إقصاء الشاعر معين بسيسو عن غزة !

توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2027 - 2007 / 9 / 3 - 10:47
المحور: كتابات ساخرة
    

ابتدأ خطيبٌ خطبته في احتفال جماهيري كبير في غزة بهذه الأبيات :
ارسمي من دمي ومن أصفادي
يا أيادي خريطة لبلادي
الضحايا قد عانقتها الضحايا
والأيادي تشابكت بالأيادي
فنهوضا إلى النضال نهوضا
لا يعيش البركان تحت الرماد
صفق السامعون بحرارة لأبيات الشاعر ، وليس للخطيب المفوه !
فالخطيب المفوه أغفل –وفق عدد كبير من الحاضرين-عن قصد وتخطيط ذكر اسم الشاعر معين بسيسو وقال :
قال شاعرنا... فقط !
يعلم الخطيب بأن معظم الحاضرين من صغار السن لا يعرفون الشاعر معين بسيسو على الرغم من أنه قد ولد في غزة مكان الاحتفال لسبب لا يعرفه إلا الضالعون في علوم التيارات الأصولية في غزة !
هل أراد الخطيب أن يثبت ولاءه للواقع الأصولي ؟
حاولت أن أجد للخطيب عذرا ، أي عذر ، ولكنني لم أجد ، فأنا أعرف تاريخ الخطيب فقد كان زميلا للشاعر ، وقد حضر بنفسه إلقاء القصيدة السابقة في سينما السامر في بدايات القرن الماضي ، وظل مواظبا على التغني بالشاعر والإشادة به .
هل يعقل أن تُنكر غزةُ الشاعر العالمي معين بسيسو ، وتطارد اسمه أينما وجد لتمحوه من ذاكرة أجيالنا ؟ فلم تحتفل به غزة إلا احتفالات مجاملة قصيرة باجتهاد بعض أقارب الشاعر أو محبيه تنتهي بانتهائها ، ولم تتمكن غزة حتى من تسمية أحد شوارعها الكبيرة ، أو مراكزها الكبيرة باسم الشاعر معين بسيسو لأنه [ علماني ماركسي] !
استعدتُ المقولة المأثورة التي تقول :
لا نبي في وطنه .
إن إبداع الشاعر معين بسيسو جعله يرتقي إلى مصاف شعراء العالم ، فالعالم لا يحتفي به فقط ، بل يدرسه في كثير من المعاهد والجامعات كشاعر مبدع فذ !
أما نحن فقد وضعناه في أدراجنا وأخفيناه عن أبنائنا حتى لا يحفظوا أشعاره الرائعة ومسرحياته المبدعة ونثره الجميل ليظلوا جاهلين بعيدين عن الإبداع والوطنية .
وما إن نُردد بعض أبياته حتى نشطب اسمه ، ونقتبس من إبداعاته حتى يظن الجاهلون بأنها لنا ، وبأننا مخلصون لواقعنا المرير ، وأننا نغازل التيار السائد ونعمل وفق الأصول ، لأن معين بسيسو لم يكن يسير على منهج المتفيهقين !
من أقوال معين بسيسو :
((انقلب كثيرٌ من ديوك الصفحات الثقافية عند العدوان على لبنان إلى دجاجات تبيض في الخوذات الفولاذية للاحتلال الإسرائيلي ، ينكشون مزبلة الصمت بمناقيرهم ويبتلعون أقراص منع الكتابة ))
(( حافظ على رأس قلمك في الأيام الصعبة من القذائف والانفجارات ، ولا تكترث بالضجيج ، فقلمٌ في رِجل كلبٍ حيٍ ، أفضل من قلم في فم أسد ميت ))
كتب معين ومحمود درويش قصيدة مشتركة تخاطب الجندي الإسرائيلي :
يا أيها المسربل بالدروع
يا أيها المصفح المدرع المجنزر السجين والسجان
هل أنت في أمان ؟!
وأنت خلف غابة القضبان
هل أنت في أمان؟
إلى متى تظل حاملا على أكتافك التابوت
يا صاحب التابوت
هل انت في أمان؟
هل أنت في أمان ؟
من المستفيد من إقصاء مبدعينا عن ذاكرة أبنائنا ؟
ومن صاحب المصلحة الأولى في تغييب معين بسيسو من مناهج أبنائنا ؟
ومن هو المسؤول عن إذابة كل القصائد الجميلة لشعرائنا المبدعين بالأسيد؟
أخيرا ....إن قصائد المبدعين تستعصي دائما على كل الأحماض المذيبة !
لنجعل هذا العام في فلسطين عام الشاعر المبدع معين بسيسو.

#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل