قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!

توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2140 - 2007 / 12 / 25 - 10:17
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    

لقد استغرقني موضوعٌ خطيرٌ في مجتمعاتنا العربية وهو جريمة قتل النساء بادّعاء المحافظة على شرف الأسرة والعشيرة والقبيلة !
من المسؤول عن تفشي هذه الظاهرة في مجتمعاتنا العربية ، وعلام يدلُّ ذلك ؟
قال قاسم أمين في كتابه تحرير المرأة حكمة أظلُّ أرددها دائما وهي :
" عندما يستبد الحكام بالرجال، فإن الرجال يستبدون بالنساء "
إنها حلقةٌ خطيرة تؤشر على الاستبداد وانعدام الديموقراطية في المجتمعات العربية ، ولعلي لا أكون مخطئا حين أقول بأن ما يحدث للمرأة في مجتمعاتنا العربية ليس مصادفة ولكنه أمر مقصود لإبقاء العرب عوالق يتغذون على جسد العالم، لا ينتجون سوى الجهالات والتخلف المقيت .
نعم إن مقياس التقدم والرفعة والتحضر والمستقبلية مرهونٌ بحالة النساء في المجتمع ، فإذا كانت النساء مقهوراتٍ ، فإن ذلك يدلُّ دلالة حقيقية على تخلف الأمة وقلة شأنها ، والعكس صحيحٌ تماما ،فإذا كانت النساءُ يتمتعن بحقوقهن ، فإن المجتمع يسير نحو النهوض والرفعة .
إن كل الذين يجعلون جسد المرأة عارا يُخل بشرف القبيلة، بينما يعتبرون عار الرجال شرفا ورفعة ، يعيشون بأجسادهم فقط في الألفية الثالثة بينما عقولهم تنتمي إلى عصر الجهالات والظلام .
فالدين بريء من قتل النساء بادعاء الإخلال بشرف الأسرة والعشيرة والقبيلة ، وعلى كل الذين يُحاجون في الأمر عليهم أن يقرؤوا الدين والتاريخ ليعرفوا حكمة وعقوبة الزاني والزانية ، وأن تهمة الزنى لا تثبت إلا بشروط معجزة معروفة، وأن الخليفة عمر بن الخطاب جلد شهود الزنى ممن لم يستطيعوا إثبات حادثة زنى المغيرة بن شعبة والي الكوفة ، عندما اتهم بها !
أليست هذه الواقعة دليلا على أن الإسلام قد أثبت رسالة سامية تقول : من يتهم مسلما بلا قرينة ، فهو المتهم والمُذنب !
عجيبٌ أمر الذكر العربي، يُمجِّد أُمَّهُ، لأنها ولدته ، ثم يقتل أخته إذا أسرّ شخصٌ في أذنه فِرية عنها ؟
والأعجبُ أن قتل النساء بادعاء جرائم الشرف في بعض الأقطار العربية يعتبر عملا بطوليا، حتى أن بعض المسؤولين عن القضاء والسجون لا يعتقلون القاتل ، وإذا اعتقلوه ،فإنهم يفكون أسره بعد أيام قليلة مساهمة منهم في جريمة القتل.
فيخرج المجرم بطلا، ليقتدي به كل الأطفال الذكور، لأنه رفع بجريمته رأس أسرته عاليا !!
والعجيبُ أيضا أن الإعلام في المجتمعات العربية التي تعاني من مرض [ الرجولة] يغض الطرف عن جرائم قتل النساء خوفا من الانتقام، وانصياعا إلى التقاليد العربية التي لا تجعل من قتل النساء جريمة وعارا ، بل تعتبر القتل شرفا وفخارا !!
فقد حاولتُ أن أتتبع كثيرا من أخبار قتل النساء بادعاء جرائم الشرف في الصحف المكتوبة فوجدتُ بأن معظمها يُكتب بأقلام مرتعشة وحروف مرتجفة ، فعندما يذكرون الواقعة يقولون : " وجدت جثة ن...س... ع ملقاة في أحد الزوايا وعليها علامات الطعن بسكين حاد !!
أو قام المدعو ص...ك بتسليم نفسه للشرطة بعد أن شنق أخته البالغة من العمر ستة عشر عاما .... وهكذا !!
ولعلي لا أكون مبالغا إذا قلت بأن منظمات الحقوق ومؤسسات الدعم وجمعيات المستضعفين وما أكثرها لا تبذل الحد الأدنى من جهودها في هذا المجال ، وما يزال هذا الموضوع في العالم العربي موضوعا شائكا يحتاج إلى جهودٍ واعية تبدأ بالتوعية الشاملة بواسطة البرامج والفنون والزيارات الأسرية والبرامج التربوية ، بحيث تخصص الدول المنكوبة بقتل النساء بتهمة الإخلال بشرف الأسرة شهرا في كل سنة للتوعية بمخاطر هذه الجريمة البشعة، مع تنفيذ العقوبة القانونية في كل من يقتل حتى ولو كان القاتل والقتيلة من أسرة واحدة !
غير أن ما تفعله معظم الجمعيات غير الحكومية لا يعدو عن كونه مشروعا من مشروعات الدعم التي تجلب المال إلى الجيوب ، فيعقدون الندوات المخملية في الفنادق الفخمة ويتناولون الوجبات الدسمة ويقدمون أوراقا لا تستحق أن تُذكر ، ويستضيفون زبانيتهم ومقربيهم ويكررون ما قالوه منذ سنوات طويلة ، وينتهي الاحتفال والندوة وورشة العمل كما بدأت .
وينسى جميعُ المشاركين أن أوراق العمل والتعقيبات والمداخلات كان يجب أن تقال أمام الجمهور المنكوب بجرائم قتل النساء بادعاء المس بشرف العائلة والقبيلة .

#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل