أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - مجالس [ نتف الريش] !














المزيد.....

مجالس [ نتف الريش] !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2040 - 2007 / 9 / 16 - 01:09
المحور: كتابات ساخرة
    


قال القصاص والمفكر ( أيسوب) أي الأثيوبي فيما قبل التاريخ :
علّقتْ الآلهةُ على صدر كل إنسان عندما ولد حقيبتين ، الأولى على صدره والثانية على ظهره ، أما الحقيبة التي على صدره والتي يراها باستمرار ، فهي مملوءة بأخطاء الآخرين ، أما الحقيبة التي على ظهره والتي لا يراها أبدا فهي اخطاؤه !
هكذا إذن ازدهر نقد الآخرين للآخرين ، وأصبحت أطيبُ الأحاديث هي أحاديث كشف عورات الآخرين ، وهؤلاء الآخرون يستمتعون أيضا بكشف عورات الأولين ، وتحولتْ المجالسُ من مجالس علوم وفنون إلى مسلخ للجلود ونتفٍ للريش، وطعنٍ في الصفات والأنساب والأعراض !
وأصبح كل من يجيدُ هذا الفن محبوبا ومرحبا به في المجالس والمنتديات ، أما المعرضون عن هذه الترهات فهم اليوم موصومون بالتكبر والتيه ، لذلك فهم مكروهون يحسون بأنهم يعيشون في غير عالمهم ، يحيون بأجسادهم بين أهلهم وربعهم حياة (بيولوجية) فقط ، بينما يدخرون حياتهم الحقيقية لأنفسهم .
والغريب أن سالخي جلود الآخرين وذابحي الأعراض والسير على أنطاع الحكايات والمجالس ، لا ينتقدون الآخرين إلا بالعيوب نفسها التي يحكيها غيرُهم عنهم .
فإذا تعرض أحد الحكائين من نجوم المجالس إلى سيرة أحد سارقي المال العام ، يكون هو متهما بالذنب نفسه ، غير أنه لم يبلغ في سرقاته مبلغ المذموم ، لذا فهو حاقدٌ عليه لأنه سرق أكثر منه وحظي بمبالغ تفوق ما حصل عليه الحكَّاء .
وإذا تعرّض أحدهم لسيرة زوجة المذموم وبناته وأخواته ،قد يكون بالضبط مذموما في بناته وأخواته وزوجته في مجلس آخر قد لا يبعد عنه سوى خطوات .
وإذا اتهم شخصٌ شخصا آخر ببخله الشديد ، وتقتيره على نفسه وأسرته وذويه وأصدقائه ومقربيه وأنه أبخل من أهل مرو في خراسان الذين وصفهم الجاحظ في كتاب البخلاء بأنهم يلتقطون الحب من مناقير الدجاج ليأكلوه ، كما انه أبخل من عيسى عند ابن الرومي الذي قال :
يُقَتِّرُ عيسى على نفسه
وليس بباقٍ ولا خالدِ
فلو يستطيعُ لتقتيرهِ
تنفَّسَ من مُنخرٍ واحدِ
فإن هذا الشخص قائل الاتهام سيكون في مجلس آخر أبخل بكثير من الأسكتلنديين العشرة الذين اشتروا كوب عصير واحد فقط لهم ، وأخذوا معه عشر مصاصات !
وهو أيضا ينطبق عليه قول الشاعر الفكه أبي الشمقمق الذي قال:
الحابس الروث في أعفاج بغلته
خوفا على الحب من لقط العصافير
يبس اليدين فلا يسطيع بسطهما
كأن كفيه شُدَّا بالمساميرِ
ومعنى (الأعفاج) الأمعاء
أعرف أحد الخطباء في مساجد الجمع ظلَّ محاربا شرسا لا تلين له قناة ضد كل البنوك لأنها تتعامل بالربا ، فالبنوك عنده قطعةٌ من نار جهنم تشوي وجوه أهل الربا ، كما أن كل من يدخل أبواب البنوك يأثم ، ويأثم كل من يسجل اسمه فيها ، ولما سألوه عن أهل الشهداء الذين يأخذون مخصصات عائلاتهم منها ، قال : يجوز الدخول إليها للضرورة ويجب أن يغادرها من يدخلها بأقصى سرعة ، كان يقول رأيه في مجلس من مجالس نتف الريش ، وما إن غادر المجلس حتى أقسم أحد الجالسين بأن للشيخ نفسه حسابا في وكالة الغوث الدولة مودعا لغرض المرابحة بعد أن تقاعد عن العمل منذ خمس سنوات !

