|
اغترب تصبح ثريَّا أو عبقريا
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 1986 - 2007 / 7 / 24 - 06:43
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
ما أزال حتى كتابة هذه السطور أحاول أن أجد جوابا على سؤال ، ليس صعبا ، ولكنه شائك ، فإجابته تمسّنا مسّا مباشرا .. كما أن لهذا السؤال (توابع ) من الأسئلة ، أظنّ بأننا جميعا ، نعرف إجابتها ، ولكننا نهرب منها ، لا لصعوبتها ، ولكن لأنها من نوع [ السهل الممتنع ] ! وإليكم السؤال وتوابعه : لماذا يتفوّق (العربي ) خارج وطنه فقط … أما في وطنه فيُحبط ، وينتكس ؟ هل يعود ذلك إلى العربي كفرد ، أم إلى مَن يحيطون به ، أي عشيرته ووطنه وقومه ؟ وإذا كان المرجح هو العشيرة والأهل والوطن فما السبب في ذلك ؟ وهل المسؤولية تقع على الموروث ، أم أنها تقع على الراهن ؟ وما السرّ في نجاح (العرب) كأفراد ، وفشلهم حين ( يتمأسسون ) أي ينضوون تحت مؤسسة ؟ وهل برامجنا التعليمية هي المسؤولة ، أم أن الأنظمة السياسية [ المشرّعة] بكسر الراء ، هي المسؤولة ؟ أم أن المسؤولية تقع على عاتق الطرفين ؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة يحتاج إلى أكثر من باحث ، وبالطبع أكثر من مقال … وحسبي أن ألقي الضوء على (بعض ) الإجابات . إن للأنظمة التعليمية ، والبرامج الوطنية أثرا كبيرا في " نبوغ العربي في وطنه " فقد أشرت سابقا إلى أن عقول أبنائنا " تجاوزت " [ توابيت ] المقررات و [ محنطات ] البرامج التعليمية .. وما تزال [ مواد النبوغ والتفوّق ] تخضع لمراقبة مستمرة من جهات (خفيّة) !، ومن المعروف أن مواد النبوغ والتفوق المطلوبة لحضارتنا الراهنة هي " الفيزياء ، والكيمياء ، والرياضيات ، والعلوم التطبيقية . هذه المواد جميعها تخضع لرقيب وحسيب ، وسأذكر مثالا على أنماط الرقابة في مدارسنا .. والمثال هو ( المعامل العلمية ) .. هذه المعامل في أكثر مدارسنا " هياكل عظمية " ومستحثّات أثرية قديمة ، ليست فيها سوى تجارب من القرن الثامن عشر .. وبعض المدارس تخصص للمعامل (هيكلا فقط) ، وتملؤه بالأدوات ، وتعيّن على بابه حارسا ، أو أمينا ، وتجعل كل ما فيه من آلات وأدوات " عهدة" مسترجعة في نهاية العام ، ويعتبر النقص في محتوياته خللا إداريا ، وكان مفروضا أن يكون النقص دلالة على النشاط !.. وهذه المؤامرة على المعامل المدرسية ، ليست عفوية في أكثر مدارسنا في العالم العربي ، بل إنها تقع ضمن المخطط ، وهو إقصاء المبدعين عن أوطانهم ، لينتفع الآخرون بإبداعاتهم . وقد تحولت (العلوم المتفجرة ) المخيفة في أكثر الدول [ النائمة ] إلى أناشيد ومحفوظات للنظريات العلمية التجريبية التطبيقية . يقول د. أحمد زويل العالم العربي المصري ، الحاصل على جائزة نوبل : " ما أزال أتذكر [ القفل ] على باب المعمل المدرسي ، وقد كان هذا القفل دافعا لي كي أتغرّب وأبدع .. وهأنا قد آمنت بأن جائزة نوبل ، التي منحت لي ، لم تكن إلا بفضل مائة وخمسين باحثا يعملون معي ، في غرف ليس بها [قفل ] واحد " لألبرت أنشتاين العبقري قصة أخرى مع مدرسته : تقدّم أنشتاين لامتحان دخول "معهد البولتيكنيك " في سويسرا .. ورسب بجدارة في هذا الامتحان ( الذي يفترض أن العقل ،ليس سوى صندوق ، مغلق بقفل ).. وانقطع عن الدراسة عاما كاملا .. وانتقل إلى ميونيخ حيث النظام التربوي "المتفتّح " فظهر نبوغه وقال عن ذلك :" شكرا للروح العقلانية لهذه المدرسة ، فقد كان المدرسون لا يستغلون نفوذهم ، بل قدراتهم ومهاراتهم " إذن فالجهد [ المؤسسي ] الذي يشترك فيه عدد كبير هو الجهد