أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - عولمة ... شهر رمضان !!















المزيد.....

عولمة ... شهر رمضان !!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 12:15
المحور: كتابات ساخرة
    


لو كنتُ رئيس منظمة التجارة العالمية لفرضتُ على العالم كله صيام شهر رمضان العظيم وذلك لأن هذا الشهر الفضيل يعادل ثلاثة أشهر أو أكثر في حجم استهلاك الصائمين للبضائع ومنتجات الطعام ، ففي هذا الشهر الفضيل تتوسع الشهوات وتتعدد الوجبات وتتجدد الرغبات وتتنوع الطلبات والحجة دائما مقبولة: " هذا الشهر هو شهر الخير والبركات " كما أن آخر هذا الشهر عيدٌ يحتاج إلى ثياب جديدة وأثاث جديد !
قال لي أحدهم وهو بالمناسبة صادق غير مبالغ :
تخيَّل فقد قضى الشهر الكريم على مدخراتي في شهرين سابقين ، وأرجو أن ينتهي هذا الشهر وأنا غير مدين بشهر آخر !
هل يعقل أن يُحول الناسُ شهرَ الصوم ، شهر الاقتصاد والتوفير ، إلى شهر الإسراف والتبذير ؟
وهل يعقل أن استغناءنا عن وجبة واحدة فقط في اليوم يعني أن نأكل في بقية اليوم عدة وجبات إضافية ؟!
وهل يُعقل أن نحول الشهر الفضيل من شهر إحسانٍ إلى الفقراء ، إلى موائد للمباهاة والرياء ؟
وهل يُعقل أن تتضاعف قمامتنا في هذا الشهر الفضيل إلى أضعاف قمامتنا في الأشهر الأخرى ؟
ولنا أن نتساءل :
من حوّل الغاية الرائعة من الصيام وهي الصبر والاحتمال والإحساس بالجوع والعطش وتذكر المحرومين والمعوزين وحتى ذكرى إنزال القرآن فيه ، من حولها إلى انتظار وترقب لانقضاء الوقت حتى (ننقض) على الطعام ؟
ثم من حول الشهر الكريم إلى احتكار تجاري يصب في جيب منظمة التجارة العالمية ربحا خالصا لها ؟
أيكون السبب راجعا إلى [ عاداتنا وتقاليدنا ] أم أن الأمر يتعدى ذلك إلى داء يصيب الدين النقي ، فيقضي على معانيه السامية ويُبقى (رتوشه) الخارجية فقط ، أم أن عصر العولمة حول رمضان من حكمة إلى شعار ؟
فقد طغتُ (المظاهر الخارجية) على (جوهر) الدين ، فظهرت طائفةٌ من محتكري الدين ، يفسرونه كما يرغبون ، ويأخذون منه ما يوافقهم ( ويُـعَمُّون) على مبادئه السامية !
فصار شائعا أن نرى بأن بعض (سنن) الدين حلت محل (الفروض) فأصبحت صلاة التراويح عند كثيرين أولى وأحق من فرض صلاة العشاء ، وأصبحت التمتمات العلنية أمام الأصدقاء أولى من العمل بما يقتضيه الدين ، فلا غرابة حين نرى شيخا إماما يؤم المصلين ، وهو يؤذي جيرانه ولا يحاسب أبناءه على ما يفعلونه في حقهم ! وليس عجيبا حين نرى بعض المصلين من التجار يخرجون بعد الصلاة مباشرة يبيعون البضائع بأضعاف ثمنها !
وتحول شهر الصيام إلى موسم واحتفال بعيد كل البعد عن معناه ومغزاه !!
وكما فعلتْ الأمم الأخرى نفعل نحن اليوم فقد كان يهود بولندا يقولون : بدون سمك لا يأتي يوم السبت لأنهم ربطوا يوم السبت بوجبة السمك !
وها هم المسلمون يقولون :
بلا حشوة القطايف التي تحتكرها منظمة التجارة العالمية لا يكون رمضان ، وبلا زلابية وحريرة ودجاج وتمر وكنافة لا يكون الصيام أيضا ! أما السحور فلا يكون أبدا بلا قمر الدين !
كثيرون لا يعرفون بأن الصائمين ومعهم أئمتهم في فلسطين يفطرون أروع إفطار من بقايا إنتاج المستوطنات الإسرائيلية التي لا تصدرها إسرائيل لأنها درجة ثالثة ، فهم يفطرون على تمور المجهول وألبان تنوفا وأجبان كنيرت ومربيات وعسل يد مرخاي ودبس الجليل ، ويتلذذون على موز جسر يعقوب وتفاح الجولان ومانجوالرملة وحولون ثم يغسلون أفواههم المملوءة بالطعام بصابون نيكا سبعة ، ويورحام وسوفتي الإسرائيلية !
كان حريا بمسلمي فلسطين أن يجعلوا هذا الشهر شهر اقتصاد وامتناع عن استهلاك منتجات المستوطنات على الأقل تقربا إلى الله ، وكان حريا بهم أن يجعلوه أروع الشهور حين يخصصونه للتضامن مع الأسرى والمعتقلين ، يفطرون طوال الشهر معهم إفطارا بسيطا ، فذلك خيرٌ من عشرات البيانات والاعتصامات ، وعشرات التصريحات الصحفية والمقابلات التلفزيونية ، ومئات الخطب الرنانة في المساجد والمهرجانات!
ولم يتمكن الصائمون المسلمون من نحت تقليدٍ جديد يخلد هذا الشهر ويجعل الأمم الأخرى تقتدي بالمسلمين!
فلم يتمكن الصائمون من (الصيام) عن قتل الأبرياء بالمتفجرات والسيارات المفخخة في العراق الجريح وتجريم قتل الأبرياء في لبنان والسودان والصومال وغيرها !
ولم يتمكن الفقهاء المسلمون المعتدلون(الصائمون) من التصدي لمن يقولون:
دعني أدخل فيه الجنة!!
ليعلنوا للملأ : إن قاتل الأبرياء في النار وليس في الجنة !
ونسي كثيرٌ من المتفيهقين المغرِّرين والمُغرَّرين أو تناسوا أن يعيدوا للدين سلامه ، فالإسلام من السلام وأحاديثه التي تحض على المحبة والوئام حتى على الحيوانات البرئية والأشجار ... فهم يتجاهلون قول الرسول :
دخلتْ امرأةٌ النار في هرة حبستها فلم تطعمها من خشاش الأرض "
ويقول : " من قطع سدرةً في فلاةٍ يستظلُّ بها ابن السبيل والبهائمُ عبثا صوَّب اللهُ رأسه في النار"
وهو يقول : "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقا على الله أن يعقده بعظم من النار يوم القيامة رواه أحمد"
"من باع عيبا (في البضاعة) لم يبينه لم يزل في مقت الله ، ولم تزل الملائكة تلعنه رواه ابن ماجه"
" لا يبع بعضكم على بيع بعض" رواه مسلم
تُرى من المسؤول عن تغييب هذه الأحاديث عن المسلمين ؟
أيكون المسؤول عن ذلك ؛ بعض الشيوخ والأئمة المنتفعين من التجار وأصحاب المال ؟
أم أن المسؤول عن ذلك هم طائفةٌ من التجار المحسنين ممن يبنون المساجد ويجرون المرتبات الشهرية علي أئمتها ، فيخافون من التعريض بتجاراتهم ؟
أليس هذا هو الإسلام دينُ الرحمة والتراحم بين المسلم والمسلم ، وبين المسلم وأخيه غير المسلم ، وليس دين المفخخات والمتفجرات والتكفير وتوليد الأحقاد وتدريب الأطفال والأبناء على قتل البرياء ؟!!!
ولم يستطع مفكرو الإسلام من جعل شهر رمضان رمزا للتآخي بين كل الأديان والمعتقدات ، ولم يتمكن هؤلاء من إقناع الصائمين وغيرهم بحقيقة كبرى وحكمة جُلَّى؛ وهي أن شهر رمضان الذي يأتي تارة في الصيف وتارة أخرى في الربيع ، وطورا ثالثا في الشتاء لنجربه في كل أحواله ، إن هو إلا دليل على أن الله سبحانه يريدنا أن نتجدد ونتعدد ونتشابك ونتشارك ، فلسنا سوى فسيفساء خلقها الله لنعمر هذا الكون الكبير!
وما دام الأمر كذلك فالتعدد في الأديان والمعتقدات حكمةٌ من حكم الخالق ، والتعدد في الفرق والطوائف والأشكال والألوان حكمة جُعلتْ لجمال هذا الكون ورفعة ساكنيه .
إذن فكل من يعتدي على هذه الفسيفساء التي خلقها الله ، هو معتدٍ على المولى جلّ وعلا .
هكذا إذن ؛ فرمضان حكمة وموعظة واعتبار ، وليس شهرا لملء البطون في الليل والنوم في النهار ولم يفرضه الله لإنعاش منظمة التجارة العالمية، المنظمة التي يسميها فقهاء التجهيل منظمة [ الفسوق والفجور والعصيان ] !!!!





#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب والألعاب الأولمبية !!
- جماهيرية غزة العظمى!
- جماهيرية غزة العظمى !
- مجالس [ نتف الريش] !
- البحث عن غريب في رواية ( أزمنة بيضاء) لغريب عسقلاني
- مخاطر احتكار الإعلام
- إقصاء الشاعر معين بسيسو عن غزة !
- اللغز!!
- اللغز !
- من طرائف أمة العرب
- التنوير عند أحمد أمين !
- تفخيخ العقول بمتفجرات الجهالات !
- هل يمكن تنفيذ برنامج الكاميرا الخفية في فلسطين ؟
- الحرب (المائية) الثالثة !
- الحرب (المائية) الثالثة !!
- كتيبة المليارديرات في إسرائيل
- اغترب تصبح ثريا أو عبقريا
- اغترب تصبح ثريَّا أو عبقريا
- عصر الانتداب التجاري
- هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - عولمة ... شهر رمضان !!