أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توفيق أبو شومر - تفخيخ العقول بمتفجرات الجهالات !















المزيد.....

تفخيخ العقول بمتفجرات الجهالات !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2006 - 2007 / 8 / 13 - 11:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تُرى ..من المسؤول عن حالة التردي الثقافية التي تتعرض لها الدول النامية وبخاصة الدول العربية ؟
ومن المسؤول عن التضليل الذي يتعرض له العقل العربي ، ولا سيما أطفال العرب وشبابهم ؟
هل حالة التجهيل والتضليل ناتجة من نواتج مؤامرة خطيرة ، أم هي سبب من أسباب الواقع (العولمي) الجديد ، الواقع الذي يهدف إلى تفريغ العقول وتسليع الثقافة ، وحتى تغيير المفهوم الثقافي برمته إذ أن الثقافة مشروع كبير يرمي إلى تطوير الأفراد والأوطان والأمم ، وتغيير أنماط حياتهم ، وتنوير عقولهم ليقفوا في وجه محاولات التجهيل التي ينفذها مقاولون يدعون تارة بأنهم هم مبعوثو السماء إلى الأرض ، وتارة أخرى يدعون بأن الثقافة التنويرية الحقيقية ستؤدي إلى الدمار الشامل ؛ ودعاة التجهيل يشرعون في نحت تعريف جديد للثقافة ، وهو : الثقافة مشروعٌ استثماري كبير يهدف إلى جعل البشر كلهم (احتكارات) ومشاريع تجارية كبرى تمهيدا لجعلهم آلات متحركة جسديا ، بعد إيقاف النشاط الفكري والتلاقح بين العقول ، لأن التلاقح أكبر مهددات نظام الألفية الثالثة التجاري ؟
بالتأكيد هناك مؤامرة خطيرة تنفذها جهاتٌ كثيرة لاغتيال البؤر الثقافية التي تهدد مصالحهم التجارية ، وإذا تابعنا أبرز آليات الثقافة وهي حركة النشر وطباعة الكتب ، فإننا نؤكد نظرية المؤامرة ، فقد نشرت جريدة القاهرة المصرية عدد368 في1/5/2007م في مقال لخيري عبد الجواد :
"هناك مكتبة منزوية في شارع عبد العزيز تطبع من كتب التضليل والخرافات أكثر من مليون نسخة مثل .. شموس الأنوار ، هاروت وماروت ..."
وقد تابعتُ شخصيا ما تطبعه المطابع في فلسطين ،فوجدت أن هناك هجمة كبيرة لطباعة مئات الآلاف من أشباه تلك الكتب ، وقد أفاد أحد أصحاب المطابع بأن هذه الكتب هي مصدر دخله الوحيد لأن ما يدفع ثمنا لطباعتها أكبر بكثير من التكلفة ، مما يجعلها مصدر دخل رئيس للمطابع ، ولما سألته عن ثمن بيعها فقال إنها تباع بأسعار رمزية أقل بأربعة أضعاف التكلفة !!
وهذا ليس غريبا فقط ،بل إنه مؤامرة مقصودة هدفها تطويع العقول ومحو التنوير واستغلال الفراغ الثقافي لحقن العقول بفايروس الإيدز الثقافي.
وإذا أضفنا إلى ما سبق غياب كل أشكال الفنون الجميلة مثل الموسيقى والأغاني والفنون التمثيلية التنويرية فإننا نحصل على تجهيل منظم ومدروس غايته النهائية تفخيخ العقول بشحنات متفجرة ناسفة لكل أشكال الثقافة التنويرية .
ومن يتابع الحركة الفنية فإنه يلاحظ بوضوح بأن معظم المسرحيات العربية ليست هابطة فقط بل إنها تقود إلى الجهالة بقصد وترصد ، كما أن الأغاني المبتذلة والبذيئة التي بدأت تظهر وتنتشر وتباع بأرباح تصل إلى ملايين الملايين ، دليل على ما ذهبنا إليه ومن الأغاني فائقة الشهرة والتي صار يرددها الصغار والكبار وأصبحت شهرتها تفوق شهرة كبار المطربين العرب:
بحبك يا حمار ... وقد ظهرت النسخة المطورة الجديدة للأغنية الشعبية الشهيرة السابقة تقول : بحبك يا حمار .. بجد مش بهزار !!
وأغنية بوس الواوا وأغنية الحنطور ... ولم يعد الإفصاح عن المخدرات محرما فقد ظهرت أغنية تقول : البانجو دا مش بتاعي ّّ!
وبعد فمن المسؤول عما يحدث في الساحة الثقافية من تخريب منظم ومدروس ؟
لن ألقي باللوم على الجهات الرسمية والحكومات لأنها في معظمها تستفيد من حالة الجهالة تلك وتمكنت كثير من الحكومات حديثا من تحويل الجهالة إلى مشاريع استثمارية وصفقات تجارية كبيرة تجعل الرئيس والمسؤول مليارديرا في ثوان قليلية ، عندما يشتري صفقة سلاح مثلا بادعاء مواجهة التطرف والجهالة .
ولكنني سأشير بإصبع الاتهام إلى منظومة المثقفين في العالم العربي ، فهؤلاء مسؤولون عما يحدث من جهالة لأنهم أولا فشلوا في تأسيس [ بنية ثقافية] قوية فلم أسمع عن مغامرين من المثقفين ممن يأخذون على عاتقهم مهمة نشر التراث التنويري الثقافي العربي في شكل موسوعات ثقافية كما فعل ديدرو الفيلسوف الفرنسي في القرن الثامن عشر المتوفى 1784م عندما نظم جبهة من كبار المثقفين لنشر الثقافة وأوجد تنظيما من المفكرين والمثقفين وعلى رأسهم فولتير وروسو ودلامبير وغيرهم من كبار الفلاسفة ، وقد تمكن هؤلاء من نزع الغشاوة عن العقول بإصدار الموسوعة ولم يأبهوا بالأذى الذي أصابهم من قبل المؤسسات الرسمية والدينية فقد ظهر كثيرٌ من التجهيليين من أمثال جان مارتن الذي نشر مقالا يتهم فيه الموسوعة وبخاصة الجزء الثاني منها بأنها تحوي على هجوم ماكر على العقيدة المسيحية فحُظر بيعها وطالب جان مارتن حتى بإعدام مؤلفيها (ديدرو ودلامبير وفولتير) كما أن الملكة كاترينا ملكة روسيا قالت لديدرو بعد أن طردته من بلدها :
إن مبادئك العظيمة لا تصنع سوى كتب ورقية عظيمة ، أما نتائجها فأفعال رديئة .. لأن مجال عملك الورق ، أما مجال عملي فهو (الجلد) البشري !
وأصدرت فرنسا أيضا قرارا يمنع تداول الموسوعة وبيعها والاتجار فيها ، وفي العالم العربي ظهرت فرقة ثقافية تنويرية كان هدفها إماطة اللثام عن الجهالة والمجهلين وكشف ألاعيبهم وعلى رأس هؤلاء المتنورين ، جمال الدين الأفغاني ومحمد رضا والكواكبي ومحمد عبده وبطرس البستاني وجبران وغيرهم كثيرون ، وأخذ الراية بعدهم علي عبد الرازق والرافعي والمنفلوطي وطه حسين والعقاد والحكيم وغيرهم
اليوم لم نجد مجموعات متحدة من المثققفين تقوم بدور التنوير في مشاريع أو مراكز ثقافية قادرة على مواجهة التجهيل والتطرف السائد في عصرنا الراهن ، وقد أشرتُ إلى عيب عند أكثر المثقفين في عصرنا وهذا العيب يتمثل في ابتعاد المثقفين عن الجماهير بحجة أنهم غوغاء لا يستحقون التثقيف ، وإذا أضفنا إلى ذلك إغراق كثير من المثقفين في الرمزية والحداثة وما بعد الحداثة ، فإننا ندرك بأن كارثة ستطال الثقافة الجماهيرية ، وأننا مقبلون على عصر تفخيخ العقول بالجهالات والأباطيل والترهات ، مع العلم بأن بنية التفخيخ الجهلي تسير بخطىً حثيثة ، فقد أُنشئت القنوات الفضائية المختصة بالتفخيخ الجهلي برؤوس أموال كبيرة مدعومة من أطراف كثيرة ، وللأسف فإن هدفها النهائي هو اغتيال آخر المثقفين التنويريين ، وهذه القنوات ترفع شعارات مضللة خادعة تتخذ من حقوق الإنسان ووصف الحقيقة ستارا تمارس خلفه سياستها التجهيلية الخطيرة ، وهذه القنوات تستضيف بعض الأفاقين المضللين تحت مسمى (أهل الدعوة والإرشاد) وهي أيضا تختص بكشف الطوالع والأبراج وتستضيف أيضا بعض المرتزقة ممن يدعون تفسير الأحلام والأوهام ومعرفة الأبراج والطوالع ... وهؤلاء جميعهم يأخذون أتعابهم من شركات الاتصالات وفق قدراتهم الفائقة على جذب أعداد غفيرة من الجهلة ومن في حكمهم !
كتبتُ كثيرا عن المؤامرة الكبرى التي تستهدف الترجمة كحركة ثقافية رئيسة ، واستغربتُ من ندرتها على الرغم من ازدهار اللغات وانتشارها وكثرة عدد الذين يتحدثون بها .
وأشرتُ إلى عودة دعوات التجهيل التي تدعو إلى أن الترجمة مفسدة للأجيال ، وقد سمعتُ أحد الخطباء منذ أيام يتحدث في ندوة متلفزة ، وهو يرجع أسباب انهيار القيم الأخلاقية إلى الكتب (المدسوسة )المترجمة .
هذه الدعوة الخطيرة ليست جديدة في تاريخنا العربي فقد أشار إليها السيوطي في كتابه (الحجة في تاريخ المحجة) عندما قال :
" قامت دولة بني العباس على الفرس الذين كانوا يضمرون الكفر والبغض للعرب ، فقاموا بترجمة الكتب اليونانية إلى العربية وأدخلوها أرض الإسلام وشاعت بين أيدي المسلمين ، وقد تزعم الترجمة يحيى بن برمك ، فبعد أن خاف الروم ما فيها عمد ملك الروم إلى إفساد المسلمين فقال: ابعثوا بها إليهم واسألوهم ألا يردوها ليبتلوا بها ، ونسلم نحن من شرها "
ومعلوم أن الحكام العرب أدركوا قيمة الترجمة ولم يأخذوا برأي التجهيليين ، فقد كان الرشيد والمأمون يطالبون المهزومين بتسليم المخطوطات التي لم تترجم ليترجموها وينتفعوا بأفكارها ( من كتاب تاريخ العرب لفيليب حتي )
صرختُ ذات يوم قائلا : أيها المثقفون اتحدوا وقلتُ بأن المثقفين هم القادرون على وقف تيار الجهالة إذا اتحدوا ، وتقع على عاتقهم أروع المهمات حين يكشفون للجماهير عن مصادر معارفهم ، وعن الفلسفات والأفكار التي تحرر الإنسان من ربقة الجهالة والضلالات .



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن تنفيذ برنامج الكاميرا الخفية في فلسطين ؟
- الحرب (المائية) الثالثة !
- الحرب (المائية) الثالثة !!
- كتيبة المليارديرات في إسرائيل
- اغترب تصبح ثريا أو عبقريا
- اغترب تصبح ثريَّا أو عبقريا
- عصر الانتداب التجاري
- هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟
- من إنسان ( متفجر) إلى إنسان متحرر.
- من الإنسان المتفجر إلى الإنسان المتحرر
- إسرائيل أكبر مهدد للديموقراطية في الشرق الأوسط !
- إسرائيل أكبر مهددة للديموقراطية في الشرق الأوسط
- أوهام السلام الإسرائيلي
- انتهاك الديموقراطية في فلسطين
- اغتيال النشء الفلسطيني
- العملاء واغتيال الروح الفلسطينية
- رسالة من غزة إلى حفيدي
- رسالة إلى حفيدي
- الغيرة وما أدراك ؟!!
- هل هناك مؤامرة على الترجمةإلى اللغة العربية ؟


المزيد.....




- -بعد استعمال الإسلام انكشف قناع جديد-.. مقتدى الصدر يعلق على ...
- ماما جابت بيبي.. تردد قناة طيور الجنة الجديد الحديث على القم ...
- معظم الفلسطينيين واليهود يريدون السلام، أما النرجسيون فيعرقل ...
- معركة اليرموك.. فاتحة الإسلام في الشام وكبرى هزائم الروم
- مصر.. شهادة -صادمة- لجيران قاتل -طفل شبرا-: متدين يؤدي الصلو ...
- السعودية.. عائض القرني يثر ضجة بتعداد 10 -أخطاء قاتلة غير مع ...
- كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط ...
- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توفيق أبو شومر - تفخيخ العقول بمتفجرات الجهالات !