الذي " ينجب " التفوّق والإبداع ، إذ أن الجهود الفردية ،ليست الغاية ، بل هي وسيلة لإثراء النبوغ العالمي .. فمجال نبوغ د. أحمد زويل هو اكتشافه " لأسرع تصوير " الفيمتو غراف " وهذا يتيح للعلماء معرفة التغيرات في الخلايا . ما نزال نحن في عالمنا العربي محكومين بعقدة شاعرنا : نحن أناسٌ لا توسّطَ بيننا …………. لنا الصدر دون العالمين أو القبر ! فإما أن نكون مديري المؤسسة ، أو رؤسائها ، أو خزنة بيت مالها ، أو مموليها ، أو مشرفيها ، أو مستشاريها ، أو أباطرتها الفخريين .. وما عداه … فياللعار …… واذلاه !!! إنها عقدة [ شيخ القبيلة ] القديم ، الذي تحول في صيغته الجديدة إلى [ المختار] ! قال أحدهم : تُرى ! لو بقي د.زويل في وطنه ، وأنشتاين في سويسرا فماذا كانا سيكونان ؟ قلت : إنك توجه اللوم على " الإطار " المحيط أو البيئة ، والمجتمع ، والقوم ، وأنت محقٌ في ذلك ، إذ أن البيئة هي المسؤولة عن النابغين .. ولكنك قد تسقط في جدلية " البيضة والدجاجة " أليس العباقرة هم المسؤولين عن "تشكيل " الأوطان وإعادة صياغتها ، وفق نظرية " توماس كارليل ، الذي يؤمن بأن صياغة التاريخ لا تكون إلا بواسطة الأبطال .. وكانت تلك جوهر نظرية فردريك نيتشه ؟ إجابات سريعة جدا _ كل وطن لا يملك " دستورا " لمستقبله ، وطن مصاب بفقدان الذاكرة ، لا يستطيع تعيين موقعه في العالم ! _البلاد التي تتخلص من أبنائها النابغين ، بلاد تحيا في غرف الإنعاش المركّزة ! _ العمل الجماعي والمؤسسي المبني على القوانين [ مزيل فعّال وأكيد ] للقبلية والمخاتيرية . _ [ التربية والتعليم ] مصنع لإنتـــــــاج " روح " الأمة _ إذا كان المثقفون والمفكرون في عالمنا العربي " عوالق اجتماعية ،تثير الشفقة ، فإن المثقفين والمفكرين في العالم المتقدم ، هم سائقو عربة الأمة ، ومقررو مصيرها ! _ شائعة في الأوطان الهزيلة ، أصدرتْ جكما بالإعدام عليها ، والشائعة هي[ اغترب ، تصبح ثريّا ، أو عبقريا ]
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عصر الانتداب التجاري
-
هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟
-
من إنسان ( متفجر) إلى إنسان متحرر.
-
من الإنسان المتفجر إلى الإنسان المتحرر
-
إسرائيل أكبر مهدد للديموقراطية في الشرق الأوسط !
-
إسرائيل أكبر مهددة للديموقراطية في الشرق الأوسط
-
أوهام السلام الإسرائيلي
-
انتهاك الديموقراطية في فلسطين
-
اغتيال النشء الفلسطيني
-
العملاء واغتيال الروح الفلسطينية
-
رسالة من غزة إلى حفيدي
-
رسالة إلى حفيدي
-
الغيرة وما أدراك ؟!!
-
هل هناك مؤامرة على الترجمةإلى اللغة العربية ؟
-
من فنون اللجوء الفلسطيني
-
عجائب ثقافية
-
بلاد الفرز ... والحراسات
-
ابتسم .. أنت في غزة
-
وجادلهم ..... بالمتفجرات
-
علاقة الأحزاب الفلسطينية بمنظمات المجتمع المدني
المزيد.....
-
وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع
...
-
تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
-
السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس
...
-
زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
-
الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا
...
-
الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
-
تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
-
أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
-
كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
-
تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|