|
كتيبة المليارديرات في إسرائيل
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 1991 - 2007 / 7 / 29 - 13:20
المحور:
الادارة و الاقتصاد
لماذا لا تستفيد أوطان العرب من نقود أصحاب الملايين العرب ؟ ولماذا سيظل العرب ( كأفراد) أغنى أغنياء العالم ، بينما تظل أوطانهم العربية ، أفقر بلدان العالم ؟ يبدو أن صراخ أدبائنا ومثقفينا لم يصل إلى آذان أغنيائنا ! قال كثيرٌ من مبدعينا : لقد استفاد العالم من انهيار منظومة الاتحاد السوفيتي ، فسرق الأمريكيون علماء التكنلوجيا الروس ، وسهّلت بريطانيا تجنيس الأطباء الروس المهرة ، وأغرت كندا الرياضيين الروس ،أما اليابان فقد استقدمت علماء الطبيعة والرياضيات ! أما العرب فقد أخذوا ما تبقى ، أخذوا الراقصات الجميلات ليستمتعوا! متى سيقتنع العرب بمقولة الفيلسوف فرنسيس بيكون : " إن النقود ككومة السماد ، لا يمكن أن تنفع إلا إذا فُردتْ ووزعتْ " ومتى سيعي العرب القول المشهور : " إذا حملتَ مالك فوق رأسك ، فإنه سينهكك ، أما إذا وضعته تحت قدميك فإنه سيرفعك " ومتى سيدرك أغنياء العرب بأن الثروات الحقيقية التي يسجلها التاريخ ، هي الثروات الفكرية الخالدة ، وأن النقود التي تدفع في نشر موسوعة ثقافية،هي النقود التي يسجلها التاريخ فقط ، بينما لا يسجل التاريخ وسائل الرفاهة والساعات النفيسة ، والعقود الماسية ، واليخوت الفارهة ، والطائرات والسيارات النادرة المصنوعة خصيصا لأغنياء أمة العرب . إن التاريخ لا يسجل أبدا شراء العقارات ودفع المكوس والضرائب المملوكة في بلاد العم سام ، والفارغة من ساكنيها ،ظنَّا من أغنياء العرب بأنها صارت ملكا لهم ! ولا يسجل التاريخ مأثرة لغني عربي قرر أن يجعل قصره المنيف فريدا فاشترى له المواد الصحية ، الحمامات وصنابير المياه من إحدى الشركات الإيطالية بحيث تطلى المواد المعدنية بالذهب الخالص ، وعهد إلى شركة بناء كبرى لتشييد هذا القصر الفريد ، وكان معظم العاملين في بناء القصر عربا ، وما إن أوشك البناء على الانتهاء حتى زاره صاحبه الثري لبرى قصره المنيف ، وحين صحبه رئيس العمال العرب ليتفقد الحمامات ، أصيب رئيس العمال بصدمة كبرى حين طلب الغني العربي منه ، نزع جميع الحمامات الإيطالية وإلقاءها في القمامة ، لأنه بحاسته الفائقة علم بأن أحد العمال سبقه إلى الحمام وأفرغ فيه ، وهذه ليست قصة من قصص ألف ليلية وليلة ، ولكنها قصة حقيقية حدثت بالفعل .. وما خفي كان أعظم ! ومتى سيتعلم أغنياء العرب من أغنياء اليهود كيف حولوا المال من (كومة سماد) إلى وطن ، فمن يتابع مسيرتهم المالية يدرك ذلك فقد افتتح (هيرمان شابيرا) في المؤتمر الصهيوني الخامس 1901 م صندوق هاكيرن هاكيميت (صندوق شراء الأراضي)، وكان هذا الصندوق أكثر أهمية من الأسلحة الفتاكة ، وقام هذا الصندوق على مبدأ التبرعات ، والجباية بالإضافة إلى الصندوق الأزرق ، الذي يوضع في واجهات كل المنازل ... ومن مهام الصندوق ، شراء الأرض لتصبح ملكا أبديا لإسرائيل ، تؤجر فقط لليهود ، ولا يحق لهم بالتالي بيعها أو رهنها ! وفي عام 1920 م أنشيء صندوق آخر هو (كيرن هايسود) ومهمة الصندوق تأسيس إسرائيل ! ويعتبر هذا الصندوق بمثابة [ راجمات صاروخية] في ذلك العصر ، بل هو أشد فتكا ! ونجح الاسرائيليون في استغلال أسرة (روتشلد) كسلاح فعال ، استطاعوا به كسب المعركة الرئيسة ، وللعلم فقط فقد ظهرت أسرة روتشلد في القرن السادس عشر في مدينة (فرانكفورت الألمانية ، وكان عميد الأسرة هو [ ماير روتشلد] ، الذي حصل على ثروة هائلة ،بسبب الاتجار بالعملات ،عقب الثورة الفرنسية .. ولقي دعما من كل اليهود في أنحاء العالم !! واستطاع أبناؤه الخمسة أن يشكلوا اخطبوطا رأسماليا في كل أوروبا ، وسرعان ما حولوا المال إلى سلطة ... وتلك غاية الأذكياء . فتسللوا إلى مقاعد مجالس النواب . وكمثال على نجاحهم في تحويل النقد من معادن وأوراق ، إلى نفوذ وسلطان ، أن موّل آل روتشلد بريطانيا العظمى في الحرب الأولى ، ومولوها أخيرا في صفقة شراء أسهم قناة السويس ، وفق خطة .. ومول أغنياء اليهود كذلك عمليات الاستيطان