشين كالطواويس، ليس بشعرهم المدعوم بالجل والذي يتحدون به هواء الطيران، وليس لألبسة الصيف في عز الشتاء، يتحدَّون بها البرد والصقيع، وليس بإخوتهم الذين يردفونهم وراءهم كالنعوش المتحركة؛ بل بقدرتهم على هزيمة الماشين على أرجلهم، وهزيمة راكبي السيارات الفارهة، عندما يضغطون على دواسة الوقود، فهم لا يسيرون، بل يُحلِّقون في أجواء ( أوتوسترادات )غزة، حتى ولو كان الثمن حياتهم
لم يلتفت أحدٌ أبدا إلى ظاهرة الموتوسيكلات الغزية، حتى قبل الهجوم الشعبي الكبيرعلى مدن سيناء، ولم يسجّل أحدٌ ظاهرة تأجير الموتوسيكلات في الحدائق والمناطق الواسعة، فقد كان من يملك موتسيكلا واحدا، يربح نصف ثمنه في أيام العيد بتأجيره إلى صغار السن ليدوروا حول أنفسهم دورات معدودة، أو ليقنعوا أنفسهم بأنهم طاروا وغادروا المكان ، إلى أحلامهم ! فحلم الشباب بامتلاك موتوسيكل ظل مخبوءا إلى أن حانت الفرصة!
هكذا هو جيل الشباب الفلسطيني، الذي تمكن الاحتلال من أسرهم في مربع الموت في غزة طوال سنوات عديدة، فهم يبحثون عن الحد الأدنى من الحرية، فلا يعثرون عليها، فشبابنا الفلسطينيون مقموعون في البيت، وفي المدرسة، وفي الشارع أيضا !
ففي البيوت ضائقةٌ سكانية، فقليلون يحصلون على غرفةٌ خاصةٍ بهم، في زمنٍ أصبحت الغرفة الخاصة للشاب أساسا من أسس التربية الصحيحة، وقد حاولت أن أعثر على إحصائية تشير إلى نسبة الشباب الفلسطينين ممن يعيشون في غرفة خاصة بهم في منازلهم، فلم أعثر على مثل هذه الدراسة، او البحث المحكم !
وما تزال صورة أسرةٍ في أحد المخيمات الغزية تعمر ذاكرتي، عندما أصر أبُ على أن أشاهد بنفسي، كيف تحيا أسرةٌ فلسطينية مكونة من تسعة، سبعة أبناء مع الأب والأم، في بيت مكون من غرفتين صغيرتين وممر ضيّق ينام فيهما سبعةُ الأبناء، منهم خمسة بنات وولدان، وزاوية صغيرة تتسع لمرور فرد واحد ،بها الموقد فهي مطبخهم ، وزاوية أخرى أقل منها هي دورة المياه لكل أفراد الأسرة، وقال لي يومها :
يُضطر ابني في أيام الامتحانات إلى الذهاب للمسجد المجاور لدخول الحمّام!
أضف إلى ما سبق ما يتعرض له شبابنا من قمع فكري وجسدي ونفسي في المدارس والمؤسسات التعليمية، بفعل تفشي ظواهر العنف بمختلف أشكاله في المدارس، وعدم وجود أية وسيلة ترويح في مدارسنا ، بالإضافة إلى المناهج المدرسية، التي تبعث على الغم والهم ، وتقوم على الاستظهار والحفظ؛ ولا يجب أن ننسى إكمال الدائرة، فنذكِّرُ بالقمع والمطاردة، التي يتعرض لها شبابنا في الشوارع والساحات والحدائق، فإن ابتسموا أو ضحكوا أو غنوا أو رقصوا لعنهم الكبار لتهورهم، وإن نظروا إلى البنات، نظراتٍ بريئة طاردتهم عيون الكبار وجرَّمتهم، وحتى إن لعبوا الكرة في الشوارع، لعدم وجود ملعبٍ، لعنهم سائقو السيارات والعربات، وإذا حاولوا أن يعبروا عن أنفسهم حتى برفع الرايات والإعلام، فهم أيضا مطاردون!
شبابٌ هذا حالهم، فكيف لا يعشقون ركوب الهواء على ظهر (طائرة) رخيصة الثمن، حتى ولو كان في ركوبهم هلاكُهُم !!
وإكمالا لهذه الدائرة، فإن الفلسطينيين كلهم، حتى كبار السن منهم، يمشون وهم يحسون بنقص شديد في أكسجين الحرية، فبعض القادرين يشترون السيارات رباعية الدفع، ليحسوا بأنها ملائمة تماما لطبيعة قطاع غزة( الجبلية) ! ليتمكنوا بهذا السيارات القوية من اجتياز جبال أطلس غزة، ومنحدرات هملايا غزة، وأنهار ووديان وشواطيء محيطات غزة، إنهم ببساطة يرغبون في ممارسة الحرية الممنوعة، بإقناع أنفسهم، أنهم يعيشون في (قارَّة) غزة التي تبلغ مساحتها الكلية 367 كيلومتر مربع، فالسجناء دائما يخرجون من سجنهم نفسيا بتضخيم واقعهم! "فعاشت قارة غزة حرة أبية" !!
ولا يجب أن ننسى أيضا إنطلاقا من حاجتنا إلى الحرية الممنوعة عندنا ، كيف أننا عندما أسسنا السلطة، قمنا أولا بتقسيم (قارة غزة) إلى خمس محافظات بالتمام والكمال لنجعلها وطنا مكتملا، حتى أن الاتصالات الهاتفية كانت بين كل محافظة وأخرى تُحسب كمكالمة خارجية، قبل أن نعود إلى رشدنا !
وحتى نكمل دائرة الحرية والتحرر والانعتاق، شكلنا وزارات بحجم وزارات أكبر دول العالم، ولضخامة حجم المسؤوليات الوطنية، ولعدم قدرتنا على إشباع الشبق الفلسطيني من الوزراء، عينَّا وزراء بلا وزارات، على الرغم من أننا شعبٌ ما يزال يرزحُ تحت الاحتلال، وها نحن اليوم نعيش في ظل حكومتين لا حكومة واحدة، إكمالا لشبقنا للحرية !
فلنرفع الشعارات التالية:
موتسيكل لكل شاب بلغ العاشرة من عمره ...سيارة جيب رباعية الدفع لكل رجل بلغ الأربعين...حكومة لكل مدينة فلسطينية ...ووزارة لكل قرية فلسطينية !



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
- في وصف إسرائيل !
- لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
- هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
- مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
- العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
- إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
- باراك أوباما....وعشق إسرائيل !
- ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة
- بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
- من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
- قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!
- الإعلاميون العرب والتسلية على أسماء الشخصيات الأجنبية !
- الإعلام ...لواء مدرع في سلاح الشركات متعدية الجنسيات !
- الإعلام العربي ... كلام حتى الموت !
- هل ستصبح غزة تحت وصاية حلف الناتو ؟!
- إعلان براءة إيهود أولمرت بعد لاءاته الثلاثة !
- الحوار المتمدن نافذة لأكسجين الحريات


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !