أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - عصر الانتداب التجاري















المزيد.....

عصر الانتداب التجاري


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 1981 - 2007 / 7 / 19 - 05:35
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لم يقتنع جليسي عندما قلت له : إن الشركات ( المتعدية الجنسيات ) هي التي تحكمنا جميعا ، وهي –فقط-التي تفرض علينا [ الانتداب التجاري ] لأن جليسي لم يقرأ التاريخ ، مثل أمم كثيرة ، لم تكلف نفسها إعادة قراءة التاريخ ! فذكرت له بعض الأمثلة :
قلت له : هل تصدق بأن [ شركة الهند الشرقية ] التابعة لبريطانيا العظمى ، هزمت الصين عام 1840 وفرضت عليها معاهدة عجيبة تقضي بأن تسمح الصين بتهريب [ الأفيون ] ، نعم الأفيون من الهند حيث يُزرع ، إلى الصين حيث يُباع .. وقد سميت تلك الحرب ( بحرب الأفيون ) فهل تصدق ؟!
وهل تصدق أيضا بأن بريطانيا العظمى ، التي كانت سيدة الكون ، والتي تمثل الشركات المتعدية الجنسيات في ذلك الوقت فرضت على الباب العالي العثماني عام 1838 اتفاقية ( بالطاليمان ) التي تنص على إلغاء جميع الاحتكارات التجارية الحكومية في أرض السلطنة ، [ ويسمى ذلك في عصرنا بالخصخصة ] وبخاصة في مصر ، ردّا على سياسة محمد علي ، التي قامت على الإصلاح الزراعي ، واحتكار صناعة الحرير وتجارته في بلاد الشام ، واحتكار الملاحة في نهر الفرات !
وصرخ محمد علي يومها قائلا – بعد أن أدرك سطوة الانتداب التجاري الجديد - : "أعرف بأن بريطانيا قادرة على سحقي ، فأنى توجهت ، أجدْها تفشل خططي " .
وفي عام 1875 أفلس الباب العالي العثماني .. وأوعزت شركات الانتداب إلى حكوماتها بإنشاء ( إدارة) للدين العثماني ، تتكون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا ..وفاز البنك البريطاني بهذه ( المقاولة) وحصل على امتياز إصدار "العملة التركية " وليس ما حدث في ذلك العصر بعيدا عما يحدث اليوم من تجميد الأرصدة للحكومات والاحزاب في البنوك الكبرى
وبعد سنوات قليلة أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية اليابان ، وبالتحديد عام 1854 على توقيع اتفاقية [ كاناجوا]
التي نصّت على فتح جميع الموانئ اليابانية أمام التجارة الأمريكية .. وأعقب ذلك اتفاقيات مشابهة لفتح اليابان أمام التجارة الفرنسية والإنجليزية والبروسية ، أي خضوع اليابان للانتداب التجاري !
وفي تاريخنا المعاصر تعدّد هذا الانتداب التجاري ، وتزاوج ، وتلاقحَ وتوالد وتعدّد وتجدّد …. وتباعد
ففي عام 1954 دخلت أمريكا "غواتيمالا " لسبب تافه من وجهة نظرنا ، ولكنه سبب رئيس من أسباب الانتداب التجاري ، وكان السبب حماية شركات الموز الأمريكية ، أو المتأمركة !
وفي عهد الرئيس كندي وبالتحديد عام 1961 م دخلت أمريكا " خليج الخنازير ، بالتعاون مع العميل " باتيستا " وكان شعار التدخل [ الزائف ] طبعا ، هو حماية الديموقراطية ، والحقيقة كانت ؛ فرض الانتداب التجاري
ولا يجب أن ننسي حرب [ قناة السويس ] عام 1956 ، والتي قادتها شركات الانتداب التجارية أيضا
وما حرب الخليج سوى حلقة جديدة من حلقات نظام الانتداب التجاري ، الذي نفّذته الشركات المتعدية الجنسيات
ويمكننا أن ننظر في نتائج هذه الحرب لنعرف غايات تلك الحرب ومراميها البعيدة .. فالبترول العراقي يقع تحت الانتداب ، والطعام العراقي أيضا ، حتى حليب الأطفال واقع تحت الانتداب !
هذا الانتداب التجاري الجديد ،ليس له سوى طرفين فقط :
الطرف المنتدِب (بكسرالدال ) ، وهو كالوصي على ميراث القاصرين !
والطرف المنتدب ( بفتح الدال) ، وهو كما اليتامى القاصرين
والشيء الوحيد الذي يختلف فيه الواقعون تحت الانتداب ، هو [ كيفية ] الانتداب !
فهناك انتدابُ حصارٍ وهو أقسى أنواع الانتداب ، وهو الانتداب الواقع على الدول المحاصرة ، والتي اعتبرتها الشركات المتعدية الجنسيات دولا قاصرة ، وناشزا ، وتستحق التأديب لتكون وسيلة إيضاح لبقية الدول ، التي يمكن أن تفكر في الخروج من بيت الطاعة الانتدابي التجاري ، وهذه الدول تُختار بعناية فائقة ، فلا بد أن تكون قوية آجلا ، أم عاجلا ، ثرية ، آجلا أم عاجلا ، ذات طاقات إبداعية متعددة ، لكي تصلح أن تكون درسا تأديبيا !
وهناك انتداب رعبٍ وهذا الانتداب يشمل عددا غير قليل من الدول الواقعة تحت الانتداب ، وهذا الانتداب ناجم عن حالة من الرعب والخوف تستولي على الدول المخنوقة فوق مقصلة الديون ، وتقف فوق كرسي الشركات المنتدبة وتخاف أن تقوم هذه الشركات بسحب الكرسي ، وتنفذ حكم الإعدام فيها
وهناك انتداب رضىً وقناعةٍ ، وهذا الانتداب ينطبق على الباقين ، وهم الذين استسلموا لنظام الانتداب التجاري الرهيب ، وقرروا أن أيسر الطرق للبقاء على قيد الحياة ، تنفيذُ أوامر شركات الانتداب ، حتى ولو كانت الأوامر اغتيال الأوطان !
إن ظهور هذا النمط الجديد من الاستعمار بواسطة " شركات الانتداب التجاري " قد يكون ناتجا طبيعيا لعصرنا الراهن ، العصر الذي يثبت نظرية " يونج " النفسية ،التي تقول : إن الإنسان عدوانيٌ بطبعه ، يسعى لمصالحه وليس فاضلا ،كما يُشاع ، غير أن الغريب ؛ هو أن الشعوب " فقدت " روح المقاومة والنضال لهذا الانتداب الأقسى من الانتداب العسكري ، ولم تتخلَ الدول الواقعة تحت هذا الانتداب عن روح المقاومة فقط ، بل استمرأت هذا الانتداب ، وشجعت عليه ، وغلّفته بديماغوجية غريبة ، فاعتبرته أيضا إنجازا من إنجازاتها الزائفة !
كابوس مرعب
يبدو أن أوطاننا أصبحت جميعها [ احتكارات تجارية ] و[ إقطاعات زراعية ] و[ مساحات جغرافية ] تديرها شركات الانتداب التجارية ، بواسطة مجموعة من الأجراء ، يتكونون من" جباة ضرائب " ومحصّلين ، ومُثمنين ، وعمدَ‎ٍ ومخاتير ، وعسس وشرطة … وهؤلاء يسمون أنفسهم [ ولاة الأمر، والحكام ] في [مساحاتهم ] الجغرافية ، و يبالغون فيسمونها أوطانا ، غير أن شركات الانتداب التجارية ـ لا تسميهم سوى موظفين بعقد مؤقتٍ، تنتهي وظائفهم بانتهاء آخر قطرة عسلٍ في [ ضيعاتهم ] الوطنية !!
وستتولى شركات الانتداب بعد وقت وجيز منح مواطني المساحات الجغرافية المنتدبة ، مصروف جيبٍ لكل فرد على حدة ، من صندوق الوصاية الانتدابية ، بعد أن نجحت في منح مواطني العراق مصاريف أداء الحج في السنة التي اعقبت احتلال العراق ، وتقوم الشركات ايضا بتوزيع البترول العراقي المستخرج من الارض العراقية في صورة مخصصات شهرية يدا بيد ، دون تدخلٍ من أبناء جلدتهم ، ودون اعتراض من احد … فجزى اللهُ شركات الانتداب كل خيرٍ .. ووفّقهم الله لما فيه خيرنا … آمين !!