في فلسطين في أواخر القرن الماضي وما يزالون هم الممولين لبناء معظم المستوطنات حتى الآن ! قليلون يعرفون بأن عظيم الجناب (آرثر بلفور) منح وعده المشهور والمسمى وعد بلفور 2 نوفمبر 1917 كسداد دين لعائلة روتشلد ،ذات السطوة .. فقد وجّه بلفور وعده المشؤوم إلى أحد أحفاد (ماير روتشلد) وهو [ ليونيل والتر روتشلد ]وهذا السبب أسهم في تحقيق النزعة الاستعمارية الرأسمالية العالمية ، إذن فقد كان وعد بلفور أكبر استعمار رأسمالي عالمي في القرن العشرين المنصرم . وقد زجّ الاسرائيليون المليونير اليهودي (موسكوفيتش) في المرحلة الحالية ، مرحلة اقتناص غنائم ما يسمي (عصر السلام) فهاهو موسكوفيتش يشهر أقوى أسلحة العصر ، ويستغله لشراء العقارات في القدس ، بدعم وتوجيه من القيادة الاسرائيلية .. لأن الشراء يتم وفق مخطط يأخذ في الاعتبار الموقع الجغرافي ،الملائم للأجيال الإسرائيلية الآتية .. فقد نجحت إسرائيل في تشكيل (كتائب المليارديرات ) فليس روتشلد وموسكوفيتش وموزس ونمرودي وشوكن وغيرهم سوي جنود ، يؤدون الخدمة العسكرية الإسرائيلية ، في جيش الاحتياط الاستراتيجي .. ومن يتابع أحداث آخر حروب إسرائيل ، وهي الحرب ضد لبنان في العام المنصرم ، يدرك بأن كتيبة المليارديرات التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي ما تزال تعمل بكفاءة ، فقد ظهر ملياردير جديد وهو (أركادي غايدماك) فانضم إلى كتيبة المليارديرات فأخذ على عاتقه مهمة نقل السكان المتضررين من القصف الصاروخي لحزب الله إلى مناطق آمنة ، ونقل كل طلاب مستوطنة سديروت إلى مدارس في شرم الشيخ ليكملوا دراستهم ! وتمكنت إسرائيل خلال السنوات الطويلة المنصرمة من إشاعة الذعر والخوف في نفوس كل أصحاب الملايين ، بمن فيهم العرب ، بادعاء أن إسرائيل قادرة في طرفة عين على إفقارهم ، ومصادرة أملاكهم وذلك بترويج شائعتين ( لا أحد يستطيع أن يصل إلي عروش أصحاب المليارات ، إلا إذا مرّ من البوابة الإسرائيلية )!! (( ولا أحد يتمكن من الاحتفاظ بملياراته ، إلا إذا حصل على البركة الإسرائيلية)!! وحتى كتابة هذه الأسطر سيظل معظم أغنياء العرب يعتقدون بأنهم أغنياء ما داموا يحتفظون بثرواتهم خارج أوطانهم ، في بنوك غير عربية ، وفي شركات لا تنطق بالعربية ، وفي مؤسسات تجارية لا تتعامل بالنقود العربية . وهم بالقطع واهمون إذ أن غناهم غنىً زائفٌ ، فليس لهم من نقودهم سوى ما يركبون وينامون ويأكلون ، أما الغنى الحقيقي فلكل الذين يبنون بنقودهم أوطانهم !
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغترب تصبح ثريا أو عبقريا
-
اغترب تصبح ثريَّا أو عبقريا
-
عصر الانتداب التجاري
-
هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟
-
من إنسان ( متفجر) إلى إنسان متحرر.
-
من الإنسان المتفجر إلى الإنسان المتحرر
-
إسرائيل أكبر مهدد للديموقراطية في الشرق الأوسط !
-
إسرائيل أكبر مهددة للديموقراطية في الشرق الأوسط
-
أوهام السلام الإسرائيلي
-
انتهاك الديموقراطية في فلسطين
-
اغتيال النشء الفلسطيني
-
العملاء واغتيال الروح الفلسطينية
-
رسالة من غزة إلى حفيدي
-
رسالة إلى حفيدي
-
الغيرة وما أدراك ؟!!
-
هل هناك مؤامرة على الترجمةإلى اللغة العربية ؟
-
من فنون اللجوء الفلسطيني
-
عجائب ثقافية
-
بلاد الفرز ... والحراسات
-
ابتسم .. أنت في غزة
المزيد.....
-
الصادرات الأردنية إلى سوريا تنمو بـ500%
-
ثروات تحت الصقيع.. غرينلاند ساحة جديدة للصراع الجيوسياسي الع
...
-
اقتصادي يقترح حلولاً لمواجهة نقص السيولة في العراق
-
ترامب: أميركا في مرحلة انتقالية وتتعرض لركود قصير المدى
-
قبل رحيله.. غوارديولا يتغزل في -الفتى الذهبي-
-
اتفاق المعادن بين كييف وواشنطن.. صفقة اقتصادية أم ورقة ضغط؟
...
-
نوفاك يتحدث عن تأثير الحروب التجارية على الطلب على النفط
-
الهند تحظر واردات جميع السلع من باكستان
-
تجربة إدلب في تحسين الاقتصاد السوري
-
السعودية: -أوبك بلس- تعلن زيادة إنتاجها من النفط يوميا في يو
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|