أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق أبو شومر - ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة















المزيد.....

ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2159 - 2008 / 1 / 13 - 05:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أليس غريبا أيضا أن تعود كثيرٌ من دول العالم إلى عصور الملوك النبلاء والأشراف والدوقات واللوردات والباكوات والباشوات وجميع الآلات من (آل) وكل ما هو آت آت ؟!
أليس عجيبا أن نعود إلى (عصر الوراثة) ونحن نعيش في الألفية الثالثة ألفية الإنترنت، وألفية الاقتصاد الواحد والإعلام الواحد، بل والعالم كله قد أصبح قريةً واحدة؟!
أليس غريبا أن يقبل أنصارُ الديموقراطيات، ومنظمات حقوق الإنسان، والمنظمات الثقافية والتجمعات الفكرية، انتعاش عصور الوصاية على الأوطان على أساس الأرحام الطاهرة الشريفة ذات السلالات النقية، وعلى أساس الأحساب وجذور الأنساب ؟
أليس مستهجنا أن تصل الوراثة في نسختها الجديدة إلى الأحزاب والتيارات السياسية، فيصبح الحزب السياسي الذي يبشر بالعدل والمساواة والإخاء،حزبا وراثيا، يقبل الحزبُ وصيةَ الموروث للوارث كأساس لزعامة الحزب وقيادة الوطن، مع أن أبجديات تأسيس الأحزاب تقوم على أساس الثورة على الأعراق والأنساب والسلالات ؟!
لماذا يعود العالم إلى جاهلية الحكم، الجاهلية القبلية والعشائرية، إلى ما قبل نزول حتى الرسالات السماوية، في أنظمة الحكم في العصر الفائق السرعة والتكنلوجيا؟
لقد ثارت الأديانُ وجميع المذاهب الفكرية والفلسفية على نظام الوراثة، واستبدلته الأديان بصفاتٍ أخرى جديدة، كالصدق والإيمان والإخلاص والوفاء والشجاعة، واستبدلت السلالة بالاختيار الإلهي للرسول والنبي أما الفلاسفة والمفكرون فقد أجروا اختبارات فكرية عديدة للحكام والقادة، فقد وضع افلاطون امتحانا قاسيا في جمهوريته لمن يصل إلى مركز القيادة، فلا بد للحاكم أن يكون فيلسوفا، ومن أبرز شروط ولاية الحكم ألا ينتمي القائد أو الحاكم أو الرئيس لعائلة أو سلالة من السلالات !
لماذا تراجع العالمُ إلى الوراء بعد هذا الفكر الحر، إلى عصر بني أمية، والعصر العثماني ، وعصر أسرة بوربون وأسرة هابسبيرغ، وصولا إلى العصر الفكتوري وإلى العصر الدُّري ( نسبة إلى أم خليل شجرة الدر) ! ؟
هناك مقياسٌ جيد لسبب هذا الارتداد والتراجع والنكوص، يكمن في تقهقر التثقيف والوعي، في نقص الفكر وإنتاجه، وفي تراجع التعليم والتربية، فكلما نقصت جرعات الثقافة والوعي، عاد البشر إلى قواقعهم القبلية والعشائرية والأسرية، يحتمون بها من جهالتهم ومن أعدائهم المُفترضين !
ففي عصور الظلام في القرون السادس عشر وحتى نهاية الثامن عشر شهدت أوروبا حروبا طاحنة بسبب الوراثات، ففي بولندا دارت حرب عام 1731 م بعد موت أغسطس الثاني ملك بولندا، بين وريث أغسطس الذي دعمته روسيا، وبين ستانسلاوس، الذي دعمته فرنسا وأسبانيا ليتستعيد وراثته المسلوبة!
أما في النمسا فقد دارت حربٌ أخرى عندما تولت الملكة ماريا تريزا الحكم كوريثة لأسرة هابسبورغ بمقتضى سلالتها الشريفة، فحاربتها بولندا وبروسيا 1740م!
أما عن أسرة اللويسيين (سلالة الملك لويس )في فرنسا فحدث ولا حرج، ولم تنته أنظمة التوريثات حتى بعد الثورة الفرنسية، فظلت كثير من الدول تتمسك بالوراثة كأساس للحكم والسيادة !ولم تتأثر دول عديدة بالشيوعية والاشتراكية، التي سادت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وكانت الشيوعية والاشتراكية في جوهر دعوتها، ثورة على الملكيات ونظام التوريثات والسلالات والأعراق .
ومن التعليلات المقبولة لما يحدث في عالم اليوم من عودة نظلم الوراثة أو التوريث، فقد نجحت دولٌ كثيرة في استغلال الفقر والعوز والإحساس بالإحباط عند أكثر الشعوب في العالم، الناجمة عن التطور التكنولوجي السريع ، نجحت في ترسيخ الأنظمة الوراثية التي تخدم الحكام، فعادت السلالات والأعراق، لتحل محل الثقافات والكفاءات من جديد، كرد فعلٍ انتقامي من سوء توزيع الثروات، وحرمان الشعوب من الحد الأدنى في الحياة، وكأن تلك الدول تودُّ أن تعاقب العالم، بمعاقبتها لنفسها، مثلما فعل رجلٌ أراد أن يُعاقب زوجته، فخصى نفسه !!
كما أن هناك هبوطا حادّا في مستوى الفكر الحديث، فقد تقلصت الجرعات الثقافية العامة، وأًُصيبتْ الفلسفة بمرض الأنيميا، وظلَّ بقية المفكرين ومنتجي الثقافة يعانون من مرض الرعاش( باكنسون) بسبب ما يتعرضون له من الطغيان والقهر !!
ويعود السبب كذلك إلى استخدامنا المفرط وغير الواعي لكلمة الديموقراطية، فقد أفسدناها، لا لكثرة استخدامنا لها فقط ، بل ولعدم فهمنا لمدلولاتها الحقيقية، فلم نفهم الديموقراطية بعد كأسلوب حياة شاملة،فالديموقراطية الحقيقة توزيعٌ بالعدل، وتعليم بالعدل، وزواجٌ بالعدل وتطويرٌ وإشراكُ واكتشافٌ للمواهب والكفاءات والقدرات . بل فهمناها بمعناها السياسي فقط، فقد أصبحت تعني عند اأكثر الدول الانتخابات والترشيحات والتزكيات فقط، بغض النظر عن كيفية الانتخابات وطريقة التزكيات والترشيحات، حتى أننا اعتدنا أن نقبل ديموقراطية الانتخاب حتى ولو كان الثمن شراء الأصوات بالمال والمنصب والإغراء والتهديد، ونهتف لنتيجتها:
عاشت [ الديموقراطية]!
ويعود السبب أيضا في عودة النظام الوراثي، إلى أن العالم أصبح قسمين لا غير، القسم الأول؛ عالم السادة الأحرار الأقوياء الذين تمردوا على التوريث ومشتقاته وأسسوا مجتمعاتهم على أسس جديدة وقوية، وجمدوا النظام الوراثي على طوابع بريدهم وفي متاحفهم ليشير إلى عصرٍ غابر، حتى أن بعض الدول أبقتْ صورة الوراثة الملكية، بعد أن نزعتْ أظافرها وجعلتها تمثالا من تماثيل الوطن، وجعلت الحاكم الفعلي للوطن شخصا آخر ليس من السلالات الشريفة، والقسم الثاني هوعالم العبيد والقطيع المملوك لعالم الأقوياء، فهو مصدر الدخل، ومنتج الثروات ، ولا يمكن أن يَغنى عالم الأقوياء إلا على مشاكل الضعفاء وفق مذهب (مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ) وهو بالمناسبة الشطر الثاني من بيت المتنبي الذي يقول:
بذا قضتْ الأيامُ ما بينَ أهلِها.... مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ !
ووفق ذلك فإن إعادة أنظمة الوراثة إلى عالم الفقراء، تجعل من مجتمعاتهم ودولهم تحيا فوق براكين وهزاتٍ دائمة، فلا تنعم بالاستقرار، لذا فإنها تصبح عاجزة عن الإنتاج، وتصبح ثرواتها ليست ملكا لها، وتستورد طعامها، وتشرد الأكْفاءَ من أبنائها، وتستورد السلاحَ من مصانع الأقوياء لمحاربة الثورات المخبوءة تحت ثراها!
وأنا أُرجِّح أن السبب المباشر في عودة نظام الوراثة والتوريث في الأوطان والأحزاب في الدول الفقيرة والصغيرة يعود، إلى أن هذه الأوطان في عالم اليوم لم تعد سوى مصانع صغيرة ، وشركات حقيرة ، ومشاغل بسيطة، ومؤسسات وضيعة، ودكاكين ضيقة، وأسواق عتيقة، تملكها أسرٌ أو عائلةٌ، وتورثها من الجد إلى الابن والحفيد، فلا تستحقُّ الأوطانُ الحقيرة أكثرَ من ذلك !!