#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟
- من إنسان ( متفجر) إلى إنسان متحرر.
- من الإنسان المتفجر إلى الإنسان المتحرر
- إسرائيل أكبر مهدد للديموقراطية في الشرق الأوسط !
- إسرائيل أكبر مهددة للديموقراطية في الشرق الأوسط
- أوهام السلام الإسرائيلي
- انتهاك الديموقراطية في فلسطين
- اغتيال النشء الفلسطيني
- العملاء واغتيال الروح الفلسطينية
- رسالة من غزة إلى حفيدي
- رسالة إلى حفيدي
- الغيرة وما أدراك ؟!!
- هل هناك مؤامرة على الترجمةإلى اللغة العربية ؟
- من فنون اللجوء الفلسطيني
- عجائب ثقافية
- بلاد الفرز ... والحراسات
- ابتسم .. أنت في غزة
- وجادلهم ..... بالمتفجرات
- علاقة الأحزاب الفلسطينية بمنظمات المجتمع المدني
- هل الإحباط مرض عربيٌ ؟


المزيد.....




- إيران.. تصريح رئيس مجلس الشورى عن الضربة بالمنطقة ومصير البر ...
- رئيس الوزراء الأرمني يعلن إحباط -محاولة انقلاب-
- اليونان: الآلاف يحتجون على الضربات الأمريكية على المواقع الن ...
- بوتين يوقّع قانونًا لإنشاء تطبيق مراسلة بديل عن واتساب وتيلي ...
- شبكات التجسس تثير أزمة ثقة في إيران.. النظام يحذر من التفاع ...
- السودان ـ مقتل العشرات بينهم أطفال في هجوم على مستشفى
- ترحيب دولي بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ودعوات لتوسيع ...
- مجلس النواب الأميركي يحظر استخدام -واتساب- على أجهزته
- واشنطن تعرض 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن أميركي محتجز بأف ...
- منظمة تتهم علامات تجارية فاخرة بالمساهمة في إزالة غابات الأم ...


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - عصر الانتداب التجاري