ولنا أن نتساءل لماذا تزهر جلساتُ نتف الريش في عالمنا العربي أكثر منها في أي بقعة من بقاع الأرض؟
سؤالٌ ينبغي أن يدرسه العرب بعناية لأنه مؤشر خطير على أمور عديدة أبرزها غياب الثقافة والوعي ، مع أنني أرى بأن حالة الثقافة المتردية حلَّتْ محل تهمة الاستعمار التقليدية ،لكنني أؤكد بأن انتشار مجالس النميمة ونتف الريش في العالم العربي تتناسب تناسبا عكسيا مع الثقافة ، فكلما ارتفع المنسوب الثقافي المتنور قلت أقاصيص نتف الريش والطعن في الأعراض والأحساب ، والعكس صحيح تماما !
كما أن بعض أقطار الوطن العربي تشهد حالة من البطالة المقنعة التي تساهم هي الأخرى في ازهار مجالس نتف الريش ، وأعني بالبطالة المقنعة كثيرا من المنسوبين إلى الوظيفة الميري (الحكومية) الذين تتبناهم الدولة ولا ينتجون ، لدرجة أننا في فلسطين ابتدعنا وظيفة جديدة تدخل في الإطار الميري وهي (عمال بطالة) ولا أدري كيف يجتمع العمل مع البطالة ويجب أن تُسجل هذه المهنة في باب [ طرائف المهن الحديثة] والتي تشجعها الدول المانحة لأنها تسبب مرضا عضالا لا علاج له غايته استمراء الكسل واعتبار ذلك عملا يستحق الأجر ، فضلا عن أنه مرض سريع العدوى .. مع العلم بأن يسمون عمالا ، ولكنهم لا يعملون بل يجلسون في بيوتهم !
وإذا أضفنا إلى ما سبق ؛ أن معظم شعوبنا العربية ما تزال تنظر إلى كثير من الفنون باعتبارها فنونا تنتهك التقاليد والمعتقدات ، فتحظرها في العلن ، وتستمتع بها في السر ، مثل الألعاب الأولومبية للشباب والفتيات ورياضات الجمباز والرقص والموسيقى وغيرها ، ومعلوم أن لهذه الرياضات أثرا في تغذية الأرواح وشحنها بحب الحياة والأمل والتعاون مع الآخرين ،ولم أعد أسمع عن منافسات بين المدن والقرى في وطننا العربي في هذه الرياضات أو حتى في احتفالات خاصة تنفِّسُ الاحتقان ، وتدفع الناس إلى استبدال مجالس نتف الريش بالمنتديات الرياضية والمنافسات الثقافية والفنية والرسم والنحت .
فحتى كتابة هذا المقال بقي كثير من المتفيهقين يحرمون النحت والصور ، ويحظرون آلات الموسيقى الوترية والنفخية!
كما أن كثيرين من أدعياء الدين يستعملون مجالس نتف الريش ليطيحوا بخصومهم ممن لا يقوون على محاججتهم ومناظرتهم علميا ، فمجالس نتف الريش تستطيع أن تحكم بالإعدام بدون استماع للمتهمين وبلا شهود ولا محامين ولا قضاة .!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن غريب في رواية ( أزمنة بيضاء) لغريب عسقلاني
- مخاطر احتكار الإعلام
- إقصاء الشاعر معين بسيسو عن غزة !
- اللغز!!
- اللغز !
- من طرائف أمة العرب
- التنوير عند أحمد أمين !
- تفخيخ العقول بمتفجرات الجهالات !
- هل يمكن تنفيذ برنامج الكاميرا الخفية في فلسطين ؟
- الحرب (المائية) الثالثة !
- الحرب (المائية) الثالثة !!
- كتيبة المليارديرات في إسرائيل
- اغترب تصبح ثريا أو عبقريا
- اغترب تصبح ثريَّا أو عبقريا
- عصر الانتداب التجاري
- هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟
- من إنسان ( متفجر) إلى إنسان متحرر.
- من الإنسان المتفجر إلى الإنسان المتحرر
- إسرائيل أكبر مهدد للديموقراطية في الشرق الأوسط !
- إسرائيل أكبر مهددة للديموقراطية في الشرق الأوسط


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - مجالس [ نتف الريش] !