#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
- من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
- قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!
- الإعلاميون العرب والتسلية على أسماء الشخصيات الأجنبية !
- الإعلام ...لواء مدرع في سلاح الشركات متعدية الجنسيات !
- الإعلام العربي ... كلام حتى الموت !
- هل ستصبح غزة تحت وصاية حلف الناتو ؟!
- إعلان براءة إيهود أولمرت بعد لاءاته الثلاثة !
- الحوار المتمدن نافذة لأكسجين الحريات
- هل الوطن العربي هو الذي يُهاجَر منه .. لا إليه ؟!
- هل يملك الفلسطينيون حق رفض حضور مؤتمر أنابولس؟
- لماذا يخسر العربُ الحروب ؟!
- إحالة غزة إلى التقاعُد !
- المخزون الاستراتيجي الإسرائيلي من الأسرى الفلسطينيين !
- من يُحصي جرائم إسرائيل في حق الثقافة ؟!
- هل يتمخض مؤتمر الخريفة فيلد ... (ورقة ) !
- رواية شيفرة دافنشي ... بين الحقيقة والخيال !
- ما أكثر كُتَّاب المقالات ، وما أقل أثرهم !!
- تركيا وفلسطين وأمريكا وقوانين العنصريات !


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق أبو شومر - ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة